أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 15 - صـ 57

جلسة 20 من يناير سنة 1964

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، وحسين السركي، وأحمد موافي، ومحمد عبد الوهاب خليل.

(12)
الطعن رقم 927 لسنة 33 القضائية

( أ ) إجراءات المحاكمة. شهود.
الأصل أن تبنى الأحكام على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة. للمحكمة أن تقرر تلاوة شهادة الشاهد في التحقيق الابتدائي إذا تعذر سماعه أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك. عدم تلاوة المحكمة أقوال الشهود الغائبين لا يعيب الإجراءات. علة ذلك: هذه التلاوة من الإجازات. متى تكون واجبة؟ إذا طلبها المتهم أو المدافع عنه.
(ب) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". شهود.
للمحكمة الأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة، دون أن تبين علة ذلك، ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى. ما دام له أصل فيها. وما دام لم ينازع في صحة نسبة هذه الأقوال إليهم.
(ج) تفتيش "إذن التفتيش". "تنفيذه". دفوع.
مجرد القول بأن الطاعن كان محبوساً لا يلزم عنه الدفع ببطلان التفتيش لحصوله في غيبته. علة ذلك: حصول التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان.
(د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "اعتراف". إكراه.
الاعتراف في المسائل الجنائية: من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات. مثال.
1 - إنه وإن كان الأصل في الأحكام أن تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة وإنما يصح للمحكمة أن تقرر تلاوة شهادة الشاهد في التحقيق الابتدائي إذا تعذر سماعه لأي سبب كان أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، وليس يعيب الإجراءات أن المحكمة لم تتلى أقوال الشهود الغائبين، لأن تلاوة أقوالهم هي من الإجازات فلا تكون واجبة إلا إذا طلبها المتهم أو المدافع عنه.
2 - للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها وما دام الطاعن لم ينازع في صحة نسبة هذه الأقوال إليهم.
3 - إن مجرد القول بأن الطاعن كان محبوساً لا يلزم عنه الدفع ببطلان التفتيش لحصوله في غيبته ذلك أن حصول التفتيش بغير حصول التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان قانوناً، كما أن حضور المتهم التفتيش الذي يجرى في مسكنه لم يجعله القانون شرطاً جوهرياً.
4 - الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلقاضي الموضوع البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحقق من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه نفسه كان له أن يأخذ به وهو في ذلك لا يكون خاضعاً لرقابة محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 23/ 10/ 1960 بدائرة مركز ملوى محافظة المنيا: أولاً - أحرز سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد خرطوش" بدون ترخيص. ثانياً - أحرز ذخيرة (طلقتين) مما يستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. وطلبت من محكمة جنايات المنيا معاقبته بالمواد 1/ 1 و6 و26/ 1 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 المرفق. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً بتاريخ 4/ 2/ 1962 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه عشرة جنيهات وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي إحراز السلاح وإحراز الذخيرة بغير ترخيص قد شابه البطلان والقصور كما أخل بحق الدفاع وانطوى على فساد في التدليل ذلك بأن المحكمة أخلت بشفوية المرافعة فلم تسمع شهوداً ولم تتل أقوال الشهود الغائبين برغم ما ثبت بمحضر الجلسة من أنها أمرت بتلاوة أقوالهم إذ خلا المحضر من هذه التلاوة كما لم يرد ذكرها بالحكم، وما أورده في بيان محصل الواقعة من أنه استخلصها من التحقيقات وما دار بالجلسة يجافيه هذا الواقع، كما لم يبين الحكم مأخذ الدليل المستمد من أقوال الشاهدين اللذين عول على أقوالهما في الإدانة وأهدر دفاع الطاعن ببطلان التفتيش - المستند إلى حصوله في غيبته حيث كان محبوساً - وبشيوع المنزل الذي عثر فيه على المضبوطات بينه وبين إخوته، وببطلان اعترافه المنسوب له في محضر جمع الاستدلالات إذ صدر كرهاً عنه نتيجة ما لحق به من إهانة بإحضار زوجة أخيه إلى مركز البوليس.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن النيابة أذنت بتفتيش الطاعن ومسكنه فانتقل النقيب عبد الفتاح عبد الجليل وبصحبة البوليس السري عبد القادر محمد حسين إلى مسكن الطاعن وبتفتيش غرفته في حضور زوجة شقيقه عثر بها على فرد خرطوش وثلاث طلقات ثبتت صلاحيتها جميعاً للاستعمال وبمواجهة الطاعن بها اعترف بملكيتها، وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال رجلي الشرطة والتقرير الطبي الشرعي وهى أدلة سائغة مردودة لأصلها في الأوراق وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن اكتفى "بتلاوة أقوال شاهدي الإثبات الغائبين في التحقيقات" وأمرت المحكمة بتلاوتها وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل ف الأحكام أن تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة وإنما يصح للمحكمة أن تقرر تلاوة شهادة الشهود في التحقيق الابتدائي إذا تعذر سماع الشاهد لأي سبب كان أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، وليس يعيب الإجراءات أن المحكمة - على فرض صحة ما يقول به الطاعن - لم تتل أقوال الشهود الغائبين لأن تلاوة أقوالهم هي من الإجازات فلا تكون واجبة إلا إذا طلبها المتهم أو المدافع عنه، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون أن تبين العلة في دلك ودون أن تلتزم بتجديد موضع الدليل من أوراق الدعوة ما دام له أصل فيها وما دام الطاعن لم ينازع في صحة نسبة هذه الأقوال إليهم - لما كان ذلك، وكان مجرد القول بأن الطاعن كان محبوساً لا يلزم عنه الدفع ببطلان التفتيش لحصوله في غيبته، فضلاً عن كونه - في صورة الدعوى - دفع قانوني ظاهر البطلان لا تلتزم المحكمة بالرد عليه، ذلك أن حصول التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان قانوناً، كما أن حضور المتهم التفتيش الذي يجرى في سكنه لم يجعله القانون شرطاً جوهرياً - لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بشيوع المنزل الذي عثر فيه على المضبوطات وببطلان اعترافه في محضر جمع الاستدلالات، وأهدره في قوله "وحيث إن المتهم محمد عبده أحمد السمين قد أنكر ما نسب إليه وقرر أنه اعترف للضابط خشية اتهام زوجة شقيقه بعد أن أحضرها الضابط للمركز، إلا أن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم إزاء ما سلف من الأدلة فضلاً عن أن بهجات محمود أحمد زوجة شقيق المتهم قررت في التحقيقات أنها كانت موجودة وقت إجراء التفتيش وأن الضابط عثر على المضبوطات داخل وسادة في غرفة المتهم الخاصة، هذا إلى أن المتهم اعترف للضابط بملكيته للمضبوطات وترى المحكمة أن هذا الاعتراف جاء سلمياً وعن إرادة حرة وبعيداً عن أي مؤثر ومتفقاً مع حقيقة الواقع خاصة وأن المتهم لم يقل في التحقيقات إنه اعترف تحت تأثير الضرب كما ذهب الدفاع إلى ذلك بالجلسة وهذا الذي أورده الحكم سائغ ومقبول ذلك بأن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تمتلك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلقاضي الموضوع البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحقق من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه نفسه كان له أن يأخذ به وهو في ذلك لا يكون خاضعاً لرقابة محكمة النقض، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت سلامة الاعتراف المنسوب إلى الطاعن واطمأن إليه وبني عليه قضاءه إلى جانب الأدلة الأخرى التي أخذ بها مجتمعة في غير لبس أو قصور فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله - لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.