أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 15 - صـ 52

جلسة 13 من يناير سنة 1964

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين صفوت السركي، ومختار مصطفى رضوان، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.

(11)
الطعن رقم 1701 لسنة 33 القضائية

(أ، ب) تفتيش. "إذن التفتيش". "تنفيذه". مأمورو الضبط القضائي. قبض. دفوع.
( أ ) التفتيش المحرم قانوناً على مأموري الضبط القضائي: هو الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن.
دخول المنازل وغيرها من الأماكن لا بقصد تفتيشها ولكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة المختصة. القبض والتفتيش الذي يقع على ذلك الشخص، غير باطل. علة ذلك: حالة الضرورة هي التي اقتضت تعقب رجل الضبط القضائي له في المكان الذي وجد به.
(ب) عدم ادعاء الطاعن ملكية أو حيازة المخزن الذي وقع عليه التفتيش. تذرعه بانتهاك حرمته. غير مقبول.
(ج، د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب" شهود.
(ج) للمحكمة أن تأخذ بقول للشاهد في إحدى مراحل التحقيق دون قول آخر له في مرحلة أخرى.
(د) الخطأ في الإسناد الذي لا تأثير له في منطق الحكم. لا يعيبه.
1 - الأصل أن التفتيش الذي يحرمه القانون على مأموري الضبط القضائي إنما هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن، أما دخول المنازل وغيرها من الأماكن، لا بقصد تفتيشها ولكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة صاحبة الاختصاص - فإنه لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذي يقع على ذلك الشخص، لأن حالة الضرورة هي التي اقتضت تعقب رجل الضبط القضائي له في نطاق المكان الذي وجد به.
2 - متى كان الطاعن لا يدعي أن المخزن الذي وقع عليه التفتيش مملوك له أو في حيازته، فإنه لا يقبل منه التذرع بانتهاك حرمته.
3 - المحكمة أن تأخذ بقول للشاهد في إحدى مراحل التحقيق دون قول آخر له في مرحلة أخرى.
4 - لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا أثر له في منطقه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 23/ 8/ 1959 بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة: أحرز جواهر مخدرة "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33 جـ من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول المرافق. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بتاريخ 11 يونيه سنة 1963 عملاً بالمواد 1 و2 و37/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمه خمسمائة جنية ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون وفى الإسناد والفساد في الاستدلال. ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن على الرغم من بطلان ضبطه وتفتيشه. إذ الثابت أن النيابة أذنت لضابط المباحث بتفتيش شخص الطاعن على أساس أنه يحرز مواد مخدرة. ولكن الضابط اقتحم مخرناً كان الطاعن يجلس بداخله - دون أن يصدر إذن من النيابة بدخوله وتفتيشه. وقد زعم الضابط أن الطاعن كان بداخل المخزن وأنه رآه يلقي بالمخدرات على الأرض في حين أن الثابت من شهادة البوليس الملكي صادق السيد أن الضابط انحنى والتقط علبة السجائر التي وجد بها المخدر مما مؤداه أن الطاعن لم يلق المخدر. ولما كان المخزن مما يدخله آخرون ومنهم صاحب المقهى المجاور وأتباعه فإنه لا يمكن نسبة المخدر إلى الطاعن وقد تمسك الدفاع ببطلان التفتيش على هذا الأساس ولكن المحكمة أطرحت دفاعه أخذاً بما قرره الضابط في إحدى رواياته في تحقيق النيابة من أن الطاعن كان جالساً على مقعد بخارج المخزن ولم يكن بداخله. وأسندت إلى الطاعن أنه أقر بذلك مع أنه لم يعترف بتفتيشه على هذا التحويل التزم الإنكار، هذا فضلاً عن أن الضابط أثبت في محضره وقرر في تحقيق النيابة أنه فاجأ الطاعن جالساً داخل المخزن، وقد أيده أحد المخبرين المرافقين له في ذلك. بينما قرر المخبر الآخر الذي كان واقفاً بالخارج أنه لم ير شيئاً مما مفاده أن الضبط تم داخل المخزن.
وحيث إن الحكم بين واقعة الدعوى فيما محصله، أنه إذ دلت تحريات ضابط مباحث قسم الساحل على أن الطاعن يحرز مواد مخدرة. استصدر إذناً من النيابة بضبطه وتفتيشه. ثم انتقل ظهر يوم الحادث إلى شارع الورشة حيث علم أن الطاعن يجلس على باب مخزن ملحق بمقهى. وعندما اقترب منه محاولاً ضبطه. أسرع بإخراج علبة سجاير من جيب "بنطلونه" الأيمن وأسقطها بجوار قدمه. فالتقطها الضابط وفتحها فوجد فيها لفافة من الورق بدخلها بعض قطع الحشيش. وقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن بأقوال ضابط المباحث. وتقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي وأورد أقوال الضابط بما يتفق وما حصله في واقعة الدعوى منها. ثم عرض إلى دفاع الطاعن بأن الضابط اقتحم مكاناً لم يكن من حقه دخوله. وهو المخزن الملحق بالمقهى ورفضه في قوله "إن الطاعن ضبط وهو يجلس على مقعد خشبي على باب المخزن. وهو ما أقر به لدى سؤاله في تحقيقات النيابة. ومن ثم يكون الضبط صحيحاً لا مطعن عليه". ولما كان الأصل أن التفتيش الذي يحرمه القانون على مأموري الضبط القضائي إنما هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن، أما دخول المنازل وغيرها من الأماكن، لا بقصد تفتيشها ولكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة صاحبة الاختصاص. فانه لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذي يقع على ذلك الشخص لأن حالة الضرورة هي التي اقتضت تعقب رجل الضبط القضائي له. في نطاق المكان الذي وجد به بعد أن علم بجلوسه على باب المخزن ثم قام بضبطه وتفتيش شخصه دون تفتيش المخزن. ومن ثم فإنه لم يجاوز جدود الإذن الصادر إليه. يضاف إلى ذلك أن الطاعن على فرض أن التفتيش وقع على المخزن لا يدعي أنه مملوك له أو في حيازته. فانه لا يقبل منه أن يتذرع بانتهاك حرمته. ولا جدوى مما يثيره في هذا الصدد من جهة أخرى، طالما كان الحكم لم يعول في إدانته على دليل مستمد من تفتيش المخزن بل على ما أسفر عنه ضبطه وتفتيش شخصه في حدود القانون. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تأخذ بقول للشاهد في إحدى مراحل التحقيق. دون قول آخر له في مرحلة أخرى. وكان يبين من مدونات الحكم، أن ما أورده عن ضبط الطاعن وتفتيشه وهو جالس على مقعد بخارج المخزن له مأخذ صحيح من أقوال الضابط في إحدى رواياته في تحقيق النيابة. وهو ما يسلم به الطعن في أسباب طعنه. متى كان ذلك، فانه لا يعيب الحكم ما استطرد إليه في سبيل الاستدلال على صحة هذه الواقعة، بما عزاه للطاعن من إقراره بذلك. إذ أن هذا الخطأ في الإسناد على فرض قيامه، لا أثر له في منطق الحكم. وما انتهى إليه من صحة الضبط والتفتيش بما يتفق وصحيح القانون. ولما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. فإن ما ينعاه الطاعن في طعنه يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.