مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 846

(134)
جلسة 18 من مارس سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور نعيم عطيه جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى وعبد الفتاح محمد إبراهيم صقر ومحمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي - المستشارين.

الطعن رقم 544 لسنة 27 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - معاشات - تعويض الدفعة الواحدة - منازعة - المادة 157 من القانون رقم 79 لسنة 1975 ألزمت أصحاب المعاشات والمستحقين وغيرهم من المستفيدين بتقديم طلب إلى الهيئة العامة للتأمين والمعاشات لعرض منازعاتهم الناشئة عن تطبيق أحكام القانون على اللجان التي تنشأ بها لفحص هذه المنازعات - الأثر المترتب على ذلك: لا يجوز رفع الدعوى قبل مضي ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب - إقامة الدعوى دون اللجوء إلى هذه اللجنة - عدم قبولها شكلاً - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في 19 من مارس سنة 1981 أودع الأستاذ نبيه يوسف المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ مصطفى كامل خليل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 544 لسنة 27 القضائية ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات بصفته في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 26 من يناير سنة 1981 في الدعوى رقم 1692 لسنة 32 ق القاضي برفضها وإلزامه المصروفات، وطلب للأسباب الواردة بالتقرير إلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام الهيئة المطعون ضدها بأن تؤدي له مبلغ 2510 جنيهاً والمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً قالت فيه برفض الطعن، وعرض على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وهذه نظرته بجلسة........ سنة 1983 على الوجه المبين بمحضرها، حيث سمعت ما رأت لزوماً له من إيضاحات وقررت إرجاء إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن أقام في 1/ 2/ 1978 الدعوى رقم 158 لسنة 1978 عمالية أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الهيئة العامة للتأمين والمعاشات طالباً إلزامها بدفع مبلغ 2510 جنيه قيمة تعويض الدفعة الواحدة المستحق له عن المدة الزائدة لاستحقاقه المعاش، إذ أنه كان من موظفي وزارة التموين وتدرج في مناصبها حتى شغل درجة وكيل الوزارة وانتهت خدمته بها اعتباراً من 5/ 4/ 1977 لبلوغه السن، وكان قد أمضى فيها وفي وزارة الحربية قبلها (القوات الجوية) مدة 35 سنة و35 يوماً، يضاف إليها ست سنوات وشهر وسبعة عشر يوماً، وهي مثل المدة التي قضاها بوزارة الحربية إذ تحسب مضاعفة، كما أنه طلب ضم مدة أربع سنوات إلى المدة كلها طبقاً للمادة 30 من القانون رقم 79 لسنة 1975 التي تجيز حساب أي عدد من السنوات الكاملة من المدد غير المحسوبة ضمن المعاش وأدى مقابلها من 1/ 4/ 1976 على أقساط، ومن حقه أن يمنح عن المدة الزائدة على اللازمة لاستحقاقه المعاش وهي 11 شهراً تعويض الدفعة الواحدة طبقاً للمادة 19 من القانون المذكور قبل تعديلها بالقانون رقم 25 لسنة 1977، ودفعت الهيئة المدعى عليها الدعوى بعدم قبولها لعدم تقديم طلب منه لعرض النزاع على اللجنة المختصة بها لفحص النزاع طبقاً للمادة 157 من القانون، وطلبت رفضها لأن المدد المشار إليها لا تحسب ضمن المدة المستحق عنها التعويض طبقاً للمادة 26 من القانون المعدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1977 المشار إليه ثم دفعت بعدم الاختصاص ولائياً بنظرها.
وبجلسة 22 من مايو 1978 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ولائياً وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري وأبقت الفصل في المصروفات.
وقيدت الدعوى بسجل هذه المحكمة برقم 544 لسنة 27 القضائية.
وبجلسة 26 من يناير 1981 قضت برفض الدفع بعدم قبولها الدعوى وبقبولها شكلاً، وفي الموضوع برفضها.
وأسست قضاءها هذا على أن الحكمة من تشكيل لجان بالهيئة لفحص المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي طبقاً للمادة 157 وعدم جواز اللجوء إلى القضاء قبل تقديم الطلب لها من المؤمن أو المؤمن عليه هي إنهاء هذه المنازعات بالطرق الودية، وأن الوزارة التي كان يتبعها - في حافظة مستنداته - أرسلت الكتاب رقم 3429 في 8/ 5/ 1977 إلى الهيئة العامة للتأمين والمعاشات مذيلاً بالتسوية التي تقترحها في شأن صرف تعويض الدفعة الواحدة للمدعي، وقد تسلمت الهيئة الكتاب في 9/ 5/ 1977 إلا أن الهيئة لم تحل هذه التسوية على اللجان المشار إليها ومن ثم تكون الإجراءات التي تتطلبها المادة 157 قد اتبعت في شأن هذا النزاع إذ أن المادة لم تتطلب أن يكون الطالب من أصحاب المعاشات أو المستحقين أو غيرهم، بل يكتفي بأن يكون مقدماً من صاحب العمل، وهو في الدعوى، تلك الوزارة، كما أنه لا يقدم إلى اللجنة مباشرة وإنما إلى الهيئة التي تتولى عرض النزاع على اللجنة وهي لم تعرضه فيكون للمدعي الالتجاء إلى القضاء لعرضه عليه، ويكون الدفع على غير أساس.
