أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 1309

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1956

برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.

(360)
القضية رقم 810 سنة 26 القضائية

( أ ) غرفة الاتهام. استئناف قرارات النيابة التي تصدر في المنازعات المدنية أو التي تتعلق باتخاذ إجراءات إدارية. غير جائز.
(ب) نقض. أحكام لا يجوز الطعن فيها. متى يجوز الطعن في أوامر غرفة الاتهام؟
1 - الطعن بالاستئناف أمام غرفة الاتهام من المجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية لا يكون إلا في الأمر الصادر من النيابة بالتصرف في التحقيق والقاضي بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى، ومن ثم فإن الاستئناف يكون غير جائز بالنسبة لقرارات النيابة التي تصدر في المنازعات المدنية أو التي تتعلق باتخاذ إجراءات إدارية.
2 - لا يجوز الطعن بالنقض في أوامر غرفة الاتهام إلا فيما تصدره من قرارات برفض الطعون المرفوعة لها طبقاً للقانون.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن الطاعن (أدريان داننيوس) وشركاه وهم الأستاذ ألفريد جهلان وورثة فونتى نيقولائيدس يملكون أراضي مساحتها حوالي سبعين ألف ذراع بجهة سيدي بشر ويضعون أيديهم عليها وضعاً هادئاً مستمراً وبلا انقطاع وقد فوجئ الملاك في يوليه سنة 1955 بالمدعو إسحق يوسف (المطعون ضده) يضع كشكين من الصفيح على الأرض وكان ذلك بتواطئه مع خفير الطاعن المدعو "محمد عوض" فأبلغ الطاعن أمر الاعتداء قسم بوليس المنتزه طالباً إزالة الكشكين ومنع تعرض المعتدي وطرد الخفير المذكور وإلا تقام عليهما الدعوى العمومية لثبوت ارتكابهما الجريمة المنصوص عليها في المادة 369 من قانون العقوبات - وقد أحيل بلاغه إلى النيابة العامة التي قامت بتحقيقه وأمر السيد رئيس نيابة الإسكندرية بعد ذلك بتسليم العين موضوع الشكوى إلى المشكو أي تمكين إسحق يوسف من استمرار وضع يده وللطرف الثاني أن يرفع دعواه مدنياً وقد أقر المحامي العام هذا الأمر. فاستأنف الطاعن هذا القرار أمام غرفة الاتهام بمحكمة الإسكندرية الابتدائية التي قررت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المستأنف. فطعن الطاعن في هذا القرار بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن يأخذ على قرار غرفة الاتهام المطعون فيه أنه أخطأ في القانون حين قضى بتأييد قرار رئيس النيابة الصادر بتسليم الأرض للمشكو لأن النيابة بصفتها سلطة إدارية لا تملك التدخل في هذا النزاع إلا بقدر، وهو ما فهمته النيابة الجزئية عندما أمرت بإبقاء الحالة على ما هي عليه ومنع اتصال الطرفين بالأرض إلى أن يتم الفصل في النزاع من الجهة المدنية ولأن الغرفة تجاوزت اختصاصها المرسوم لها في المادة 210 إجراءات بتأييدها مثل هذا القرار إذ هي بحكم القانون لا تنظر إلا ما يقدم لها من طعن من المجني عليه أو المدعي المدني في قرار النيابة الصادر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية هذا إلى أن القرار المطعون فيه قد أهدر حيازة الطاعن وجاء مشوباً بالقصور والتناقض والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إنه يبين من الأوراق التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لأوجه الطعن أن نيابة الرمل بعد أن اطلعت على التحقيقات التي أجريت في النزاع القائم بين الطاعن وآخرين وبين إسحق يوسف على الأرض موضوع الشكوى أصدرت أمرها في 16 من سبتمبر سنة 1955 بحفظها إدارياً وبأن يكتب للقسم "لإبقاء الحال على ما هو عليه ويتضمن ذلك كف تعرض كلا الطرفين في الأرض موضوع النزاع وعدم إقامة مبان أو منشئات أو وضع أسوار أو أسلاك أو تغيير الوضع الراهن بأي طريقة حتى يتم الفصل في النزاع من الجهة