مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 785

(125)
جلسة 4 من مارس سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبي يوسف ويحيى عبد الفتاح سليم البشري ومحمد فؤاد عبد الرزاق الشعراوي وصلاح الدين أبو المعاطي نصير - المستشارين.

الطعن رقم 802 لسنة 28 القضائية

اختصاص - قواعد توزيع الاختصاص بين محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية وظيفة مدرس مساعد بهيئة الطاقة الذرية تعادل وظيفة مدرس مساعد بالجامعات - اعتبار هذه الوظيفة من حيث التعادل المالي من وظائف المستوى الثاني - طبقاً لأحكام قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 الذي وزع الاختصاص بنظر المسائل المتعلقة بالموظفين يكون الاختصاص بنظر الدعوى للمحكمة الإدارية - قضاء المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري وقضاء محكمة القضاء الإداري باختصاصها بنظر الدعوى مخالفان للقانون - إلغاء الحكمين واختصاص المحكمة الإدارية - تطبيق. [(1)]


إجراءات الطعن

بتاريخ 15 من إبريل سنة 1982 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب هذه المحكمة، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 802 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 15 من فبراير سنة 1982 في الدعوى المرفوعة من محمد أنور الهجان وآخرين ضد رئيس مجلس إدارة هيئة الطاقة الذرية. والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعين في صرف الفروق المالية المترتبة على تسوية حالاتهم بالقرار رقم 329 لسنة 1973 وألزمت الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعين بالمصروفات.
وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت به قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعين المصروفات عن درجتي التقاضي.
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27 من يونية سنة 1983 وبجلسة 28 من نوفمبر سنة 1983 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث عين لنظره أمامها جلسة 22 من يناير سنة 1984 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن السادة/ محمد أنور محمد أنور محمد الهجان، ونوال بطرس بولس، ونسيم بنيامين روفائيل، وفادية زكريا محمد سليم وسمير كامل يوسف، ووصفي العش يوحنا عبد الملك، وعاطف شفيق إبراهيم، ومصطفى محمد عبد الحميد، وعياد نجيب فرج، ومجد الدين علي السيد. أقاموا الدعوى أمام الحكمة الإدارية لوزارة المالية قيدت برقم 95 لسنة 25 ق مطالبين الحكم بأحقيتهم في صرف الفروق المالية المستحقة لهم بالقرار رقم 329 لسنة 1973. وبجلسة 12/ 5/ 1979 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري لنظرها في جلسة يخطر بها الخصوم وأبقت الفصل في المصروفات. فأحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري حيث قيدت بجدولها تحت رقم 1847 لسنة 33 ق.
وبجلسة 15 من فبراير سنة 1982 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعين في صرف الفروق المالية المترتبة على تسوية حالتهم بالقرار رقم 329 لسنة 1973 وألزمت الإدارة المصروفات.
وأقامت قضاءها على أنه ليس ثمة منازعة بين الإدارة والمدعين في أحقيتهم في وظيفة معيد من التاريخ الذي نص عليه القرار وتسوية حالتهم وتدرج راتبهم على هذا الأساس كما أنه لا تنازع في أحقيتهم في الفروق المالية المترتبة على هذا التدرج إلا أن وزارة المالية لم توافق على إدراج الاعتمادات المالية اللازمة لإمكان الصرف منها. واستطردت إلى القول بأنه طالما كان مرد التسوية إلى أحكام القانون رقم 79 لسنة 1962 والقرار رقم 329 لسنة 1973 الصادر تنفيذاً له فإنه يتعين أن يترتب عليها ضمناً ولزوماً أثرها وأحقيتهم في مجال هذه الدعوى للآثار المالية المترتبة على تدرج الراتب.
ومن حيث إن الطعن يقوم على ما ورد به من أسباب حاصلها أن وزارة المالية لم تقم بإدراج الاعتمادات المالية في ميزانياتها في تاريخ صدور الحكم المطعون فيه فينعدم بالتالي المصرف المالي اللازم لإعمال أثر القرار رقم 329 لسنة 1973 في خصوصية صرف الفروق المالية المترتبة على التسويات التي تضمنها ذلك القرار.
ومن حيث إن الطعن أمام المحكمة يفتح الباب أمامها لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون، ثم تنزل حكمه في المنازعة على الوجه الصحيح، وعليه يقتضي الأمر بغض النظر عن طلبات الطاعن وأسبابها، النظر ابتداءً في اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه.
وهو الأمر الذي أقامته على ما قالت به المحكمة الإدارية لوزارة المالية من أن وظيفة مدرس مساعد التي يشغلها المدعون من المستوى الأول الوظيفي.
ومن حيث إن وظيفة مدرس مساعد بهيئة الطاقة الذرية وهي تعادل وظيفة مدرس مساعد بالجامعات بمقتضى القرار الجمهوري رقم 277 لسنة 1957 بإنشائها والقرارات المعدلة له والقانون رقم 79 لسنة 1962 بشأن نظام موظفي المؤسسات العامة التي تمارس نشاطاً علمياً والقرار الجمهوري رقم 1239 لسنة 1962 بتحديد تلك المؤسسات، والقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات، ومربوطها وفقاً لهذا القانون الأخير من 480 جنيهاً إلى 780 جنيهاً سنوياً بعلاوة سنوية قدرها 36 جنيهاً، وهي على هذا النحو تعتبر من وظائف المستوى الثاني وفقاً للجدول رقم (1) الملحق بالقانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة الذي كان قائماً عندئذ، فالمربوط المالي لهذا المستوى الثاني من 240 جنيهاً إلى 780 جنيهاً سنوياً وهو دون المستوى الأول الذي يبدأ من 540 جنيهاً إلى 1440 جنيهاً سنوياً.
وفي حدود المستوى الثاني ترد وظيفة المدرس المساعد التي استحدثها القانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه، فهي أقرب في متوسط مربوطها إلى الفئة الوظيفية 420 جنيهاً إلى 780 جنيهاً ، والتي اعتبرت معادلة للدرجة الخامسة من الدرجات الملحقة بالقانون رقم 46 لسنة 1964 طبقاً للجدول الثاني من القانون رقم 58 لسنة 1971، وهي أدنى بحكم وضعها الوظيفي ونظامها ومربوطها المالي من وظيفة مدرس التي قدر لها القانون رقم 49 لسنة 1972 بداية قدرها 720 جنيهاً ونهاية قدرها 1440 جنيهاً سنوياً والتي اعتبرت من وظائف المستوى الأول، عندئذ، وكانت قبل العمل بالقانون رقم 58 لسنة 1971 المشار إليه تعتبر بمقتضى القرار الجمهوري رقم 2387 لسنة 1967 في شأن معادلة درجات الكادرات الخاصة بدرجات الكادر العام، معادلة للدرجة الرابعة من درجات القانون رقم 46 لسنة 1964 وهي التي اعتبرت أيضاً على ما تقدم في الجدول الثاني الملحق بالقانون رقم 58 لسنة 1971 معادلة لأولى الفئات المالية للمستوى الأول ذات الربط المالي السنوي 540 جنيهاً إلى 1440 جنيهاً، وعندما صدر القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العالمين المدنيين بالدولة الذي حل محل القانون رقم 58 لسنة 1971 وعدل جدول درجات الوظائف وأجرها الوارد بالجدول الأول الملحق به وعادلها في الجدول الثاني مما اعتبره نظير لكل منها من الفئات والمستويات المالية طبقاً للقانون رقم 58 لسنة 1971 أورد في الجدول الأول درجة وصفها بأنها الثالثة بأجر سنوي قدره 360 جنيهاً إلى 1200 جنيه بعلاوة سنوية 24 جنيهاً ثم 36 جنيهاً ابتداء من 480 جنيهاً ثم 48 جنيهاً ابتداء من 660 جنيهاً واعتبرها معادلة لفئات المستوى الثاني وفقاً للقانون رقم 58 لسنة 1971 وهي (420/ 780/ 330/ 780/ 240/ 780) وجاء القانون رقم 54 لسنة 1978 بتعديل جداول مرتبات الكادرات الخاصة تبعاً لذلك فاستبدل في المادة 4 بجدول المرتبات والبدلات الملحق بالقانون رقم 49 لسنة 1972 بتنظيم الجامعات الجدول رقم 4 الملحق به ونص على أن يطبق على العاملين بالمؤسسات العلمية واشتمل الجدول على "ب" وظائف معاونة لأعضاء هيئة التدريس.
