مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 768

(123)
جلسة 3 من مارس سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد. وعبد الفتاح السيد بسيوني. وحسن حسنين علي. وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 1507 لسنة 27 القضائية

قرار إداري - طلب وقف تنفيذه - ركناه - عدم توافر ركن الاستعجال.
صدور حكم محكمة الثورة بتاريخ 7/ 3/ 1954 في الدعوى رقم 29 لسنة 1954 بمصادرة كل ما زاد من أموال وممتلكات بعض المواطنين عما ورثوه شرعاً - صدور القرار الجمهوري رقم 128 بتاريخ 6/ 3/ 1960 بالعفو عن باقي العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة ومحكمة الغدر وعن كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة عليها وذلك بالنسبة للأشخاص المبينة أسماؤهم في الكشوف المرافقة - مطالبة المدعي بتسليمه أطيانه المصادرة استناداً إلى هذا القرار - امتناع الإدارة عن التسليم - إقامة المدعي دعوى إلغاء هذا القرار- تضمين الدعوى طلباً مستعجلاً بوقف التنفيذ - رفض الطلب لعدم توافر ركن الاستعجال - أساس ذلك: عدم وجود نتائج يتعذر تداركها وآية ذلك: (1) أن القرار المطلوب وقف تنفيذه ظل منفذاً بالفعل مدة تربو على عشرين عاماً بحسبان أن قرار العفو عن بعض العقوبات صدر في 6/ 2/ 1960 بينما أقيمت هذه الدعوى في 13/ 10/ 1980. (2) أن المدعي طلب تعويضه بمبلغ عن كل سنة تمضي دون تسليمه الأطيان وهذا يعني أن الأضرار يمكن تداركها بالتعويض. (3) أن الإدارة لم تذكر أنها بصدد اتخاذ أي إجراء بشأن التصرف في الأرض موضوع النزاع - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 28 من مايو 1981 أودع الأستاذ محمد أحمد الشربيني المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ المهندس عبد الحميد كمال حسنين رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1507 لسنة 27 القضائية ضد السيد/ أحمد عبد الواحد الوكيل عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد) بجلسة 19 من مايو سنة 1981 في الدعوى رقم 88 لسنة 35 القضائية المقامة من المطعون ضده ضد الطاعن الذي قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم ببطلانه.
وأعلن تقرير الطعن قانوناً وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام رافعه المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 3 من يناير 1983 ثم قررت الدائرة بجلسة 7 من نوفمبر 1983 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره أمامها جلسة 17 من ديسمبر 1983 ونظراً إلى أن هذا اليوم صادف عطلة رسمية فقد تأجل نظر الطعن إدارياً إلى جلسة 7 من يناير 1984 وفي هذه الجلسة وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة 4 من فبراير 1984 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 13/ 10/ 1980 أقام أحمد عبد الواحد الوكيل الدعوى رقم 88 لسنة 35 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد) ضد نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية بصفته الرئيس الأعلى للإدارة العامة للأموال المستردة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي طالباً الحكم أولاً: بقبول الدعوى شكلاً. ثانياً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الإدارة بالامتناع عن تسليم المدعي أطيانه البالغ مساحتها 8 س، 6 ط، 253 ف بناحيتي نظارة الإنشاء وكفر محلة داود مركز دمنهور محافظة البحيرة بالرغم من إلغاء مصادرتها من تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 128/ 1960 الخاص بالعفو عن العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة وعن كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة عليها. ثالثاً: وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار ليتصرف الطاعن في هذه الأطيان طبقاً لما ترخص به من الشارع في قوانين الإصلاح الزراعي حتى الآن وبإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا متضامنين للمدعي نظير الأضرار المادية والأدبية التي ألحقها به القرار المذكور مبلغ 310000 جنيه (ثلاثمائة وعشرة آلاف جنيه) مع ما يستجد منذ رفع الدعوى حتى تاريخ التسليم الفعلي للأطيان باعتبار التعويض السنوي 15000 جنيه (خمسة عشر ألف جنيه) وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وجاء في بيان الدعوى أنه بتاريخ 7/ 3/ 1954 صدر حكم محكمة الثورة في الدعوى رقم 29 سنة 1953 ضد شقيقة المدعي السيدة/ زينب عبد الواحد الوكيل حرم المرحوم الرئيس السابق مصطفى النحاس وقضى هذا الحكم بمصادرة أموالها وأموال شقيقيها عبد الحميد عبد الواحد الوكيل وأحمد عبد الواحد الوكيل (المدعي) وذلك فيما زاد عما ورثوه شرعاً ولم يوجه اتهام في تلك الدعوى للمدعي وشقيقه ولم يعلنا بها وبالتالي فلم يبديا دفاعهما فيها وصدر الحكم عليهما بالتبعية لشقيقتهما. ونفاذاً لهذا الحكم استولت جهة الإدارة على أطيان المدعي وشقيقه بناحيتي نظارة الإنشاء وكفر محلة داود مركز دمنهور محافظة البحيرة ومساحتها 8 س، 5 ط، 405 ف شائعة فيما بينهما يخص المدعي منها 8 س، 6 ط، 253 ف وقد عهدت الإدارة إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بإدارة هذه الأطيان التي ما زالت تحت يد الهيئة حتى الآن.
وبتاريخ 6/ 3/ 1960 صدر القرار الجمهوري رقم 128/ 1960 بالعفو عن العقوبات المحكوم بها من محكمتي الثورة والغدر وعن كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة عليها وذلك بالنسبة إلى الأشخاص المبينة أسماؤهم في الكشوف المرافقة للقرار وورد من بين هذه الأسماء اسم المرحومة السيدة زينب عبد الواحد الوكيل ورغم النص في المادة الثالثة من قرار العفو على أن يعمل به من تاريخ صدوره إلا أن الإدارة لم تضعه موضع التنفيذ. وقد تقدم المدعي وبعض المستفيدين من قرار العفو إلى إدارة الأموال المستردة بوزارة المالية لتسليمهم أموالهم وعرض الأمر على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع فأصدرت فتواها بتاريخ 2/ 7/ 1975 التي تضمنت أن نطاق قرار العفو ينصرف إلى ما بقي من العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة التي لم يستكمل تنفيذها وكذلك إلى كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة عليها وأن عقوبة المصادرة قد ترتب عليها أيلولة الأموال المصادرة إلى الدولة وقد ظلت هذه العقوبة منتجة لآثارها فيما يتعلق بالملكية إلى تاريخ صدور قرار العفو المشار إليه ومن ثم فإن العفو قد انصب على هذه الآثار يستتبع رد أموالهم إزالة لهذا الأثر نزولاً على أحكام ذلك القرار وتأسيساً على ذلك يرد ما بقي من أموال المعفو عنهم وكذلك ما استحق من ريع وثمار من تاريخ قرار العفو أما فيما يتعلق بالأموال التي تصرفت فيها الدولة تصرفاً ناقلاً للملكية فيفرق بين حالتين الأولى إذا كان التصرف قبل العفو فلا يجوز الرجوع فيه. والثانية إذا كان التصرف بعد قرار العفو فلا يسري في حق المالك الذي ارتفع أثر المصادرة عن ملكه بالعفو. وترتب هذه التصرفات حق المالك في التعويض عنها بقيمتها السوقية وقت البيع كما يستحق مقابل الثمار المتولدة عن المال المتصرف فيه. والأموال الواجبة الرد عيناً أو التي توجب التعويض عنها يكون ردها والتعويض عنها في حدود ما تقضي به قوانين الإصلاح الزراعي. وبذلك قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الدعوى رقم 342 لسنة 29 ق بجلسة 24/ 3/ 1976 المرفوعة من الدكتور أدهم محمد النقيب عن امتناع الإدارة عن تنفيذ قرار العفو المشار إليه وتأيد هذا الحكم من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 437 لسنة 29 ق بتاريخ 28/ 5/ 1977 وأضاف المدعي أن قرار الإدارة بالامتناع عن تسليم أطيانه موضوع النزاع قد خالف الدستور والقانون إذ انطوى على حرمانه من ملكه بغير مقتضى واعتداء على حقه في استغلاله ولأن هذه الأطيان لم يتم التصرف فيها سواء قبل صدور قرار العفو أو بعده إذ لم يتخذ بشأنها إجراءات التوزيع طبقاً للقانون ومن ثم فإن الأرض لا تزال على ملكه ومن حقه استلامها ليتسنى له التصرف فيها طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعي أسوة بشقيقه عبد الحميد عبد الواحد الوكيل الذي شمله العفو وتسلم أطيانه. ونظراً إلى امتناع الإدارة عن تسليم أطيانه بالرغم من التزامها قانوناً بهذا التسليم هو قرار إداري سلبي مخالف للقانون فضلاً عن أن استمرار هذا الامتناع يشكل خطورة عاجلة ويؤدي إلى نتائج قد يتعذر تداركها لإمكان قيام الإدارة بالتصرف في تلك الأطيان تصرف المالك في ملكه على نحو يترتب عليه حقوق للغير على هذه الأطيان يلتزم بها المدعي ومن ثم فقد أقام هذه الدعوى للحكم