مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 889

(144)
جلسة 27 من مارس سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أنور محفوظ وطارق عبد الفتاح البشرى والدكتور وليم سليمان قلادة وعبد اللطيف أحمد أبو الخير - المستشارين.

الطعن رقم 1416 لسنة 26 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - بطلان الأحكام.
مفاد المادة 167 من قانون المرافعات أن قضاة المرافعة الذين استمعوا إليها هم بذاتهم قضاة المداولة والحكم بطريق الحتم واللزوم - الحكم هو خلاصة مداولة القضاة بعد سماعهم المرافعة - إذا تغير أحد القضاة الذين سمعوا المرافعة وجب بالضرورة إعادة فتح المرافعة وإعادة الإجراءات تمكيناً للهيئة المعدلة من سماع المرافعة وتمكيناً للخصوم من الترافع أمام هيئة المحكمة بتشكيلها المعدل ومعرفة التعديل الطارئ على التشكيل للقضاة الذين سيصدرون الحكم - مخالفة القاعدة - بطلان الحكم - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 12 يوليه سنة 1980 أودع الأستاذ أسامة لطفي المحامي والوكيل عن السيدين محمد زكي عبد الرحمن ومسعد السيد العبد قلم كتاب هذه المحكمة، تقرير الطعن المثبت بسجلاتها برقم 1416 لسنة 26 القضائية، والمقام ضد وزير الصناعة ورئيس مجلس إدارة شركة النصر للأصواف والمنسوجات الممتازة "ستيا" وذلك طعناً في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 24 من مايو سنة 1980 في القضية رقم 238 لسنة 20 القضائية والتي قضي فيها بإلغاء القرارات الصادرة من المدعى عليه الثاني بمنح إجازات بمرتب للطاعن الأول من 9 من مايو سنة 1978 حتى 11 من أكتوبر سنة 1978 وللطاعن الثاني من 9 من مايو سنة 1978 حتى 24 من أكتوبر سنة 1978، وما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وطلب تقرير الطعن إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض بعض طلباتهما والقضاء بإلغاء قرار وزير الصناعة رقم 481 لسنة 1978 بنقلهما إلى خارج الشركة المطعون ضدها الثانية، وتعويض الطاعنين عن الأضرار التي أصابتهما من جراء هذا القرار وما سبقه من قرارات منحهما إجازات وإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يدفعا إلى كل من الطاعنين مبلغ خمسة وعشرين ألفاً من الجنيهات.
وقدم مفوض الدولة تقريراً انتهى رأيه فيه إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الطعن الأصلي إلى المحكمة التأديبية المختصة لتحكم فيه مجدداً بهيئة أخرى بإجراءات صحيحة وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 7 من ديسمبر سنة 1983، حيث أحيل إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 3 من يناير سنة 1983، وبجلسة 31 من يناير سنة 1984 حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الطعن حسبما يبين من مطالعة الأوراق، تتحصل في أن الطاعنين كانا قد أقاما القضية رقم 238 لسنة 20 القضائية أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية طالبين إلغاء القرارين الصادرين من شركة النصر للأصواف والمنسوجات الممتازة "ستيا" بمد الإجازة الحتمية لكل من المدعيين، والحكم لهما بتعويض قدره قرش صاغ عن قراري الوقف والقرارات السابقة ثم عدلا طلباتهما إلى طلب إلغاء قرار الشركة بعد إجازة المدعي الأول الحتمية إلى 12 من أغسطس سنة 1978 وإلغاء قرارها بمد هذه الإجازة إلى 11 من سبتمبر سنة 1978 والحكم بإلغاء قرار الشركة بمد إجازة المدعي الثاني الحتمية إلى 25 أغسطس سنة 1978 وكذلك إلزام الشركة بأن تؤدي لكل من المدعيين تعويضاً قدره خمسة آلاف جنيه. ثم طلبا إلغاء قرارات صادرة بمد إجازات الطالبين إلى 11 و24 من أكتوبر سنة 1978 ثم طلبا إلغاء قرار وزير الصناعة رقم 1481 الصادر في 13 من سبتمبر سنة 1978 بنقل المدعي الأول إلى صندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية، ونقل المدعي الثاني إلى شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار اعتباراً من 25 سبتمبر سنة 1978 مع تعديل طلب التعويض إلى خمسة وعشرين ألف جنيه لكل من المدعيين، وفي 24 من مايو سنة 1980 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء قرارات منح الإجازات مع رفض ما عدا ذلك من الطلبات.
