مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 904

(147)
جلسة 31 من مارس سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمود عبد العزيز الشربيني ونصحي بولس فارس وعادل عبد العزيز بسيوني وثروت عبد الله أحمد - المستشارين.

الطعن رقم 582 لسنة 25 القضائية

( أ ) مهندس مكلف - مدة التكليف - حسابها.
القانون رقم 296 لسنة 1956 في شأن أوامر التكليف للمهندسين المصريين خريجي الجامعات المصرية معدلاً بالقانون رقم 74 لسنة 1964 - كل من يحمل الجنسية المصرية وتخرج في إحدى الكليات أو المعاهد العلمية المنوه عنها بالقانون يلتزم بالخدمة في الجهات المكلف بها - مدة التكليف سنتان يجوز امتدادها لمدد متماثلة زمنياً دون حد أقصى - أمر التكليف محمول في حالة صدوره بدون تحديد مدة على أنه يتجدد كل سنتين صراحة أو ضمناً - الحكمة من ذلك: دوام حسن سير العمل بالمرافق العامة للدولة بضمان توفير احتياجاتها من عناصر بشرية مؤهلة تأهيلاً علمياً معيناً - تطبيق.
(ب) مهندس مكلف - القانون رقم 54 لسنة 1976 في شأن المهندسين المصريين خريجي الجامعات والمعاهد المصرية والمعمول به اعتباراً من 24/ 6/ 1976 قد ألغى القانون رقم 296 لسنة 1956 - المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1976 حظرت على المهندسين الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم لمدة ست سنوات تبدأ من تاريخ استلام العمل ما لم تنته بأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 70 من القانون رقم 58 لسنة 1971 أو المادة 64 من القانون رقم 61 لسنة 1971 - مفاد أحكام القانون رقم 54 لسنة 1976 أن أحكامه تسري على من كان مخاطباً بأحكام القانون رقم 296 لسنة 1956 واستمرت مطبقة عليه حتى صدور القانون رقم 54 لسنة 1976 - متى أدرك القانون رقم 54 لسنة 1976 المهندس أثناء تكليفه فإن مدة تكليفه تنتهي حكماً وبقوة القانون بقضائه مدة خدمة أقصاها ست سنوات من تاريخ بدء تكليفه.
(جـ) مهندس مكلف - مدة خدمة عسكرية - مدى جواز حسابها ضمن مدة التكليف - المادة 63 من القانون رقم 505 لسنة 1955 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية معدلة بالقانون رقم 83 لسنة 1968 ورقم 38 لسنة 1971 - مدة الخدمة العسكرية تعتبر كأنها قضيت بالخدمة المدنية وترتب ما ترتبه مدة الخدمة الفعلية من آثار كالأقدمية والترقيات والعلاوات - حكمة ذلك: ألا يضار المجند من تجنيده - المشرع في المادة 44 من القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية اتبع ذات الأحكام من حيث اعتبار مدة التجنيد كأنها قضيت بالخدمة المدنية وترتيب آثارها - نتيجة ذلك. تحسب في مدة التكليف المدة التي يقضيها المهندس المكلف في الخدمة العسكرية والوطنية إذا اتحدت مع مدة التكليف أو تداخلت معها - امتناع المهندس عن تسلمه العمل بعد مدة تجنيده وعدم استكمال مدة الست سنوات تتحقق معه المخالفة المنصوص عليها في المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1976 وتستوجب مساءلته تأديبياً.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 18 من أبريل 1979 أودع الأستاذ حنا ناروز المحامي بصفته وكيلاً عن السيد المهندس/ ........، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 582 لسنة 25 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان بجلسة 21 من فبراير 1979 في الدعوى رقم 111 لسنة 20 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد السيد المهندس/ ....... والقاضي بمجازاته بخصم شهرين من راتبه. وقد طلب الطاعن في تقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم ببراءة الطاعن مما أسند إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وبعد أن تم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق، قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 28 من ديسمبر سنة 1983 وبجلسة 25 من يناير 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة لنظر بجلسة 4 من فبراير 1984 وبتلك الجلسة استمعت المحكمة لما رأت لزوماً