مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 791

(126)
جلسة 4 من مارس سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبي يوسف. ويحيى عبد الفتاح سليم البشري. وعبد الفتاح محمد إبراهيم صقر. ومحمد فؤاد عبد الرزاق الشعراوي – المستشارين.

الطعن رقم 2742 لسنة 29 القضائية

نقابة المحامين - القانون رقم 17 لسنة 1983 بإصدار قانون المحاماة - القرار الصادر من اللجنة الثلاثية المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 17 لسنة 1983 بتشكيل مجلس نقابة مؤقت - والقرار الصادر عن هذا التشكيل المؤقت بتحديد موعد لانتخابات مجلس نقابة جديد - الدفع بعدم دستورية القانون رقم 17 لسنة 1983 - طلب إلغاء القرار السلبي بامتناع النقابة المؤقت عن تمكين مجلس النقابة الشرعي من ممارسة ولايته.
( أ ) اختصاص القضاء الإداري - القرار الصادر من اللجنة الثلاثية المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 17 لسنة 1983 بتشكيل مجلس نقابة مؤقت - قرار إداري مستكمل الأركان والعناصر - هو تعبير من اللجنة الثلاثية بما لها من سلطة بمقتضى القانون - ومن شأن هذا القرار إنشاء مركز قانوني لمن اختارتهم أعضاء للجنة المؤقتة يخول لهم مزاولة اختصاصات مجلس النقابة العامة - كما من شأنه إلغاء مركز قانوني قائم وقت صدور القانون رقم 17 لسنة 1983 لأنه يعني ضمناً إلغاء مجلس النقابة المنتخب - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظره.
(ب) الدفع بعدم قبول الطعن في قرار اللجنة المؤقتة الصادر في 19 مايو سنة 1983 بإجراء الانتخابات لرفعه قبل الأوان - هذا القرار ليس قراراً مستقلاً قائماً بذاته بل هو أثر لقرار تشكيل اللجنة المؤقتة المطعون فيه يسري عليه ما يسري على هذا القرار الأخير من آثار - الأمر الذي يكون معه كل ما أثاره الطعن في شأن هذا الدفع لا محل له.
(جـ) وقف التنفيذ - رهين بتوافر ركنين: - أولهما ركن الجدية - ويتمثل في قيام الطعن في قرار - بحسب الظاهر - على أسباب جدية تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع - وثانيهما ركن الاستعجال: - بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه ترتيب نتائج قد يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه - استظهار عدم مشروعية القرار من استناده إلى أحكام القانون رقم 17 لسنة 1983 التي تعتبر ترديداً لأحكام القانون رقم 125 لسنة 1981 التي قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريته.
(د) الحكم بعدم دستورية قانون - أثره - لا ينشئ واقعاً جديداً وإنما يقر واقعاً موجوداً - اعتبار القانون المقضي بعدم دستوريته غير دستوري منذ صدوره وليس من اليوم التالي لنشر الحكم بعدم الدستورية - نص الفقرة الرابعة من المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا على أنه إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كان لم تكن ليس استثناءً قاصراً على النصوص الجنائية وإنما هو تقرير لمبدأ الأحكام كاشفة لا منشئة.
(هـ) حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية القانون رقم 125 لسنة 1981 الذي حل مجلس النقابة المنتخب - مقتضاه ولازمه عودة مجلس النقابة المنتخب - القانون رقم 17 لسنة 1983 تشوبه ذات المخالفة الدستورية التي شابت القانون رقم 125 لسنة 1981 - القرار المطعون فيه الصادر استناداً إلى القانون 17 لسنة 1983 يغدو لذلك غير مشروع - مشروعية القرار الإداري ليست قاصرة على اتفاق القرار مع القانون - القرار الذي يصدر استناداً إلى قانون غير دستوري يكون غير مشروع - أثر ذلك: توافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
(و) طلب وقف التنفيذ - ركن الاستعجال - اللجنة المؤقتة الصادر بتشكيلها القرار المطعون فيه تتولى الاختصاصات المخولة لمجلس النقابة العامة المنصوص عليها في القانون رقم 17 لسنة 1983 - نتائج مباشرة اللجنة لهذه الاختصاصات يتعذر تداركها إذا ما قضى بعدم دستورية النصوص التي استندت إليها - أثر ذلك: توافر ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
(ز) المادة 29 ( أ ) - (ب) من قانون المحكمة الدستورية العليا - للمحكمة إذا تراءى لها أثناء نظر الدعوى أن نصا قانون أو لائحة لازماً للفصل فيها "غير دستوري" وكان أحد الخصوم في الدعوى قد دفع بعدم الدستورية - للمحكمة خيار بين أن توقف الدعوى وتحيل أوراقها إلى المحكمة الدستورية متى تراءى لها هي ذاتها عدم دستورية النص اللازم للفصل في الدعوى أو أن تؤجل نظر الدعوى وتحدد ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لمن أبدى هذا الدفع لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا.
(ح) القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع القضاء بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية ما بينته من نصوص القانون رقم 17 لسنة 1983 - لا تعارض بين القضائين معاً - أساس ذلك: - إن لكل من القضائين مجاله الذي لا يختلط بالآخر - الفصل في الطلب المستعجل يكفي فيه توافر ركني الجدية والاستعجال بحسب الظاهر - الفصل في دستورية النصوص التي حددتها المحكمة لازم للفصل في الموضوع.


إجراءات الطعن

بتاريخ 7 من يوليه سنة 1983 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 2742 لسنة 29 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 5 من يوليه سنة 1983 في الدعوى رقم 3949 لسنة 37 ق المقامة من الأساتذة المحامين أحمد الخواجة، ومحمد المسماري، ومحمد فهيم أمين، وأحمد نبيل الهلالي، وأحمد ناصر، ومحمد صبري صبري، ومحمد عيد، ومحمود عبد الحميد سليمان، وعبد الله شريف، ومحمد علوان، وحامد الأزهري ضد رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير العدل، ورئيس محكمة النقض، والقاضي:
أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها.
ثانياً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى ، وبقبولها شكلاً.
ثالثاً: وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار الصادر بتاريخ 18 من إبريل سنة 1983 من اللجنة الثلاثية المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 17 لسنة 1983 بإصدار قانون المحاماة وما يترتب على ذلك من آثار على النحو الوارد بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطلب.
رابعاً: بوقف الدعوى وبإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية المادتين الثانية والثالثة والفقرة الثانية من المادة الرابعة والفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 17 لسنة 1983 بإصدار قانون المحاماة.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم:
أصلياً: ( أ ) بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى.
(ب) بعدم قبول الدعوى في الشق الخاص بالطعن في قرار اللجنة المؤقتة للإشراف على انتخابات مجلس النقابة بتحديد موعد لإجراء انتخاب مجلس النقابة الجديد لرفعه قبل الأوان.
