أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الأول - السنة 15 - صـ 97

جلسة 3 من فبراير سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر حنين، وحسين صفوت السركي، وأحمد موافي، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.

(20)
الطعن رقم 835 لسنة 33 القضائية

( أ ) أمر بعدم وجود وجه. نقض. "أحوال الطعن بالنقض". "الخطأ في تطبيق القانون".
الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية: الأصل هو وجوب أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة. قد يستفاد استنتاجاً من تصرف أو إجراء آخر يترتب عليه حتماً - وبطريق اللزوم العقلي - ذلك الأمر. مثال.
(ب) دعوى جنائية. "تحريكها". هيئة قناة السويس. موظفون.
هيئة قناة السويس: إدارتها مرفقاً عاماً من مرافق الدولة. تمتعها بالشخصية المعنوية العامة وبسلطة إدارية هي قسط من اختصاصات السلطة العامة. اعتبار موظفيها في حكم الموظفين العموميين. انعطاف الحماية الخاصة التي تقررها الفقرة الأخيرة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة عليهم. مثال.
1 - الأصل أن الأمر بعدم وجود وجه يجب أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة، إلا أنه قد يستفاد استنتاجاً من تصرف أو إجراء آخر إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتماً - وبطريق اللزوم العقلي - ذلك الأمر - فإذا كانت النيابة العامة قد أمرت في بادئ الأمر بقيد الواقعة جنحة ضد قبطان الباخرة ثم أمر المحامي العام بعد استيفاء التحقيق بقيدها جنحة ضد آخر وحده، فإن هذا التصرف ينطوي حتماً وبطريق اللزوم العقلي على الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على قبطان الباخرة وقد استأنفه الطاعن الأول على هذا الاعتبار ومن ثم يكون استئنافه جائزاً بالنسبة إلى قبطان الباخرة، ويكون القرار المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف بالنسبة إليه قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه والقضاء بجواز الاستئناف بالنسبة إليه.
2 - هيئة قناة السويس تقوم على إدارة مرفق المرور بالقناة، وهو مرفق عام قومي من مرافق الدولة، وتتمتع هذه الهيئة بالشخصية المعنوية العامة وبسلطة إدارية هي قسط من اختصاصات السلطة العامة، ومن ثم فإن موظفيها بما فيهم مرشدو الهيئة يعتبرون في حكم الموظفين العموميين وتنعطف عليهم الحماية التي تقررها الفقرة الأخيرة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 بشأن رفع الدعوى الجنائية. ولما كان يبين من أوراق الدعوى أنه لم يصدر إذن من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة برفع الدعوى الجنائية ضد مرشد قناة السويس فإن القرار المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم جواز الاستئناف بالنسبة إليه يكون صحيحاً.


الوقائع

يتلخص موضوع الطعن في أن مركب صيد يقوده المتهم سعيد أحمد شرشر اصطدم بالباخرة "أبورت بونتي" قيادة القبطان أورسيتس بابا ديمتريو عند مدخل قناة السويس ونجم عن ذلك وفاة كل من محمد محمد بركات وعبد الجواد محمد شمس وإبراهيم الحفني أحمد وشحاته محمد شمس، وبسيوني السيد شرشر وهلال السيد شرشر وعبد المقصود درويش الخواجة وإسماعيل محمد عطا والسيد أحمد شرشر وشعبان أبو الخير محمد عطا ومحمد مصطفى العربي. وإصابة كل من سلامة محمد العشري وعبد الله مصطفى العربي (الطاعن الأول) ومحمد محمد الخواجة ومحمد إبراهيم العطار، ونجا من الحادث خليل إبراهيم التاورجي وحسين عبد السلام (الطاعن الثاني) وبعد أن أجرت النيابة العامة تحقيق الحادث أمر السيد المحامي العام لدى محكمة استئناف المنصورة بتاريخ 25/ 9/ 1960 بقيد الواقعة جنحة بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات ضد أورسيتس بابا ديمتريو - قبطان الباخرة - ثم رأى سيادته استيفاء التحقيق، وبتاريخ 28/ 1/ 1961 أمر بقيد الواقعة جنحة بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات ضد سعيد أحمد شرشر - قائد مركب الصيد - وحده بوصف أنه بتاريخ 22 أكتوبر سنة 1959 تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل وإصابة السيد سعد شرشر وآخرين المبينة أسمائهم بالمحضر وكان ذلك ناشئاً عن رعونته وعدم احتياطه وعدم مراعاته اللوائح بأن قاد مركب صيد بسرعة ودون أن ينتبه إلى اقتراب باخرة منه، كما أنه لم يراع اللوائح والقوانين المقررة بشأن الملاحة فاصطدم بالباخرة المذكورة مما أدى إلى انقلاب المركب وغرق بعض ركابها وإصابة البعض الآخر بالإصابات المبينة بالكشوف الطبية - وبعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لانقضائها بوفاة المتهم. فتظلم الاستناد عادل العربي المحامي من هذا القرار بطريق الاستئناف بتاريخ 6 من مارس سنة 1961 أمام غرفة الاتهام بصفته نائباً عن الاستناد إبراهيم أسعد المحامي الوكيل عن ورثة كل من شعبان أبو اليزيد وآخرين وبصفته وكيلاً عن كل من عبد الله العربي وحسين عبد السلام (الطاعنين)، كما طعن المذكوران بتاريخ 25/ 10/ 1961 على القرار ذاته بطريق الاستئناف، وغرفة الاتهام بمحكمة بور سعيد الابتدائية قضت بتاريخ 24/ 1/ 1962 بعدم جواز نظر الاستئناف لرفعه عن قرار غير قابل له. فطعن الطاعنان في هذا القرار بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن مركب صيد يقوده سعيد أحمد شرشر اصطدم بالباخرة "أبورت بوتى" قيادة القطبان (أورسبتس بابا ديمتريو) وإرشاد مرشد هيئة قناة السويس "البرت استس" عند مدخل القناة ونشأ عن هذا التصادم وفاة بعض بحارة مركب الصيد وإصابة البعض الآخر - ومن بينهم عبد الله مصطفى العربي الطاعن الأول - ونجاة الباقين ومن بينهم حسانين عبد السلام الطاعن الثاني فلم يصب أحد منهم بشيء وبعد أن أجرت النيابة تحقيق الواقعة أمرت بتاريخ 25/ 9/ 1960 بقيد الواقعة جنحة بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات ضد أورسيتس بابا ديمتريو - قبطان الباخرة. ثم رأى السيد المحامى العام استيفاء التحقيق وبعد إتمامه أمر بتاريخ 28/ 1/ 1961 بقيد الواقعة جنحة بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات ضد سعيد أحمد شرشر - قائد مركب الصيد - وحده وبعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لانقضائها بوفاته، فطعن كل من عبد الله مصطفى العربي وحسانين عبد السلام على هذا القرار بالاستئناف أمام غرفة الاتهام طالبين إلغاءه والتقرير بإقامة الدعوى ضد قبطان الباخرة ومرشد هيئة قناة السويس فأصدرت الغرفة قرارها المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف لرفعه عن قرار غير قابل له.
وحيث إن الطاعن الثاني - حسانين عبد السلام - على ما تقدم ليس مجنياً عليه ولم يدع بحقوق مدنية أثناء التحقيق فيكون طعنه غير جائز.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول - عبد الله مصطفى العربي - قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك بأن قرار غرفة الاتهام المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم جواز استئناف القرار الصادر من النيابة العامة بقيد الواقعة جنحة ضد سعيد أحمد شرشر وبعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لانقضائها بوفاته قد خالف نص المادة 210 من قانون الإجراءات الجنائية الذي جاء مطلقاً في تخويل المجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية حق الطعن في قرار النيابة الذي تصدره بعد انتهاء التحقيق بوجهة نظرها فيه، وما ذهبت إليه الغرفة من أن للمجني عليهم اقتضاء حقهم في التعويض من ورثة المتهم المتوفى ينطوي على خطأ في فهم استئناف الطاعن على وجهه الصحيح إذ هدف من ورائه إلى إلغاء قرار النيابة المستأنف الذي قصر الاتهام على سعيد أحمد شرشر وإلى قيد الدعوى ضد كل من "أورسيتس بابا ديمتريو" قبطان الباخرة و"البرت استيس" مرشد هيئة قناة السويس.
وحيث إن القرار المطعون فيه بعد أن أشار ابتداء إلى طلب الطاعن وزميله قضى بعدم جواز استئنافهما، وأقام قضاءه على ما أورده من أن وفاة المتهم تستتبع استحالة طرح الدعوى الجنائية على القضاء ولا يكون للمجني عليه المضرور من الجريمة أو للمدعي بالحقوق المدنية إلا مقاضاة ورثة المتهم بطلب التعويض - إن كان له مقتض - من تركة مورثهم، وذلك على خلاف القرارات الأخرى التي تصدرها النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، إذ يتولد عن هذه القرارات حق للمجني عليه أو للمدعي بالحقوق المدنية في استئنافها أمام غرفة الاتهام مستهدفاً إلغاءها وإقامة الدعوى الجنائية قبل من يرى إسناد الاتهام إليه وإحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة المختصة للفصل فيها. ولما كان الأصل أن الأمر بعدم وجود وجه يجب أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة إلا أنه قد يستفاد استنتاجاً من تصرف أو إجراء آخر إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليها حتماً - وبطريق اللزوم العقلي - ذلك الأمر. لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة قد أمرت في بادئ الأمر بقيد الواقعة جنحة ضد قبطان الباخرة ثم أمر المحامي العام بعد استيفاء التحقيق بقيدها جنحة ضد سعيد أحمد شرشر وحده، فإن هذا التصرف ينطوي حتماً وبطريق اللزوم العقلي على الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على قبطان الباخرة وقد استأنفه الطاعن الأول على هذا الاعتبار ومن ثم يكون استئنافه جائزاً بالنسبة إلى أورستيس بابا ديمتريو قبطان الباخرة، ويكون القرار المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف بالنسبة إليه قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه والقضاء بجواز الاستئناف بالنسبة إليه - أما بالنسبة إلى مرشد هيئة قناة السويس فإنه لما كانت هذه الهيئة تقوم على إدارة مرفق المرور بالقناة وهو مرفق عام قومي من مرافق الدولة ويستخدم هذا المجرى المائي وتوابعه بما في ذلك ميناء بور سعيد وكلها من أملاك الدولة، وتتمتع هذه الهيئة بالشخصية المعنوية العامة وبسلطة إدارته هي قسط من اختصاصات السلطة العامة فإن موظفيها بما فيهم مرشدو الهيئة يعتبرون في حكم الموظفين العموميين وتنعطف عليهم الحماية الخاصة التي تقررها الفقرة الأخيرة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 سنة 1962 ويجرى نصها "ولا يجوز لغير النائب العام أو المحامى العام أو رئيس النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها.." لما كان ذلك، وكان يبين من أوراق الدعوى أنه لم يصدر إذن من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة برفع الدعوى الجنائية ضد مرشد هيئة قناة السويس فإن القرار المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم جواز الاستئناف بالنسبة إليه يكون صحيحاً ويعين رفض هذا الشق من الطعن.