للاستماع إليه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم بجلسة 17 من مارس 1984 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والاستماع إلى الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يستخلص من الأوراق في أنه بتاريخ 14 من أغسطس 1978 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان تقرير اتهام ضد السيد/ ...... المهندس المكلف بالعمل بالهيئة العامة لمياه الشرب، لأنه خلال الفترة من أول يوليو 1977 حتى 14 من مايو 1978 بالهيئة العامة لمياه الشرب التابعة لوزارة الإسكان خالف القانون وخرج على مقتضى الواجب بأن انقطع عن العمل في غير حدود الإجازات المرخص بها قانوناً دون أن يمضي في خدمة الدولة ست سنوات. وبذلك يكون قد ارتكب المخالفات الإدارية المنصوص عليها بالمواد 42، 55 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 والمادة 3 من القانون رقم 54 لسنة 1976 بشأن المهندسين المصريين خريجي الجامعات والمعاهد المصرية، وطلبت محاكمته طبقاً للمواد سالفة الذكر وبالمادتين 80 و82 من نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه والمادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 بسريان أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على العاملين بالهيئات العامة والمادة 13من القانون رقم 61 لسنة 1963 بشأن الهيئات العامة والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار إليه والمادتين 15 و19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 21 من فبراير 1979 حكمت المحكمة بمجازاة السيد/ ......... بخصم شهرين من مرتبه وأقامت قضاءها على أن المتهم وهو مهندس مكلف للعمل بالهيئة العامة لمياه الشرب بقرار وزير الإسكان والتعمير رقم 252 لسنة 1975 لمدة سنتين قابلة للامتداد مدداً أخرى مماثلة وتمتد تلقائياً وذلك اعتباراً من أول مارس 1975 - قد انقطع عن العمل دون أن يكون قد أمضى مدة تكليفه وفقاً للقرار الوزاري المشار إليه بالمخالفة لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1976 في شأن المهندسين المصريين خريجي الجامعات والمعاهد المصرية الذي يسري وفقاً لصريح النص على المهندسين المكلفين، وبذلك يكون قد ثبت عدم قضائه مدة عمل فعلية بالهيئة مقدارها سنتان مخالفاً بذلك نص قرار التكليف مما يتعين معه والحالة هذه مساءلته.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ وخالف القانون عندما ذهب إلى أن مدة التكليف يجب أن تكون فعليه، إذ أن الطاعن وقد كان مجنداً بالقوات المسلحة أثناء مدة تكليفه التي بدأت في أول مارس 1975 وانتهت في 28 من فبراير 1977 قبل تاريخ تسريحه من القوات المسلحة في أول يوليو 1977، وبالنظر إلى أن مدة التجنيد تحسب في الأقدمية واستحقاق العلاوات والترقيات فإنه برفضه العودة إلى الهيئة العامة لمياه الشرب بعد انتهاء تجنيده في أول يوليو 1977 لم يخالف القانون لأنه أصبح طليقاً من التكليف بانتهاء مدته في 28 من فبراير 1977 سيما وأن التكليف لم يجدد ولا يجوز إصدار أمر تكليف جديد. يضاف إلى ذلك أن القانون رقم 54 لسنة 1976 في شأن المهندسين المصريين خريجي الجامعات والمعاهد المصرية قد جعل لأي مهندس الحرية الكاملة في أن يعمل بالحكومة والقطاع العام أو حيثما يشاء عند تخرجه ومن ثم فهو قانون أصلح للطاعن وليس من المقبول أن يمتاز المهندس الجديد على القديم، وهذه الميزة يجب أن يتمتع بها المهندس الذي كلف قبل صدور هذا القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 16 من مارس 1975 - وأثناء أداء الطاعن للخدمة الإلزامية - صدر قرار وكيل وزارة الإسكان والتعمير للشئون المالية والإدارية رقم 252 لسنة 1975 ونص في المادة الأولى منه على أنه اعتباراً من 1/ 3/ 1975 يكلف خريجو كليات الهندسة بالجامعات المصرية وكليتي الفنون الجميلة والمعاهد العليا الصناعية الآتية أسماؤهم بعد للعمل بالجهات الموضحة قرين كل منهم لمدة سنتين قابلة للامتداد مدداً أخرى مماثلة وتمتد تلقائياً مدد تكليفهم ما لم يصدر قرار بخلاف ذلك....