أما في الموضوع فإنه طبقاً للمادة 26 من القانون معدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1977 وهي تسري طبقاً للمادة 19 من هذا القانون الأخير من تاريخ العمل بالقانون رقم 79 لسنة 1975 أي من 1/ 9/ 1975 فإن تعويض الدفعة الواحدة الذي يصرف بواقع 15% من الأجر السنوي عن كل سنة من السنوات الزائدة على ست وثلاثين سنة أو القدر المطلوب لاستحقاق المعاش أيهما أكبر - يستبعد من المدة المستحق عنها المدد التي تقضي القوانين بإضافتها ما لم تنص على ذلك، كما تستبعد المدد التي قضيت في أي نشاط أو عمل طبقاً للمادة 34 من القانون التي حلت محل المادة 30، ولذلك تستبعد المدد التي حسبت له كضمائم، وطبقاً للمادة الأخيرة فيكون الباقي، أقل من 36 سنة فلا يستحق تعويض الدفعة الواحدة، وفي هذا الحكم طعن المدعي بطعنه هذا طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته.
ومن حيث إن هذا الطعن يقوم على قول الطاعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون في قضائه برفض دعواه، إذ أنه: أولاً: فإن المادة 26 من القانون رقم 79 لسنة 1975 معدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1977 التي تستبعد المدد الزائدة على المدة المطلوبة لاستحقاق المعاش أو الستة والثلاثين سنة المشار إليها في المدد التي طلب حسابها لا تسري على حالته إذ أن خدمته انتهت قبل صدور هذا القانون الأخير في 30/ 4/ 1977، حيث بلغ السن اعتباراً من 5/ 4/ 1977، والعبرة بالنص قبلها، وقد حسبت الهيئة المدعى عليها لزميل له أحيل إلى المعاش من 7/ 2/ 1977 مثل هذه المدد وهو عبد الفتاح حامد خروب وحرمته بتراخ منها في تسوية حالته بحساب مثل هذه المدد يجعل له إذا ثبت مطالبتها بالتعويض.
ومن حيث إن الواقع من الأمر على ما هو ثابت من أوراق الدعوى أن الطاعن بعد أن أحيط كما أورد في مذكراته وفي حافظة مستنداته بما انتهت إليه الهيئة العامة للتأمين والمعاشات في 11 من يونيه 1977 بتسوية المعاش المستحق له على الأساس الوارد به ومنه أن مدة الخدمة المحسوبة له في المعاش هي خمس وثلاثون سنة وخمسة وعشرون يوماً، اشترك عنها مضافاً إليها مدة ست سنوات وشهر وسبعة عشر يوماً (الضمائم) وأنه لم تحتسب له غيرها مما قال أنه طلب ضمه كمدة عمل أو نشاط خاص بعد سن العشرين، وأن مستحقاته حسبت بما ذكر في كتاب الهيئة إليه في التاريخ سالف الذكر على أساس استبعاد المدة المضافة بما مؤداه عدم أحقيته في تعويض الدفعة الواحدة محل دفعه حيث لم تبلغ المدة التي تدخل عند حسابه ستاً وثلاثين سنة طبقاً للمادة 26 معدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1977 - لم يتقدم إلى الهيئة بمنازعة في ذلك أو طلب لعرض الأمر على اللجنة المنصوص عليها في المادة 157 من القانون، كما أن الثابت أن الورقة العرفية المقدمة منه في الحافظة ذاتها (وهي صورة محررة بالآلة الكاتبة ودون توقيع لما ذكر أنه صدر من مدير المستخدمين بالوزارة في 8/ 5/ 1977 وتسلمته الهيئة في 9/ 5/ 1977 تتضمن أنه مرفق ملف به ملف معاشه حيث انتهت خدمته في 5/ 4/ 1977 لبلوغه السن رجاء موافاة الوزارة بمبلغ 916 جنيه صرفت له كسلفة معاش وكادخار من حساب المدينين طرف الهيئة وبأسفلها بيان بمرتبه السنوي الأخير والمدة الزائدة، تسع سنوات وثلاثة أشهر- وأن المكافأة عنها تبلغ 2510 ج تقريباً) - سابقة، كما هو واضح، في تاريخها على كتاب الهيئة إليه في 11/ 6/ 1977 بما انتهى إليه تصرفها في هذا الشأن من عدم أحقيته في ذلك التعويض، وهي لا تقوم - على هذا الوجه - مقام ما يجب عليه عند المنازعة في تحديد مستحقاته تلك بإخطار الهيئة بذلك ثم بطلب عرض المنازعة عند إصرارها على مسلكها على اللجنة المنصوص عليها في المادة 157 لفحص المنازعات قبل اللجوء إلى القضاء، ولا تشتمل على شيء من ذلك، لما كان ذلك وكان القانون قد ألزم في المادة 157 هذه أصحاب المعاشات والمستحقين وغيرهم من المستفيدين، بتقديم طلب إلى الهيئة لعرض منازعاتهم الناشئة عن تطبيق أحكام القانون على اللجان التي تنشأ بها لفحص هذه المنازعات، ورتب على ذلك أنه لا يجوز رفع الدعوى قبل مضي ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب المشار إليه، وهو ما يجعل الدعوى التي يقيمها أحد هؤلاء دون اللجوء إلى تلك اللجنة أولاً - غير مقبولة، فإن دعوى الطاعن تكون كذلك، وما ذهب إليه الحكم من أن الوزارة نابت عنه سلفاً قبل تقرير الهيئة لمعاشه ومستحقاته فيما يكون من ذلك مخالفاً لما رأته إدارة المستخدمين بها في هذا الخصوص لا أساس له في الواقع أو القانون.
ومن حيث إنه لما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى اعتبار الدعوى مقبولة غير صحيح ويتعين لذلك إلغاؤه، والقضاء بعدم قبول الدعوى.
ولا محل والحالة هذه للبحث في موضوعها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى شكلاً.


[(1)] هذا المبدأ تأييداً لما سبق أن انتهت إليه هذه المحكمة في الطعون الرقيمة 453، 455، 457 لسنة 24 ق المحكوم فيها بجلسة 1/ 6/ 1980