أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 15 - صـ 1

جلسة 6 من يناير سنة 1964

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: توفيق أحمد الخشن، وحسين صفوت السركي، وأحمد موافي، ومحمد عبد الوهاب خليل.

(1)
الطعن رقم 969 لسنة 33 القضائية

( أ ) استئناف. "استئناف المتهم". "استئناف النيابة".
حق المتهم في الاستئناف تابع لمقدار العقوبة المحكوم بها. حق النيابة: معلق على ما تبديه من طلبات للمحكمة. سواء أكان هذا الطلب قد ضمنته ورقة التكليف بالحضور أو أبدته شفاهة بالجلسة في مواجهة المتهم - قبل أن تبدأ المحكمة في التحقيق وقبل النداء على الخصوم أو بعد ذلك - أو في غيبته بجلسة أعلن لها.
(ب) إجراءات المحاكمة. شهادة. محكمة الموضوع.
الشهادة. طبيعتها: قيامها على إخبار شفوي يدلي به الشاهد في مجلس القضاء بعد يمين يؤديها على الوجه الصحيح. وزن الشهادة: من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع. ما دام تقديرها سليماً.
(ج) إجراءات المحاكمة. "حجز الدعوى للحكم". "إعادتها إلى المرافعة".
سماع المحكمة مرافعة الدفاع ثم أمرها بإقفال بابها وحجزها القضية للحكم. عدم التزامها بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه الطاعن في مذكرته التي يقدمها في فترة حجز القضية للحكم لتحقيق دفاع لم يطلب تحقيقه بالجلسة.
(د) اشتراك.
المساهمة الجنائية: تحققها من الشريط بإحدى الصور التي نص عليها القانون في المادة 40 عقوبات.
1 - إن عبارات المادة 402/ 1، 2 من قانون الإجراءات الجنائية - قبل تعديلها بالقانون رقم 107 لسنة 1962 صريحة في التفرقة بين مناط حق المتهم في الاستئناف والذي جعله المشرع تابعاً لمقدار العقوبة المحكومة بها وبين حق النيابة الذي علقه على ما تبديه من طلبات. والتعبير بعبارة "إذا طلبت النيابة الحكم" إنما ينصرف إلى ما تطلبه في الواقع من المحكمة سواء أكان هذا الطلب قد ضمنته ورقة التكليف بالحضور أو أبدته شفاهاً بالجلسة ما دام الطلب قد وجه الخطاب فيه إلى المحكمة وسواء في ذلك أكانت أبدته في مواجهة المتهم أو في غيبته بجلسة أعلن لها، ويستوي كذلك إن تم في الجلسة أن يكون قد أبدى قبل أن تبدأ المحكمة في التحقيق وقبل النداء على الخصوم أو بعد ذلك ما دام المتهم قد أعلن بتلك الجلسة.
2 - الشهادة قانوناً تقوم على إخبار شفوي يدلي به الشاهد في مجلس القضاء بعد يمين يؤديها على الوجه الصحيح. ووزنها من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام تقديرها سليماً.
3 - من المقرر أنه ما دامت المحكمة قد سمعت مرافعة الدفاع وأمرت بإقفال بابها وحجزت القضية للحكم فهي بعد لا تكون ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه الطاعن في مذكرته التي يقدمها في فترة حجز القضية للحكم لتحقيق دفاع لم يطلب تحقيقه بالجلسة.
4 - المساهمة الجنائية تتحقق من الشريك بإحدى الصور التي نص عليها القانون في المادة 40 من قانون العقوبات وهي التحريض والاتفاق والمساعدة.