ثم صدر بعد ذلك قرار الهيئة رقم 453 لسنة 1975 بتاريخ 27/ 7/ 75 بتوزيعه على قوة الديوان العام لحين استلامه العمل نظراً لتجنيده ثم ورد إلى الهيئة العامة لمياه الشرب كتاب إدارة شئون الضباط بالقوات المسلحة المقيد برقم 9/ 7/ 36 المؤرخ 30/ 11/ 1975 متضمناً أن المذكور انتهت مدة تجنيده الإلزامية في 3/ 11/ 1975 وقد تقرر استدعاؤه للخدمة بالقوات المسلحة كضابط احتياط اعتباراً من 1/ 12/ 1975 على أن تتحمل الهيئة بمرتبه اعتباراً من هذا التاريخ. وقد استمر المذكور في صرف مرتبه من هيئة مياه الشرب حتى نهاية شهر يونيو سنة 1977. ثم توقف عن صرفه بعد ذلك مما حدى بالهيئة العامة لمياه الشرب إلى إرسال كتابها المقيد برقم 303630 المؤرخ 16 من مارس 1978 إلى مدير إدارة شئون الضباط بالقوات المسلحة لإفادتها بذلك وللاستفسار عن الأمر. فورد إليها كتاب هذه الإدارة الأخيرة المؤرخ 22 من مارس 1978 والمقيد برقم ش ض/ 78/ 4072/ 2178 متضمناً أن المذكور قد أنهى استدعاؤه من خدمة القوات المسلحة وأعيد إلى وظيفته المدنية اعتباراً من أول يوليو 1977. وفي ضوء ما تقدم ونظراً لعدم استلام الطاعن عمله بالهيئة منذ تاريخ تسريحه واستمراره منقطعاً عنه حتى وقتذاك حررت الهيئة العامة لمياه الشرب كتابها المؤرخ 18 من أبريل 1978 إلى السيد وكيل النيابة الإدارية لوزارتي الإسكان والتموين متضمناً إحاطته بما جاء بكتاب إدارة شئون الضباط المؤرخ 22 مارس 1978 السابق التنويه به، كما بعثت بكتابها المقيد برقم 304268 المؤرخ 11 من أبريل 1978 إلى السيد الأستاذ النائب العام متضمناً إفادته بما تقدم بيانه وموضحاً به أن الهيئة العامة لمياه الشرب قد أرسلت إلى الطاعن على عنوانه 17 شارع الشريف الراخص/ ثوريل/ المنصورة بالدقهلية الكتابين رقم 303631 المؤرخ 16 من مارس 1978 ورقم 303882 المؤرخ 27 من مارس 1978 بإنذاره بأنه في حالة عدم استلام عمله بالهيئة سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية قبله عملاً بأحكام القانون رقم 54 لسنة 1976. وطلبت في ختام كتابها إلى النائب العام أن يتخذ الإجراءات القانونية ضده طبقاً لأحكام القانون المشار إليه. هذا، وقد باشرت النيابة الإدارية تحقيق الموضوع وباستدعائها الطاعن بالكتاب الموصى عليه بعلم الوصول المقيد برقم 2153 المؤرخ 7 من مايو 1978 للمثول أمامها بجلسة 14 من مايو 1978، فلم يمثل رغم ارتداد علم الوصول موقعاً عليه بما يفيد الاستلام.
