أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 50 - صـ 514

جلسة 5 من أكتوبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومحمد شعبان باشا وطه سيد قاسم وعبد الرحمن فهمي نواب رئيس المحكمة.

(116)
الطعن رقم 19675 لسنة 67 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. توقيعها". نيابة عامة.
وجوب توقيع أسباب الطعون المرفوعة من النيابة العامة من رئيس نيابة على الأقل. أساس ذلك؟
بقاء أسباب الطعن غفلاً من توقيع مقروء يتيسر إسناده إلى أحد أعضاء النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة على الأقل. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم. موضوعي.
لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير. المجادلة في ذلك أو مصادرة المحكمة في عقيدتها. غير جائز أمام النقض.
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب إعادة المأمورية للخبير. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
(3) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير. غير لازم. ما دام أورد من الوقائع ما يدل عليه.
القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية. تحققه متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة.
إثبات وقوع تزوير المحرر من الطاعنتين يلزم عنه أن يتوافر في حقهما ركن العلم بتزويره واستعماله. تعقب المحكمة المتهمين في مناحي دفاعهما الموضوعي. غير لازم. اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها. مفاده؟
(4) عقوبة "العقوبة المبررة". ارتباط.
نعي الطاعنتين على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير. غير مقبول. طالما أن العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية الاستيلاء التي دانهما الحكم بها مجردة من ظرف الارتباط بجريمة تزوير محرر أو استعماله.
(5) عقوبة "تقديرها" "وقف تنفيذها". ظروف مخففة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة ووقف تنفيذ العقوبة وشمولها كافة الآثار الجنائية. موضوعي. حد ذلك؟
(6) غرامة.
الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات. نسبية. التزام المتهمين بها بالتضامن فيما بينهم. أساس ذلك؟
التزام الجاني بالغرامة النسبية دون تخصيص بصفته موظف أو من في حكمه. أساس ذلك؟
(7) عقوبة "تطبيقها". استيلاء على أموال أميرية.
الحكم برد المال المستولى عليه بغير حق. لم يشرع للعقاب أو الزجر وإنما قصد به إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الجريمة وتعويض المجني عليه عن ماله الذي أضاعه المتهم عليه. متضمنة معنى العقوبة. باعتبار أنه لا يجوز به إلا من المحكمة الجنائية وحدها من تلقاء نفسها بغير توقف على الإدعاء المدني.
(8) تعويض. مسئولية مدنية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التضامن في التعويض بين المسئولية عن العمل الضار. واجب. سواء كان الخطأ عمدي أو غير عمدي. المادة 169 مدني.
قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنتين معاً برد المبلغ المستولى عليه بغير وجه حق وبغرامة مساوية له. صحيح في القانون ويتفق ونص المادة 118 عقوبات.
(9) عقوبة "العقوبة التكميلية". عزل. استيلاء على أموال أميرية. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها. محكمة النقض "سلطتها".
معاملة المتهمتين بالرأفة والقضاء عليهما بالحبس مع الشغل في جناية استيلاء على مال عام دون أن يؤقت عقوبة العزل المقضي بها. خطأ في القانون. يوجب النقض والتصحيح بتوقيت عقوبة العزل. المادة 35/ 2 من القانون 57 لسنة 1959.
1 - إن الطعن المقدم من النيابة العامة وإن قرر به في الميعاد القانوني وأودعت أسبابه في هذا الميعاد إلا أن ورقة أسبابه تحمل توقيعاً غير واضحاً تتعذر قراءته ومعرفة اسم صاحبه، ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون التي ترفعها النيابة العامة أن يوقع أسبابها من رئيس نيابة على الأقل، وجرى قضاء هذه المحكمة على أن ورقة الأسباب التي تخلو من هذا التوقيع تكون باطلة وغير ذات أثر في الخصومة وتعد لغواً لا قيمة له، لما كان ذلك، وكانت ورقة الأسباب المقدمة في طعن النيابة العامة بقيت غفلاً من توقيع مقروء يتيسر إسناده إلى أحد أعضاء النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة على الأقل - حتى انقضاء ميعاد الطعن - فإن طعنها يكون قد فقد أحد مقوماته شكلاً فيتعين الحكم بعدم قبوله شكلاً.
