أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 1320

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1956

برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، وأحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.

(363)
القضية رقم 1049 سنة 26 القضائية

سرقة. شروع فيها. محاولة المتهم وهو عامل بالشركة المجني عليها اختلاس مازوت. اعتبار الواقعة شروعاً في سرقة. صحيح.
متى كان المازوت موضوع الجريمة لم يخرج من حيازة الشركة المجني عليها ولم تكن يد المتهم عليه بوصف كونه عاملاً عندها إلا يداً عارضة ليس من شأنها أن تنقل الحيازة إليه فلا محل للقول بأن الجريمة في حقيقة تكييفها القانوني لا تعدو أن تكون جريمة خيانة أمانة ويكون الحكم إذ دان المتهم بجريمة الشروع في السرقة لم يخطئ القانون في شيء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - محمد نجم أحمد و2 - صبحي عيد السيد سليمان و3 - كامل توفيق و4 - عبد الله السيد الطويلة و5 - محمد عبد الهادي: بأن الأربعة الأول. أولاً - شرعوا في سرقة كمية المازوت المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر للشركة المصرية للصباغة والتجهيز وحاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو ضبطهم متلبسين. وثانياً - اشتركوا مع مجهول بطريق التحريض والاتفاق في ارتكاب تزوير في محرر عرفي هو الإيصال رقم 5170 بأن حرضوه واتفقوا معه على التوقيع بإمضاء مزور ليس سليم فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض. وقد ادعى الحاضر عن الشركة "المدعية بالحق المدني" بحق مدني قبل المتهمين الأربعة الأول متضامنين بقرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. كما أدخل المتهم الخامس (محمد عبد الهادي عمر): بأنه ارتكب الجريمتين المنسوبتين للمتهمتين الأربعة الأول - وطلبت عقاب المتهمين جميعاً بالمواد 40/ 1 - 2 و41 و45 و47 و211 و215 و318 و321 من قانون العقوبات. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنح قليوب الجزئية تنازل الحاضر عن المدعية بالحق المدني عن الادعاء مدنياً ضد محمد عبد الهادي عمر مقرراً أنه رفع جنحة مباشرة ضده ثم طلب قصر الدعوى ضد المتهمين الأصليين، وبعد أن أتمت المحكمة المذكورة نظرها قضت فيها حضورياً عملاً بالمواد 40/ 1 - 2 و41 و45 و47 و318 و321 من قانون العقوبات - أولاً - إثبات تنازل المدعي بالحق المدني عن ادعائه قبل محمد عبد الهادي لرفعه الجنحة المباشرة رقم 1612 سنة 1955 بندر شبرا - وثانياً - حبس كل من المتهمين شهرين مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لكل منهم لوقف التنفيذ عن التهمة الأولى. وثالثاً - براءة المتهمين من التهمة الثانية. رابعاً - عدم قبول الدعوى المدنية وإلزام رافعها بالمصاريف المدنية. خامساً - إعفاء المتهمين من المصاريف الجنائية فاستأنف المتهمون الأول والثالث والرابع هذا الحكم كما استأنفته النيابة بالنسبة للمتهم الثاني، ومحكمة بنها الابتدائية بعد أن سمعت هذا الاستئناف قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن الطاعنين في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن الثالث وإن كان قرر بالطعن وقدم أسبابه في الميعاد إلا أنه لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها عليه حتى يوم الجلسة فيتعين الحكم بسقوط الطعن المرفوع منه عملاً بالمادة 434 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله ذلك بأن الواقعة التي دين فيها الطاعنون لا جريمة فيها ولا عقاب عليها إذ لا تتوفر فيها عناصر الشروع المعاقب عليه في السرقة ولأن الجريمة المنسوبة إليهم في حقيقتها إذا تمت تعتبر خيانة أمانة لا سرقة ولا شروعاً في تلك الجريمة بفرض استكمال الشروع لمقوماته هذا إلى أن الواقعة التي دين بسببها الطاعن الثاني لا عقاب عليها لأن عمله قاصر على إثبات العهدة في دفاتر الشركة ولا رقابة له على ورود المازوت أو استلامه، فهذا العمل موكول إلى أمين المخزن وحده.