ومن حيث إنه بالاطلاع على أحكام القانون رقم 296 لسنة 1956 في شأن أوامر التكليف للمهندسين المصريين خريجي الجامعات المصرية المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 1964 يبين أن المادة 6 منه تنص على "أنه كل من يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة من خريجي كليات الهندسة في جامعات الجمهورية العربية المتحدة أو في المعاهد والكيات التابعة لوزارة التعليم العالي والتي يصدر بتحديدها قرار من وزير التعليم العالي أن يقدم خلال أسبوعين من تاريخ إعلان نتيجة الامتحان إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون إقراراً باسمه ومحل إقامته والقسم الهندسي الذي تخصص فيه......." كما تنص المادة 2 منه على أنه "تشكل بقرار من رئيس المجلس التنفيذي لجنة وزارية تتولى ترشيح أسماء الخريجين الذين تدعو حاجة العمل بالوزارات والهيئات والمؤسسات العامة إلى إلحاقهم بوظائفها وذلك من واقع البيانات والإقرارات المنصوص عليها في المادة الأولى مع مراعاة استثناء أعضاء البعثات والمعيدين في الجامعات" وتنص المادة 3 منه على أنه "يصدر الوزير المختص أو من ينيبه أمر تكليف إلى الخريجين الذين رشحتهم اللجنة للعمل في الوظائف التي عينتها ويكون هذا الأمر نافذاً لمدة سنتين قابلة للامتداد مدداً أخرى مماثلة" ومفاد جماع أحكام النصوص المتقدمة، أن كل من يحمل الجنسية المصرية وتخرج في إحدى الكليات أو المعاهد العلمية المنوه عنها يلتزم بالخدمة في الجهات الموضحة بها إذا صدر من الوزير المختص أو من ينيبه أمر يضمن تكليفه بناء على ترشيحه من جانب اللجنة الوزارية المشار إليها. وتكون مدة خدمة من صدر بشأنه الأمر طبقاً لهذا التنظيم - سنتين يجوز أن تمتد. وفي حالة الامتداد فإن المد يكون لمدة مماثلة زمنياً أي سنتين وهكذا دون حد أقصى. هذا مع ملاحظة أن المشرع قد أورد نصوص هذه الأحكام على نحو يتسم بعدم الجمود ويحقق لجهة الإدارة من اليسر ما يلزم لتحقيق الهدف من إصدار هذا القانون. ويتجلى ذلك في عدم تطلبه وجوب امتداد أمر التكليف صراحة، وبالتالي فقد يتم صراحة وقد يكون ضمني يستشف صدوره من ظروف الحال. كما أنه لم يشترط أن يكون لكل مدة تكليف أمر مستقل بها، ومن ثم فليس ثمة ما يحول دون صدور أمر التكليف للمدة المقررة قانوناً - أي سنتين - متضمناً النص على أن هذه المدة تمتد أو تتجدد تلقائياً لمدد أخرى مماثلة باعتبار ذلك جائز وممكن قانوناً. بل إن أمر التكليف محمول في حالة صدوره بدون تحديد مدة على أنه لمدة سنتين ويتجدد أو يمتد صراحة أو ضمناً لمدد مقدار كل منها سنتين أيضاً باعتبار ذلك هو الحد الزمني الأدنى المقرر لكل مدة بمقتضى أحكام القانون. وهذا النهج من جانب المشرع ليس بدعاً في التشريع، ذلك أن تحرير جهة الإدارة عند معالجة هذا الموضوع بمقتضى هذا القانون من المعوقات الإدارية وإضفاء المرونة على أحكامه يتفق والغاية المنشودة من إصداره وهي كفالة استمرار ودوام حسن سير العمل بالمرافق العامة للدولة بضمان توفير احتياجاتها من عناصر بشرية مؤهلة تأهيلاً علمياً معيناً.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى أحكام القانون رقم 54 لسنة 1976 في شأن المهندسين المصريين خريجي الجامعات والمعاهد المصرية الذي يسري العمل بأحكامه اعتباراً من 24 من يونيو 1976، تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، يبين أنه ولئن كانت المادة السادسة منه قد قضت بإلغاء القانون رقم 296 لسنة 1956 السابق الإشارة إليه، إلا أن المادة الثالثة منه قد قضت على أنه يحظر على المهندسين المشار إليهم في المادة الأولى الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم لمدة ست سنوات تبدأ من تاريخ استلامهم العمل ما لم تنته خدمته بأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 70 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة والمادة 64 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام ذلك ويسري الحكم المتقدم على المهندسين المعينين والمكلفين بأجهزة الحكومة أو بالقطاع العام وقت العمل بأحكام هذا القانون ومؤدى حكم الفقرة الأخيرة من هذه المادة أن أحكامها تسري في شأن من كان مخاطباً بأحكام القانون رقم 296 لسنة 1956 المشار إليه وطبقت عليه أحكامه واستمرت منطبقة عليه حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 54 لسنة 1976 المشار إليه وإذ أدركته أحكام هذا القانون الأخير فإن مدة تكليفه تنتهي حكماً وبقوة القانون بقضائه مدة خدمة أقصاها ست سنوات وذلك حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة.
