أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 1199

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1956

برياسة السيد مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسى الجندي - المستشارين.

(333)
القضية رقم 1046 سنة 26 القضائية

( أ ) - تنظيم. إجراءات. دفاع. وصف التهمة. ثبوت أن الواقعة التي دارت عليها المرافعة أمام محكمة أول درجة هي أن المتهم أقام بناء مخالفاً للقانون بدون ترخيص. تناول الدفاع أمام محكمة ثاني درجة واقعة الدعوى على هذا النحو. قضاء المحكمة بإلغاء الإزالة. خطأ.
(ب) - تنظيم. حكم. نقض. خطأ المحكمة الاستئنافية في قضائها بإلغاء الإزالة في جريمة إقامة بناء مخالف للقانون بدون ترخيص. صدور قانون قبل الفصل في الطعن بعدم جواز الحكم بالعقوبات التكميلية. أثره.
1 - متى كان الثابت أن الواقعة التي دارت عليها المحاكمة أمام محكمة أول درجة هي أن المتهم أقام بناءً مخالفاً للقانون بدون ترخيص، وقد تناول الدفاع عن المتهم أمام محكمة ثاني درجة واقعة الدعوى على هذا النحو، فإن قضاءها بإلغاء الإزالة استناداً إلى أن واقعة مخالفة البناء للقانون لم ترفع بها الدعوى يكون خاطئاً.
2 - متى كان خطأ المحكمة الاستئنافية فيما قضت به من إلغاء عقوبة الإزالة يلتقي في مؤداه مع ما نص عليه القانون رقم 259 سنة 56 من حيث عدم جواز الحكم بالعقوبات التكميلية المبينة فيه مما ينبني عليه استحالة الحكم بالإزالة، فإن محكمة النقض تجتزئ، ببيان وجه الخطأ القانوني في الحكم وتقضي برفض الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة أمين إبراهيم حسن (المطعون ضده) بأنه: أقام بناء بدون ترخيص. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 13 لسنة 1948. ومحكمة جنح باب شرقي قضت غيابياً بتغريم المتهم مائة قرش والإزالة فعارض وقضى في معارضته بتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المحكوم عليه الحكم الأخير ومحكمة الإسكندرية الابتدائية قضت أخيراً بعد أن أصدرت حكماً تمهيدياً بندب خبير هندسي بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للغرامة وإلغائه فيما عدا ذلك. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه حين قضى بتأييد عقوبة الغرامة وإلغاء عقوبة الإزالة قد أسس ذلك على ما قاله من أن المحكمة لا تستطيع إضافة واقعة جديدة إلى الواقعة المرفوع بها الدعوى الجنائية، قال الحكم ذلك مع أن النيابة ذكرت المادة 8 من القانون رقم 93 لسنة 1948 من بين المواد الأخرى التي طلبت تطبيقها على الواقعة، وقد جرت المحاكمة أمام محكمة أول درجة وأمام المحكمة المطعون في حكمها على هذا الأساس، ومن ثم يكون الحكم فيما قضى به من إلغاء الإزالة مخطئاً في تطبيق القانون.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على المطعون ضده لأنه في 18 من أكتوبر سنة 1953 أقام بناء بدون ترخيص من الجهة المشرفة على التنظيم، وطلبت عقابه بالمواد 1 و8 و18 من القانون رقم 93 لسنة 1948 وقضت محكمة أول درجة غيابياً بتغريم المتهم مائة قرش والإزالة، فعارض وقضى بتأييد الحكم المعارض فيه، ولما استأنف قضت المحكمة الاستئنافية بتأييد عقوبة الغرامة وإلغاء الإزالة، وأسست قضاءها على ما قالته من أن التهمة التي وجهتها النيابة العامة إلى المتهم والتي طرحت أمام محكمة أول درجة كانت خاصة بإقامة بناء بغير ترخيص دون أن توجه إليه اتهاماً بشأن مخالفة البناء للأوضاع القانونية، ولا تستطيع المحكمة أن تضيف إلى وصف التهمة عناصر جديدة.