2 - إن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير واستندت إلى رأيه الفني من أن الطاعنتين هما المحررتان للبيانات المدونة قرين خانات اسم العيادة واسم الطبيب ورقم بطاقة التأمين الصحي واسم المنتفع وتاريخ الكشف بالتذاكر الطبية المنسوب إلى كل منهما تزويرها، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض وهي غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب مصلحة الأدلة الجنائية لإعادة تحقيق وقائع التزوير ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء ومن ثم يتعين الالتفات عما أثارتاه الطاعنتان في هذا الشأن.
3 - لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، ويتحقق القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة وليس أمراً لازماً التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد لقيامه، وكان مؤدى ما أورده الحكم أن الطاعنتين قامتا بتحرير بيانات التذاكر الطبية موضوع الاتهام على خلاف الحقيقة واستعملتا المحررات فيما زورت من أجله، فإنه لا يكون ملزماً بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائي لدى الطاعنتين ما دام أن الثابت وقوع التزوير من الطاعنتين يلزم عنه أن يتوفر في حقهما ركن العلم بتزوير المحررات التي أسند إليهما تزويرها واستعمالها، ومع ذلك فإن الحكم قد أفاض في الحديث عن توافر القصد الجنائي في حق الطاعنتين ودلل عليه تدليلاً سائغاً ومقبولاً، والمحكمة غير ملزمة من بعد بتعقب الطاعنتين في كل جزئية تثيرانها في مناحي دفاعهما الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقتها المتهمتان لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد.
4 - انتفاء مصلحة الطاعنتين في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير طالما أن العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية الاستيلاء التي دانهما الحكم بها مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر واستعماله.
5 - إن تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، كما أن وقف تنفيذ العقوبة أو شموله لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم أمر متعلق بتقدير العقوبة، وهذا التقدير في الحدود المقررة قانوناً من سلطة قاضي الموضوع ولم يلزمه الشارع باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه وهو يقرره لمن يراه مستحقاً له من المتهمين بحسب ظروف الدعوى وحالة كل متهم شخصياً على حده.
6 - إن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن الشارع قد ربط لها حد أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من القانون سالف الذكر في قولها (إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد بجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء بالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافاً للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك). وبالتالي يكون المتهمون أياً كانت صفاتهم متضامنين في الالتزام بها فلا يستطاع التنفيذ عليهم بأكثر من مقدارها المحدد في الحكم سواء في ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كل منهم بنصيب فيه. لما كان ذلك، وكان الشارع في المادة 118 من ذلك القانون قد ألزم الجاني بهذه الغرامة بصفة عامة دون تخصيص وجاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين أو الشركاء دون تقييد بأن يكون من حكم بها عليه موظفاً أو في حكمه.
7 - إن الحكم برد المال المستولى عليه بغير حق لم يشرع للعقاب أو الزجر، وإنما قصد به إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الجريمة، وتعويض المجني عليه عن ماله الذي أضاعه المتهم عليه، إلا أنه من ناحية أخرى يتضمن معنى العقوبة على اعتبار أنه لا يجوز الحكم به إلا من المحكمة الجنائية وحدها دون المحكمة المدنية، وأن المحكمة تحكم به من تلقاء نفسها من غير توقف على الادعاء المدني به.
8 - إن التضامن في التعويض بين المسئولين عن العمل الضار واجب طبقاً للمادة 169 من القانون المدني يستوي في ذلك أن يكون الخطأ عمدياً أو غير عمدي، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعنتين معاً برد المبلغ المستولى عليه بغير حق وبغرامة مساوية له، فإن قضاءه يتفق وصحيح القانون ولا مخالفة فيه لنص المادة 118 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد.
