أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الأول - السنة 15 - صـ 87

جلسة 27 من يناير سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، وحسين صفوت السركي، وأحمد موافي، ومحمد عبد الوهاب خليل.

(18)
الطعن رقم 1049 لسنة 33 القضائية

(أ, ب) إجراءات المحاكمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". شهود.
( أ ) حضور المحكوم عليه في غيبته من محكمة الجنايات أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة. أثره: بطلان الحكم الغيابي وإعادة نظر الدعوى أمام المحكمة. مقتضى ذلك: سقوط الحكم الغيابي ذاته دون إجراءات المحاكمة. جواز استناد المحكمة عند إعادة المحاكمة إلى التحقيقات التي تمت في المحاكمة الغيابية.
(ب) للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات. شرط ذلك: قبول المتهم أو المدافع عنه صراحة أو ضمناً. عدم سماعهم لا يحول دون أن تعتمد المحكمة في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات الأولية. ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث في الجلسة.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة الاستناد في إدانة متهم إلى أقوال متهم آخر. ما دام قد اطمأن وجدانها إلى هذه الأقوال.
(د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن". "ما لا يقبل من الأسباب".
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الثبوت. استقلال محكمة الموضوع به. عدم جواز مصادرتها في اعتقادها بشأنه ولا المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
(هـ) حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها. اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها. دلالته على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. عدم التزامها ببيان علة إطراحها لها.
1 - مقتضى نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية - من أنه إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة يبطل حتماً الحكم السابق صدروه ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة - هو سقوط الحكم الغيابي ذاته دون إجراءات المحاكمة، ومن ثم فإنه يجوز للمحكمة عند إعادة المحاكمة أن تستند إلى التحقيقات التي تمت في المحاكمة الغيابية.
2 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات الأولية ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث في الجلسة.
3 - للمحكمة أن تستند في إدانة متهم إلى أقوال متهم آخر بما لها من كامل الحرية في تكوين عقيدتها من كافة العناصر المطروحة أمامها ما دام قد اطمأن وجدانها إلى هذه الأقوال.
4 - الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الثبوت في الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز أن تصادر في اعتقادها بشأنه ولا المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
5 - المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها لها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 14/ 8/ 1960 بدائرة مركز دشنا محافظة قنا: "حاز بقصد الاتجار الجواهر المخدرة المبينة بالمحضر (أفيوناً وحشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً". وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و34/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين1 و12 من الجدول رقم 1 الملحق به قررت الغرفة بذلك. ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً بتاريخ 10 مايو سنة 1962 عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وغرامة ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المضبوطات. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذا دان الطاعن بجريمة حيازة جواهر مخدرة (أفيون وحشيش) بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قد انطوى على بطلان في الإجراءات وقصور في التسبيب، ذلك أن المحكمة عولت في إدانة الطاعن عند إعادة الإجراءات بالنسبة إليه على اعتراف المتهم محمد محمد عمر الذي أدلى به في تحقيق النيابة وأمام المحكمة بجلسة 4/ 11/ 1961 مع أنها لو استدعته وسألته لكان من المحتمل أن يعدل عن اعترافه مما عساه يؤثر في عقيدة المحكمة كما أنها لم تسأل كلاً من الرائد إبراهيم رضوان والملازم أول محمود فهمي من شهود الإثبات في الدعوى اكتفاء بأقوالهما في التحقيقات، كذلك دفع الطاعن التهمة بأنه كان غائباً عن دشنا لعلاج ذراعه في الفترة التي ادعى محمد محمد عمر أنه أودع فيها المخدرات لديه فأطرحت المحكمة