بالطلبات المتقدمة. وأجابت الهيئة المدعى عليها على الدعوى طالبة رفضها تأسيساً على أن المدعي لا يفيد من قرار رئيس الجمهورية رقم 128/ 1960 الصادر بالعفو لعدم ورود اسمه في الكشوف المرافقة له كما أن الثابت أن الهيئة تصرفت في الأرض بتوزيعها بالتمليك على صغار الفلاحين منذ عام 1958 أي في تاريخ سابق على صدور قرار العفو في 6/ 2/ 1960 ومن ثم لا تلزم برد تلك الأطيان أما الأطيان التي أعيدت إلى شقيقه فلم يكن سبب إعادتها إليه قرار العفو وإنما كان سبب الإعادة قرار اللجنة العليا في 27/ 5/ 1956 فضلاً عن أن هناك مساحة أخرى باسم شقيقه المذكور لم يشملها الإفراج وهي التي صودرت مع المساحة المملوكة للمدعي وجملتها 405 فداناً وقد سلمت للإصلاح الزراعي من إدارة تصفية الأموال المصادرة بتاريخ 17/ 3/ 1954 وتولى الإصلاح إدارتها على أنها مستولى عليها طبقاً للمرسوم بقانون رقم 178/ 1952 قبل عبد الحميد عبد الواحد الوكيل فقط وشائع ضمنها المسطح المملوك للمدعي البالغ مساحته 7 س، 6 ط، 253 ف وعلى هذا الأساس صدر القراران رقما 15، 16 من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالجلسة السادسة بتاريخ 7/ 8/ 1958 بتوزيع الأرض باعتبار أن المالك هو عبد الحميد الوكيل.
وبجلسة 19 من مايو 1960 أصدرت المحكمة حكمها موضوع هذا الطعن الذي قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن ركن الجدية قد تحقق في طلب وقف التنفيذ إذ قصد القرار الجمهوري رقم 128/ 1960 الصادر بالعفو عن بعض العقوبات إلى إسقاط عقوبة مصادرة الأموال المحكوم بها على السيدة زينب الوكيل وشقيقيها وذلك من تاريخ العمل بهذا القرار في 6/ 2/ 1960 وأنه ولئن خلت الكشوف المرافقة له من اسم المدعي وتضمنت اسم زينب الوكيل إلا أن مؤدى العفو عن باقي الآثار المترتبة على الحكم الصادر ضدها هو رد ما بقي من أموالها وممتلكاتها وما بقي من أموال وممتلكات شقيقيها اللذين حكم عليهما بالتبعية لها دون محاكمة وكذلك رد ما استحق من ريع وثمار من تاريخ صدور قرار العفو بمراعاة أحكام التقادم أما فيما يتعلق بالأموال التي تصرفت فيها الدولة تصرفاً ناقلاً للملكية فإنه يتعين إعمال التفرقة بين التصرفات التي تمت قبل صدور قرار العفو وهذه تعتبر صادرة من مالك لا يجوز الرجوع فيها ويقتصر حق المعفو عنه على استرداد صافي المقابل الذي حصلت عليه الدولة فعلاً لقاء هذه التصرفات دون الريع والثمار باعتبار أن الدولة في هذه الحالة في حكم الحائز حسن النية. وبين التصرفات التي تمت بعد صدور قرار العفو وهذه لا تسري في حق المالك الذي ارتفع أثر المصادرة عن ملكه بالعفو ما لم يعطل حقه في استرداد هذه الأموال وثمارها أو ريعها طبقاً لقواعد الحيازة بشروطها المنصوص عليها في القانون المدني وعندئذ يترتب له حق قبل الدولة في الحصول على تعويض يقدر بالقيمة السوقية لها في تاريخ البيع وكذلك الأمر بالنسبة لاستحقاق مقابل الثمار المتولدة عنها وهو ما ارتأته الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في 2/ 7/ 1975. أما عن ركن الاستعجال فقد تحقق أيضاً لما انطوى عليه القرار المطعون فيه من حرمان المدعي من استرداد أملاكه واستغلالها بالطريقة التي يراها فضلاً عن الخطر الذي يتهدده من بقائها تحت يد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وتصرفها فيها إلى صغار الزراع سواء بالتأجير أو التمليك وما يترتب على هذه التصرفات من نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان لتعارض حيثياته تعارضاً واضحاً مع النتيجة التي انتهت إليها. فهو وقد تعرض لموضوع الأموال التي تصرفت فيها الدولة للغير تصرفاً ناقلاً للملكية وفرق بين التصرفات التي تمت قبل صدور قرار العفو وبين تلك التي تمت بعد صدور هذا القرار، كان يتعين أن يأخذ في اعتباره دفاع الهيئة الذي أبدت فيه أن الأرض محل النزاع قد ألغيت عقود إيجارها وتم اعتماد توزيعها الابتدائي بمقتضى القرارين الصادرين من مجلس إدارتها رقمي 15، 16 بالجلسة السادسة بتاريخ 8/ 7/ 1958 وهو تاريخ سابق على تاريخ صدور قرار العفو في 6/ 2/ 1960.
ومن ثم فإذا كان قرار العفو يشمل المدعي أيضاً فإن إعمال أثره يكون من تاريخ صدوره فلا ينصب على ما تصرفت فيه الدولة من قبل، أما وقد التفت الحكم المطعون فيه عن ذلك فإنه يكون قد شابه التناقض والخطأ في استخلاص الوقائع استخلاصاً سائغاً وحيث يستحيل الآن تسليم المدعي الأطيان موضوع النزاع لسابقة التصرف فيها إلى صغار الفلاحين على نحو ما سبق البيان.
ومن حيث إن الهيئة الطاعنة قدمت أثناء نظر الطعن ملف المطعون ضده الخاص بالإصلاح الزراعي وصورة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 119 لسنة 1959 بشأن توزيع الأراضي المصادرة على صغار الفلاحين. بينما عقب الحاضر عن المطعون ضده بدفاع حاصله أن مصادرة أمواله لا يمكن أن تفسر إلا على أنها أثر من آثار الحكم الصادر من محكمة الثورة في قضية شقيقه وهي الآثار التي أزالها القرار الجمهوري رقم 128/ 1960 الصادر بالعفو وأنه ليس صحيحاً ما زعمته الهيئة من أن الأطيان تم توزيعها في عام 1958 قبل العفو إذ لم يتم التوزيع طبقاً للأحكام الموضوعية والإجرائية المنصوص عليها في المادتين 13، 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي والمادة 36 من لائحته التنفيذية ومخالفة أحكام المواد يترتب عليها انعدام قرارات التوزيع على نحو ما استقرت على ذلك أحكام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) أما القانون رقم 119 لسنة 1959 فهو لا يسعف الهيئة ولم يهدف إلى معاملة الأراضي المصادرة معاملة مغايرة لتلك المستولى عليها طبقاً للمرسوم بقانون رقم 178/ 1952 المشار إليه كما أنه لو صح أن قرار مجلس إدارة الهيئة بتوزيع الأراضي في عام 1958 قد شمل أرض المدعي فإن هذه الواقعة لا تستنتج ولا تستتبع امتداد أثره إلى غير من صدر باسمه.
ومن حيث إن الطعن يثير مدى سلامة قضاء الحكم المطعون فيه في طلب وقف تنفيذ قرار الإدارة بالامتناع عن تسليم المدعي أطيانه البالغ مساحتها 8 س، 6 ط، 253 ف بناحيتي نظارة الإنشاء وكفر محلة داود مركز دمنهور محافظة البحيرة بالرغم من إلغاء مصادرتها من تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 128/ 1960 الخاص بالعفو عن العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة وعن كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة عليها.
ومن حيث إنه طبقاً للمادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لا يقضي بوقف تنفيذ قرار إداري إلا بتوافر ركنين الأول الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها والثاني جدية الأسباب التي يرجح معها الحكم بإلغائه بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس بأصل طلب الإلغاء.
