أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 1313

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1956

برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، وفهيم يسى الجندي - المستشارين.

(361)
القضية رقم 907 سنة 26 القضائية

( أ ) إجراءات. إعلان. دعوى عمومية. تعجيل القضية من النيابة بعد انقطاع السير فيها دون إعلان المتهم بتكليف صحيح. بطلان الحكم.
(ب) حكم غيابي. إجراءات. إعلان. تعجيل الدعوى من النيابة دون إعلان المتهم. عدم حضور المتهم الإجراءات التي تمت بعد تحريك الدعوى. عدم اعتباره حكماً حضورياً.
1 - متى كان الثابت من الأوراق أن الدعوى تعثرت في الطريق وانقطعت عن السير بأن لم ينظر في الجلسة الأخيرة المحددة لها ثم تعجلت فجأة من جانب النيابة فإنه كان من الواجب أن يعلن المتهم بورقة تكليف صحيحة كما يترتب عليها أثرها فإذا كان المتهم لم يحضر ولم يعلن أصلاً فلا يحق للمحكمة أن تتعرض للدعوى فإن هي فعلت كان حكمها باطلاً.
2 - لا يمكن اعتبار الحكم الذي يصدر في الدعوى بعد تعجيلها من النيابة دون إعلان المتهم - حضورياً بالنسبة إلى المتهم ما دام هو لم يكن في الواقع حاضراً الإجراءات التي تمت بعد تحريك الدعوى ولم يكن يعلم بها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه اتجر في بذرة القطن وتعامل فيها مع الزارع بدون مراعاة أن يكون صرفها بمقتضى استمارات رقم 6 إكثار التي نص عليها القرار الصادر في 22 من نوفمبر سنة 1947 (زراعة). وطلبت عقابه بالمواد 10 من القانون رقم 50 لسنة 1926 و1 و2 و12 و16 من القانون رقم 121 لسنة 1946 المعدل بالقانون رقم 152 لسنة 1947 المعدل بالقانون رقم 712 لسنة 1948 و1 و3 و9 من قرار الزراعة الصادر في 22 من نوفمبر سنة 1947 ومحكمة جنح بندر المنصورة قضت غيابياً بتغريم المتهم ثلاثين جنيهاً وخمسة وعشرين قرشاً عن كل أردب باعه بدون استمارات رقم 6 إكثار، فعارض وقضى في معارضته بتاريخ أول أكتوبر سنة 1955 بعدم قبولها لاستنفاد المحكمة الجزئية ولاية نظر الدعوى. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه - أنه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر بعدم قبول المعارضة لكونه حضورياً - قد أخطأ في تطبيق القانون - وفي بيان ذلك يقول إنه وإن كان قد حضر بشخصه أمام محكمة أول درجة في بعض الجلسات أو حضر بوكيل عنه إلا أن القضية كان قد تقرر نظرها بجلسة 3 من ديسمبر سنة 1953 ولم تنظر في تلك الجلسة ولم يصدر فيها قرار ما وانقطع خبرها عنه وظلت راكدة حتى بعثت فجأة في جلسة 25 من ديسمبر سنة 1954 ولم يعلن الطاعن لتلك الجلسة أو غيرها من الجلسات التالية حتى كان يوم 7 من مايو سنة 1955 إذ صدر الحكم في الدعوى دون إعلانه. ومثل هذا الحكم فضلاً عن كونه باطلاً فهو غيابي تجوز المعارضة فيه قانوناً.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه - حين قضى بعدم قبول المعارضة لاستنفاد المحكمة الجزئية ولاية نظر الدعوى قال ما نصه: "حيث إنه بالاطلاع على الأوراق تبين ثبوت حضور الأستاذ عبد الحليم يوسف بصفته وكيلاً عن المتهم بجلسة 17 من نوفمبر سنة 1949 بتوكيل رقم 102 سنة 1949 المنصورة ومبلغ عنه - كما ثبت من محضر جلسة 12 من يونيه سنة 1952 سبق حضور المتهم بنفسه وكذلك بجلسة 15/ 1/ 1953 ومن ثم يعتبر الحكم الصادر في 7 من مايو سنة 1955 حضورياً عملاً بنص المادة 239 من قانون الإجراءات الجنائية". وظهر من الاطلاع على ملف الدعوى - الذي قررت هذه المحكمة ضمه تحقيقاً لهذا الطعن - أنه وإن كان المتهم قد حضر بشخصه بعض الجلسات كما حضر البعض الآخر بواسطة وكيل عنه قبل جلسة 3 من ديسمبر سنة 1953 - إلا أن القضية لم تنظر في ذلك اليوم ولم يصدر فيها قرار ما، وظلت القضية راكدة حتى بعثت فجأة لجلسة 25 من سبتمبر سنة 1954 دون إعلان الطاعن فتقر تأجيلها لإعلانه وظلت التأجيلات تتوالى للإعلان حتى كانت جلسة 7 من مايو سنة 1955 إذ صدر الحكم فيها دون أن يعلن الطاعن بها أو بأي من الجلسات السابقة بعد أن تحركت في 25 من سبتمبر سنة 1954، وحيث وإن كانت المادة 239، وقد وردت في الباب الثاني من محاكم المخالفات والجنح - قد جاءت على خلاف الأصل المقرر في قانون الإجراءات الجنائية من أن العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحضور المحكوم عليه بشخصه أو بوكيل عنه في الأحوال التي يجوز ذلك فيها - أو بعدم حضوره جميع إجراءات الدعوى التي تحصل في الجلسة ويصدر الحكم بناء عليها - إلا أن نص هذه المادة - وهو يجري على الوجه الآتي: "يعتبر الحكم حضورياً بالنسبة إلى كل من يحضر من الخصوم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك - أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى بدون أن يقدم عذراً مقبولاً - قد دل بصريح عبارته أن تتوالى جلسات المحاكمة التي تؤجل إليها الدعوى بغير انقطاع - حتى يمكن القول بأن المتهم كان على علم بها فإذا كان الثابت من الأوراق أن الدعوى تعثرت في الطريق وانقطعت عن السير ثم تعجلت فجأة من جانب النيابة فكان من الواجب أن يعلن المتهم بورقة تكليف صحيحة كيما يترتب عليها أثرها. فإذا كان المتهم لم يحضر ولم يعلن أصلاً بعد 25 من سبتمبر سنة 1954 فلا يحق للمحكمة أن تتعرض للدعوى فإن هي فعلت كان حكمها باطلاً لصدوره دون أن يتاح للطاعن فرصة الدفاع عن نفسه. ومثل هذا الحكم لا يمكن أن يعتبر حضورياً بالنسبة إلى الطاعن ما دام هو لم يكن في الواقع حاضراً الإجراءات التي تمت بعد تحريك الدعوى ولم يكن يعلم بها - لأن إجراءات المحاكمة يجب النظر إليها مجتمعة وإعطاؤها حكماً واحداً في ذلك الخصوص، وهذا الحكم بحسب قواعد التفسير صحيحة في المحاكمات الجنائية يجب أن تراعى فيه مصلحة المحكوم عليه - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً واجباً نقضه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول المعارضة شكلاً وإعادة القضية لمحكمة أول درجة للفصل في موضوع المعارضة حتى لا يحرم الطاعن من إحدى درجات التقاضي.