الوقائع

أقامت المدعية بالحق المدني دعواها بالطريق المباشر بصحيفة أعلنت إلى الطاعنين وآخرين طلبت في نهايتها الحكم بمعاقبتهم بالمواد 297 و298 و300 و42 من قانون العقوبات لأن الأول اشترك بطريق الاتفاق والتحريض مع المعلن إليهم الثاني والثالث والرابع في ارتكاب جريمة الشهادة الزور في القضية رقم 447 لسنة 1956 أحوال شخصية كلي القاهرة، ولأن الثاني والثالث والرابع شهدوا زوراً في القضية المذكورة بعد أن حلفوا اليمين على النحو الثابت في تلك الدعوى في زمان نظرها بدائرة قسم الخليفة كما طلبت إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة جنح الخليفة الجزئية قضت حضورياً للأول وغيابياً للباقين بتاريخ أول مارس سنة 1959 ببراءة المتهمين مما أسند إليهم بلا مصاريف جنائية وبرفض الدعوى المدنية وألزمت المدعية بالحق المدني بمصروفاتها وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بتاريخ 15 فبراير سنة 1960 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس كل من المتهمين شهرين مع الشغل بلا مصاريف جنائية. فعارض الطاعن الأول في الحكم المذكور وقضى في معارضته بتاريخ 18 يونيه سنة 1960 بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم كما عارض كذلك الطاعن الثاني والمحكوم عليه الرابع في الحكم سالف البيان وقضى في تلك المعارضة بتاريخ 27 يناير سنة 1962 بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي والمعارض فيه وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم فطعن الطاعن الأول في الحكم الصادر بتاريخ 18 يونيه سنة 1960 كما طعن الطاعن الثاني في حكم المعارضة الصادر بتاريخ 27 يناير سنة 1962 بطريق النقض.....إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الثاني وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه فيكون الطعن منه مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الطعن من الطاعن الأول قد حاز الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذا دان الطاعن بالاشتراك في جريمة شهادة الزور قد انطوى على بطلان ومخالفة للقانون وإخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد ذلك أن الطاعن الأول دفع أمام محكمة الدرجة الثانية بعدم جواز استئناف النيابة لأنه يبين من الرجوع إلى محضر جلسة 26/ 3/ 1957 أن النيابة طلبت توقيع أقصى العقوبة قبل مثول المتهمين أمام المحكمة وقبل النداء عليهم مما يدل على أنه لم يكن في مواجهتهم كذلك فإنه لم يحضر بالجلسة سوى الطاعن الأول والمتهم الثالث ولم تقم النيابة بإعلان من لم يحضر من المتهمين لطلب توقيع أقصى العقوبة ومع ذلك فقد حكمت المحكمة بجواز الاستئناف على خلاف حكم القانون وما قالته المحكمة من أن مؤدى ما ورد بمحضر الجلسة يدل على أن طلب توقيع أقصى العقوبة بالنسبة للطاعن الأول كان في مواجهته لا يستقيم مع ما نصت عليه المادة 271/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه "يبدأ التحقيق في الجلسة بالمناداة على الخصوم والشهود ويسأل المتهم عن اسمه وتتلى التهمة الموجهة إليه ثم تقدم النيابة والمدعي بالحق المدني إن وجد طلباتهما" ذلك أن النيابة طلبت توقيع أقصى العقوبة قبل النداء على المتهمين مما مؤداه أن هذا الطلب لم يقدم في مواجهتهم - كما أن عبارة طلب توقيع أقصى العقوبة كانت ثابتة قبل ذلك بمعرفة الكاتب بطريقة تقليدية وعلى كل فإن هذا الطلب قد تم على أي حال في غيبة المتهمين الثاني والرابع ومن ثم فإن حكم البراءة بالنسبة لهما يكون قد حاز حجية يتأثر بها الطاعن الأول ويستفيد منها لأنه متهم بالاشتراك مع هذين المتهمين في التهمة المسندة إليهما، كما أن الحكم المطعون فيه قضى بإدانة الطاعن تأسيساً