أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 1268

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1956

برياسة السيد مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين، وأحمد زكي كامل - المستشارين.

(350)
القضية رقم 778 سنة 26 القضائية

( أ ) تقادم. انقطاعه. دعوى عمومية. إجراءات التحقيق والمحاكمة. قطعها لمدة التقادم ولو لم يكن المتهم طرفاً في تلك الإجراءات. م 17 أ. ج.
(ب) تقادم. انقطاعه. دعوى عمومية. جمع الاستدلالات. شرط قطعها لمدة سقوط الدعوى العمومية.
1 - يترتب على جميع إجراءات التحقيق والمحاكمة بمقتضى المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية انقطاع المدة بالنسبة إلى المتهم ولو لم يكن طرفاً في تلك الإجراءات وسواء علم أو لم يعلم بها.
2 - الإجراءات الضبطية القضائية في جمع الاستدلالات لا تقطع المدة إذ هي لا تدخل في إجراءات التحقيق أو المحاكمة، ولكن رأى المشرع أن يرتب عليها انقطاع المدة واشترط لذلك بخلاف إجراءات التحقيق التي تصدر من سلطة مختصة بالتحقيق الجنائي - أن لا تحصل في غيبة المتهم وعلى غير علم منه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أولاً - ارتكب تزويراً في أوراق عرفية هي الشيكات المبينة بالمحضر بأن انتحل شخصية الأستاذ عزيز صدقي ووقع عليها بإمضاءات مزورة نسبها زوراً إلى المجني عليه ليتوصل إلى الاستيلاء على المبالغ المبينة بالمحضر. وثانياً - استعمل الشيكات السالفة الذكر والتي قدمها لبنك مصر وتمكن من ذلك من صرفها. وثالثاً - استولى على المبالغ المبينة الوصف بالمحضر للأستاذ عزيز صدقي وكان ذلك بطريق الاحتيال باتخاذ صفة كاذبة بأن انتحل شخصية المجني عليه ووقع على الشيكات بإمضاءات مزورة فتمكن من ذلك من الحصول على قيمتها. وطلبت عقابه بالمادتين 215، 336/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة عابدين الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة 2000 قرش (ألفي قرش) لوقف التنفيذ عن جميع التهم. فعارض المحكوم عليه غيابياً وقضى في معارضته بتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفته النيابة. وفي أثناء نظر هذين الاستئنافين أمام محكمة مصر الابتدائية دفع الحاضر عن المتهم بانقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بقبولها شكلاً وفي الموضوع بقبول الدفع بانقضاء الدعوى بمضي المدة وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الدفع المقدم من المطعون ضده المؤسس على أن الدعوى الجنائية قد سقطت بمضي المدة استناداً إلى أن إجراءات التحقيق والمحاكمة قد اتخذت كلها في غيبة المتهم وفي غير مواجهته إلى أن أخطر بها بإعلان رسمي للإدارة في 31 من مارس سنة 1955 وبذلك لا تعتبر هذه الإجراءات قاطعة للمدة ويكون قد مضى أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الحادث في 13 من فبراير سنة 1951 إلى أن أخطر المطعون ضده بالإعلان المذكور في 31 من مارس سنة 1955 - هذا الحكم إذ قضى بقبول الدفع وببراءة المطعون ضده قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية لا تشترط لانقطاع مدة السقوط أن تتخذ إجراءات التحقيق والمحاكمة في حضور المتهم أو أن يخطر بها بوجه رسمي.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الجرائم المسندة إلى المطعون ضده وقعت في 13 من فبراير سنة 1951 وأن إجراءات المحاكمة قد اتخذت ضده وبدأت أولى جلساتها في 29 من مارس سنة 1953 وأعلن المطعون ضده بتاريخ الجلسة بإعلان رسمي للإدارة في 31 من مارس سنة 1955 وحكم عليه غيابياً في 10 من أبريل سنة 1955 وأعلن في الحكم الغيابي مخاطباً مع شخصه في 31 من مايو سنة 1955 فعارض فيه في نفس التاريخ وقضت المحكمة الابتدائية في 4 من سبتمبر سنة 55 بقبول معارضته شكلاً وبتأييد الحكم المعارض فيه - لما كان ذلك وكانت المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية صريحة في أن "تنقطع المدة بإجراءات الاتهام أو التحقيق أو المحاكمة وكان لم يمض من يوم وقوع الحادث وبين تحريك الدعوى واستعجالها في 29 من مارس سنة 1953 ولا بين هذا التاريخ وبين الحكم الغيابي الابتدائي الصادر ضد المطعون ضده المدة المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية - كما لم تمض هذه المدة بين هذا الحكم والحكم الصادر في المعارضة المرفوعة منه - ولا بين الحكم الصادر في المعارضة وبين الحكم الاستئنافي القاضي ببراءته استناداً إلى القول بسقوط الحق في رفع الدعوى العمومية قبله بمضي المدة - فإن هذا الحكم الأخير يكون مخطئاً في القانون ذلك بأن جميع إجراءات التحقيق والمحاكمة يترتب عليها بمقتضى المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية انقطاع المدة بالنسبة إلى المطعون ضده ولو لم يكن طرفاً في تلك الإجراءات وسواء علم أو لم يعلم بها - لما كان ذلك وكان مقتضى القاعدة العامة أن إجراءات الضبطية القضائية في جمع الاستدلالات لا تقطع المدة إذ هي لا تدخل في إجراءات التحقيق أو المحاكمة - ولكن لما قد تحدثه هذه الإجراءات من أثر في تنبيه الأذهان إلى الجريمة رأى المشرع أن يرتب عليها انقطاع المدة ولكنه اشترط لذلك بخلاف إجراءات التحقيق التي تصدر من سلطة مختصة بالتحقيق الجنائي - أن لا تحصل في غيبة المتهم وعلى غير علم منه فنص في غير المادة 17 سالفة الذكر على أن "تنقطع المدة كذلك بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو أخطر بها بوجه رسمي" - لما كان ما تقدم وكانت إجراءات التحقيق التي اتخذت ضد الطاعن صادرة من سلطة مختصة بالتحقيق وهي النيابة العامة، وكانت إجراءات المحاكمة والأحكام الصادرة في الدعوى قد استكملت عناصر صحتها مما يترتب عليه انقطاع المدة المسقطة للدعوى العمومية فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون - معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لذلك يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.