9 - إن كان الحكم المطعون فيه قد عامل المحكوم عليهما بالرأفة إعمالاً بالمادة 17 من قانون العقوبات وعاقبهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة، دون أن يؤقت عقوبة العزل المقضي بها عليهما إتباعاً لحكم المادة 27 من ذات القانون فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين ما هو ثابت فيه أنه بني على خطأ في تطبيق القانون، فإنه يتعين - إعمالاً لما تقدم - نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بالنسبة للطاعنتين، وذلك بتوقيت عقوبة العزل وجعله لمدة سنتين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنتين بوصف أنهما، أولاً: بصفتهما موظفتين عموميتين مسجلتين طبيتين بالهيئة العامة للتأمين الصحي عيادة المقطم - استولتا بدون وجه حق وبنية التملك على عدد 1342 تذكرة طبية وكذا الأدوية المدونة بها والبالغ قيمتها 77713.002 جنيه والمملوكة لجهة عملهما سالفة البيان على النحو المبين بالتحقيقات وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنهما في ذات الزمان والمكان آنفي البيان وبصفتهما سالفة البيان ارتكبتا وآخر مجهول تزوير في محررات رسمية هي التذاكر الطبية الخاصة بالهيئة العامة للتأمين الصحي وذلك بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بذلك بأن قامت كل منهما بوضع أسماء وهمية على التذاكر الطبية محل التحقيقات وقام مجهول بتحرير باقي البيانات ومهرها بتوقيعات نسبها زوراً للمختصين بتوقيعها واستعملتا المحررات المزورة سالفة البيان فيما زورت من أجله مع علمهما بتزويرها محتجتين بصحة ما ورد فيها قبل الصيدليات المتعاقد معها وتمكنتا بموجبها من انتزاع الأدوية الواردة بها. ثانياً: استحصلتا بغير حق على بصمة خاتم شعار الجمهورية والخاص بالهيئة العامة للتأمين الصحي عيادة المقطم واستعلمتا الأختام محل تلك البصمة استعمالاً ضاراً بالمصلحة بأن بصمتا التذاكر الطبية موضوع التهمة الأولى على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: استحصلتا بغير حق على أختام الأطباء المتعاقدين مع الهيئة العامة للتأمين واستعملتا تلك الأختام استعمالاً ضاراً بمصلحة عامة بأن بصمتا بها التذاكر الطبية موضوع التهمة الأولى على النحو المبين بالتحقيقات وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 113/ 1، 2، 118 مكرراً، 11/ ب، 119 مكرراً/ هـ، 207، 209، 211، 214 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32، 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبإلزامهما برد مبلغ سبعة وسبعين ألفاً وسبعمائة وثلاثة عشر جنيهاً وبتغريمهما مبلغ مماثلاً وبعزلهما من وظيفتهما لما نسب إليهما ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة. وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس بالنسبة للمتهمة...... لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم.
فطعنت المحكوم عليهما والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطعن المقدم من النيابة العامة وإن قرر به في الميعاد القانوني وأودعت أسبابه في هذا الميعاد إلا أن ورقة أسبابه تحمل توقيعاً غير واضحاً تتعذر قراءته ومعرفة اسم صاحبه. ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون التي ترفعها النيابة العامة أن يوقع أسبابها من رئيس نيابة على الأقل، وجرى قضاء هذه المحكمة على أن ورقة الأسباب التي تخلو من هذا التوقيع تكون باطلة وغير ذات أثر في الخصومة وتعد لغواً لا قيمة له، لما كان ذلك وكانت ورقة الأسباب المقدمة في طعن النيابة العامة بقيت غفلاً من توقيع مقروء يتيسر إسناده إلى أحد أعضاء النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة على الأقل - حتى انقضاء ميعاد الطعن - فإن طعنها يكون قد فقد أحد مقوماته شكلاً فيتعين الحكم بعدم قبوله شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من كل من المحكوم عليهما استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من المحكوم عليها..... هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانها بجرائم الاستيلاء بغير حق على مال عام المرتبط بجريمتي تزوير في محررات رسمية واستعمالها، والاستحصال