المدنية المختصة، وعلى المتضرر الالتجاء إلى تلك الجهة" فتظلم المشكو إسحق يوسف من هذا الأمر إلى رئيس نيابة الإسكندرية الذي أمر بكتابه المؤرخ في 22 من سبتمبر سنة 1955 "بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل هذه الشكوى بتمكين إسحق يوسف من استمرار وضع يده وللطرف الثاني في الشكوى أن يرفع دعواه مدنياً إذا شاء" وعندئذ تظلم الطاعن وفريقه بدورهم من هذا القرار إلى النائب العام فطلب الأوراق وبعد أن اطلع عليها أمر في 11 من أكتوبر سنة 1955 "بإعادتها لانتهاء اللازم منها" فاستأنف الطاعن هذا الأمر الصادر بتاريخ 11 من أكتوبر سنة 1955 - وفقاً لما ثبت بتقرير الاستئناف أمام غرفة الاتهام وهذه قررت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المستأنف وقالت في أسبابها إنه بمطالعة التحقيقات ومراجعة أقوال الشهود الثابتة في الأوراق يتضح أن المشكو فيه هو واضع اليد فلا يسع الغرفة أن تتغلغل في هذا النزاع بأكثر من ذلك ولصاحب الشأن أن يقيم دعواه مدنياً طبقاً للقرار المستأنف - فطعن الطاعن في قرار غرفة الاتهام بالنقض لما أورده من أسباب. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يستأنف الأمر الصادر من النيابة الجزئية في 16 سبتمبر سنة 1955 بالتصرف في التحقيق بالحفظ وبمنع اتصال الطرفين بالأرض محل النزاع لما تبين من الأوراق من أنه لم ير فيه إجحافاً بحقه بقدر ما رأى في قرار رئيس النيابة الذي أمر بتسليم الأرض للمشكو بل وجه طعنه وفقاً لما ثبت بتقرير الاستئناف إلى قرار النيابة الصادر في 11 من أكتوبر سنة 1955 وهذا لم يكن غير كتاب أعيدت به الأوراق إلى مصدرها لانتهاء اللازم منها فهو لم يكن أمراً من الأوامر التي توفرت لها مقومات أوامر التصرف في التحقيق وهو لا يعدو أن يكون موافقة على قرار رئيس النيابة الذي اقتصر كما سبق، على الأمر باتخاذ إجراء إداري خاص بوضع اليد عدّل فيه الوضع الذي رآه وكيل النيابة الجزئية الذي تصرف في التحقيق فهو بهذه المثابة غير قابل للطعن بطريق الاستئناف أمام غرفة الاتهام. ذلك بأن هذا الطعن لا يجوز عملاً بالمادتين 209، 210 إجراءات إلا في الأمر الصادر من النيابة بعد التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية حتى يكون للمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية سبيل إلى دفعه وقد جعل للنائب العام حق يقابله فنص في المادة 211 إجراءات على أن له إلغاء هذا الأمر في مدة الثلاثة أشهر التالية لصدوره إلا أنه لا يجوز له ذلك إذا صدر قرار غرفة الاتهام برفض الطعن المرفوع لها عن هذا الأمر، ولما كان مؤدى هذه النصوص أن الطعن بالاستئناف أمام غرفة الاتهام من المجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية لا يكون إلا في الأمر الصادر من النيابة بالتصرف في التحقيق والقاضي بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية وكان لا يجوز تبعاً لذلك وعملاً بالمادة 212 إجراءات أن يطعن بالنقض في أوامر غرفة الاتهام إلا فيما تصدره من قرارات برفض الطعون المرفوعة لها طبقاً للقانون لما كان ما تقدم فإن الاستئناف يكون غير جائز بالنسبة لقرارات النيابة التي تصدر في المنازعات المدنية أو التي تتعلق باتخاذ إجراءات إدارية - ولما كان الطاعن قد طعن بالاستئناف فيما سماه تجاوزاً بقرار وكان قد أراد بذلك أن يتناول قراراً قاصراً على التسليم وصادراً في نزاع رأت غرفة الاتهام أن تترك أمر الفصل فيه للقضاء المدني فإن استئنافه يكون غير جائز قانوناً وهو بهذا الاعتبار لا يمكن أن ينشئ للطاعن حقاً في أن يسلك طريقاً استثنائياً للطعن في قرار غرفة الاتهام الصادر فيه ومن ثم فإن الطعن بالنقض يكون غير جائز ويتعين القضاء بذلك وإلزام الطاعن بالمصروفات وتغريمه خمسة جنيهات.