ومن حيث إن المادة 63 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية المعدلة بالقانون رقم 149 لسنة 1960 تنص على أنه "يحتفظ الموظف أو المستخدم أو العامل أثناء وجوده في الخدمة العسكرية أو الوطنية بما يستحقه من ترقيات وعلاوات كما لو كان يؤدي الخدمة فعلاً وتضم مدة خدمته فيها لمدة عمله وتحسب في المكافآت أو المعاش. وتعتبر هذه المدة قد قضيت بنجاح إن كان التعيين تحت الاختبار" كما نصت المادة 63 من القانون ذاته المعدلة بالقانون رقم 83 لسنة 1968 ورقم 38 لسنة 1971 على أنه تعتبر مدة الخدمة العسكرية والوطنية الفعلية الحسنة بما فيها مدة الاستبقاء بعد إتمام مدة الخدمة الإلزامية للمجندين الذين يتم تعيينهم أثناء مدة تجنيدهم أو بعد انقضائها في وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها كانت قضيت بالخدمة المدنية وتحسب هذه المدة في الأقدمية بالنسبة إلى العاملين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة كما تحسب كمدة خبرة بالنسبة إلى العاملين بالقطاع العام....... "ومفاد أحكام هاتين المادتين أن الشارع قد قرر صراحة أن من يجند من الموظفين ومن يلحق بالخدمة أثناء تجنيده تعتبر مدة التجنيد التي يمضيها على هذا النحو شأنها شأن الخدمة الفعلية وترتب في شأنه ما ترتبه الخدمة الفعلية من آثار ودلل على ذلك بنصه على سبيل المثال على بعض الآثار التي تنشأ عن أداء الفرد للخدمة فعلاً كالترقيات والعلاوات والأقدمية.. إلخ وغير خاف أن مراد المشرع وقصده من ذلك هو ألا يضار المجند بتجنيده وألا يصبح في وضع أسوأ من قرينه بسبب هذا التجنيد. وإنما على العكس فالمشرع يستهدف بصفة عامة أن تكون الخدمة العسكرية سبباً لتفضيل من أداها على من لم ينل شرف هذا الأداء. ويؤكد ذلك ما ذهب إليه المشرع في القانون رقم 127 لسنة 1980 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية المعمول به حالياً بالنص في المادة 41 على أن يكون للمجند ولمن أتم خدمته الإلزامية الأولوية في التعيين على زملائه المرشحين معه في ذات مرتبة النجاح..." وإذ قرر الشارع من جانب أن الخدمة العسكرية والوطنية شأنها شأن الخدمة المدنية فاعتد بالمدة التي قضيت بها في مجال ترتيب الآثار التي ترتبها مثل هذه المدة حال قضائها بالخدمة المدنية وحرص من جانب آخر على أن يكفل عدم التفرقة بين من يؤدي هذه الخدمة ومن لم يتشرف بأدائها للحيلولة دون تمييز من لم يؤدها على من أداها، بل على العكس فضله عليه في مجالات معينة حسبما سلف البيان، فإن الأمر يستتبع والحال كذلك أن تحسب في مدة التكليف المدة التي يمضيها المهندس المكلف في الخدمة العسكرية والوطنية إذا اتحدت مع مدة التكليف أو تداخلت معها.
