مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 761

(122)
جلسة 3 من مارس سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابث عويضة رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعبد الفتاح السيد بسيوني وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 688 لسنة 27 القضائية

قرار إداري - وقف تنفيذه - ركناه - تراخيص - ترخيص بحمل سلاح - سلطة الإدارة التقديرية في إلغائه.
طبقًا لأحكام المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لا يقضي بوقف تنفيذ قرار إداري إلا إذا تحقق ركنان: الأول الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها - والثاني جدية الأسباب التي يرجع معها الحكم بإلغائه بحسب الظاهر من الأوراق دون مساس بأصل طلب الإلغاء - المادة 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 تنص على أن لوزير الداخلية أو من ينيبه.... سحب الترخيص مؤقتاً أو إلغاؤه ويكون قرار الوزير برفض منح الترخيص أو سحبه أو إلغائه مسبباً..... - وجود خصومة شديدة بين أفراد عائلة ينتمي إليها المدعون وأفراد عائلة أخرى منافسة لها في الانتخابات التي جرت لعضوية مجلس الشعب في انتخابات عام 1978 وبلوغ الصراع مداه بارتكاب جنايات القتل والشروع فيه وحوادث التعدي والحريق - إلغاء تراخيص المدعين وأحد أفراد العائلة المنافسة - عدم تحقق ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ - أساس ذلك الظروف والوقائع التي دعت إلى إصدار القرار المطعون فيه لم تكن المسلك الفردي لكل من المدعين على حدة وإنما مسلك الجماعة ممثلة في العائلتين المتصارعتين وانتماء المدعين إلى أحدهما.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق الثاني من إبريل سنة 1981 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السادة وزير الداخلية ومحافظ الجيزة ومدير الأمن لمحافظة الجيزة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 688 لسنة 27 القضائية ضد:
1 - محمد السيد علي ناصر.
2 - كمال زكي ناصر.
3 - رمضان إمام السنديوني.
عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد) بجلسة 3 من فبراير 1981 في الدعوى رقم 437 لسنة 35 القضائية المقامة من المطعون ضدهم ضد الطاعنين الذي قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام وزارة الداخلية المصروفات.
وانتهى تقرير الطعن للأسباب المبينة فيه إلى طلب الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن على الوجه الموضح بالأوراق وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وعين النظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة أول نوفمبر 1982 ثم قررت الدائرة بجلسة 21 من نوفمبر 1983 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره أمامها جلسة 24 من ديسمبر 1983 وفي هذه الجلسة وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة 4 من فبراير 1984 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 6/ 12/ 1980 أقام محمد السيد علي ناصر وكمال زكي ناصر ورمضان إمام السنديوني الدعوى رقم 437 لسنة 35 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد) ضد وزير الداخلية ومحافظ الجيزة ومدير الأمن لمحافظة الجيزة طالبين الحكم:
أولاً: وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ قرار جهة الإدارة بسحب تراخيص حمل السلاح الخاصة بهم.
ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار واعتباره كأنه لم يكن مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وجاء في بيان الدعوى أن الأستاذ أحمد ناصر المحامي تقدم في انتخابات مجلس الشعب عن الدائرة الثالثة قسم إمبابة محافظة الجيزة في سبتمبر 1971 وقد عملت أجهزة الدولة لإسقاطه في هذه الانتخابات وبعد إعلان فوز منافسه لجأ إلى القضاء لتعويضه عن الأضرار الأدبية والمادية من جراء عدم انتخابه وحكم له بمبلغ عشرة آلاف جنيه ضد رئيس مجلس الشعب ووزير الداخلية وفي انتخابات مجلس الشعب التي جرت في أكتوبر 1976 فاز دون إعادة على جميع مرشحي السلطة ومنذ اليوم الأول لانتخابه عضواً بمجلس الشعب اتخذ خط المعارضة الوطنية وإزاء مواقفه تعرض لمجموعة من محاولات الاغتيال كان أولهما في أغسطس 1977 (المحضر رقم 1968/ 1977 إداري مركز إمبابة) وثانيهما في 24 نوفمبر 1977 حيث أطلقت على سيارته طلقات المدافع والبنادق الأوتوماتيكية والتي أودت بحياة ابن عمه المرحوم علي السيد ناصر وقيدت الجناية برقم 6657 لسنة 1977 مركز إمبابة ثم كانت محاولة حريق منزله بالدقي في 2/ 5/ 1980 وإزاء هذه الظروف تقدم الأستاذ أحمد ناصر إلى وزارة الداخلية طالباً الترخيص بحمل سلاح له ولكل من رمضان إمام السنديوني (المدعي الثالث) ومراد السيد طنطاوي ناصر كخفيرين خصوصيين له وكمال زكي ناصر (المدعي الثاني) لمرافقته ومحمد السيد علي ناصر (المدعي الأول) باعتباره كبير عائلة ناصر التي ينتمي إليها أحمد ناصر. وفي يناير 1978 صرح السيد وزير الداخلية بالترخيص لهم جميعاً بإحراز بنادق نصف آلية بناء على المذكرة التي تقدمت بها إدارة الأمن العام لسيادته وكان السيد الوزير قد خاطب في هذا الشأن شخصياً السيد نائب رئيس الوزراء ووزير الحربية والإنتاج الحربي للموافقة على شراء هذه الأسلحة من مصنع 54 الحربي حيث تم شراؤها والترخيص بها في يناير 1978. وإزاء مواقف الأستاذ أحمد ناصر في معارضة سياسة الحكومة القائمة كان طبيعياً أن يتعرض لسخط من جهة الإدارة وأجهزة الأمن ولذلك فإنه على أثر حل مجلس الشعب وعودة الأستاذ أحمد ناصر لترشيح نفسه للمجلس الجديد وضح موقفها المعادي له الذي وصل إلى حد التغاضي عن محاولات الاعتداء على حياته وأسرته ومعاونيه وحتى طلبت وزارة الداخلية من مديرية أمن الجيزة سحب السلاح من الأستاذ أحمد ناصر ومن باقي أقاربه السابق الترخيص لهم بحمل السلاح وأثناء بلوغ المعركة الانتخابية ذروتها مما عرض حياته وحياة أقاربه للخطر وحرمانهم من رخصة الدفاع عن أنفسهم وهو ما حدث بالفعل بالتعدي عليه وعلى أسرته بإطلاق النار عليهم يوم 5/ 11/ 1979 وتحرر عن الحادث محضر القضية رقم 2972 لسنة 1979 جنح مركز إمبابة ثم الحادث الآخر الذي قتل فيه أحد المرخص لهم المرحوم مراد السيد طنطاوي ناصر وتحرر عن ذلك محضر الجناية رقم 4082 لسنة 1980 جنايات مركز إمبابة في غضون أغسطس 1980 وسرقت منه بندقيته النصف آلية المرخصة. وفي تلك الظروف التي يواجهها المدعون والخطر الشديد الذي يهدد حياتهم حاولوا تجديد التراخيص لمدة ثلاث سنوات ابتداء من 1/ 1/ 1981 حتى 31/ 12/ 1983 إلا أن أجهزة الأمن رفضت طلب التجديد بحجة أن هناك قرارات صادرة من مدير الأمن بالجيزة بإلغاء التراخيص الخاصة بكل منهم. ونعى المدعون على هذه القرارات