أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 50 - صـ 704

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس وعبد المنعم منصور وفتحي جودة نواب رئيس المحكمة وإيهاب عبد المطلب.

(157)
الطعن رقم 4263 لسنة 61 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه ما دام له مأخذه الصحيح في الأوراق.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(3) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، لها تجزئتها فتأخذ منها ما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه.
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم. حق لمحكمة الموضوع. لها أن تأخذ بما تطمئن إليه منها بالنسبة إلى متهم دون آخر. لا تناقض.
(5) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
مثال لنفي التناقض بين الدليلين القولي والفني في جريمة ضرب أحدث عاهة مستديمة.
(6) دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية". دعوى مدنية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية قبل المتهم لعدم بلوغه سن الرشد. من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(7) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه، طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح في الأوراق.
2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم، مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ولها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى.
4 - من المقرر في تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق المتهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها، ما دام لا يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكلاً إلى اقتناعها وحدها.
5 - لما كان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم عن المجني عليه....... أن الطاعن الأول ضربه بعصا ضربتين على ساعده الأيسر فأحدث به إصابته، كما قررت المجني عليها........ أن الطاعن الثاني ضربها بعصا على ذراعها الأيسر فأحدث إصابتها، وكان ذلك لا يتعارض بل يتطابق مع نقله الحكم عن التقرير الطبي الشرعي من أن إصابة المجني عليه الأول في ساعده الأيسر، وأن إصابة المجني عليها الثانية في ساعدها الأيسر، فإن دعوى التعارض بين الدليلين القولي والفني تكون على غير أساس.
6 - لما كان قول الطاعن الثاني بأنه كان قاصراً نعياً منه على إلزامه بالتعويض فمردود بما هو ثابت من محاضر جلسات المحاكمة من أنه لم يدفع بعدم قبول الدعوى المدنية قبله لعدم بلوغه سن الرشد، وإذ كان هذا الدفع من الدفوع القانونية التي يخالطها الواقع، فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
7 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة ضم قضايا كما يقرران بأسباب طعنهما، ومن ثم فليس لهما من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من الطاعنين وآخر قضي ببراءته بأن المتهم الأول: ضرب.... بعصا على ساعده الأيسر فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي إعاقة لحوالي نصف مدى حركتي كلاً من كب وبطح الساعد مع إعاقة في نهاية مدى حركة بسط المرفق بما يقلل من كفاءته بنحو 15% خمسة عشر في المائة. المتهم الثاني: ضرب...... على ساعدها الأيسر فأحدث بها الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديها من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي إعاقة لحوالي نصف مدى حركة كب الساعد وكذا إعاقة لحوالي ثلث مدى حركة "بطح الساعد مع إعاقة في الجزء الأخير من مدى حركة ثني المرفق مع إعاقة في نهاية مدى حركة بسط المرفق مما يقلل من كفاءته بنحو 20% عشرين في المائة. وادعى المجني عليه الأول قبل المتهم الأول والمجني عليها الثانية قبل المتهم الثاني مدنياً قبل منهما بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة وبإلزام كل منهما بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه إذ دانهما بجريمة إحداث عاهة قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور والتناقض في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه عول على أقوال المجني عليهما، على الرغم من أنها لا تصلح وحدها دليلاً، كما أن التحريات لا تعدو وحدها أن تكون رأي لصاحبها، وأخذ الحكم بها دليلاً بالنسبة للطاعنين وأطرحها بالنسبة للمتهم الثالث الذي قضي ببراءته، كما أخذ بأقوال شهود النفي بالنسبة له وأطرحها بالنسبة لهما، كما تناقضت أقوال المجني عليهما مع ما جاء بالتقرير الطبي بشأن عدد الضربات والإصابات مما يقطع بكذبهما، والتفتت المحكمة عن دفاع الطاعن الثاني بعدم قبول الدعوى المدنية قبله لرفعها على غير ذي صفة لعدم بلوغه السن القانونية، وأخيراً فإن المحكمة لم تستجب لطلب الطاعنين بضم قضايا سبق للمجني عليه....... اتهام آخرين فيها بإحداث نفس إصابته محل التداعي، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال المجني عليهما وما جاء بحريات الشرطة، وما أسفرت عنه التقرير الطبي الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه وطالما أنه هذا الدليل له مأخذه الصحيح في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة الدعوى، لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ولها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر في تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق المتهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام لا يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قالة التناقض والفساد في الاستدلال يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني، تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم عن المجني عليه...... أن الطاعن الأول ضربه بعصا ضربتين على ساعده الأيسر فأحدث به إصابته، كما قررت المجني عليها....... أن الطاعن الثاني ضربها بعصا على ذراعها الأيسر فأحدث إصابتها، وكان ذلك لا يتعارض بل يتطابق مع نقله الحكم عن التقرير الطبي الشرعي من أن إصابة المجني عليه الأول في ساعده الأيسر، وأن إصابة المجني عليها الثانية في ساعدها الأيسر، فإن دعوى التعارض بين الدليلين القولي والفني تكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان قول الطاعن الثاني بأنه كان قاصراً - نعياً منه على إلزامه بالتعويض - فمردود بما هو ثابت من محاضر جلسات المحاكمة من أنه لم يدفع بعدم قبول الدعوى المدنية قبله لعدم بلوغه سن الرشد، وإذ كان هذا الدفع من الدفوع القانونية التي يخالطها الواقع، فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة ضم قضايا - كما يقرران بأسباب طعنهما - ومن ثم فليس لهما من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.