بغير حق على خاتم شعار الجمهورية الخاص بجهة عملها، وكذا أختام الأطباء المتعاقدين مع الجهة المذكورة واستعمالها استعمالاً ضاراً بمصلحة هذه الجهة - قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأنه عول في إثبات وقوع التزوير على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي وأطرح - بما لا يسوغ به إطراحه - ما تمسك به المدافع عن الطاعنة من طلب ندب مصلحة الأدلة الجنائية لتحقيق وقائع التزوير المقال بها سيما مضاهاة التوقيعات الممهورة بها التذاكر الطبية موضوع الاتهام لبيان ما إذا كانت بخط الطاعنة أم بخط الأطباء. هذا إلى أن الحكم قضى بوقف عقوبة الحبس بالنسبة للمتهمة الأخرى فقط دون الطاعنة رغم وحدة مركزيهما القانوني بدلالة ما قضى به الحكم بإلزامهما معاً مبلغ 77713 جنيهاً دون تحديد نصيب كل منهما فيه. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من المحكوم عليها.... هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانها بالجرائم آنفة الذكر قد شابه القصور والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن الدفاع أثار أن ما دون بديباجة التذاكر الطبية موضوع الاتهام بخط يد الطاعنة..... والمتهمة الأخرى..... لا يخالف الحقيقة وهو ما ينفي القصد الجنائي في جريمة التزوير لديها إلا أن الحكم رد على هذا الدفاع برد غير سائغ، وأعرض عن طلب ندب مصلحة الأدلة الجنائية لتحقيق هذا الدفاع مكتفياً بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، وألزم الحكم - في منطوقه - الطاعنة والمتهمة الأخرى معاً بالغرامة والرد دون أن يحدد نصيب كل منهما على حدة، هذا فضلاً عن أن الحكم رغم أنه عامل الطاعنة بالرأفة وقضى عليها بالحبس لمدة سنة فإنه لم يؤقت مدة عقوبة العزل المقضي بها إتباعاً لحكم المادة 27 من قانون العقوبات. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنتين بها وساق على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وأورد مؤدى كل منها في بيان واف يكشف عن مدى إلمامه بتلك الأدلة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب ندب مصلحة الأدلة الجنائية لتحقيق وقائع التزوير في الدعوى وأطرحه بقوله (وحيث إنه عما أثاره دفاع المتهمتين بطلب ندب مصلحة الأدلة الجنائية لتحقيق وقائع التزوير في الدعوى الماثلة وعدم الاكتفاء بتقرير الطب الشرعي (قسم أبحاث التزييف والتزوير) فإنه لما كان من المقرر قانوناً أن محكمة الموضوع هي صاحبة الحق في تقدير كل دليل يطرح عليها تفصل فيه على الوجه الذي ترتاح إليه على ضوء ما تسمعه من أقوال الخصوم والشهود وهي في سبيل تكوين عقيدتها غير ملزمة بإتباع قواعد معينة مما نص عليه قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية متى كان الأمر ثابتاً للاعتبارات السائغة التي أخذت بها وأنها هي الخبير الأعلى في الدعوى. لما كان ذلك وكان الثابت للمحكمة من الاطلاع على تقرير مصلحة الطب الشرعي (قسم أبحاث التزييف والتزوير) أن المتهمة....... هي الكاتبة بخط يدها للبيانات المدونة قرين خانات اسم العيادة واسم الطبيب واسم جهة العمل ورقم بطاقة التأمين الصحي واسم المنتفع وتاريخ الكشف بالتذاكر الطبية موضوع التحقيق والمبين أرقامها بتقرير اللجنة التي باشرت التحقيق وإن ذات المسلك هو ما سلكته المتهم.... لما كان ذلك فإن طلب الدفاع إحالة الأوراق إلى خبير مصلحة الأدلة الجنائية لا يعدو أن يكون سوى وسيلة لإطالة أمد النزاع وتعطيل الفصل في الدعوى الأمر الذي ترى معه المحكمة الالتفات عن هذا الطلب) وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، واستندت إلى رأيه الفني من أن الطاعنتين هما المحررتان للبيانات المدونة قرين خانات اسم العيادة واسم الطبيب ورقم بطاقة التأمين الصحي واسم المنتفع وتاريخ الكشف بالتذاكر الطبية المنسوب إلى كل منهما تزويرها، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض وهي غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب مصلحة الأدلة الجنائية لإعادة تحقيق وقائع التزوير ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء ومن ثم يتعين الالتفات عما أثارتاه الطاعنتان