مخالفة القانون والانحراف بالسلطة وذلك لانعدام الأسباب التي دعت إلى صدورها ولأن الباعث على إصدارها لا يتعلق بالمصلحة العامة ولتحقق دواعي وأسباب استمرار التراخيص لهم بحمل السلاح للخصومة العنيفة مع عائلة أخرى بلغت حد القتل والشروع فيه والاعتداء بكافة صوره مما يقتضي تمكينهم من الدفاع عن حياتهم وأمهاتهم وأموالهم توقياً لهذا الخطر الداهم الذي يهددهم والذي يكشف عنه قائمة الجنح والجنايات المقيدة في أعوام 1977، 1978، 1979، 1980 على الوجه المفصل في عريضة الدعوى. وعقبت إدارة قضايا الحكومة طالبة بصفة أصلية الحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه واحتياطياً برفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات تأسيساً على أن قرار مدير أمن الجيزة بإلغاء تراخيص المدعين مبني على سبب صحيح هو المحافظة على الأمن العام أحد عناصر الضبط الإداري ويهدف إلى تحقيق مصلحة عامة دون أي باعث شخصي وقدمت الإدارة تقرير إدارة البحث الجنائي المرفوع إلى مديرية أمن الجيزة بشأن استعراض الموقف ببلدة ناهيا مركز إمبابة أثناء إعادة الانتخابات لمجلس الشعب وتضمن التقرير الإشارة إلى وجود خصومة بين عائلتي ناصر والزمر حيث إن السيد أحمد ناصر من المرشحين لعضوية مجلس الشعب وكان السيد عزيز الزمر من المرشحين من عائلة الزمر ولأن الأول مرخص له ولبعض أعوانه بأسلحة نارية نصف آلية ولصالح الأمن وخشية استغلال هذه الأسلحة خلال عملية الانتخاب فيما يخل بالأمن العام فقد أشار السيد وزير الداخلية بسحب تلك الأسلحة لحين الانتهاء من الانتخابات وتم إعلان السيد أحمد ناصر بقرار السيد الوزير عدة مرات إلا أنه لم يقم بتسليم السلاح وقد نتج عن حيازة أفراد عائلته للأسلحة استغلالها في الدعاية الانتخابية مما نتج عنه عدة حوادث أوردها التقرير تفصيلاً واقترح التقرير بمناسبة إعادة الانتخابات مع السيد أحمد ناصر إلغاء الترخيص الممنوح له ولثلاثة من أفراد عائلته هم المدعون الثلاثة وكذلك الترخيص الممنوح لأحد أفراد عائلة الزمر ووافق مدير أمن الجيزة على ذلك.
وبجلسة 3 من فبراير 1981 أصدرت المحكمة حكمها موضوع حكمها موضوع الطعن الماثل الذي قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام وزارة الداخلية بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أن ركن الجدية المتطلب لإجابة طلب وقف التنفيذ قد تحقق لأنه ولئن كان الترخيص أو عدم الترخيص في حمل السلاح وكذا سحب أو عدم سحب السلاح المرخص في حمله من الملاءمات المتروكة لتقدير الإدارة حسبما تراه متفقاً مع صالح الأمن العام بناء على ما تطمئن إليه من الاعتبارات التي تزنها والبيانات أو المعلومات التي تتجمع لديها من المصادر المختلفة بلا معقب عليها في ذلك ما دام أن تصرفها مطابقاً للقانون وخالياً من إساءة استعمال السلطة إلا أن البادي من الأوراق أن الوقائع التي استندت إليها الإدارة في إلغاء تراخيص حمل السلاح الخاصة بالمدعين لا تصلح سبباً لإلغاء هذه التراخيص فالادعاء بوقوع مشاجرة بناحية كرداسة لوجود الأسلحة النارية مع أعوان المرشح السيد/ أحمد ناصر بطريقة ظاهرة لا دليل عليه في الأوراق مع التسليم بصحته فإن الإدارة لم تشر من قريب أو بعيد إلى أن أحداً من المدعين قد شارك في هذه الواقعة، كما أن الجنحة رقم 2972/ 79 جنح مركز إمبابة تتعلق باتهام السيد/ أحمد ناصر بمهاجمة اتفاقية كامب ديفيد وتعديه بالقول والتهديد على رئيس نقطة شرطة كرداسة أثناء وبسبب تأدية وظيفته ومن ثم فلا شأن لأي من المدعين بها والمحضر رقم 13411 جنايات مركز إمبابة سنة 1979 في شأن إطلاق أعيرة نارية بناحية ناهيا في اليوم السابق على الانتخاب ليست مقيدة ضد أحد من المدعين وإنما ضد سبعة من أفراد عائلة الزمر كما أن ما حدث أثناء عملية الانتخاب من تبادل الأعيرة النارية بين عائلتي ناصر والزمر وأنصارهما مما نتج عنه مقتل أحد الأشخاص وإصابة آخرين بأعيرة نارية - هذه الواقعة - لا دليل عليها في الأوراق ومع التسليم بصحتها فإن جهة الإدارة لم تشر من قريب أو بعيد إلى أن أحداً من المدعين قد اشترك فيها واستخدم فيها سلاحه المرخص له به فعلاً كما أن ما حدث من قيام بعض أعوان السيد أحمد ناصر بالتعدي على سيارة خاصة بأحد أفراد عائلة الزمر ودخولهم مطحناً خاصاً بهذه العائلة حاملين السلاح لمحاولة التعدي على أفرادها - هذه الواقعة بدورها ومع التسليم بصحتها فإن جهة الإدارة لم تشر من قريب أو بعيد إلى أن أياً من المدعين قد اشترك فيها..... واستظهر الحكم المطعون فيه تحقق ركن الاستعجال أيضاً في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على أساس حاجة المدعين إلى الدفاع عن أرواحهم وممتلكاتهم إزاء الاعتداءات المتكررة من قبل أفراد الأسرة المنافسة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله تأسيساً على أن المطعون ضدهم سبق الترخيص لهم بحمل وإحراز بنادق مششخنة نصف آلية ذات مواصفات خاصة وقوة نيران مؤثرة لا يرخص بحيازتها إلا في الظروف الاستثنائية وأن الذي دعا إلى الترخيص لهم بهذه الأسلحة الظروف التي كانت تحيط بانتخابات مجلس الشعب عن الدورة الحالية والتي كان مرشحاً لها السيد أحمد ناصر المحامي عن دائرة ناهيا مركز إمبابة وإزاء هذه الضرورة وافقت وزارة الداخلية على تسليح بعض أفراد عائلة ناصر بهذا النوع من الأسلحة لمرافقة مرشحهم في تنقلاته أثناء المعركة الانتخابية خلال عام 1978 كما وافقت لأحد أفراد المنافسة بذات الناحية وهو السيد/ علي حسين الزمر. ونظراً لاستخدام المدعين وأقاربهم الأسلحة المرخص بها في الإخلال بالأمن العام وتهديد أمن المواطنين بالمنطقة ولزوال حالة الضرورة التي دعت إلى الترخيص لهم بهذه الأسلحة بعد انتهاء المعركة الانتخابية وعدم فوز السيد أحمد ناصر بعضوية المجلس النيابي للدورة الحالية.
فقد صدر القرار المطعون فيه بإلغاء تراخيص السلاح الصادرة لأفراد عائلة أحمد ناصر وعائلة الزمر بناء على السلطة المخولة في هذا الشأن لوزير الداخلية أو من ينيبه طبقاً للمادة الرابعة من قانون الأسلحة والذخائر رقم 394 لسنة 1954 ولا ينال من سلامة هذا القرار عدم صدور أحكام جنائية ضد المطعون ضدهم لأن مرد تدخل الإدارة هو المسلك الجماعي للأسر المتصارعة في إحدى المناطق الريفية حيث ينسب السلوك الفردي إلى الجماعة، كما أن تحرك العائلة أو الجماعة يكون انعكاساً للسلوك الفردي وواجب جهات الأمن ليس فقط ضبط ما يقع من جرائم وإنما توقى حدوثها حفاظاً على الأمن العام.
ومن حيث إن الطعن ينصب على قضاء الحكم المطعون فيه في الشق العاجل من الدعوى بطلب وقف تنفيذ قرار جهة الإدارة بإلغاء تراخيص حمل السلاح الخاصة بالمدعين.
ومن حيث إنه طبقاً لأحكام المادة 49 من القانون رقم 47/ 1972 بشأن مجلس الدولة لا يقضي بوقف تنفيذ قرار إداري إلا إذا تحقق ركنان الأول: الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها والثاني: جدية الأسباب التي يرجح معها الحكم بإلغائه بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس بأصل طلب الإلغاء.
ومن حيث إن الظاهر من أوراق الطعن أن الجهة الإدارية المختصة قد استعملت السلطة المخولة لها بالمادة الرابعة من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر فأصدرت قرارها المطعون فيه بإلغاء تراخيص الأسلحة النصف آلية الخاصة بالمدعين بناء على التقارير التي وردت إليها محذرة من خطر استغلالهم هذه الأسلحة في الإخلال بالأمن العام وتهديد سلامة المواطنين بمنطقة ناهيا مركز إمبابة محافظة الجيزة وذلك للخصومة الشديدة بين أفراد عائلة ناصر التي ينتمي إليها المدعون وأفراد عائلة الزمر المنافسة لها في الانتخابات التي جرت لعضوية مجلس الشعب في انتخابات عام 1978 ونظراً إلى أن الصراع بين العائلتين قد بلغ مداه بارتكاب جنايات القتل والشروع فيه وحوادث التعدي والحريق.
ومن حيث إن المادة الرابعة من القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه تنص على أنه "لوزير الداخلية أو من ينيبه عنه رفض الترخيص أو تقصير مدته أو قصره على أنواع معينة من الأسلحة أو تقييده بأي شرط يراه. وله سحب الترخيص مؤقتاً أو إلغاؤه ويكون قرار الوزير برفض منح الترخيص أو سحبه أو إلغائه مسبباً...".
ومن حيث إنه وقد استبان ما تقدم فإن القرار المطعون فيه يبدو قراراً مشروعاً إذ يكون قد صدر حماية للأمن العام ووقاية للمجتمع، ولمواجهة خطر الحرية في حمل السلاح وهو الأداة الفعالة في ارتكاب الجرائم فلم يقتصر القرار على إلغاء تراخيص حمل السلاح الخاصة بالمدعين وإنما ألغى كذلك الترخيص السابق منحه لأحد أفراد العائلة المنافسة فجاء متوازناً بالنسبة للطرفين المتصارعين ولا يعاب عليه إساءة استعمال السلطة فقد سبق لجهة الإدارة أن رخصت لهؤلاء الأطراف جميعاً بحمل السلاح عندما قدرت بما لها من سلطة في هذا المجال أن الظروف تقتضي هذا الترخيص، ولا تثريب على تلك الجهة أن قدرت بناء على السلطة المخولة لها في هذا الشأن أن الظروف قد تغيرت وأن دواعي الأمن العام تقتضي إلغاء الترخيص.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فلا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن أحداً من المدعين لم يثب مشاركته في الحوادث والوقائع التي وردت الإشارة إليها في الأوراق وأنه بذلك لا يقوم القرار الصادر بإلغاء تراخيصهم على سبب صحيح فهذا الذي ذهب إليه الحكم الطعين مبناه الفهم الخاطئ للظروف والوقائع التي دعت إلى إصدار القرار المطعون فيه فلم يكن المسلك الفردي لكل من المدعين على حدة هو الأساس في إصدار هذا القرار وإنما مسلك الجماعة ممثلة في العائلتين المتصارعتين وانتماء المدعين إلى إحداهما وبيدهم نوعية خاصة من الأسلحة لها قوة نيران مؤثرة بما ينذر بخطر تهديد أمن المنطقة ولخطورة النتائج التي تترتب على استعمال السلاح في هذه الحالة الأمر الذي يجيز لسلطات الضبط الإداري إلغاء الترخيص حماية للأمن العام.
ومن حيث إنه على هذا الأساس لا يتحقق ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ويتعين لذلك القضاء برفض الطلب وإلزام المدعين بمصروفاته.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى بغير ما تقدم فإنه يكون قد خالف القانون وأضحى بذلك حرياً بالإلغاء وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعين المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي المصروفات.