( أ ) مدرس مساعد بمربوط مالي يبدأ من 576 جنيهاً إلى 1200 جنيهاً سنوياً بعلاوة قدرها 36 جنيهاً.
(ب) معيد بمربوط مالي يبدأ من 360 جنيهاً إلى 960 جنيهاً وكلتاهما من حيث المربوط المالي تعادلان الدرجة الثالثة، فوظيفة مدرس مساعد على هذا الوجه ظلت أقرب من حيث متوسط الربط المالي إلى الفئة الثالثة منها إلى الفئة الثانية التي تعلوها في الكادر العام ومربوطها في القانون رقم 47 لسنة 1978 من 660 جنيهاً إلى 1500 جنيهاً سنوياً بعلاوة 48 جنيهاً ثم 60 جنيهاً وهي الفئة التي تعتبر معادلة لوظيفة مدرس بالجامعات ومربوطها من 840 جنيهاً إلى 1500 جنيهاً سنوياً بعلاوة 60 جنيهاً، وعلى ذلك ترد وظيفة مدرس مساعد عند المعادلة المالية في الفئة الأدنى وهي على ما تقدم الثالثة وتعتبر كذلك على أساس أن متوسط رابطها المالي أقرب وآخر مربوط كليهما واحد 1200 جنيه والعلاوة السنوية واحدة بل تزيد في الفئة الثالثة عند بلوغ المرتب 660 جنيهاً عنها في وظيفة مدرس مساعد وتبعاً لذلك تعتبر من حيث التعادل المالي وهو الذي نظر إليه واضعو القوانين المذكورة من وظائف المستوى الثاني.
من حيث إنه لما كان ذلك وكان قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 قد وزع الاختصاص بنظر المسائل المتعلقة بالموظفين على أساس أن تختص المحاكم الإدارية بالطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة والطلبات التي يقدمونها بإلغاء القرارات الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي وفي طلبات التعويض المترتبة عليها والمنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات المستحقة لهؤلاء ولورثتهم متى كان هؤلاء الموظفين من المستوى الثاني والمستوى الثالث ومن يعادلهم، وعليه يكون الاختصاص بنظر الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه للمحكمة الإدارية لا لمحكمة القضاء الإداري إذ أنها تتعلق بموظف تعتبر وظيفته معادلة لوظائف المستوى الثاني بالمعنى الذي اتجه إليه القانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة وبمراعاة أحكام القانونين رقم 47 لسنة 1978 ورقم 54 لسنة 1978 المشار إليهما وما طرأ عليهما من تعديلات في جداول الدرجات والمرتبات بالقوانين التالية وآخرها القانون رقم 311 ورقم 32 لسنة 1980 فالأول جعل مربوط الدرجة الثالثة من 615 جنيهاً إلى 1600 جنيهاً إلى 1608 جنيهاً سنوياً بعلاوة سنوية 36 جنيهاً ثم 48 جنيهاً والثاني جعل مربوط وظيفة مدرس مساعد من 696 جنيهاً إلى 1440 جنيهاً سنوياً بعلاوة قدرها 36 جنيهاً سنوياً فظلت هذه الوظيفة معادلة للفئة الثالثة إذ هي في حدود ربطها ومتوسط ربطها متقارب ونهاية ربط الثالثة أعلى وكذلك علاواتها السنوية فيبقى موظفوها عند تحديد الاختصاص بين محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية معتبرين من شاغلي وظائف المستوى الثاني فتختص بدعواهم المحاكم الإدارية.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله حين قضى باختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وكذلك أخطأ حكم المحكمة الإدارية لوزارة المالية حين قضى وهو المختص بعدم اختصاص المحكمة وبإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري متعيناً الحكم بإلغائهما وبإحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية المختصة لنظرها مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 15 من فبراير سنة 1982 في الدعوى رقم 1847 لسنة 33 ق والحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المالية بجلسة 12 من مايو سنة 1979 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى رقم 95 لسنة 25 ق، وباختصاص المحكمة الإدارية المذكورة بنظر الدعوى رقم 95 لسنة 25 ق وإعادتها إليها للفصل فيها.


[(1)] يراجع الحكم الصادر في الطعنين رقمي 806 و818 لسنة 28 القضائية بجلسة 11/ 12/ 1983.