واحتياطياً: برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهم في أي من الحالين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه:
أولاً: الحكم برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ثانياً: قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 18 من يوليه سنة 1983، وبجلسة 5 من سبتمبر سنة 1983. حكمت المحكمة بعدم قبول تدخل الأستاذ أمين صفوت المحامي خصماً في الطعن، وبقبول الطعن شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطلب، وقررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية)، فحدد لنظره أمامها جلسة 13 من نوفمبر سنة 1983، وبعد تداوله بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، أرجئ إصدار الحكم فيه لجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل على ما يتبين من الأوراق في أن كلاً من الأساتذة المحامين أحمد الخواجة، ومحمد المسماري، ومحمد فهيم أمين، وأحمد نبيل الهلالي، وأحمد ناصر، ومحمد صبري صبري، ومحمد عيد، ومحمود عبد الحميد سليمان، وعبد الله شريف، ومحمد علوان، وحامد الأزهري، وذلك بوصفهم رئيس وأعضاء مجلس النقابة الشرعي للمحامين، أقاموا الدعوى رقم 3949 لسنة 37 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 28 من مايو سنة 1983 طالبين الحكم:
أولاً: وبصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ القرار الصادر بتشكيل مجلس نقابة مؤقت تنفيذاً للقانون رقم 17 لسنة 1983، الذي يطعن المدعون بعدم دستوريته، ويطلبون إحالة طعنهم إلى المحكمة الدستورية العليا.
ثانياً: وبصفة مستعجلة، وإلى أن يقضى في الطعن بعدم دستورية القانونين رقم 125 لسنة 1981، ورقم 17 لسنة 1983، بفرض الحراسة القضائية على نقابة المحامين وإقامة مجلس النقابة الشرعي حارساً على شئونها قائماً بأمورها.
وذلك مع إلزام الحكومة مصاريف هذين الطلبين.
وفي الموضوع، بإلغاء القرار المطعون فيه، والحكم بإلزام الحكومة بأن تدفع للطالبين بوصفهم الممثلين الشرعيين لنقابة المحامين تعويضاً قدره مليون جنيه تدرج في صندوق النقابة عن التصرفات التي قامت بها الحكومة واعتدت بها على الحرية النقابية وعلى الممثلين الشرعيين للمحامين. مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعون شرحاً لدعواهم أن مجلس نقابة المحامين حل بالقانون رقم 125 لسنة 1981، وصدر قرار من وزير العدل - تنفيذاً له - بتشكيل مجلس نقابة مؤقت، فقام بعض المدعين بالطعن في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري، وضمنوا طعنهم طعناً آخر بعدم دستورية القانون رقم 125 لسنة 1981، فأوقفت المحكمة الفصل في الدعوى بشقيها وكلفت المدعين برفع الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا، فأقاموا الدعوى رقم 47 لسنة 3 ق دستورية، وأثناء نظرها صدر القانون رقم 109 لسنة 1982 بتعديل القانون رقم 125 لسنة 1981، وتبعاً لذلك أصدر وزير العدل قراراً آخر بإعادة تشكيل مجلس النقابة المؤقت، وقد قصدت الحكومة من هذين التعديلين أن تحول بين المحكمة الدستورية العليا وبين الفصل في دستورية القانون رقم 125 لسنة 1981. ثم صدر القانون رقم 17 لسنة 1983 بتنظيم مهنة المحاماة متضمناً نصاً يعطي لجنة من هيئات القضاء برياسة رئيس محكمة النقض الحق في تشكيل مجلس نقابة مؤقت من عشرين عضواً، وقد تم هذا التشكيل بالفعل. وهذا القرار مخالف للدستور والقانون رقم 17 لسنة 1983 الذي صدر استناداً إليه، لأن مناقشة وإقرار مشروع القانون المشار إليه - وهو يتضمن ما يزيد على مائتي مادة في أربعة أيام، وقبل نظر الطعن بعدم دستورية القانون رقم 125 لسنة 1981 بيوم واحد ينبئ عن لدد في الخصومة، كما أن القانون رقم 17 لسنة 1983 لم يقصد به تنظيم مرفق عام، وإنما صدر ببواعث حزبية وانتقاماً من مجلس نقابة المحامين، وهو يهدف في الحقيقة إلى تحصين عمل غير مشروع وهو بدوره تشريع لحالة فردية يتماثل في عدم دستوريته مع القانون 125 لسنة 1981 من حيث افتقاره إلى العموم والتجريد، ويعد تصرف السلطة التشريعية متمثلاً في القانون رقم 17 لسنة 1983 عدواناً صارخاً من السلطتين التشريعية والتنفيذية، المشتركتين في وضع هذا القانون وإصداره، على المحكمة الدستورية العليا كسلطة قضائية خاصة لا يجوز التدخل في شئون العدالة الدستورية التي ترعاها.
ونظرت الدعوى بالجلسات على الوجه المبين بالمحاضر. وبجلسة 14 من يونيه سنة 1983 قدم الحاضر عن المدعين صورة رسمية من الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 11 من يونيه سنة 1983 في القضية رقم 47 لسنة 3 ق دستورية القاضي بعدم دستورية القانون رقم 125 لسنة 1981 ببعض الأحكام الخاصة بنقابة المحامين، وعدل الحاضر عن المدعين الطلبات في الدعوى - على ضوء هذا الحكم على النحو التالي:
أولاً: وبصفة مستعجلة، الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر بتشكيل مجلس مؤقت، والقرار الصادر عن هذا التشكيل المؤقت تنفيذاً للقانون رقم 17 لسنة 1983 بتحديد موعد لانتخاب مجلس نقابة جديد.
ثانياً: وبصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع مجلس النقابة المؤقت عن تمكين مجلس النقابة الشرعي من ممارسة ولايته.
ثالثا: وفي الموضوع، بإلغاء هذين القرارين.
وقدم المدعون مذكرة أضافوا فيها أن القانون رقم 17 لسنة 1983 يعد امتداداً للقانون رقم 125 لسنة 1981 وأثراً من آثاره، إذ ينصرف قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون رقم 125 لسنة 1981 حتماً إلى القانون رقم 17 لسنة 1983 فيما تضمنه من إنهاء مدة عضوية مجلس النقابة المنتخب، وأنه ولئن كان القانون يوجب نشر حكم المحكمة الدستورية العليا في الجريدة الرسمية بوصفه حكم القانون الجديد الذي حل محل التشريع المقضي بعدم دستوريته، بقصد أن يسري على الكافة، فإن عدم النشر لا يقتضي امتناع الحكومة عن تنفيذ الحكم الذي كنت طرفاً فيه، وإلا كان معنى ذلك تعطيل تنفيذ الحكم بالامتناع عن نشره في الجريدة الرسمية، وإذا كان الأمر قد انتهى بالحكومة إلى المنازعة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا وامتناعها عن إعادة تسليم النقابة مقاليد أمورها إلى مجلسها الشرعي فإن ذلك يعد من جانب الحكومة قراراً إدارياً بالامتناع عن التنفيذ يمكن أن يعرض على القضاء الإداري، بحسبانه منازعة إدارية لا دستورية، بطلب الحكم بوقف تنفيذه - وأن المدعين، بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون رقم 125 لسنة 1981 ويعدلون سند الدعوى دون التخلي عنه كلية، وذلك بإقامة طعنهم بعدم شرعية التشكيل الصادر بالتطبيق لأحكام القانون رقم 17 لسنة 1983 على سند من الحكم الصادر بعدم دستورية القانون رقم 125 لسنة 1981 دون أن يعلق طلب وقف التنفيذ على إحالة مطاعنهم على دستورية القانون رقم 17 لسنة 1983 على الإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا لأن الحكم أسقط كل نص تشريعي ينال من شرعية مجلس النقابة المنتخب، وهو ما يقضي أن تعود الشرعية الكاملة إلى مجلس النقابة المنتخب الذي حجب سلطاته بدون وجه حق وبتشريع جائر- وأن المدعين يصرون مع ذلك على طلب إحالة الطعن بعدم دستورية القانون رقم 17 لسنة 1983 إلى المحكمة الدستورية العليا لأن هذا القانون الأخير يناهض الحرية النقابية ويفرض قيوداً ثقيلة على مجلس النقابة في ممارسة ولايته ويتعارض ما تقضي به المادة 56 من الدستور.