واستند تقرير الطعن إلى بطلان الحكم المطعون فيه لأن الدعوى، حجزت للحكم بهيئة معينة وفي طلب النطق بالحكم أعيدت الدعوى للمرافعة لتغير تشكيل الهيئة ولم يحضر أحد من الخصوم وحجزت للحكم في آخر الجلسة، وصدر الحكم في اليوم ذاته من الهيئة المعدلة.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة محاضر جلسات المحكمة التأديبية بالإسكندرية في الدعوى رقم 238 لسنة 20 القضائية، أنه منذ جلسة 13 من يناير سنة 1980 كانت هذه المحكمة مشكلة من السيد المستشار/ السيد نوفل والسيدين المستشارين المساعدين/ عبد القادر هاشم النشار وإلهامي زكريا يوسف، وبجلسة 15 من مارس سنة 1980 حجزت للحكم بهذا التشكيل بجلسة 24 من مايو سنة 1980 وفي جلسة النطق بالحكم قررت المحكمة فتح باب المرافعة لتغير تشكيل الهيئة إذ حضر المستشار المساعد الدكتور أحمد جمعة بدلاً من المستشار المساعد عبد القادر النشار وورد بالمحضر أنه لم يحضر أحد فقررت المحكمة أن الحكم آخر الجلسة وأعيد فتح المحضر بذات الهيئة في جلسة اليوم نفسه ونطق بالحكم.
ومن حيث إن المادة 3 من مواد إصدار قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 أحالت إلى أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص في هذا القانون. وقد نصت المادة 167 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً" ومفاد ذلك أن قضاة المرافعة الذين استمعوا إليها هم بذاتهم قضاة المداولة والحكم بطريق الحتم واللزوم. بحسبان أن الحكم هو خلاصة مداولة القضاة بعد سماعهم المرافعة، بحيث إن تغير أحد القضاة الذين سمعوا المرافعة يوجب بالضرورة إعادة فتح باب المرافعة وإعادة الإجراءات تمكيناً للهيئة المعدلة من سماع المرافعة وتمكيناً للخصوم من الترافع أمامها، وتلك قاعدة أصولية في قانون المرافعات وفقهه يترتب على مخالفتها بطلان الحكم الذي ساهم في إصداره عضو لم يسمع المرافعة ولا ترافع الخصوم أمام الهيئة بحضوره.
والمقصود بالمرافعة هو أن يتاح للخصوم مكنة الحضور أمام المحكمة بتشكيلها المعدل، ومكنة معرفة التعديل الطارئ على تشكيل المحكمة بعد أن كان قد أغلق باب المرافعة بحجز الدعوى للحكم، وذلك مصداقاً لحكم المادة 102 مرافعات التي توجب الاستماع إلى أقوال الخصوم حال المرافعة.
ومن حيث إن الثابت من محضر جلسات المحكمة المطعون في حكمها أن تغير تشكيل هيئة المحكمة في جلسة النطق بالحكم، وأعيدت الدعوى للمرافعة لهذا السبب، ونودي على الخصوم فلم يحضر أحد، فصدر الحكم في آخر الجلسة ذاتها بتشكيلها الجديد دون أن يتاح للخصوم مكنة المثول للمرافعة أمامها بتشكيلها الجديد ودون أن يتاح للخصوم معرفة قضاتهم الذين سيصدرون الحكم في دعواهم. والحاصل أن الدعوى كانت قد حجزت للنطق بالحكم في الجلسة السابقة في 15 من مارس سنة 1980 وأغلق باب المرافعة فيها من هذا التاريخ ولم تعد ثمة مكنة للترافع بعده بحيث إن عدم حضور الخصوم يوم النطق بالحكم لم يكن تغيباً منهم عن إحدى جلسات المرافعة ولا كانت إعادة الدعوى للمرافعات في يوم الحكم مما يعتبر في الواقع والقانون إتاحة فرصة جديدة لهم للترافع أمام الهيئة بتشكيلها المعدل.
ومن حيث إنه من كل ذلك يثبت للمحكمة بطلان الحكم المطعون فيه امتثالاً لصريح حكم المادة 167 من قانون المرافعات الأمر الذي يوجب إعادة الدعوى إلى المحكمة التي أقيمت أمامها الدعوى أصلاً لتقضي فيها قضاءً صحيحاً بإجراءات سليمة بالنسبة لكل ما أثير في هذه الدعوى من دفاع موضوعي ومن دفوع شكلية تتعلق باختصاص المحكمة في كل من الطلبات المقدمة لها وتتعلق بمدى توافر شروط قبول الدعوى شكلاً، وتتعلق بتحقيق صحة وفاة المدعي الأول وانقطاع الخصومة بالنسبة له.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع ببطلان الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية لإعادة الفصل فيها.