أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 50 - صـ 601

جلسة الأول من ديسمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي وعبد الرؤوف عبد الظاهر نواب رئيس المحكمة.

(135)
الطعن رقم 11812 لسنة 67 القضائية

(1) ارتباط. عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب. إكراه على توقيع مستند.
تحريك الدعوى الجنائية عن الجريمة الأخف وصدور حكم بات فيها لا أثر له على تحريك الدعوى الجنائية عن الجريمة الأشد المرتبطة بها. صحيح. أساس ذلك؟ إدانة المحكوم فيه الطاعنين بجريمة إكراه على توقيع مستند دون الاعتداد ببراءتهما عن جريمة الضرب المرتبطة بها . صحيح . أساس ذلك ؟
(2) إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بتناقض أقوال المجني عليه. غير مجد. ما دام أن الحكم لم يتساند في قضائه بالإدانة على دليل مستمد منه.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشهود؟
(4) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم متى استخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
1 - لما كان البين من الأوراق والمفردات - التي أمرت المحكمة بضمها - أن الثابت أن موضوع الجنحة رقم.... لسنة.... جنح...... والجناية - محل الطعن الماثل - قد وقعتا في منزل الطاعنين وفي وقت واحد، ويكونان نشاطاً إجرامياً واحداً، ومن ثم فهما مرتبطتان ارتباطاً لا يقبل التجزئة طبقاً للمادة 32 من قانون العقوبات - إن القانون قد أوجب في الفقرة الثانية من المادة 32 من القانون اعتبار الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة كلها جريمة واحدة، وأن يحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، ومن ثم فإنه إذا أقيمت الدعوى الناشئة عن الجريمة الأخف وصدر فيها حكم بات، فإنه يتعين تحريك الدعوى ثانية عن الجريمة الأشد المرتبطة بها ابتغاء تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً باعتبار أن القانون يقرر العقوبة المقررة لأشدهما، وهذه الأخيرة هي الواجبة التنفيذ دون الأولى، كما أنه من المقرر أنه لا محل لإعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم، وكان الثابت أن جريمة الضرب - قد قضى فيها ببراءة الطاعنين، مما يستتبع حتماً توقيع عقوبة الجريمة الثانية - موضوع الطعن الماثل - وحدها، وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه في قضائه، بصرف النظر عما قرره من تقريرات قانونية خاطئة - فيما ذهبت إليه من أنها لا تعول في بيان عناصر الجريمة على التعدي الواقع على المجني عليه بالضرب وإن الدعويين مختلفتين من حيث الموضوع - لا أثر لها على النتيجة الصحيحة التي خلص إليها والتي تتفق مع التطبيق القانوني السليم، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير سند من القانون.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يتساند في معرض بيانه لواقعة الدعوى الراهنة أو في مقام تدليله على ثبوتها في حق الطاعنين وتوافر أركانها القانونية على دليل مستمد من أقوال المجني عليه بشأن الاعتداء عليه بالضرب أو التقرير الطبي الخاص بإصاباته، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
3 - إن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم، مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - إن تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه لأقوال المجني عليه والشاهد الثاني وأخذه بها، وحصلها في بيان واف لا تناقض فيه، فإن منازعة الطاعنان في القوة التدليلية لشهادتهما لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أكرها... بالقوة والتهديد على الإمضاء على سند مثبت لدين بأن تعديا عليه بالضرب مما بث الرعب والفزع في نفسه وتمكنا بتلك الوسيلة من الإكراه من إتمام جريمتهما على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 325 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بوقف عقوبة الحبس المقضي بها بالنسبة..... وإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/ ......... المحامي عن الأستاذ/ ......... المحامي عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إكراه المجني عليه على الإمضاء على سند مثبت لدين - قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال - ذلك بأن الطاعنين دفعا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى رقم.... لسنة..... جنح...... المقضي فيهما استئنافياً ببراءتهما من تهمة ضرب المجني عليه، تأسيساً على أن فعل الضرب في الدعوى السابقة هو ذات الفعل المادي الذي يتحقق به ركن الإكراه في واقعة الدعوى الماثلة وبما يقيم الارتباط بين موضوع الدعويين السابقة والراهنة، الذي لا يجوز معه محاكمة الطاعنين عن ذات الفعل مرتين، إلا أن المحكمة أطرحت ذلك الدفع بما لا يتفق والتطبيق القانوني الصحيح، كما عول الحكم في الإدانة على أقوال المجني عليه والشاهد الثاني، رغم تناقض كل منهما في أقواله عن واقعة الدعوى والظروف التي أحاطت بها، إذ أن ما قرره المجني عليه بشأن كيفية الاعتداء عليه بالضرب وموضع إصابته من جسده لا يتفق والإصابات الواردة بالتقرير الطبي، مما يقيم التناقض بين الدليلين القولي والفني في هذا الخصوص، ونفى الشاهد الثاني ما قرره المجني عليه من وجود ثلاثة أشخاص آخرين أحضرهم الطاعن الثاني، كما تضارب في أقواله بشأن مشاهدته لواقعة توقيع المجني عليه على السند، وهو ما أثاره الطاعنان في دفاعهما وأغفل الحكم الرد عليه - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وإقرار المتهمان بالتحقيقات، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق والمفردات - التي أمرت المحكمة بضمها - أن الثابت أن موضوع الجنحة رقم.... لسنة..... جنح.... والجناية - محل الطعن الماثل - قد وقعتا في منزل الطاعنين وفي وقت واحد، ويكونان نشاطاً إجرامياً واحداً، ومن ثم فهما مرتبطتان ارتباطاً لا يقبل التجزئة طبقاً للمادة 32 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب في الفقرة الثانية من المادة 32 من القانون - المار ذكره - اعتبار الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة كلها جريمة واحدة، وأن يحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، ومن ثم فإنه إذا أقيمت الدعوى الناشئة عن الجريمة الأخف وصدر فيها حكم بات، فإنه يتعين تحريك الدعوى ثانية عن الجريمة الأشد المرتبطة بها ابتغاء تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً، باعتبار أن القانون يقرر العقوبة المقررة لأشدهما، وهذه الأخيرة هي الواجبة التنفيذ دون الأولى، كما أنه من المقرر أنه لا محل لأعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم، وكان الثابت أن جريمة الضرب - قد قضي فيها ببراءة الطاعنين، مما يستتبع حتماً توقيع عقوبة الجريمة الثانية - موضوع الطعن الماثل - وحدها، وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه في قضائه، بصرف النظر عما قرره من تقريرات قانونية خاطئة - فيما ذهبت إليه من أنها لا تعول في بيان عناصر الجريمة على التعدي الواقع على المجني عليه بالضرب وإن الدعويين مختلفتين من حيث الموضوع - لا أثر لها على النتيجة الصحيحة التي خلص إليها والتي تتفق مع التطبيق القانوني السليم، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير سند من القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يتساند في معرض بيانه لواقعة الدعوى الراهنة أو في مقام تدليله على ثبوتها في حق الطاعنين وتوافر أركانها القانونية على دليل مستمد من أقوال المجني عليه بشأن الاعتداء عليه بالضرب أو التقرير الطبي الخاص بإصاباته، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم، مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه لأقوال المجني عليه والشاهد الثاني وأخذه بها، وحصلها في بيان واف لا تناقض فيه، فإن منازعة الطاعنان في القوة التدليلية لشهادتهما، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً، وإلزام الطاعنين المصاريف المدنية.