في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، ويتحقق القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة وليس أمراً لازماً التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد لقيامه، وكان مؤدى ما أورده الحكم أن الطاعنتين قامتا بتحرير بيانات التذاكر الطبية موضوع الاتهام على خلاف الحقيقة واستعملتا المحررات فيما زورت من أجله، فإنه لا يكون ملزماً بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائي لدى الطاعنتين ما دام أن الثابت وقوع التزوير من الطاعنتين يلزم عنه أن يتوفر في حقهما ركن العلم بتزوير المحررات التي أسند إليهما تزويرها واستعمالها، ومع ذلك فإن الحكم قد أفاض في الحديث عن توافر القصد الجنائي في حق الطاعنتين ودلل عليه تدليلاً سائغاً ومقبولاً، والمحكمة غير ملزمة من بعد تعقب الطاعنتين في كل جزئية تثيرانها في مناحي دفاعهما الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقتها المتهمتان لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد هذا إلى انتقاء مصلحة الطاعنتين في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير طالما أن العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية الاستيلاء التي دانهما الحكم بها مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر واستعماله. لما كان ذلك، وكان تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، كما أن وقف تنفيذ العقوبة أو شموله لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم أمر متعلق بتقدير العقوبة، وهذا التقدير في الحدود المقررة قانوناً من سلطة قاضي الموضوع ولم يلزمه الشارع باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه وهو يقرره لمن يراه مستحقاً له من المتهمين بحسب ظروف الدعوى وحالة كل متهم شخصياً على حده. ومن ثم يكون منعى الطاعنة الأولى على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من القانون سالف الذكر في قولها (إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد بجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافاً للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك. وبالتالي يكون المتهمون أياً كانت صفاتهم متضامنين في الالتزام بها فلا يستطاع التنفيذ عليهم بأكثر من مقدارها المحدد في الحكم سواء في ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كل منهم بنصيب فيه. لما كان ذلك، وكان الشارع في المادة 118 من ذلك القانون قد ألزم الجاني بهذه الغرامة بصفة عامة دون تخصيص وجاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين أو الشركاء دون تقييد بأن يكون من حكم بها عليه موظفاً أو في حكمه وكان الحكم برد المال المستولى عليه بغير حق لم يشرع للعقاب أو الزجر، وإنما قصد به إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الجريمة، وتعويض المجني عليه عن ماله الذي أضاعه المتهم عليه، إلا أنه من ناحية أخرى يتضمن معنى العقوبة على اعتبار أنه لا يجوز الحكم به إلا من المحكمة الجنائية وحدها دون المحكمة المدنية، وأن المحكمة تحكم به من تلقاء نفسها من غير توقف على الادعاء المدني به، وكان من المقرر أن التضامن في التعويض بين المسئولين عن العمل الضار واجب طبقاً للمادة 169 من القانون المدني يستوي في ذلك أن يكون الخطأ عمدياً أو غير عمدي، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعنتين معاً برد المبلغ المستولى عليه بغير حق وبغرامة مساوية له، فإن قضاءه يتفق وصحيح القانون ولا مخالفة فيه لنص المادة 118 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عامل المحكوم عليهما بالرأفة إعمالاً بالمادة 17 من قانون العقوبات وعاقبهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة، دون أن يؤقت عقوبة العزل المقضي بها عليهما إتباعاً لحكم المادة 27 من ذات القانون فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين ما هو ثابت فيه أنه بني على خطأ في تطبيق القانون، فإنه يتعين - إعمالاً لما تقدم - نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بالنسبة للطاعنتين، وذلك بتوقيت عقوبة العزل وجعله لمدة سنتين.