على أن باقي المتهمين شهدوا أمام المحكمة الاستئنافية الشرعية بعد أن حلفوا اليمين القانونية بما يناقض أقوالهم الأولى وهذا أمر لا يتفق مع الواقع ويؤكد ذلك أن المتهمين لم يؤدوا شهادة بالمعنى المتعارف عليه قانوناً لأنهم سئلوا فقط عن الإقرارات الصادرة منهم والمقدمة من وكيل الطاعن فأقروا بصحة صدورها منهم وأن ما جاء بها صحيح وذلك لا يعتبر شهادة لأن الشهادة في المسائل المدنية ومن بينها مسائل الأحوال الشخصية لا تسمع إلا بعد صدور حكم تمهيدي وهذا الحكم لم يصدر إلا بعد سؤالهم وفضلاً عن ذلك فالشهادة إخبار شفوي بواقعة تؤثر في صميم الدعوى والفصل فيها ومن ثم تكون جريمة شهادة الزور التي دين الطاعن بها قد فقدت أحد أركانها وهو الشهادة ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون. كذلك طلب الطاعن في مذكرته إلى محكمتي الدرجة الأولى والدرجة الثانية سماع الشهود الذين سمعوا أمام محكمة الأحوال الشخصية كي تستبين مدى الحق في أقوالهم وقال شرحاً لذلك إنه إذا فرض جدلاً وكانت الإقرارات المكتوبة شهادة فإن هؤلاء (المتهمين) إنما جاءوا أمام محكمة ثاني درجة الشرعية لتقرير الحقيقة التي تؤيدها الوقائع وهى أن الطاعن ليس هو الشخص الذي انصبت شهادتهم عليه أمام محكمة أول درجة وهذا من حقهم لحين قفل باب المرافعة غير أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب ولم ترد عليه في حكمها، كما أن الحكم دان الطاعن بتهمة الاشتراك مع باقي المتهمين بطريق التحريض والاتفاق على الإدلاء بالشهادة الزور وما أورده الحكم للتدليل على ذلك لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فقد اعتمد على أن هذا الطاعن هو الذي قدم الإقرارات وطلب إلى المحكمة سماع محرريها وتقديم الإقرارات، وطلب سماع محرريها لا يؤدي حتماً إلى القول بأنه أسهم في خلقها بل الأمر لا يعدو أنه قد حصل على مستند رأى فيه مصلحة له فقدمه إلى المحكمة ومن المحتمل أن يكون شخص آخر ممن يمت للطاعن بصلة قد حصل عليها وقدمها له ليستفيد منها. وفضلاً عن ذلك فإن ما قاله الحكم من أن الطاعن هو الذي قدم الإقرارات وطلب إلى المحكمة سماع محرريها الثابت في الأوراق إذ الثابت في محاضر الجلسات أن الطاعن لم يحضر جلسة 28/ 3/ 1955 التي قدمت فيها الإقرارات وأن محاميه هو الذي قدمها والمسئولية الجنائية شخصية ولا يمكن مساءلة الطاعن عما صدر من وكيله من أفعال أو أقوال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جواز الاستئناف ورد عليه بقوله: "إن الثابت بمحضر الجلسة أن النيابة طلبت توقيع أقصى العقوبة في الجلسة التي حضر بها المتهم (الطاعن) مما مؤداه أنه طلب في حضوره ومن ثم فهو في مواجهته ولا يقدح في ذلك أن إثباته في المحضر كان سابقاً على إثبات حضور المتهم ما دام المقطوع به أن ذلك كله قد حصل بجلسة واحدة ولم تنقطع الصلة الزمنية التي يقال معها إن الطلب لم يكن في مواجهة المتهم" - لما كان ذلك، وكانت العبارات التي استعملها الشارع في المادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية قبل تعديلها بالقانون رقم 107 لسنة 1962 والتي جرت المحاكمة في ظلها سواء في فقرتها الأولى أو الثانية صريحة في التفرقة بين مناط حق المتهم في الاستئناف والذي جعله المشرع تابعاً لمقدار العقوبة المحكوم بها وبين حق النيابة الذي علقه على ما تبديه من طلبات وكان التعبير بعبارة "إذا طلبت النيابة الحكم" إنما ينصرف إلى ما تطلبه في الواقع من المحكمة سواء أكان هذا الطلب قد ضمنته ورقة التكليف بالحضور أو أبدته شفاهاً بالجلسة ما دام الطلب قد وجه الخطاب فيه إلى المحكمة وسواء في ذلك أكانت أبدته في مواجهة المتهم أو في غيبته بجلسة أعلن لها، ويستوي كذلك إن تم في الجلسة أن يكون قد أبدى