وحيث إن حكم محكمة الدرجة الأولى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه "إن شركة الصباغة والتجهيز تستورد يومياً - عدا يومي السبت والأحد من كل أسبوع خمسة أطنان من المازوت من شركة شل وأن الطاعن الأول العامل بها هو المكلف بنقل هذه الكمية بسيارة الشركة بموجب إيصالات من أربع نسخ مختلفة الألوان يتسلمها من الموظف المختص ليقدم إحداها إلى عامل الصهريج حتى يسلمه كمية المازوت ويقدم الثانية لعامل الباب كما يسمح له بالخروج بالسيارة المحملة بالمازوت، ثم يقدم الثالثة ذات اللون الأبيض للموظف المختص بشركة الصباغة فيحتفظ بها لمحاسبة شركة شل بمقتضاها، أما الرابعة ذات اللون الأخضر فيعيدها إلى شركة شل بعد ختمها بخاتم شركة الصباغة كدليل على تسلمها كية المازوت المرسل إليها، وقد لاحظ مدير شركة الصباغة أن استهلاك كميات المازوت في ازدياد مستمر مع نقص كبير في الإنتاج الأمر الذي دعاه إلى تحري أسباب ذلك وقد علم بأن كمية مازوت يوم 3 من فبراير سنة 1955 لم ترد في موعدها، وفي صباح يوم 4 من فبراير سنة 1955 سأل الطاعن الثاني مخزنجي الشركة فأجابه بأن تلك الكمية لم ترد بعد، فاتصل بالموظف المختص بشركة شل وعلم منه أنه سلم الطاعن الأول يوم 3 من فبراير سنة 1955 إيصالاً بنمرة 5170 خاصاً بكمية مازوت ذلك اليوم، كما سلمه إيصالاً برقم 5183 عن كمية يوم 4 من فبراير سنة 1955 وكان مفروضاً أن تصل الكميتان عن اليومين إلى شركة الصباغة في المواعيد المعتادة ولكنه بحث فتبين له أن كمية مازوت يوم 4 من فبراير سنة 1955 ما زالت في صهريج شركة شل ولم ينقلها بعد الطاعن الأول رغم تسلم الإيصال الخاص بها. وقد عاد الطاعن الثاني بعد ذلك إلى مدير الشركة وقال أنه أخطأ حين أبلغه أن كمية مازوت يوم 3 من فبراير سنة 1955 لم ترد إذ الواقع أنها وردت أمس في موعدها العادي كما وردت أيضاً كمية مازوت يوم 4 منه وعرض عليه تأييداً لهذا القول الإيصالات ممهورة يختم الشركة ومن بينها الإيصال الأخضر المثبت لورود كمية يوم 4 منه والتي لم تكن قد خرجت بعد من شركة شل ورغبة من المدير في استجلاء الحقيقة فقد أجرى تحقيقاً إدارياً اعترف فيه العطشجي كامل توفيق المتهم في الدعوى كما اعترف في تحقيق البوليس بأنه يشترك مع الطاعنين وباقي موظفي الشركة في سرقة المازوت الوارد إليها بأن يستولى الطاعن الأول على كمية المازوت المكلف بنقلها من شركة شل بعد أن يحصل على توقيع الموظفين وختم البطاقة الخضراء بختم الشركة بما يفيد تسليم المازوت إليها ثم يبيعه ويقتسم الثمن معهم وأن الطاعن الثاني مخزنجي الشركة أثبت في دفاترها ورود كمية ما زوت يوم 4 من فبراير وختم التذكرة الخضراء بخاتم الشركة بما يفيد تسلمها تلك الكمية خلافاً للحقيقة" - لما كان ذلك وكان ما انتهى إليه الحكم من اعتبار الواقعة شروعاً في سرقة صحيحاً في القانون، إذ الثابت بالحكم أن الطاعن الأول قدم الإيصال الأخضر بكمية مازوت يوم 4 من فبراير إلى عطشجي شركة الصباغة الذي وقع عليه ثم سلمه بدوره إلى الطاعن الثاني مخزنجي الشركة الذي أثبت في دفاتر الشركة ورود كمية المازوت وختم الإيصال بخاتم الشركة بما يدل على تسلمها تلك الكمية مع أنها لم ترد إليها، وأن العطشجي المذكور اعترف أمام المدير في التحقيق الإداري الذي أجراه وفي محضر البوليس بأنه والطاعن وباقي المتهمين من موظفي الشركة درجوا على سرقة المازوت باتباع نفس الطريقة أي بأن يقدم الطاعن الأول إيصال كمية المازوت المكلف بنقلها لموظفي شركة الصباغة ويحصل على توقيعاتهم وعلى ختم الشركة على الإيصال الأخضر المكلف بإعادته لشركة شل كدليل على قيامه بتسليم المازوت للشركة الطالبة، وكان مؤدى ما أثبته الحكم من ذلك أن الأفعال التي قام بها الطاعنون دخلت فعلاً في دور التنفيذ وأنها قطعت أول خطوة من الخطوات المؤدية حالاً ومباشرة إلى ارتكاب السرقة التي اتفقوا على ارتكابها بحيث أصبح عدولهم بعد ذلك باختيارهم عن مقارفة الجريمة المقصودة بالذات أمراً غير محتمل - لما كان ذلك، وكان المازوت موضوع الجريمة لم يخرج من حيازة شركة شل ولم تكن يد الطاعن عليه بوصف كونه عاملاً عندها إلا يداً عارضة ليس من شأنها أن تنقل الحيازة إليه فلا محل للقول بأن الجريمة في حقيقة تكييفها القانوني لا تعدو أن تكون جريمة خيانة أمانة ويكون الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة الشروع في السرقة لم يخطئ القانون في شيء.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.