وعقبت الحكومة على الدعوى بمذكرة طلبت فيها الحكم:
أصلياً: بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وبعدم قبولها في الشق الخاص بالطعن على قرار اللجنة المؤقتة للإشراف على انتخاب مجلس النقابة بتحديد موعد لإجراء انتخاب مجلس النقابة الجديد لرفعه قبل الأوان.
واحتياطياً: برفض الدعوى بشقيها، وإلزام المدعين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وعن الدفع بعدم الاختصاص قالت الحكومة أن الدعوى في حقيقتها وحسب التكييف القانوني السليم لطلبات المدعين فيها، هي الطعن في أحكام القانون رقم 17 لسنة 1983 وبالتالي فإنها تخرج عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. هذا فضلاً عن أن اللجنة الثلاثية التي ناط بها الشارع اختيار أعضاء اللجنة المؤقتة، روعي في جميع أعضائها أن يكونوا من بين رؤساء الهيئات القضائية وهي بهذه الصفة لا يمكن أن تكون هيئة إدارية، ومن ثم فإن القرار الصادر عنها لا يعتبر قراراً إدارياً.
وفي بيان الدفع بعدم قبول الدعوى، قالت أن القرار الذي أصدرته اللجنة الثلاثية في 19 من مايو سنة 1983 بأن تجرى الانتخابات في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر سنة 1983 لا تتوافر فيه عناصر القرار الإداري، ولا يعدو أن يكون إجراءً تمهيدياً استوجب المشرع اتخاذه لتشكيل مجلس النقابة طبقاً لأحكام القانون والنظام الداخلي للنقابة، وهو إجراء لا ينشئ أو يلغي أو يعدل مركزاً قانونياً سابقاً، وبالتالي يكون الطعن فيه غير مقبول قانوناً. هذا فضلاً عن أنه طبقاً لأحكام قانون المحاماة والنظام الداخلي للنقابة لا يجوز الطعن على استقلال في قرار دعوة الجمعية العمومية للاجتماع لانتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة. وإنما يتعين الانتظار حتى تجرى عملية الانتخاب ثم يطعن بعد ذلك في العملية كلها.
وعن طلب رفض الدعوى ذهبت الحكومة إلى أن القانون رقم 17 لسنة 1983 هو أول قانون ديموقراطي يصدر منذ قيام الثورة بتنظيم المحاماة إذ صدرت التنظيمات السابقة عليه بقرارات بقوانين، ولم يصدر هذا القانون عن فرد أو أفراد، إنما صدر عن مجلس الشعب، وهو السلطة التشريعية في البلاد وبالأسلوب الذي رسمه الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الشعب، وهو لا يمس أي حق مقرر للمحامين أو للنقابة بل على العكس من ذلك فقد أضاف إلى هذه الحقوق، كذلك لا أساس للزعم بأن الحكومة أصدرت هذا القانون لتصادر حق المحكمة الدستورية العليا في مباشرة رقابتها على القانون رقم 125 لسنة 1981 إذ رغم صدور القانون المذكور فإن المحكمة الدستورية العليا لم تتخل عن نظر الطعن رقم 47 لسنة 3 ق دستورية.
وبجلسة 5 من يوليه سنة 1983 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه، ويقضي:
أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها.
ثانياً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها شكلاً.
ثالثاً: وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار الصادر بتاريخ 18/ 4/ 1983 من اللجنة المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 17 لسنة 1983 بإصدار قانون المحاماة وما يترتب على ذلك من آثار على النحو الوارد بالأسباب وإلزام الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطلب.
رابعاً: بوقف الدعوى وبإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية المادتين الثانية والثالثة والفقرة الثانية من المادة الرابعة والفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 17 لسنة 1983 بإصدار قانون المحاماة.
وأقامت المحكمة قضاءها برفض الدفع بعد اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري على أن الدعوى تنصب أساساً على الطعن في القرار الصادر من اللجنة الثلاثية المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة الثانية من القانون رقم 17 لسنة 1983 باختيار أعضاء اللجنة المؤقتة المخولة سلطات مجلس النقابة العامة طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة الثانية والمادة الثالثة من القانون المذكور، وكذلك القرار الصادر عن هذه اللجنة بتحديد موعد لانتخابات مجلس النقابة تنفيذاً لأحكام القانون رقم 17 لسنة 1983، وإن اللجنة الثلاثية المشار إليها بما أسند إليها من اختصاص في تنفيذ بعض الأحكام التي تضمنها هذا القانون إنما تمارس ذلك بحسبانها سلطة عامة، وأن ما يصدر عنها بهذه الصفة يعد عملاً إدارياً باعتباره مظهراً من مظاهر استعمال تلك السلطة. ومن ثم يكون الاختصاص بنظر الدعوى، وهي تنصب على ممارسات هذه اللجنة بصفتها تلك، معقوداً لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري عملاً بالمادة 10/ 5 والمادة 14 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
وعن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان، قالت المحكمة أن المدعين يبتغون من وراء دعواهم إسباغ الشرعية على تنظيمات نقابتهم بدءاً من الخطوات التمهيدية التي تتولاها السلطات الاستثنائية المنوطة بإدارتها كي لا تظل تلك السلطات سائرة في إجراءاتها صوب استكمال الأجهزة الداخلية للنقابة، وهي إجراءات تبدو في نظر المدعين فاسدة من أساسها لصدورها من جهة غير مختصة وبالإسناد إلى قانون مشكوك في دستوريته، وعليه فإنه إذا كان ثمة آونة معلومة لرفع الدعوى فهذا هو وقتها وتلك هي مناسبتها حتى ينحسم بالحكم الصادر فيها أمر النزاع بشأنها.