ومن حيث إنه في ضوء ما سلف بيانه، وكان المستظهر من الأوراق أنه أثناء أداء الطاعن للخدمة العسكرية صدر بتاريخ 16 من مارس 1975 قرار وكيل وزارة الإسكان والتعمير للشئون المالية والإدارية رقم 252 لسنة 1975 بتكليفه بالعمل، اعتباراً من أول مارس 1975، بالهيئة العامة لمياه الشرب وذلك لمدة سنتين قابلة للامتداد مدداً أخرى مماثلة وتمتد تلقائياً مدة تكليفه ما لم يصدر قرار بخلاف ذلك. ومنذ الأول من ديسمبر 1975، تاريخ استدعائه للخدمة بالقوات المسلحة، واظب الطاعن على صرف مرتبه من هيئة مياه الشرب حتى نهاية شهر يونيو 1977 تاريخ تسريحه من القوات المسلحة، الأمر الذي يفصح عن علم الطاعن بقرار تكليفه وعدم اعتراضه عليه. غير أن الطاعن لم يتسلم عمله بالجهة المكلف بها عقب تسرحيه الأمر الذي دعى جهة عمله إلى اعتباره ممتنعاً عن تنفيذ قرار تكليفه لعدم استلامه العمل وانقطاعه عنه بما يستتبع مساءلته ومجازاته فإن الطاعن على هذا النحو يكون قد خالف أحكام القانون بامتناعه عن تنفيذ قرار تكليفه ذلك أن تكليفه لم يبلغ غايته في 28 من فبراير 1977 حسبما ذهب إليه في تقرير الطعن الماثل نظراً لأن أحكام القانون رقم 54 لسنة 1976 السابق الإشارة إليه - المعمول به اعتباراً من 24 يونيو 1976 - قد أدركته وبالتالي يخضع لحكم الفقرة الأخيرة من مادته الثالثة التي وفقاً لها يعتبر تكليفه منتهياً بقوة القانون بانقضاء ست سنوات خدمة على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، هذا كله بمراعاة حساب مدة السنوات الست هذه بدءاً من أول مارس 1975 تاريخ صدور قرار تكليفه الذي واكب تجنيده بما يستتبع أعمال المقاصة بين هذه المدة التي أمضاها في الخدمة العسكرية والوطنية بحسبانها مدة خدمة فعلية على نحو ما سبق بيانه. وبالابتناء على ذلك يكون الطاعن قد خالف حكم القانون بعدم استلامه العمل في أول يوليو 1977عقب تسريحه من القوات المسلحة وانقطاعه عنه منذ هذا التاريخ حتى 28 من فبراير 1981 تاريخ انتهاء السنوات الست المكلف بالخدمة طوال مدتها بما يتحقق معه ارتكابه للمخالفة المنصوص عليها في المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1976 المشار إليه التي تحظر عليه، باعتباره مهندساً مكلفاً، الامتناع عن تأدية أعمال وظيفته، ويستوجب مساءلته وتوقيع الجزاء المناسب لهذا الذنب الإداري عليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، على هدي ما سلف بيانه، ولئن كان قد أخطأ في تفسير القانون وتطبيقه عندما ذهب غير هذا المذهب، وانتهى إلى أن مدة تكليف الطاعن تبدأ من تاريخ استلامه العمل بالجهة المكلف بها عقب تسريحه من القوات المسلحة مسقطاً بذلك ما تداخل منها مع مدة التجنيد، إلا أنه قد أصاب وجه الحق فيما انتهى إليه من إدانة الطاعن وعقد مسئوليته لعدم تنفيذه حكم المادة 3 من القانون رقم 54 لسنة 1976 بامتناعه عن استلام عمله تنفيذاً لقرار تكليفه عقب تسريحه من القوات المسلحة ومجازاته بخصم شهرين من رابته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات.