أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 15 - صـ 110

جلسة 3 من فبراير سنة 1964

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: توفيق أحمد الخشن، وأديب نصر، وحسين صفوت السركي، ومحمد عبد الوهاب خليل.

(23)
الطعن رقم 1718 لسنة 33 القضائية

( أ ) استئناف. "سلطة المحكمة الاستئنافية". دعوى مدنية.
المحكمة الاستئنافية وهي تفصل في الاستئناف المرفوع من المدعي بالحق المدني فيما يتعلق بحقوقه المدنية أن تتعرض لواقعة الدعوى تناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أو درجة. مادامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة أول درجة. وما دام المدعي بالحق المدني قد استمر في السير في دعواه المدنية المؤسسة على ذات الواقعة. لا يؤثر في ذلك: كون الحكم الصادر في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً وحائزاً قوة الشيء المحكوم فيه. علة ذلك؟
(ب، ج) مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. خطأ. ضرر. محكمة الموضوع.
خطأ المضرور لا يرفع مسئولية المسئول وإنما يخففها. إلا إذا تبين من ظروف الحادث أن خطأ المضرور هو العامل الأول في إحداث الضرر الذي أصابه وأنه يبلغ من الجسامة درجة بحيث يستغرق خطأ المسئول.
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً. موضوعي.
(د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". - شهود. محكمة الموضوع.
وزن أقوال الشاهد، وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته، وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات. مرجعه إلى محكمة الموضوع.
1 - إذ خول القانون المدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف حكم محكمة أول درجة فيما يتعلق بحقوقه المدنية قد قصد إلى تخويل المحكمة الاستئنافية وهي تفصل في هذا الاستئناف أن تتعرض لواقعة الدعوى وتناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة، مما مقتضاه أن تتصدى لتلك الواقعة وتفصل فيها من حيث توافر الخطأ والضرر ورابطة السببية بينهما في حق المتهم "المستأنف عليه" ما دامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة أول درجة، وما دامت المدعية بالحقوق المدنية قد استمرت في السير في دعواها المدنية المؤسسة على ذات الواقعة. ولا يؤثر في هذا الأمر كون الحكم الصادر في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً وحائزاً قوة الشيء المحكوم فيه، إذ أنه لا يكون ملزماً للمحكمة وهي تفصل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية وحدها لأن الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع يختلف في كل منهما عنه في الأخرى مما لا يمكن القول معه بضرورة التلازم بينهما عند الفصل في الدعوى المدنية استئنافياً، إنما يشترط قيام هذا التلازم عند بدء اتصال القضاء الجنائي بهما.
2 - الأصل أن خطأ المضرور لا يرفع مسئولية وإنما يخففها إن كان ثمة خطأ مشترك بمعناه الصحيح. ولا يعفي المسئول استثناء من هذا الأصل - إلا إذا تبين من ظروف الحادث أن خطأ المضرور وهو العامل الأول في إحداث الضرر الذي أصابه وأنه بلغ من الجسامة درجة بحيث يستغرق خطأ المسئول.
3 - تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض. ولما كان الحكم قد دلل في منطق سائغ على أن الحادث وقع نتيجة قيادة الطاعن للقاطرة بسرعة لا تحتملها الظروف التي وقع فيها ودون إطلاق جهاز التنبيه لتنبيه المجني عليه فإنه يكون قد أثبت توافر ركن الخطأ في حقه واستظهر رابطة السببية بين الخطأ والحادث.
4 - وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في 6 يونيه سنة 1957 بدائرة قسم السويس: تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل محمد محمد عبد الجليل وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن سار بالقطار الذي كان يعبر شريط السكة الحديد وأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات مع تطبيق أقصى العقوبة. وقد ادعت حكمت أحمد منصور بحق مدني قدره 3000 جنيه قبل المتهم والمسئولين عن الحقوق المدنية "وزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية" متضامنين.
وفي أثناء نظر الدعوى دفع الحاضر عن الحكومة بعدم قبول الدعوى الجنائية. ومحكمة السويس الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 27 فبراير سنة 1958 عملاً بمادة الاتهام. أولاً - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية وقبولها. وثانياً - بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة عشرة جنيهاً لوقف التنفيذ. ثالثاً - بإلزام المتهم بالتضامن مع المسئولين عن الحقوق المدنية بدفع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه للمدعية بالحق المدني بصفتها والمصاريف المدنية وعشرة جنيهات أتعاباً للمحاماة بلا مصاريف جنائية. استأنف المحكوم عليه والمسئولان عن الحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة السويس الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 5 ديسمبر سنة 1959 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بقبول الدفع عدم جواز نظر الدعوى لعدم تحريكها بالطريق القانوني وبلا مصاريف جنائية. ثم قامت النيابة العامة بتحريك الدعوى الجنائية حسبما يقضي القانون وقدمت المتهم المحكمة جنح السويس الجزئية لمعاقبته طبقاً للوصف والقيد سالفي الذكر. ولدى نظر الدعوى أمام تلك المحكمة عدلت المدعية بالحق المدني التعويض الذي تطالب به إلى مبلغ 6000 جنيه. كما دفع الحاضر عن الحكومة بعدم قبول الدعوى المدنية من المدعية بالحقوق المدنية لرفعها من غير ذي صفة. ثم قضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 7/ 5/ 1960 - أولاً: بعدم قبول الدفع المبدى من الحاضر عن المسئول عن الحقوق المدنية بعدم قبول الدعوى وقبولها. ثانياً: ببراءة المتهم مما نسب إليه وبلا مصروفات. ثالثاً: برفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها بالمصاريف وبلا مصروفات. استأنفت النيابة المدعية بالحقوق المدنية الحكم المذكور. ومحكمة السويس الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 6/ 5/ 1961 أولاً: بعدم قبول استئناف النيابة شكلاً لرفعه بعد الميعاد القانوني. ثانياً: بقبول استئناف المدعية بالحق المدني شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بالإلغاء فيما قضى به في الدعوى المدنية وبإلزام المتهم والمسئولين بالحق المدني بصفتهما بأن يؤديا متضامنين للمدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم محمد محمد عبد الجليل مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصاريف المدنية المناسبة عن الدرجتين ومبلغ خمسة جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون حين قضى بمساءلة الطاعن في الدعوى المدنية في الوقت الذي قضى فيه بعدم مساءلته في الدعوى الجنائية. ذلك أن الخطأ في ذاته هو أساس المساءلة في الدعويين فمتى نفي الحكم الخطأ عن المتهم في الدعوى الجنائية وقضى له بالبراءة فإنه يكون قد نفي الأساس الذي أقيمت عليه الدعوى المدنية بالتعويض لوحدة الخطأ في كل من الدعويين ولما هو مقرر قانوناً من حجية الحكم الجنائي على الدعوى المدنية.
وحيث إنه بعد أن قضت محكمة أول درجة ببراءة المتهم (الطاعن) مما نسب إليه وبرفض الدعوى المدنية وإلزام رافعتها بمصاريفها. استأنفت النيابة والمدعية بالحق المدني ذلك الحكم، ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً. أولاً: بعدم قبول استئناف النيابة شكلاً لرفعه بعد الميعاد. ثانياً: بقبول استئناف المدعية بالحق المدني شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية وبإلزام المتهم والمسئولين بالحق المدني بصفتها بأن يؤديا متضامنين للمدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم محمد محمد عبد الجليل مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة. وقد حصل الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن كان يقود قاطرة للسكة الحديد في المنطقة الجمركية بالسويس حيث كان الزحام شديداً بمناسبة موسم الحج وكان المجني عليه يعبر شريط السكة الحديد فصدمته القاطرة التي كانت قادمة من خلفه بسرعة ودون استعمال آلة التنبيه فأصيب بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. واستند الحكم في قضائه بالتعويض إلى أقوال كل من رجلي الشرطة محمد مصطفى محمود وأحمد إسماعيل يونس وإلى أقوال باقي الشهود والمعاينة والتقرير الطبي. لما كان ذلك, وكان ما يثيره الطاعن في هذين الوجهين مردوداً بأن القانون إذ خول المدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف حكم محكمة أول درجة فيما يتعلق بحقوقه المدنية قد قصد إلى تخويل المحكمة الاستئنافية وهي تفصل في هذا الاستئناف أن تتعرض لواقعة الدعوى وتناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة مما مقتضاه أن تتصدى لتلك الواقعة وتفصل فيها من حيث توافر الخطأ والضرر ورابطة السببية بينهما في حق المتهم المستأنف عليه ما دامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة أول درجة وما دامت المدعية بالحقوق المدنية قد استمرت في السير في دعواها المدنية المؤسسة على ذات الواقعة. لما كان ذلك، وكان لا يؤثر في هذا الأمر كون الحكم الصادر في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً حائزاً قوة الشيء المحكوم فيه إذ أنه لا يكون ملزماً للمحكمة وهي تفصل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية وحدها لأن الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع يختلف في كل منهما عنه في الأخرى مما لا يمكن القول معه بضرورة التلازم بينهما عند الفصل في الدعوى المدنية استئنافياً. إنما يشترط قيام هذا التلازم عند بدء اتصال القضاء الجنائي بهما. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من الخطأ في تطبيق القانون لا يكون سديداً.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد شابه خطأ آخر في تطبيق القانون حين اعتبر الطاعن مسئولاً عن التعويض المطالب به بالرغم من انتفاء رابطة السببية بين الخطأ والحادث. هذا إلى أن المجني عليه نفسه قد تسبب في وقوع الحادث بخطئه الذي يتمثل في اجتيازه شريط السكة الحديد مخالفاً بذلك القرار الوزاري رقم 14 الصادر بتاريخ 4 من مارس سنة 1926 والقانون رقم 277 سنة 1956 في شأن النظام الخاص بالسكك الحديدية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن في هذا الوجه وفنده بقوله: "وحيث إنه إزاء ما ثبت من أقوال شهود الحادث أن المجني عليه كان قد أخذ ذلك الاتجاه وأنه عند عبوره شريط السكة الحديد كان القطار قادماً من خلفه مما يفيد أنه سلكه من ناحية يمين القطار إلى ناحية يساره بانحراف إلى الأمام في اتجاه القطار وهو ما عبر عنه الشاهد الأول للعسكري محمد مصطفى محمود بأنه كان يسير في اتجاه القطار بين القضيبين الأول والثاني. إذا ما ثبت ذلك وكان الثابت من أقوال هؤلاء الشهود أن المتهم لم يطلب آلة التنبيه وأن سرعة القطار لم تكن تتفق ووجوده في مثل مكان الحادث فإن الحادث يكون قد وقع بخطأ المتهم وذلك الخطأ يتمثل في أنه وإن كان معلوماً أنه لا يجوز لأحد اجتياز قضبان السكة الحديد وأن على من يفعل أن يتحقق من خلو الطريق إلا أن الأخذ بذلك على إطلاقه لا يتفق وأن الحادث قد وقع في المنطقة الجمركية وهي منطقه في مثل الوقت الذي وقع فيه الحادث وفي موسم الحج لا تخلو من الناس بل تزدحم بهم وهو ما قال به المتهم نفسه وزعم أنه كان سبباً دعاه إلى إطلاق آلة التنبيه وإن كان قد كذبه في أنه فعل ذلك كل من سئل من شهود الحادث عدا مستخدمي السكة الحديد. وهي أيضاً منطقة مع ازدحامها لا يحد القضبان فيها سور أو سياج بل لا يحدد المكان الذي جاء في المعاينة التي أجرتها المحكمة أن القضبان تتجمع فيه فتصير شريطين اثنين ويعبرهما الطريق المرصوف في الناحية الشرقية إلى جهة الباب رقم (5) المعد لخروج الناس وهو المكان الذي عبر عنه عامل المناورة رجب عبد القادر بأنه مزلقان - ذلك المكان لا يحدده حسب الثابت من المعاينة التي أجرتها المحكمة سلاسل ولا إشارة للتحذير من القطارات وهو فضلاً عن ذلك ليس في وسط الدائرة الجمركية ليسهل على المارة سلوكه بل إنه قريب من الأبواب الخارجية حيث تتجمع القضبان فتصير اثنين فقط وأنه إذا كان ذلك فإنه يكون على المتهم أن يتوقع أن يعبر القضبان أحد ممن يتكاثرون في الدائرة الجمركية في مثل الوقت الذي وقع فيه الحادث بل عليه أن يلتفت إلى الأمام فيرى أن المجني عليه يسير بين خطى السكة الحديد الأول والثاني والمسافة بينهما حوالي مترين وربع وعلى الأخص أن المكان أمامه منبسط لا يستره عن عينيه ما يحول بينه وأن يرى مكان وجود المجني عليه فينبهه وأنه لو فعل على بعد كاف لا يتعد المجني عليه حتى عن القضبان ولما وقع الحادث الذي ترتب عليه أن أصيب المجني عليه بالإصابات التي أبانت عنها إشارة المستشفى والتي توفى بسببها فور وصوله إليها". لما كان ذلك، وكان الأصل أن خطأ المضرور لا يرفع مسئولية المسئول وإنما يخففها إن كان ثمة خطأ مشترك بمعناه الصحيح. ولا يعفي المسئول استثناء من هذا الأصل إلا إذا تبين من ظروف الحادث أن خطأ المضرور هو العامل الأول في إحداث الضرر الذي أصابه وأنه بلغ من الجسامة درجة بحيث يستغرق خطأ المسئول. وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد دلل في منطق سائغ على أن الحادث وقع نتيجة قيادة الطاعن للقاطرة بسرعة لا تحتملها الظروف التي وقع فيها ودون إطلاق جهاز التنبيه لتنبيه المجني عليه فإنه يكون قد أثبت توافر ركن الخطأ في حقه واستظهر رابطة السببية بين الخطأ والحادث. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من الطعن هو القصور في التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمسئولية الطاعن عن التعويض قد أغفل دليلاً هاماً من الأدلة التي أسس عليها الحكم الابتدائي قضاءه ببراءة الطاعن ومحصله أن الحادث لو كان قد وقع وفقاً لتصوير شهود الإثبات من أن القاطرة دهمت المجني عليه بينما كان يسير في وسط الشريط لأضحى جسمه حطاماً فور وقوع الحادث. لكن الثابت أنه لم يصب إلا بكسر بالفخذ الأيمن وهرس بالقدم اليسرى مما يقطع بأنه كان يعبر الشريط من الجهة اليسرى بالنسبة لخط سير القاطرة فصدمته عندما حاول الرجوع إدراجه وهو ما يؤيد صدق شهادة الوفاة ويكذب أقوال شهود الإثبات.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الوجه مردود بما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعديل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات. كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لمسئولية الطاعن المدنية وأورد الأدلة التي استخلص منها هذه المسئولية في حقه وكانت تلك الأدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم من القصور في البيان لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم كله يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات ومصادرة الكفالة .