وأقامت المحكمة قضاءها بوقف تنفيذ القرار الصادر من اللجنة الثلاثية بتاريخ 18 من إبريل سنة 1983 على أن ركني الجدية والاستعجال متوافران في طلب وقف تنفيذ القرار المشار إليه واستظهرت الركن الأول من أن النصوص القانونية التي يتوسدها القرار المذكور مشكوك في دستوريتها، بل والراجح في نظر المحكمة أنها غير دستوريته، ذلك أن مقتضى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 11 من يونيه سنة 1983 بعدم دستورية القانونية رقم 125 لسنة 1981 باعتباره كاشفاً عند عدم دستورية هذا القانون الأخير منذ تاريخ صدوره في 22 من يوليو سنة 1981، يكون قد عاد بمجلس النقابة - الذي أنهى القانون سالف الذكر ولايته - إلى حيز الوجود القانوني، الأمر الذي يستوجب النظر إلى القانون رقم 17 لسنة 1983 في ضوء الآثار التي أحدثها الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، ومن أخصها اعتبار مجلس النقابة المنتخب قائماً قانوناً ومتزامناً في وجوده مع القانون المذكور الذي جاء مكرساً الآثار غير الدستورية التي أحدثها القانون رقم 125 لسنة 1981، والذي قضى بعد دستوريته، ويتبدى ذلك فيما قام عليه القانون رقم 17 لسنة 1983 من فرضية قانونية غير دستورية مؤداها أن مجلس النقابة الشرعي بالانتخاب غير قام قانوناً وأقام على هذه الفرضية نصوصاً تقضي بتنصيب لجنة تتولى شئون النقابة وتحل محل مجلسها الشرعي إلى أن يتم انتخاب مجلس جديد، وهو المعنى الذي تنطق به مادته الثانية التي تقضي بتشكيل لجنة مؤقتة تتولى الإشراف على انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة العامة والمادة الثالثة التي قضت بأن تتولى اللجنة المذكورة الاختصاصات المخولة لمجلس النقابة العامة، وتختار من بين أعضائها رئيساً لها تكون له الاختصاصات المقررة لنقيب المحامين، ووكيلاً وأميناً عاماً للصندوق، وتباشر اللجنة اختصاصات لجان قبول المحامين واللجان الأخرى المنصوص عليها في القانون، والفقرة الثانية من المادة الرابعة وهي تقضي بأن لهذه اللجنة أن تصدر ما تراه من قرارات مكملة لما ورد في المادة الثانية، وكل هذه النصوص تعتبر نتيجة أو امتداداً للآثار التي أحدثها القانون رقم 125 لسنة 1981، وبذلك يكون المشرع قد وقع في ذات المخالفة الدستورية التي كشفت عنها المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر بجلسة 11 من يونيه 1983 في القضية رقم 47 لسنة 3 ق دستورية، وتتحصل هذه المخالفة، كما قالت المحكمة الدستورية العليا، في أن ذلك القانون، وقد أقصي النقيب وأعضاء مجلس النقابة المنتخبين طبقاً لأحكام القانون رقم 61 لسنة 1968 من مناصبهم قبل نهاية مدة العضوية عن طريق هيئة الناخبين المتمثلة في الجمعية العمومية للنقابة يكون قد خرج عن مبدأ التنظيم الديموقراطي الواجب مراعاته في التشكيلات النقابية إنشاء وإلغاء، وهو المبدأ الذي قررته المادة 56 من الدستور. وأن إعادة التنظيم الشامل للتنظيم النقابي بالقانون رقم 17 لسنة 1983 ليست مبرراً لتخطي المبادئ الدستورية المقررة، فالمشرع لم يكن بصدد إنشاء نقابة للمحامين لأول مرة حتى تقتضيه الحال أن يلجأ إلى تلك النصوص الاستثنائية، لكنه كان بصدد نقابة قامت منذ 1912. ولئن كان للدولة حق تناول النقابات القائمة بالتنظيم إلا أن هذا الحق لا يجوز أن يمس الحماية المقررة لمبدأ ديموقراطية التشكيلات النقابية. وانتهى الحكم المطعون فيه إلى أنه وقد استند القرار المطعون فيه إلى نصوص القانون رقم 17 لسنة 1983 سالفة الذكر وهي نصوص تبدو مع نص الفقرة الأولى من المادة الخامسة كذلك نصوصاً غير دستورية فإن القرار يكون قد وصمه بحسب ظاهر البحث عيب مخالفة القانون الذي اتصل به من فساد أساسه التشريعي، ومن ثم يكون الطعن فيه قائماً على أسباب جدية يرجع معها الحكم بعدم دستورية سنده التشريعي وبالتالي إلغائه.
وعن ركن الاستعجال، فقد استظهرته المحكمة من أن استمرار إقصاء مجلس النقابة المنتخب عن ممارسة الاختصاصات والصلاحيات المنصوص عليها في القانون، وخاصة الإشراف على انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة العامة في أول انتخاب يتم طبقاً لأحكام القانون رقم 17 لسنة 1983 في موعد لا يجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل به، من شأنه ترتيب آثار يتعذر تداركها فيما لو حكم بعدم دستورية النصوص المشار إليها آنفاً وبالتالي بإلغاء القرار المطعون فيه.
أما عن طلبي وقف تنفيذ القرار الصادر من اللجنة المؤقتة في 19 من مايو سنة 1983 بإجراء الانتخابات - بصفة مبدئية - في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر سنة 1983، ووقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع مجلس النقابة المؤقت عن تمكين مجلس النقابة الشرعي المنتخب من ممارسة ولايته، فقد انتهت المحكمة إلى أنه فضلاً عن أن القرار الأول قرار غير نهائي فإنه يندرج هو والقرار الثاني ضمن الآثار المترتبة على القرار الصادر بتشكيل اللجنة المؤقتة والذي انتهت المحكمة إلى الحكم بوقف تنفيذه وما يترتب على ذلك من آثار.
وعن وقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية ما أوضحته المحكمة من مواد القانون رقم 17 لسنة 1983 بإصدار قانون المحاماة، فإن المحكمة فعلت ذلك لما تراءى لها من أن النصوص التي تشكل المصدر المباشر للقرار المطعون فيه، وهي نصوص المواد الثانية، والثالثة، والفقرة الثانية من المادة الرابعة، والفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون المشار إليه، تبدو في ظاهرها مخالفة لحكم المادة 56 من الدستور للأسباب السالف بيانها التي أكدتها المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بجلسة 11 من يونيه 1983 في الدعوى رقم 47 لسنة 3 ق دستورية. وأشارت المحكمة إلى أنها وهي تقضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع الحكم في ذات الوقت بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المواد سالفة الذكر، فإن هذين الحكمين غير متعارضين إذ لكل منهما مجاله وآثاره، فأولهما لا يعدو أن يكون إجراءً وقتياً اقتضته الضرورة وقام في الظاهر على أسباب جدية يرجح معها إلغاء القرار المطلوب وقف تنفيذه، أما الثاني فلا يعدو أن يكون إجراء استوجبته ظروف الدعوى إزاء ما اكتنفها من مطاعن دستورية اقتضت سلوك هذا السبيل، وهو يتضافر مع مرحلة التحضير التي تتولاها هيئة مفوضي الدولة لتهيئة الدعوى للفصل فيها موضوعاً، وهذا الإجراء وإن كان أولياً لازماً للفصل في طلب الإلغاء إلا أنه لا علاقة له بطلب وقف التنفيذ سوى في استظهار أسباب عدم الدستورية التي تشكل ركن الجدية في الطب المستعجل وتشكل في ذات الوقت أساس الحكم بوقف الدعوى للبت في المسألة الدستورية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المحكمة أخطأت إذ قضت برفض الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى، ذلك أن المطعون ضدهم لم يوجهوا أي طعن للقرار الصادر بتشكيل لجنة مؤقتة للإشراف على انتخابات النقابة أو للقرار الصادر عن هذه اللجنة بتحديد موعد مبدئي لإجراء هذه الانتخابات، وأن الدعوى بحسب حقيقتها والتكييف القانوني السليم لطلبات الخصوم فيها هي طعن في أحكام القانون رقم 17 لسنة 1983 وبالتالي تخرج عن اختصاص القضاء الإداري، وأن ذلك يتضح من مراجعة أسباب الطعن الواردة في صحيفة الدعوى، وكلها موجهة أساساً إلى القانون رقم 125 لسنة 1981 ثم القانون رقم 17 لسنة 1983 مباشرة. كما أن تشكيل اللجنة المؤقتة للإشراف على الانتخابات تم بنص صريح في القانون رقم 17 لسنة 1983 بإصدار قانون المحاماة هو نص المادة الثانية، فالمشرع هو الذي شكل اللجنة المؤقتة للإشراف على الانتخابات وعهد إلى لجنة ثلاثية من رؤساء الهيئات القضائية باختيار أعضاء هذه اللجنة المؤقتة، وعملية اختيار أعضاء هذه اللجنة إجراء تنفيذي لا يرقى إلى مرتبة القرار الإداري، وبالتالي يخرج الطعن فيه عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. هذا فضلاً عن أن اللجنة الثلاثية مشكلة من رؤساء ثلاث هيئات قضائية فلا يمكن أن تكون لجنة إدارية لأن أعضاءها جميعاً من رجال السلطة القضائية ولا تتبع أية جهة إدارية من جهات الدولة. وأن محكمة القضاء الإداري ذهبت في حكمها المطعون فيه إلى أن هذه اللجنة سلطة عامة، ولم تقل أنها سلطة إدارية، كما لم تذكر أن القرار الصادر من هذه اللجنة باختيار أعضاء اللجنة المؤقتة للإشراف على انتخابات نقابة المحامين يعتبر قراراً إدارياً، وإنما ذكرت أنه يعتبر عملاً إدارياً ودعوى الإلغاء لا توجه إلى أي عمل إداري بل إلى القرارات الإدارية دون غيرها من أعمال الإدارة الأخرى. وأن ما تضمنه الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص ليس رداً على دفاع الإدارة الجوهري الصريح الأمر الذي يعيب هذا الحكم بالقصور في التسبيب ويجعله باطلاً حقيقاً بالإلغاء.
