أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 15 - صـ 176

جلسة 9 من مارس سنة 1964

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، وحسين صفوت السركي، وقطب فراج، ومحمد عبد الوهاب خليل.

(36)
الطعن رقم 2060 لسنة 33 القضائية

( أ ) بلاغ كاذب. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تزوير. أحوال شخصية. "زواج".
البلاغ الكاذب. لا عقاب عليه، إذا لم يتضمن أمراً مستوجباً لعقوبة فاعله. مثال.
إثبات أن الزوجة بكر على خلاف الحقيقة بعقد الزواج. عدم انطوائه على جريمة تزوير. علة ذلك: عقد الزواج لم يعد لإثبات هذه الصفة.
اشتراط بكارة الزوجة لا يؤثر في صحة عقد الزواج. بقاء العقد صحيحاً وبطلان هذا الشرط.
(ب) دعوى مدنية. "ولاية المحاكم الجنائية بنظرها" اختصاص. نقض. "أحوال الطعن بالنقض". "الخطأ في تطبيق القانون". سلطة محكمة النقض".
قضاء المحكمة الجنائية في الدعوى المدنية. شرطه: أن تكون تابعة لدعوى جنائية ومتفرعة عن ذات الفعل الذي رفعت به هذه الدعوى.
القضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لتهمتي القذف والسب، يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنهما، قضاء الحكم برفض الدعوى المدنية. خطأ في تطبيق القانون. وجوب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه.
1 - لا يعاقب القانون على البلاغ الكاذب إذا لم يتضمن أمراً مستوجباً لعقوبة فاعله. ولما كان ما أسنده المتهم إلى الطاعنين من أنهم أثبتوا في عقد زواجه بالطاعنة الأولى على غير الحقيقة أنهما بكر لا ينطوي على جريمة تزوير إذ لم يعد عقد الزواج لإثبات هذه الصفة، كما أن ما أسنده إليهم إن صح على ما ورد بتقرير الطعن من أنهم استولوا منه على هدايا ومبالغ على ذمة هذا الزواج لا ينطوي على جريمة نصب، إذ أنه من المقرر شرعاً أن اشتراط بكارة الزوجة لا يؤثر في صحة عقد الزواج بل يبقى العقد صحيحاً ويبطل هذا الشرط. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن ما أسنده المتهم إلى الطاعنين لا يستوجب معاقبتهم جنائياً أو تأديبياً، فضلاً عن انتفاء سوء القصد وقضى تبعاً لذلك ببراءة المتهم من تهمة البلاغ الكاذب ورفض الدعوى المدنية الناشئة عنها فإنه لا يكون معيباً في هذا الخصوص.
3 - من المقرر أن المحكمة الجنائية لا تقضي في الدعوى المدنية إلا إذا كانت تابعة لدعوى جنائية ومتفرعة عن ذات الفعل الذي رفعت به الدعوى. ومن ثم كان يتعين على الحكم وقد قضى بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لتهمتي القذف والسب العلني أن يقضي في الدعوى المدنية الناشئة عنهما بعدم قبولها تبعاً لذلك، أما وقد وقضى برفضها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيح الحكم في هذا الشأن.


الوقائع

تخلص وقائع هذا الطعن في أن الطاعنين حركوا دعواهم بالطريق المباشر أمام محكمة جنح الرمل الجزئية ضد المطعون ضده بعريضة أعلنت إليه والسيد وكيل نيابة الرمل بتاريخ 13 أغسطس سنة 1958 قالوا فيها إنه في السادس من شهر أبريل سنة 1959 وما بعده - بدائرة قسم الرمل محافظة الإسكندرية أسند المطعون ضده للطاعنين (المدعين بالحقوق المدنية) أموراً مخدشة للشرف والاعتبار فيها اعتداء على شرف المدعية الأولى ومس لسمعة المدعين بالحقوق المدنية وعائلتهم بما أثاره المتهم ونشره بين الكافة ولم يكتف بما تلوكه الألسن بل أخذ يشيع الشائعات المسمومة ضدهم عن حياة الأولى واستقامتها وسلوكها مما أثار في أذهان الناس ظنوناً وشبهات استقرت في أذهان من يعرفونهم وعائلتهم حتى أصبحت أشباح الرذيلة التي اصطنعها المتهم تطاردهم. ولم يكتف المتهم بذلك الأمر الخبيث بل تقدم ببلاغ كاذب بسوء قصد ضد المدعين بالحقوق المدنية عن أمور لو كانت صادقة لأوجبت عقابهم واحتقارهم عند أهل وطنهم كما أخبر بأمر كاذب مع سوء القصد ضدهم وردد عبارات بقصد التشهير بالطاعنين وخدش شرفهم واعتبارهم. وقد تضمن القذف والسب الذي ارتكبه المتهم (المطعون ضده) طعناً في عرض المدعين وخدشاً لسمعة عائلتهم. وطلبوا في ختامها معاقبته طبقاً للمواد 171 - 302/ 1 و303، 305، 306، 308، 394 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع لهم ألفي جنيه للطاعنة الأولى وخمسمائة جنيه لكل من الطاعنين الثاني والثالث ولدى نظر الدعوى أمام تلك المحكمة قدم المتهم مذكرة بدفاعه ضمنها عدة دفوع: أولاً - الدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل إذ خلت من بيان ألفاظ السب التي أقيمت الدعوى على أساسها. ثانياً - الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة استناداً إلى المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية. ثالثاً - عدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد. رابعاً - عدم قبول الدعوى بالنسبة لكل من الطاعنين الثاني والثالث إذ لا مصلحة لهما ولم يصبهما ضرر شخصي من الجريمة على فرض حصولها. وانتهى في مذكرته تلك إلى طلب الحكم بقبول الدفوع المبداة منه وببراءته مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية. وقد قضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 11 مارس سنة 1961: أولاً - بقبول الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بعد الميعاد وبعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لتهمتي القذف والسب العلني وبرفض باقي الدفوع. ثانياً - ببراءة المتهم من تهمة السب غير العلني. ثالثاً - بتغريم المتهم خمسة جنيهات عن جريمة البلاغ الكاذب وبإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحق المدني الأول 400 جنيه ولكل من المدعيين بالحق المدني الثاني والثالث مبلغ خمسين جنيهاً والمصاريف المناسبة و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة. ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وذلك بلا مصاريف جنائية. استأنف كل من المتهم والمدعيين بالحق المدني هذا الحكم في الميعاد. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - دفع المدعون بالحق المدني بعدم جواز استئناف المتهم للحكم الصادر في الدعوى الجنائية. وقضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 10 فبراير سنة 1962 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم من التهمة المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية قبله وألزمت رافعيها مصروفاتها عن الدرجتين بلا مصروفات جنائية. وقد ردت على الدفع بجواز الاستئناف من المتهم وبقبوله شكلاً. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطعن بني على ثلاثة أوجه، حاصل أولها بطلان الحكم المطعون فيه ذلك أن المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية توجب على رئيس المحكمة أن يوقع على الحكم إلا إذا قام مانع لديه فيوقعه أحد القضاة الذين اشتركوا معه في إصداره وقد استبان الطاعنون من مطالعة الحكم أنه موقع عليه من عضو اليسار دون بيان ما يدل على قيام مانع لدى رئيس المحكمة.
وحيث إن هذا النعي على غير أساس، ذلك أنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه موقع عليه من رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم وليس من عضو اليسار كما ذهب الطاعنون.
وحيث إن الوجه الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك أنه أقام قضاءه ببراءة المتهم من تهمة البلاغ الكاذب على أن ما نسبه المتهم إلى الطعانين من أنهم أثبتوا في عقد زواجه بالطاعنة الأولى على غير الحقيقة أنها بكر لا ينطوي على جريمة تزوير إذ لم يعد عقد الزواج أصلاً لإثبات هذه الواقعة هذا بالإضافة إلى ما أثبته الحكم من انتفاء القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب مع أن هذه الواقعة بذاتها تكون جريمة تزوير في أوراق رسمية، كما لم يرد الحكم على ما استدل به الحكم الابتدائي من توافر القصد الجنائي لدى المتهم ولم يتعرض أيضاً لجريمة النصب التي أسندها إليهم المتهم من أن إثبات هذه الواقعة حمله على الزواج بالطاعنة الأولى ومن ثم فاستيلاؤهم على المبلغ والهدايا التي قدمتها إليهم على ذمة هذا الزواج تكون جريمة النصب التي تقوم بنسبتها إليهم جريمة البلاغ الكاذب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان القانون لا يعاقب على البلاغ الكاذب إذا لم يتضمن أمراً مستوجباً لعقوبة فاعله، وكان ما أسنده المتهم إلى الطاعنين من أنهم أثبتوا في عقد زواجه بالطاعنة الأولى على غير الحقيقة أنها بكر، لا ينطوي على جريمة تزوير إذ لم يعد عقد الزواج لإثبات هذه الصفة، كما أن ما أسنده إليهم أن صح على ما ورد بتقرير الطعن من أنهم استولوا منه على هدايا ومبالغ على ذمة هذا الزواج لا ينطوي على جريمة نصب إذ أنه من المقرر شرعاً أن اشتراط بكارة الزوجة لا يؤثر في صحة عقد الزواج بل يبقى العقد صحيحاً ويبطل هذا الشرط. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن ما أسنده المتهم إلى الطاعنين لا يستوجب معاقبتهم جنائياً أو تأديبياً، فضلاً عن انتفاء سوء القصد وقضى تبعاً لذلك ببراءة المتهم من تهمة البلاغ الكاذب ورفض الدعوى المدنية الناشئة عنها، فإنه لا يكون معيباً في هذا الخصوصي.
وحيث إن الوجه الثاني يتحصل في خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون إذ قضى برفض الدعوى المدنية برمتها مع أنه كان يتعين عليه وقد قضى في الدعوى الجنائية بعدم قبولها بالنسبة لتهمتي القذف والسب العلني، أن يقضي بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنهما تبعاً لذلك.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض للدعوى المدنية الناشئة عن جميع التهم المسندة إلى المتهم ومن بينها تهمتي القذف والسب العلني اللتين قضى بعدم قبولهما وانتهى إلى رفض الدعوى المدنية برمتها، ولما كان من المقرر أن المحكمة الجنائية لا تقضي في الدعوى المدنية إلا إذا كانت تابعة لدعوى جنائية ومتفرعة عن ذات الفعل الذي رفعت به الدعوى، فكان يتعين على الحكم وقد قضى بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لتهمتي القذف والسب العلني، أن يقضي في الدعوى المدنية الناشئة عنهما بعدم قبولها تبعاً لذلك. أما وقد قضى برفضها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ومن ثم يتعين نقضه نقضاً جزئياً وتصحيح الحكم في هذا الشأن .