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق أنه بتاريخ 7/ 3/ 1954 حكمت محكمة الثورة في الدعوى رقم 29 لسنة 1954 على السيدة/ زينب عبد الواحد الوكيل في الادعاءات المقامة عليها بما يأتي:
أولاً:.........
ثانياً: مصادرة كل ما زاد من أموالها وممتلكاتها عما ورثته شرعاً.
ثالثاً: مصادرة كل ما زاد من أموال وممتلكات أحمد عبد الواحد الوكيل عما ورثه شرعاً..
رابعاً: مصادرة كل ما زاد من أموال وممتلكات عبد الحميد عبد الواحد الوكيل عما كان لديه قبل 12 يناير 1950 وتنفيذاً لهذا الحكم تمت مصادرة أطيان المدعي وشقيقه عبد الحميد وسلمت إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بموجب محضر مؤرخ 17/ 3/ 1954 وبتاريخ 6/ 2/ 1960 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 128/ 1960 بالعفو عن بعض العقوبات ونص في المادة (1) على أن يعفى عن باقي العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة ومن محكمة الغدر وعن كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة عليها وذلك بالنسبة إلى الأشخاص المبينة أسماؤهم في الكشوف المرافقة. ونص في المادة (3) على أن يعمل بهذا القرار من تاريخ صدوره وتضمنت كشوف القرار اسم السيدة/ زينب عبد الواحد الوكيل. وعلى أساس هذا القرار استند المدعي في طلبه العاجل بوقف تنفيذ قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن تسليم أطيانه على اعتبار أن نطاق العفو يشمله أيضاً ولأن بقاء أطيانه تحت يد الهيئة بعد أن زال عنها أثر المصادرة يخالف الدستور والقانون كما يتحقق معه خطورة عاجلة ونتائج قد يتعذر تداركها فيما لو تصرفت الإدارة في تلك الأطيان.
ومن حيث إنه أياً كان وجه الرأي في مدى جدية الأسباب التي أقام عليها المدعي دعواه فإن الأوراق قد خلت مما يفيد تحقق ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه إذ لا توجد نتائج يتعذر تداركها فيما لو استمر الوضع القائم للأرض على حاله تنفيذاً لهذا القرار إلى أن يقضى في طلب إلغائه.
وأية ذلك أن قرار رئيس الجمهورية رقم 128/ 1960 بالعفو عن بعض العقوبات والذي بنيت عليه دعوى المدعي صدر في 6/ 2/ 1960 بينما أقيمت هذه الدعوى في 13/ 10/ 1980 ومن ثم فقد ظل قرار الإدارة المطلوب وقف تنفيذه منفذاً بالفعل أي بحكم الواقع مدة تربو على عشرين عاماً.
ومن ناحية أخرى فإن الدعوى مثار الطعن وكذلك الحكم المطعون فيه كلاهما تضمن أسساً للتعويض عن الأرض التي صودرت وتم التصرف فيها من الدولة بعد صدور قرار العفو بل وقد طلب المدعي تعويضه بمبلغ قدره عن كل سنة تمضي دون تسليمه أطيانه وهذا يعني - حتى من وجهة نظر المدعي أن الأضرار التي يمكن أن تترتب على استمرار تنفيذ القرار المطعون فيه مؤقتاً أياً كان نوعها أو مداها يمكن تداركها بالتعويض عنها فيما لو فرض وقضي لصالح المدعي في دعوى الموضوع، فإذا ما أضيف إلى ذلك أن الإدارة لم تدع أنها اتخذت أي إجراء بشأن التصرف في الأرض موضوع النزاع بخلاف قولها الذي ادعت فيه أنها تصرفت في الأرض في عام 1958 كما لو تذكر أنها بصدد اتخاذ إجراء جديد في هذا الشأن ومن ثم فلا يوجد خطورة عاجلة أو ضرورة ملحة تدعوا إلى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لتفادي نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يغدو طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فاقداً لأحد أركانه وهو ركن الاستعجال مما يستوجب القضاء برفض الطلب وإلزام رافعه بمصروفاته.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى بغير ذلك فإنه يكون نأى عن الصواب في تطبيق صحيح حكم القانون وتعين القضاء بإلغائه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

"حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي المصروفات".