قبل أن تبدأ المحكمة في التحقيق وقبل النداء على الخصوم أو بعد ذلك ما دام المتهم قد أعلن بتلك الجلسة. ولما كان يبين من محضر جلسة 26/ 3/ 1957 أنه بعد أن طلبت النيابة أخذ المتهمين بالمواد 297، 298، 300 من قانون العقوبات وتوقيع أقصى العقوبة عليهم نودي على المتهمين فحضر منهم الطعن الأول والمتهم الثالث وكان الطاعن لا يجحد إعلان المتهمين جميعاً لتلك الجلسة لما كان ذلك، فإن طلب توقيع أقصى العقوبة يكون قد وجه صحيحاً بالنسبة إلى جميع المتهمين ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بجواز استئناف النيابة لا مخالفة فيه للقانون ويكون ما ينعاه الطاعن عليه من بطلان وما يتذرع به من التأثير ببراءة بعض المتهمين إذا صح عدم جواز الاستئناف بالنسبة لهم غير قائم على أساس سليم. ولما كان يبين من الحكم الغيابي الاستئنافي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أشار إلى الإقرارات التي قدمها الحاضر عن الطاعن إلى المحكمة الاستئنافية الشرعية وقال بشأنها "بأنها إقرارات منسوبة لبعض الشهود الذين شهدوا أمام محكمة أول درجة الشرعية وهم المتهمون الثلاثة الأخيرون أحدها إقرار مؤرخ 31/ 1/ 1955 منسوب للمتهم الثالث أحمد الغايش يقر فيه أن الدكتور علي محمد حجازي (الطاعن الأول) قد حضر أمامه وأثبت شخصيته أمامه بموجب بطاقة شخصية وأنه متأكد من أنه ليس الشخص الذي كان موجوداً في حفل عقد قران السيدة عواطف عبد السلام بصفته الزوج الذي عقد قرانه عليها والثاني مؤرخ في 3/ 2/ 1955 موقع عليه من المتهم الثاني عامر محمد سليم كمضمون الإقرار الأول والثالث مؤرخ 17/ 3/ 1959 موقع عليه من المتهم الرابع حسن محمد حسين يتضمن إقراره بأنه لم ير الدكتور على محمد حجازي قبل ذلك وأنه ليس هو الشخص الذي انصبت عليه شهادته" ولما كان الحكم المذكور قد أشار إلى أن أصحاب الإقرارات قد أدوا الشهادة بما تضمنته وذلك في قوله "بأن المحكمة قد استدعتهم وقرر المتهم حسن أحمد الغايش وبعد أن حلف اليمين أنه سبق أن أدى الشهادة أمام محكمة أول درجة الشرعية وأن الإقرار المقدم والمنسوب إليه صحيح وهو يتمسك بما جاء به وقرر المتهم الأخير حسن محمد حسين أنه سبق أن أدى الشهادة أمام محكمة أول درجة وأن ما ورد بالإقرار المنسوب إليه صحيح". ولما كانت الشهادة قانوناً تقوم على إخبار شفوي يدلي به الشاهد في مجلس القضاء بعد يمين يؤديها على الوجه الصحيح وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المتهمين قد حلفوا اليمين وأقروا بصحة ما ورد في الإقرارات المكتوبة وتمسكوا بمضمونها ومؤدى ذلك أنهم أدوا الشهادة على الوجه المبين في القانون. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن حول التمسك بالإقرارات وعدم اعتباره شهادة لا يكون له محل. ولما كان من المقرر أنه ما دامت المحكمة قد سمعت مرافعة الدفاع وأمرت بإقفال بابها وحجزت القضية للحكم فهي بعد لا تكون ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه الطاعن في مذكرته التي يقدمها في فترة حجز القضية للحكم لتحقيق دفاع لم يطلب تحقيقه بالجلسة وكان الدفاع عن الطاعن على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة قد ترافع في الدعوى دون أن يطلب سماع الشهود الذين سمعوا أمام محكمة الأحوال الشخصية - فان المحكمة لا تكون ملزمة بإعادة القضية إلى المرافعة لإعلان أولئك الشهود، هذا فضلاً عن أن ما يثيره الطاعن ينطوي على التعرض لمضمون شهادات المتهمين ومعرفة ما فيها من صحة أوزيف. ولما كان الحكم الغيابي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد عرض لشهادات الشهود ودلل على زيفها بقوله "ومن حيث إن الثابت بالدعوى أن المتهمين الثاني والثالث والرابع شهدوا بجلستي 25/ 5/ 