كما أن الحكم المطعون فيه متناقض في التسبيب إذ قال أن القرار المطعون فيه ولئن جاء متفقاً مع أحكام القانون رقم 17 لسنة 1983 من حيث الشكل أو المضمون إلا أن النصوص القانونية التي يتوسدها القرار المذكور مشكوك في دستوريتها والراجح في نظر المحكمة أنها غير دستورية، ذلك أن مبدأ المشروعية في القرارات الإدارية يقاس بمدى مطابقة هذا القرار للقانون الذي صدر تنفيذاً له، ولا يغير من ذلك أن يكون القانون الذي صدر القرار تنفيذاً له مشكوكاً في دستوريته لأن مثل هذا الشك لا يؤثر في سلامة القرار الإداري طالما بقي القانون الذي استند إليه القرار نافذاً.
كما يقوم الطعن على أن المحكمة أخطأت في رفضها الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى القرار الصادر بتحديد موعد مبدئي لإجراء الانتخابات لرفعها قبل الأوان، ذلك أن تحديد موعد لإجراء الانتخابات لنقابة المحامين لا ينشئ مركزاً قانونياً جديداً أو يلغي أو يعدل مركزاً قانونياً سابقاً وبالتالي يكون الطعن فيه بدعوى الإلغاء أو طلب وقف التنفيذ غير مقبول. هذا فضلاً عن أن القانون رقم 17 لسنة 1983 والنظام الداخلي للنقابة لم يجز الطعن على استقلال في القرار الصادر بدعوة الجمعية العمومية للاجتماع لانتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة، ولا يجيز الطعن على استقلال في كل مرحلة من مراحل عملية الانتخاب، وإنما يتم الطعن في صحة الانتخاب بعد إتمام إجراء الانتخابات الأمر الذي يكون معه الطعن في قرار تحديد موعد لإجراء الانتخابات على استقلال وقبل صدور قرار الجمعية العمومية لنقابة المحامين في هذا الشأن غير مقبول لرفعه قبل الأوان.
وعن وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قام الطعن على أن القانون رقم 125 لسنة 1981 يظل نافذاً من تاريخ العمل به في 24 من يوليه سنة 1981 إلى أن يلغي أو يعدل وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة في الدستور، حتى ولو كان مخالفاً لأحكام الدستور، وأن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 11 من يونيه سنة 1983 بعدم دستورية هذا القانون لا ينصرف أثره إلى تاريخ العمل بالقانون رقم 125 لسنة 1981 لتعارض ذلك مع نص المادة 191 من الدستور، وأن هذا هو ما نصت عليه صراحة المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر به القانون رقم 48 لسنة 1979 التي قضت بأنه "ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم". وأنه يستثنى من ذلك النصوص الجنائية دون غيرها إذ يترتب على الحكم بعدم دستوريتها زوال أثرها من تاريخ العمل بها وعلى ذلك تعتبر الأحكام الصادرة بالإدانة استناداً إليها كأن لم تكن. وأنه لما كان القانون رقم 125 لسنة 1981 ليس قانوناً جنائياً فإنه يظل نافذاً وساري المفعول إلى اليوم التالي لنشر حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته. وعلى ذلك فإنه عند صدور القانون رقم 17 لسنة 1983 كان القانون رقم 125 لسنة 1981 لا زال ساري المفعول ولا تثريب على المشرع إذا نص في مواد إصداره على تشكيل لجنة للإشراف على انتخاب النقيب ومجلس النقابة. كما أن القانون رقم 17 لسنة 1983 لم يكرس الآثار غير الدستورية للقانون رقم 125 لسنة 1981 - كما ذهبت إلى ذلك المحكمة في قضائها - وإنما ألغي القانون رقم 125 لسنة 1981 - قبل أن تصدر المحكمة الدستورية العليا حكمها بعدم دستوريته. وأن اللجنة المؤقتة التي شكلها المشرع بنص المادة الثانية من القانون رقم 17 لسنة 1983 للإشراف على انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة العامة في أول انتخاب يتم طبقاً لأحكامه لم يمس مجلس النقابة المنتخب، فقد شكلت هذه اللجنة المؤقتة في وقت لم يكن لمجلس النقابة المنتخب وجود قانوني معترف به بعد أن حل هذا المجلس بالقانون رقم 125 لسنة 1981، وكان المجلس القائم في تاريخ مناقشة القانون رقم 17 لسنة 1983 وإصداره هو المجلس المؤقت المشكل طبقاً لنص القانون رقم 109 لسنة 1981، وأن المشرع أراد من إصدار القانون رقم 17 لسنة 1983 عودة الحياة الطبيعية إلى نقابة المحامين بالطريق الديموقراطي المقرر لتشكيل النقابات عموماً ونقابة المحامين على وجه الخصوص. وأن المشرع لم يمنح اللجنة المؤقتة اختصاصات واسعة كما ذكر الحكم المطعون فيه، فلم يمنحها من اختصاصات مجلس النقابة إلا القدر اللازم لمباشرة مهمتها في الإشراف على الانتخابات وتسيير الأمور العاجلة الخاصة بلجان قبول المحامين واللجان الأخرى المماثلة بالنقابة، ولم يمس النظام الداخلي للنقابة بل أبقى عليه وترك وضع النظام الداخلي الجديد لمجلس النقابة العامة المنتخب طبقاً لأحكام القانون رقم 17 لسنة 1983 المشار إليه، وعلى ذلك فإن ما أثاره الحكم المطعون فيه من شكوك حول دستورية نصوص القانون سالف الذكر ليس إلا من قبيل الظن.
وقام الطعن فيما قضت به المحكمة من وقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية المواد التي بينتها من القانون رقم 17 لسنة 1983 على أنه ما دام أن المطعون ضدهم قد دفعوا أمام محكمة القضاء الإداري بعدم دستورية القانون سالف الذكر وطلبوا إحالة طعنهم إلى المحكمة الدستورية العليا، فقد كان على المحكمة أن تقضي بوقف الدعوى وتكلف المدعين برفع دعوى عدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا خلال أجل تحدده لا يجاوز ثلاثة أشهر، وإذ لم تفعل وقضت بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية ما أوردته من مواد القانون رقم 17 لسنة 1983 فإنها تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه كما خالفت قضاءها السابق في الدعويين رقم 2350 لسنة 35 ق ورقم 2479 لسنة 35 ق المرفوعتين من المطعون ضدهم بالطعن بعدم دستورية القانون رقم 125 لسنة 1981 ما يكون الحكم المطعون فيه حقيقاً بالإلغاء.
وينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه قضاءه بوقف تنفيذ القرار الصادر بتاريخ 18 من إبريل سنة 1983 من اللجنة الثلاثية وما يترتب على ذلك من آثار، أن المحكمة ملزمة وفق الفقرة الثانية من المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا، وقد رأت جدية الدفع بعد الدستورية، أن تؤجل نظر الدعوى وتحدد للمطعون ضدهم ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا وأن فصلها في الطلب المستعجل يكون لذلك قد جاء مخالفاً القانون.
ومن حيث إن القانون رقم 17 لسنة 1983 الصادر بقانون المحاماة في 31 من مارس سنة 1983 (والمنشور في ذات التاريخ) ينص في مادته الثانية على أن "تشكل لجنة مؤقتة من أحد عشر محامياً من المحامين المقبولين أمام محكمة النقض المشهود لهم بالحيدة والاستقلال ممن مضت على اشتغالهم بالمحاماة عشرون سنة على الأقل على ألا يحق لأي منهم الترشيح في أول انتخابات نقابية تجرى بعد العمل بأحكام القانون المرافق، وتتولى هذه اللجنة الإشراف على انتخابات النقيب وأعضاء مجلس النقابة العامة في أول انتخاب يتم طبقاً لأحكام القانون المرافق.
وللجنة أن تشكل لجاناً فرعية من المحامين غير المرشحين لمعاونتها في الإشراف على الانتخابات المذكورة في مقار لجان الانتخاب.
وتتولى اختيار أعضاء اللجنة المشار إليها في الفقرة الأولى لجنة ثلاثية برئاسة رئيس محكمة النقض وعضوية رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة استئناف القاهرة.
وينص في مادته الثالثة على أن "تتولى اللجنة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة السابقة الاختصاصات المخولة لمجلس النقابة العامة المنصوص عليها في القانون المرافق، وتختار من بين أعضائها رئيساً لها تكون له الاختصاصات المقررة لنقيب المحامين المنصوص عليها في القانون المذكور، ووكيلاً، وأميناً للصندوق وتباشر اللجنة اختصاصات لجان قبول المحامين واللجان الأخرى المنصوص عليها في القانون المشار إليه.
وواضح من هذه النصوص أن تشكيل اللجنة المؤقتة التي تتولى اختصاصات مجلس النقابة العامة للمحامين إنما يتم بالقرار الذي تصدره اللجنة الثلاثية التي وكل إليها القانون اختيار أعضائها الأحد عشر من بين من تتوافر فيهم الشروط التي بينها من المحامين وهم كثرة، ولم يقم المشرع بتشكيل اللجنة المذكورة في القانون ذاته، كما يذهب إلى ذلك الطعن، وإلا فما كان ثمة حاجة إلى أن يعهد القانون باختيار أعضاء اللجنة المؤقتة إلى اللجنة الثلاثية، وبون قرار اللجنة الأخيرة باختيار أعضاء اللجنة المؤقتة لا تتشكل اللجنة المؤقتة ولا تقوم لها قائمة أو يكون لها وجود.
وما من ريب في أن قرار اللجنة الثلاثية باختيار أعضاء اللجنة المؤقتة التي تتولى اختصاصات مجلس النقابة العامة للمحامين، وتشرف على أول انتخابات تجرى طبقاً لأحكام القانون رقم 17 لسنة 1983 لانتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة العامة هو قرار إداري مستكمل الأركان والعناصر، فهو تعبير من اللجنة الثلاثية، بما لها من سلطة بمقتضى القانون، وهي في ممارستها هذه السلطة لجنة إدارية ولو كانت مشكلة من ثلاثة من رؤساء الهيئات القضائية، ما دام أن العمل الذي تمارسه، وهو تشكيل لجنة مؤقتة لتتولى اختصاصات مجلس النقابة العامة للمحامين، وتشرف على انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة العامة، هو عمل إداري لا ريب فيه، ومن شأن قراراها بتشكيل اللجنة المذكورة إنشاء مركز قانوني لمن اختارتهم أعضاء للجنة المؤقتة يخولهم مزاولة اختصاصات مجلس النقابة العامة، كما من شأنه إلغاء مركز قانوني قائم وقت صدور القانون رقم 17 لسنة 1983 على ما أوضحه الحكم المطعون فيه، هو قيام مجلس النقابة المنتخب قانوناً، والذي يتأثر بقرار إنشاء اللجنة المؤقتة، وهو قرار يعني ضمناً إلغاء مجلس النقابة المذكورة، ومن ثم يحق لمجلس النقابة المنتخب الطعن فيه بطلب وقف تنفيذه وإلغائه لما يتضمنه من مساس بمركزه القانوني، ومن ثم يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظره.
وليس صحيحاً ما ذهب إليه الطعن من أن المطعون ضدهم لم يوجهوا أي طعن للقرار الصادر بتشكيل لجنة مؤقتة، وأن دعواهم بحسب حقيقتها والتكييف القانوني السليم لطلباتهم فيها، هي طعن في أحكام القانون رقم 17 لسنة 1983 وبالتالي تخرج عن اختصاص القضاء الإداري، ذلك أن الحقيقة التي لا شك فيها أن المدعين طلبوا في صحيفة دعواهم منذ البداية، وحتى بعد تعديل طلباتهم بجلسة 14 من يونيه سنة 1983 أمام محكمة القضاء الإداري، وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بتشكيل مجلس نقابة مؤقت تنفيذاً للقانون رقم 17 لسنة 1983، وهو أمر أثبتته صحيفة الطعن في سردها للوقائع عندما بينت طلبات المطعون ضدهم في دعواهم، وما الإشارة من المدعين إلى عدم دستورية القانونين رقم 125 لسنة 1981 ورقم 17 لسنة 1983 في صحيفة الدعوى إلا بياناً لسندهم في طلب وقف تنفيذ القرار المذكور وإلغائه، وتدليلاً على عدم مشروعيته. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حدد بحق طلبات المدعين في الشق المستعجل من دعواهم بطلب وقف تنفيذ القرار الصادر بتشكيل مجلس نقابة مؤقت لنقابة المحامين، والقرار الصادر عن هذا التشكيل المؤقت بتحديد موعد لانتخابات مجلس النقابة تنفيذاً لأحكام القانون رقم 17 لسنة 1983، وكذلك وقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع مجلس النقابة المؤقت عن تمكين مجلس النقابة المنتخب من ممارسة ولايته، فإنه يكون قد أصاب التكييف القانوني الصحيح لطلبات المدعين، وإذ قضى لذلك برفض الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى فقد جاء قضاؤه مسبباً، موافقاً القانون، ومبرءاً مما يصمه الطعن به من قصور في التسبيب ذلك أنه ليس على المحكمة أن تتعقب بالرد والتفنيد كل ما يثيره الخصوم، ولو كان ظاهر البطلان، أو من قبيل المحاجة ومجرد الجدل، وكل ما ساقه الطعن من أحكام يضرب بها الأمثال على أن الدعوى تنصب على الطعن في القانون وليس في قرار تشكيل مجلس نقابة مؤقت، لا تماثل بين وقائعها ووقائع هذه الدعوى ولا مشابهة، وما من ريب في أن الحكم يختلف ما اختلفت الوقائع. كما أن الحكم في رفضه الدفع بعدم قبول الدعوى قد قام على أسباب صحيحة متسقة مع ما انتهى إليه، وما كان للطعن أن يعاود المحاجة بهذا الدفع بعد إذ اعتبر الحكم المطعون فيه قرار اللجنة المؤقتة الصادر في 19 من مايو سنة 1983 بإجراء الانتخابات بصفة مبدئية في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر سنة 1983 أثراً من الآثار المترتبة على قرار تشكيل اللجنة المؤقتة، الذي انتهت المحكمة إلى الحكم بوقف تنفيذه وما يترتب على ذلك من آثار، ولم تعتبره قراراً مستقلاً قائماً بذاته، بل أثراً لقرار تشكيل اللجنة المؤقتة، يسري عليه ما يسري على ما ترتب على هذا القرار الأخير من آثار. الأمر الذي يكون معه كل ما أثاره الطعن في شأن هذا الدفع لا محل له.
ومن حيث إن المادة 49 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972 تنص في فقرتها الأولى على أنه "لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه، على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها".
فوقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه، وفق ما يقضي به هذا النص، وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، رهين بتوافر ركنين، أولهما ركن الجدية، ويتمثل في قيام الطعن في القرار- بحسب الظاهر- على أسباب جدية تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع، وثانيهما ركن الاستعجال، بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه ترتيب نتائج قد يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه.
ويكفي لتوافر ركن الجدية أن تستظهر المحكمة وجهاً أو أكثر من أوجه عدم مشروعية القرار، وإذ استظهر الحكم المطعون فيه عدم مشروعية قرار تشكيل مجلس نقابة مؤقت للمحامين من استناده إلى قاعدة تبدو، بحسب الظاهر، غير دستورية، هي أحكام القانون رقم 17 لسنة 1983 التي صدر القرار المذكور استناداً إليها باعتبار تلك الأحكام ترديداً لأحكام القانون رقم 125 لسنة 1981 الذي قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 11 من يونيه سنة 1983 في الدعوى رقم 47 لسنة 3 ق دستورية، بعدم دستوريته لمخالفته المادة 56 من الدستور التي تقضي بأن "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون وتكون لها الشخصية الاعتبارية" وهذا الحق يقتضي أن يكون لأعضاء النقابة - على ما قررته المحكمة الدستورية العليا في حكمها المشار إليه، الحق في أن يختاروا بأنفسهم، وفي حرية، قياداتهم النقابية التي تعبر عن إرادتهم وتنوب عنهم، الأمر الذي يستتبع عدم جواز إهدار هذا الحق أو تعديله، فالمادة 56 من الدستور بهذا المفهوم قد وضعت قيداً يتعين على المشرع التزامه، مؤداه ألا يتعارض ما يسنه من تشريعها في شأن النقابات مع مبدأ الحرية النقابية بمفهومها الديموقراطي السالف بيانه..
ولا شك أن حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون رقم 125 لسنة 1981 ببعض الأحكام الخاصة بنقابة المحامين، كاشف لعدم دستورية القانون المشار إليه منذ صدوره في 22 من يوليه سنة 1981 كما ذهب إلى ذلك بحق الحكم المطعون فيه - وليس صحيحاً ما ذهب إليه الطعن من أن القانون رقم 125 لسنة 1981 حتى ولو كان مخالفاً لأحكام الدستور يظل نافذاً من تاريخ العمل به في 24 يوليه سنة 1981 إلى أن يلغي أو يعدل وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة في الدستور، وأن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بعد دستورية هذا القانون بجلسة 11 من يونيه سنة 1983 لا ينصرف أثره إلى تاريخ العمل بالقانون رقم 125 لسنة 1981 لتعارض ذلك مع نص المادة 191 من الدستور، ليس ذلك صحيحاً في المفهوم القانوني السليم، فالمادة 191 من الدستور تنص على أن "كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى صحيحاً ونافذا، ومع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة في هذا الدستور" فهذه المادة إنما تعالج القوانين واللوائح التي كانت قائمة قبل صدور الدستور سنة 1971، وليس القانون رقم 125 لسنة 1981 كذلك، كما أن المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر به القانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة.
وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدورها.
ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم.
فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه".
فما تقضي به هذه المادة من عدم جواز تطبيق النص الذي يحكم بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم، لا يعني كما ذهب إلى ذلك الطعن، أن القانون الذي يقضي بعدم دستوريته يظل سارياً ونافذ المفعول كقاعدة عامة إلى اليوم التالي لنشر الحكم الصادر بعدم دستوريته، وإنما يعني وجوب عدم تطبيق القانون المقضي بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم بعدم الدستورية، لتوافر العلم بعدم دستوريته بهذا النشر ولا يستفاد من ذلك سريان القانون ونفاذه، رغم الحكم بعدم دستوريته حتى تاريخ نشر الحكم، ذلك أن حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون لا ينشئ واقعاً جديداً، وإنما يقرر واقعاً موجوداً، فالقانون رقم 125 لسنة 1981 لم يكن دستورياً منذ صدوره في 22 من يوليه سنة 1981 وليس من اليوم التالي لنشر الحكم بعدم دستوريته، وإلا كان القانون دستورياً في فترة زمنية وغير دستوري في فترة أخرى، مع بقائه كما هو تحت ظل دستور واحد، وهو ما لا يستقيم لا في الفهم القانوني ولا في المفهوم المنطقي. وآية ذلك أن القانون المقضي بعدم دستوريته يعتبر كذلك من تاريخ صدوره وهو ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه من اعتبار الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى نص جنائي قضى بعدم دستوريته كأن لم تكن، فهذا النص يرجع أثر الحكم بعدم الدستورية إلى تاريخ صدور النص المقضي بعدم دستوريته، وليس ذلك استثناء قاصراً على النصوص الجنائية كما يذهب الطعن، وإنما هو تقرير لمبدأ أن الأحكام كاشفة لا منشئة، وما نص على أحكام الإدانة استناداً إلى نص جنائي قضى بعدم دستوريته إلا لينص على اعتبار تلك الأحكام كأن لم تكن لما للأحكام الجنائية من خطورة ومساس بالحريات الشخصية.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم، ووفق ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه بحق، فإن مقتضى الحكم بعدم دستورية القانون رقم 125 لسنة 1981 ولازمه عودة مجلس نقابة المحامين المنتخب، الذي كان قد أنهيت ولايته بمقتضى المادة الأولى من القانون المذكور إلى الوجود وممارسة هذه الولاية، وإذا كان هذا الوجود القانوني لمجلس النقابة المنتخب قائماً وقت صدور القانون رقم 17 لسنة 1983 والذي قضى بتشكيل لجنة مؤقتة تتولى اختصاصات مجلس النقابة العامة، فإن هذا القانون الأخير يكون قد عاد بالأمر إلى ما كان عليه في ظل القانون رقم 125 لسنة 1981 المقضي بعدم دستوريته من حيث إنكار الوجود القانوني لمجلس النقابة المنتخب، وإقصاء النقيب وأعضاء مجلس النقابة المنتخبين وفقاً لأحكام القانون رقم 61 لسنة 1968 عن مناصبهم قبل نهاية مدة العضوية عن غير طريق هيئة الناخبين المتمثلة في الجمعية العمومية للنقابة، ويكون قد خرج بذلك عن مبدأ التنظيم الديموقراطي الواجب مراعاته في التشكيلات النقابية إنشاء وإلغاء، وهي ذات المخالفة الدستورية التي كشفت عنها المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر بجلسة 11 من يونيه سنة 1983 بعدم دستورية القانون رقم 125 لسنة 1981 سالف الذكر. وإذ استظهر الحكم المطعون فيه أن ما استند إليه القرار المطعون فيه من نصوص القانون رقم 17 لسنة 1983 تبدو بحسب الظاهر غير دستورية وأن القرار المطعون فيه يبدو لذلك غير مشروع، بما يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون.
ولا حجية فيما ذهب إليه الطعن من أن الحكم المطعون فيه قد تناقض في أسبابه حين قال أن القرار المطعون فيه قد صدر مطابقاً للقانون رقم 17 لسنة 1983 من حيث الشكل أو المضمون إلا أن النصوص القانونية التي توسدها القرار المذكور مشكوك في دستوريتها، والراجح في نظر المحكمة أنها غير دستورية، لأن مبدأ المشروعية في القرارات الإدارية يقاس بمدى مطابقتها للقانون الذي صدرت تنفيذاً له حتى ولو كان مشكوكاً في دستوريته ما بقي هذا القانون نافذاً، ذلك أنه لكي يكون القرار الإداري مشروعاً يتعين أن يكون القانون الذي يصدر هذا القرار استناداً إليه مشروعاً هو الآخر، فالمشروعية لا تتجزأ، وكما أن القرار الإداري الصادر استناداً إلى لائحة مخالفة للقانون يكون قراراً غير مشروع، فإن القرار الذي يصدر استناداً إلى قانون غير دستوري يكون غير مشروع هو الآخر، ومن باب أولى الدستور فهو أول ما ينبغي احترامه في مدارج النظام القانوني. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه قد جاء في هذا الصدد مبرءاً من التناقض في الأسباب كما برئ من القصور في التسبيب.
ومن حيث إنه عن توافر ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار الصادر بتشكيل لجنة مؤقتة تتولى اختصاصات مجلس النقابة العامة، فقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن استمرار إقصاء مجلس النقابة المنتخب عن ممارسة الاختصاصات والصلاحيات المنصوص عليه في القانون رقم 17 لسنة 1983 وخاصة الإشراف على انتخابات النقيب وأعضاء مجلس النقابة العامة في أول انتخاب يتم طبقاً لأحكامه على أن يتم ذلك في موعد لا يجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل به، واستمرار الوضع الراهن، من شأنه ترتيب آثار يتعذر تداركها فيما لو حكم بعدم دستورية تلك النصوص، وبالتالي إلغاء القرار المطعون فيه.
وهذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه صحيح وقائم على سببه المبرر له، فاللجنة المؤقتة الصادر بتشكيلها القرار المطعون فيه تتولى، وفق ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون رقم 17 لسنة 1983 الاختصاصات المخولة لمجلس النقابة العامة المنصوص عليها في القانون المشار إليه كافة، وتختار من بين أعضائها رئيساً لها تكون له اختصاصات نقيب المحامين، وتباشر اختصاصات لجان قبول المحامين وغيرها من اللجان المنصوص عليها في القانون، هذا فضلاً عن الإشراف على انتخابات النقيب ومجلس النقابة العامة في أول انتخابات تجرى وفق أحكامه، فاختصاص اللجنة المذكورة شامل لكل اختصاصات مجلس النقابة العامة واختصاصات النقيب ولجان قيد المحامين وغيرها من اللجان الأخرى، وهي اختصاصات جد خطيرة، تباشرها لجنة مؤقتة، وليدة نصوص ظاهرها أنها غير دستورية، ويحرم من ممارستها مجلس النقابة العامة المنتخب، ونتائج مباشرة اللجنة لهذه الاختصاصات يتعذر تداركها إذا ما قضي بعدم دستورية النصوص التي استندت إليها، ومن ثم بإلغاء القرار المطعون فيه، والصادر بتشكيل هذه اللجنة، وتعيين لجنة مؤقتة تحل محل مجلس النقابة المنتخب لمزاولة اختصاصاته، ليس في أي حال من الأحوال، إعادة للحياة إلى نقابة المحامين بالطريق الديموقراطي كما يذهب إلى ذلك الطعن، بل هو إمعان في إقصاء مجلس النقابة المنتخب بطريقة ديموقراطية من قبل الجمعية العمومية للمحامين، عن تولي ومزاولة اختصاصاته، وبطريقة تبدو بحسب الظاهر، مجافية لما تقضي به المادة 56 من الدستور، الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه، إذ قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لما استظهره من جدية أسباب الطلب وتعذر تدارك نتائج تنفيذ القرار المذكور إذا ما قضى بإلغائه قد قام على أسباب صحيحة وجاء سليماً مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر به القانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه الآتي:
( أ ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية.
(ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي، أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن".
ومفاد هذه النصوص أن المحكمة إذا تراءى لها أثناء نظر الدعوى أن نصاً في قانون أو لائحة لازماً للفصل فيها، غير دستوري، أن توقف الدعوى وتحيل أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية، ولا يحد من حق المحكمة في هذا الشأن أن يكون أحد الخصوم في الدعوى قد دفع بعدم الدستورية، إذ لا يتعين عليها في هذه الحالة تأجيل نظر الدعوى وتحديد ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر لمن أبدى هذا الدفع لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، وما دام أن المحكمة قد تراءى لها هي ذاتها، عدم دستورية النص اللازم للفصل في الدعوى المنظورة أمامها، ومن ثم فلا تثريب على محكمة القضاء الإداري فيما قضت به في الحكم المطعون فيه، من وقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية ما بينته من نصوص القانون رقم 17 لسنة 1983 باعتبارها المصدر الذي استند إليه القرار المطعون فيه، ولا يعد ذلك منها مخالفة لحكم الفقرة (ب) من المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه.
ولا حجية فيما ذهب إليه الطعن كذلك من أنه كان يتعين على المحكمة وفق حكم المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر، وقد رأت جدية الدفع بعدم الدستورية، ألا تفصل في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وتلتزم بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا، لا حجية في ذلك، لأن الفصل في دستورية النصوص التي حددتها المحكمة، وإن كان لازماً للفصل في طلب إلغاء القرار المطعون فيه، وهو موضوع الدعوى، فإنه ليس لازماً للفصل في الطلب المستعجل، وهو طلب وقف تنفيذ ذلك القرار، إذ يكفي لوقف التنفيذ أن يتوافر ركنا الجدية والاستعجال في الطلب، ويكفي لتوافر ركن الجدية أن تكون النصوص القانونية التي استند إليها القرار المطعون فيه، بحسب الظاهر ودون تغلغل في الموضوع، مشكوكاً في دستوريتها، أو يرجح في نظر المحكمة أنها غير دستورية، ما يرجح معه الحكم بعدم دستوريتها، ومن ثم بإلغاء القرار المطعون فيه عند نظر الموضوع.
ولا تعارض بين ما قضى به الحكم المطعون فيه من وقف تنفيذ القرار، وما قضى به من وقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية ما بينته من نصوص القانون رقم 17 لسنة 1983، إذ لكل من القضائين مجاله الذي لا يختلط فيه بالآخر، فالأول خاص بالطلب المستعجل، وهو يقوم على ركني الجدية والاستعجال، ومتى توافرا قضى بوقف تنفيذ القرار، أما الثاني فخاص بالفصل في موضوع الدعوى، وهو طلب إلغاء القرار المطعون فيه، وذلك يتوقف على الفصل في المسألة الدستورية.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه، وقد جاء في كل ما قضى به، سليماً موافقاً للقانون، ويكون الطعن فيه بطلب إلغائه غير قائم على سند صحيح أو أساس قويم مما يتعين معه الحكم برفضه وبإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الطعن، وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.