وحيث إن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، لأن الذي يبين من الاطلاع على الأوراق أن الواقعة التي دارت عليها المحاكمة أمام محكمة أول درجة هي أن المطعون ضده أقام بناء مخالفاً للقانون بدون ترخيص وقد تناول الدفاع عن المتهم أمام محكمة ثاني درجة. واقعة الدعوى على هذا النحو وقال إن الأبعاد قانونية - وطلب تعيين خبير فأجابته المحكمة إلى ما طلب، وقررت بحكمها الصادر في 11 من يناير سنة 1955 ندب خبير لمعرفة هل البناء أقيم بالمطابقة للقانون، لما كان ذلك - وكان الثابت في بيان الحكم الاستئنافي للواقعة "أنها تخلص فيما أثبته الشافعي أمين مهندس التنظيم في محضره المؤرخ 18 من أكتوبر سنة 1953 من أن المتهم قد أقام بناء بدروم وشرع في بناء دور أرضي دون الحصول على ترخيص من البلدية وخالف نص حق ارتفاق المطل في الجهة الغربية بأن جعل بروز البلكون 1.30 متراً بدلاً من 2/ 1 متر على أكثر تقدير..." كما أشار الحكم المطعون فيه إلى ما شهد به مهندس التنظيم أمام محكمة أول درجة من أن البناء أقيم بدون رخصة مخالفاً للأوضاع القانونية وإلى ما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب من أن البناء المذكور يحوي المخالفات التي أوردها في نتيجة أعماله، ولما كان المستفاد من هذا الذي أثبته الحكم أن الواقعة التي كانت مطروحة على المحكمة الاستئنافية هي بذاتها التي رفعت لمحكمة أول درجة وجرت بشأنها المحاكمة أمام المحكمتين، فكان من واجب محكمة ثاني درجة أن تفصل في الاستئناف المرفوع إليها برمته، فإذا كانت قد قضت بعد ما أثبتته في حكمها مما تقدم ذكره بإلغاء الإزالة استناداً إلى أن واقعة مخالفة البناء للقانون لم ترفع بها الدعوى فإن حكمها يكون خاطئاً. وكان هذا الخطأ يقتضي إجابة الطاعنة إلى ما طلبته من نقض الحكم المطعون فيه لولا أنه قد صدر بتاريخ 16 من يونيه سنة 1956 القانون رقم 259 لسنة 1956 ينص في مادته الأولى على أنه "لا يجوز الحكم بإزالة أو بتصحيح أو هدم الأعمال بالنسبة للأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام القوانين رقم 51 لسنة 1940 ورقم 93 لسنة 1948 ورقم 52 لسنة 1940 المشار إليها خلال الفترة من تاريخ العمل بكل من تلك القوانين حتى يوم 9 من مارس سنة 1955"، واستثنى الشارع المباني والمنشآت المقامة على أرض مملوكة للدولة، والتي أقيمت بارزة عن خطوط التنظيم المعتمدة. وهو استثناء لا تدخل فيه الواقعة المرفوع بشأنها الدعوى. وجاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون "سبق أن أوقفت النيابة العامة تنفيذ الأحكام الصادرة من محاكم جنائية بالإزالة أو بتصحيح أو هدم الأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام القوانين 51 لسنة 1940 و93 لسنة 1948 بشأن تنظيم المباني و52 لسنة 1940 بشأن تقسيم الأراضي المعدة للبناء، وذلك بناء على رغبة أبدتها وزارة الأشغال العمومية ووافق عليها رئيس مجلس الوزراء نظراً لشدة أزمة المساكن في ذلك الوقت، وبما أن هذا التسامح قد شجع الكثير من الأفراد على مخالفة أحكام تلك القوانين ونظراً لأن أزمة المساكن قد خفت حدتها، فقد روئي وضع حد لهذا التسامح وجعل يوم 9 من مارس سنة 1955 نهاية له والعبرة في ذلك بتاريخ وقوع الجريمة بحيث لا يجوز الحكم بإزالة أو بتصحيح أو هدم الأعمال المخالفة متى وقعت الجريمة قبل يوم 10 مارس من سنة 1955 ولو تراخى الحكم فيها إلى ما بعد هذا التاريخ، لما كان ذلك وكانت الجريمة المنسوبة إلى المتهم قد وقعت في 18 من أكتوبر سنة 1953. وكان خطأ المحكمة فيما قضت به من إلغاء عقوبة الإزالة يلتقي في مؤداه مع ما نص عليه القانون سالف الذكر من حيث عدم جواز الحكم بالعقوبات التكميلية المبينة فيه مما ينبني عليه استحالة الحكم في الدعوى بالإزالة، ومن ثم فإن محكمة النقض إذ تجتزئ ببيان وجه الخطأ القانوني في الحكم المطعون فيه لا يسعها بعد ذلك وإزاء صدور القانون رقم 259 لسنة 1956 المشار إليه إلا أن تقضي برفض هذا الطعن موضوعاً.