1954 و26/ 10/ 1954 بالدعوى رقم 601 لسنة 1954 شبرا الشرعية بقيام الزوجية بين المدعية بالحق المدني والمتهم الأول وبنوتها للولد منه ولكنهم عادوا وشهدوا لدى نظر الاستئناف 447 سنة 1956 أحوال شخصية كلي القاهرة بجلسة 28/ 3/ 1955 بعد أن حلفوا اليمين القانونية بما يناقض أقوالهم الأولى حسبما سلف البيان وبعد إذ تحصل المتهم الأول من كان منهم على إقرار بمضمون هذه الأقوال الجديدة. ومن حيث إن شهادة الشهود الثلاثة بجلسة 28/ 3/ 1955 فضلاً عن مناقضتها لشهادتهم السابقة بجلستي 25/ 5، 26/ 10/ 1954 فإنها تناقض أيضاً شهادة توفيق محمد أبو السعود وعبد القادر سليمان ومحمد بكر وحكمت عبد الحميد والحاج علي أحمد الذين أشهدتهم المدعية بالحق المدني لدى نظر استئنافها وأيدها في دعواها حيث ركنت محكمة الاستئناف إلى أقوالهم. ومن حيث إن المتهم الثاني قدم بلاغاً مؤرخاً 5 فبراير سنة 1995 ومرفقاً بأوراق الدعوى إلى نيابة شبرا - يتمسك فيه بشهادته التي أبداها أمام المحكمة الجزئية لمطابقتها واقع الحال مؤيداً زيف الأقوال المخالفة - كما ردد الحكم الاستئنافي الرقيم 447 سنة 1956 قول ذلك المتهم بالشكوى 837 سنة 1955 إداري الوايلي أنه وقع الإقرار دون أن يقرأه. ومن حيث إنه لما تقدم جميعه فإن المحكمة ترتاح إلى صحة أقوال المتهمين الثلاثة الأخيرين لشهادتهم بالدعوى 601/ 1954 شبرا الشرعية، ومتى كان ذلك، فان شهادتهم زوراً يوم 28/ 3/ 1955 تكون ماثلة بالدعوى ويكون اتهامهم فيها ثابتاً في حقهم جمعياً. لما كان ذلك، وكان وزن الشهادة هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام تقديرها سليماً وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على سلامة ما انتهى إليه من كذب شهادات الشهود تدليلاً سائغاً ومستنداً إلى عناصر صحيحة ومؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها وهو ما يتضمن الرد على دفاع الطاعن وطلب التحقيق المتصل به بما يدل على إطراحه ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخل بحق الطاعن في الدفاع بعدم سماع الشهود أو أنه شابه القصور حين أغفل الرد على طلب سماعهم لا محل له. ولما كان الحكم قد دلل على إسهام الطاعن في الجريمة بقوله: "ومن حيث إن المتهم الأول هو الذي تحصل على إقرارات المتهمين الثلاثة الأخيرة التي انبنت عليها شهادة الزور كما أنه هو الذي قدم هذه الإقرارات وطلب إلى المحكمة سماع محرريها وإذ تبينت تلك المحكمة تواجدهم بها يومئذ حلفتهم اليمين ثم أدلوا بشهادة الزور ومن ثم يثبت في حق ذلك المتهم قيامه بتحريضهم والاتفاق معهم على الإدلاء بهذه الشهادة وبالتالي ارتكاب هذه الجريمة المنصوص عليها في المادتين 40 - 1/ 2، 41 ويتعين لذلك إدانته فيها أيضاً.." لما كان ذلك، وكانت المساهمة الجنائية تتحقق من الشريك بإحدى الصور التي نص عليها القانون في المادة 40 من قانون العقوبات وهى التحريض والاتفاق والمساعدة وكان تدليل الحكم على قيام التحريض والاتفاق سائغاً. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمساءلة الطاعن لا عن واقعة تقديم الإقرارات ذاتها وإنما عن اشتراكه في الشهادة الزور بطريقي التحريض والاتفاق متخذاً من تقديم الإقرارات وتأدية الشهود للشهادة بمضمون ما ورد بها تحقيقاً لدفاعه في الدعوى دليلاً على مساهمته في الجريمة، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الدفاع عن الطاعن لنفي الاشتراك في الجريمة عن الطاعن تأسيساً على أن ما قام به لا يتحقق به التحريض أو الاتفاق واستناداً إلى شخصية المسئولية الجنائية - لأن محاميه هو الذي قدم الإقرارات يكون غير سديد.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته في موضوعه يكون على غير أساس سليم متعين الرفض.