هذا الدفاع دون أن تبين علة إطراحها له، كما أثار الدفاع في مرافعته عن الطاعن أن تفتيش النيابة لمنزله الذي أصفر عن ضبط مفتاح القفل الذي أغلقت به حقيبة المخدرات وقطع القماش الشبيهة بالقطع التي غلف بها الأفيون كان مسبوقاً بتفتيش البوليس الذي لم يسفر عن وجود هذه الأشياء بالمنزل مما يحتمل معه أن تكون قد دست على الطاعن ابتغاء درء الاتهام عن محمد محمد عمر الذي ادعى أن الطاعن أخفاها لديه ورغم جوهرية هذا الدفاع فإن المحكمة لم ترد عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة المخدرات بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها. وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. وكان من بين هذه الأدلة اعتراف المتهم محمد محمد عمر الذي أدلى به في تحقيقات النيابة وبجلسة 4/ 11/ 1961 حين جرت محاكمة الطاعن غيابياً، وقد حصل الحكم هذا الدليل في قوله "وحيث إن محمد محمد عمر اعترف بالتحقيقات وبجلسة 4/ 11/ 1961 بإحرازه الجواهر المخدرة المضبوطة وقرر بأن المتهم (الطاعن) هو الذي أودعها لديه لبعض الوقت خشية مداهمة رجال الشرطة لداره وذلك لقاء جعل سيؤديه له "ولما كان مقتضى نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة يبطل حتماً الحكم السابق صدوره ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة - هو سقوط الحكم الغيابي ذاته دون إجراءات المحاكمة فإنه يجوز للمحكمة عند إعادة المحاكمة أن تستند إلى التحقيقات التي تمت في المحاكمة الغيابية، ولما كان للمحكمة أن تستند في إدانة متهم إلى أقوال متهم آخر بما لها من كامل الحرية في تكوين عقيدتها من كافة العناصر المطروحة أمامها ما دام قد اطمأن وجدانها إلى هذه الأقوال، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سماع أقوال المتهم الآخر. لما كان ذلك، فانه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقوال محمد محمد عمر (المتهم الآخر) التي أبدها في التحقيقات الأولية ورددها حين حوكم الطاعن غيابياً ويكون ما ينعاه الطاعن على المحكمة من أنها لم تسمع أقوال ذلك المتهم لا محل له. ولما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن قد اكتفى بأقوال الشاهدين الغائبين - الرائد إبراهيم رضوان والملازم أول محمود فهمي - بالتحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوة أقوالهما فتليت وكان من المقرر قانوناً أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلو بها في التحقيقات الأولية ما دامت هذا الأقوال مطروحة على بساط البحث في الجلسة. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن على الحكم المطعون فيه من بطلان في الإجراءات لعدم سماع الشاهدين المذكورين يكون غير سديد.
وحيث إن المحكمة قد أطرحت دفاع الطاعن بشأن غيابه من دشنا لعلاج ذراعه وإنكاره التهمة بقولها "وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم ولا على ما أثاره من دفاع وذلك لما ثبت من أقوال محمد محمد عمر التي تتابعت في إصرار وفي شتى مراحل الدعوى من أن المتهم (الطاعن) هو الذي أودعه الجواهر المخدرة المضبوطة وقد تأيدت هذه الأقوال بضبط ثلاث قطع من القماش الغزلي الأبيض بدار المتهم من نفس قطعة القماش التي غفلت بها إحدى لفافتي الأفيون هذا فضلاً عن العثور بدار المتهم على المفتاح المخصص للقفل الذي وجد كيس القماش المضبوط لدى محمد محمد عمر مغلقاً به وهو المفتاح الوحيد الذي لم يعثر على سواه يفتح أو يعالج به هذا القفل. هذا المفتاح الذي أكدت زوج المتهم أنه وقطع القماش الثلاث المضبوطة تخص زوجها ولا تخص سواه". ولما كان ما أورده الحكم يعتبر سائغاً في الرد على دفاع الطاعن، وكان ما يثيره الطاعن بشأنه لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الثبوت في الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز أن تصادر في اعتقادها بشأنه ولا المجادلة فيه أمام محكمة النقض - ولما كانت المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها وكان اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها دالاً على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحمل المحكمة على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها لها. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن بشأن قصور الحكم في الرد على دفاعه من أنه كان غائباً وأن تفتيش النيابة العامة لمنزلة كان مسبوقاً بتفتيش من الشرطة لم يسفر عن وجود الأشياء التي عثر عليها في تفتيشها يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض .