أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 1140

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1956

برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، وفهيم يسى الجندي - المستشارين.

(315)
القضية رقم 901 سنة 26 القضائية

إثبات. خبير. حق المحكمة في الجزم بصحة ما رجحه الطبيب الشرعي.
لا تثريب على المحكمة إن هي جزمت بصحة ما رجحه الطبيب الشرعي بشأن كيفية إصابة المجني عليه على اعتبار أنه هو الذي يتفق مع وقائع الدعوى وأدلتها المطروحة عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه: قتل حفني مجلي خليفة عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 234/ 1 عقوبات فقررت الغرفة ذلك وقد ادعى مجلي خليفة أحمد والد القتيل وأحمد مجلي خليفة أخوه بحق مدني قبل المتهم وآخر وطلبا القضاء لهما عليهما متضامنين بمبلغ مائة جنيه بصفة تعويض لكل منهما. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم ثابت حامد أحمد أبو العلا بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنين وإلزامه بأن يدفع لمجلي خليفة أحمد المدعي بالحق المدني مبلغ 100 جنيه والمصاريف المدنية و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة وبأن يدفع للمدعي المدني أحمد مجلي خليفة مبلغ عشرين جنيهاً والمصاريف المدنية المناسبة. فعطن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه - شابه القصور والتناقض في التسبيب وانطوى على إخلال بحقه في الدفاع وفي بيان هذا يقول الطاعن إن الحكم ارتكن في ثبوت التهمة التي دانه بها إلى شهادة الشهود والكشف الطبي والقرائن الأخرى ولم يذكر الحكم هذه القرائن وأثرها - وأطرح ما جاء في تقرير ضابط المباحث بشأن الحادث في أن الأعيرة تبادلت بين عائلتي المتهم والمجني عليه وأن المجني عليه أصيب من عيار بينما لا يعرف من أطلقه وأخذ بأقوال الضابط في محضر جلسة المحاكمة التي تتضمن أن الأعيرة أطلقت بين العائلتين بعد إصابة المجني عليه مع أن مصدر علمه في الروايتين هو الأهالي الذين تجمعوا عقب الحادث هذا وقد طلب الدفاع ضم الجناية رقم 2299 سنة 1953 البداري المقيدة برقم 679 سنة 1953 كلي أسيوط التي اتهم فيها المجني عليه في قتل حسن محمد حسنين ليستدل منها على أن مرتكب الجريمة غيره وأن قاتله أحد أفراد أسرة هذا القتيل. ولكن المحكمة رغم ضم القضية فعلاً لم تتناول هذا الدفاع بالرد ثم إن الحكم استند إلى التقرير الطبي الشرعي في إثبات التهمة في حين أن الكشف جاء مؤيداً لدفاع الطاعن ولم ينف إمكان إطلاق العيار من سطح منزل إذا كان المنزل منخفضاً - كما أخذ بشهادة الصاوي جلال بوصفه شاهد عيان - في حين أن أقوال أخ المجني عليه صريحة في أنه لم يحضر إلا بعد حصول الواقعة - وقد تمسك الدفاع بكل هذا ولكن الحكم أعلن الرد عليها مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر معه عناصر جريمة القتل التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مقبولة من أقوال المجني عليه قبل وفاته وشهادة شاهدي الرؤية والتقرير الطبي ثم عرض لدفاع الطاعن وما يردده في طعنه فقال "ولقد ذهب الدفاع عن المتهم إلى أن المجني عليه أصيب من عيار ناري أطلق ضمن عيارات كثيرة من سطح منزل محمد حسنين المجاور لمكان الحادث واستند في قوله هذا إلى ما ثبت من التقرير الطبي من أن مسار العيار في جسم المصاب كان من أعلى لأسفل وقد استدعت النيابة الطبيب الشرعي وناقشته في ذلك فقرر أنه ليس من الضروري أن يكون الضارب في مثل إصابة المجني عليه في مستوى واحد وأن يكون ما حدث نتيجة لتوجيه البندقية بميل قليل لأسفل بالوضع الذي ذكره الشهود وأنه لا يحتمل أن تكون الإصابة من السطح إلا إذا كان ارتفاع المنزل حوالي مترين والمسافة بينه وبين المضروب تتجاوز مائة متر أو أكثر وإن كان الوضع الأول هو الأصل وهو الذي تعتقد المحكمة بصحته لاتفاقه مع ما قرره المجني عليه وشهد به شاهدا الرؤية اللذين لا يوجد ما يدعو للشك في صحة ما قرراه خصوصاً وأن الدفاع الذي ذهب إليه الحاضران عن المتهم بهذا الخصوص لم يؤيد بأي دليل ولا عبرة بما جاء في تقرير ضابط مباحث مركز البداري بشأن كيفية وقوع الحادث فإن ما ورد في هذا التقرير لا يستند إلى أي دليل في الدعوى وقد تبين من مناقشة الضابط المذكور فيما جاء بهذا التقرير أنه استقاه من أقوال الأهالي دون أن يحدد مصدره بالذات وقد قرر صراحة أن تحرياته لم توصله إلى أن شخصاً آخر خلاف المتهم الأول هو الذي أصاب المجني عليه كما أنه ذكر أنه علم أن العيارات التي تبودلت بين أهالي الطرفين كانت بعد إصابة المجني عليه ومن ثم يكون الدفاع الذي أثير بهذا الشأن في غير محله ويتعين لذلك إطراحه وعدم الأخذ به خصوصاً وأنه لم يظهر أن ثمة ما يدعو المجني عليه وشاهدي الرؤيا لإلصاق التهمة بالمتهم بالذات إذا كان غيره هو مرتكب الحادث" لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع - بما لها من حرية مطلقة في تقدير الوقائع والأدلة أن تأخذ في قضائها بما تطمئن إليه من أقوال الشهود سواء ما صدر منها في التحقيق أو في الجلسة ولا تثريب عليها إن هي جزمت بصحة ما رجحه الطبيب الشرعي بشأن كيفية إصابة المجني عليه على اعتبار أنه هو الذي يتفق مع وقائع الدعوى وأدلتها المطروحة عليها وكان فيما أورده الحكم رداً على ما أثاره الطاعن في طعنه ما يكفي - لما كان ذلك وكانت المحكمة غير مكلفة قانوناً وهي تتحرى الواقع في الدعوى - أن تتابع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وأن ترد استقلالاً على كل قول يبديه أو حجة يثيرها إذ الرد يستفاد دلالة من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - في إطراحها لما عداها - معناه أنها لم تر في غيرها ما يصح الركون عليه - فلم يكن هناك ما يدعو إلى التحدث عن القضية المضمومة. ومثل هذا الضم لا تتولد عنه حقوق للمتهم توجب حتماً التعرض لها ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المتهم هو الذي قارف الجريمة، لما كان ذلك كله فإن ما يثيره الطاعن في طعنه لا يخرج عن كونه جدلاً في واقعة الدعوى ومناقشة أدلة الثبوت فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.