أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 272

جلسة 13 من أبريل سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، وبطرس زغلول.

(54)
الطعن رقم 2374 لسنة 33 القضائية

مرافق عامة. "عقود التزام المرافق العامة". إسقاط الالتزام. "أثره". نقض. "أحوال الطعن بالنقض". "مخالفة القانون". دعوى مدنية. "قبولها". دفوع.
عقود التزام المرافق العامة: إدارة الملتزم المرفق لحسابه وعلى نفقته وتحت مسئوليته،. أثر ذلك: تحمله بجميع الالتزامات التي ثبتت في ذمته أثناء إدارته. لا شأن للملتزم الجديد أو جهة الإدارة مانحة الالتزام بها. إلا إذا وجد نص خاص في عقد الالتزام الجديد أو في القانون المسقط للالتزام يحمل الملتزم الجديد أو الدولة بها. مجانية الحكم هذا النظر. مخالفة للقانون تستوجب نقضه. مثل في شأن إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة بموجب القانون 123 لسنة 1961.
القاعدة في عقود التزام المرافق العامة هي أن الملتزم يدير المرفق لحسابه وعلى نفقته وتحت مسئوليته بما يترتب عليه أن جميع الالتزامات التي ثبتت في ذمته أثناء قيامه بإدارة المرفق تقع على عاتقه وحده ولا شأن للملتزم الجديد أو جهة الإدارة مانحة الالتزام بها ما لم يرد نص خاص في عقد الالتزام الجديد أو في القانون المسقط للالتزام بها يحمل الملتزم الجديد أو الدولة بهذه الالتزامات السابقة. ولما كان يبين من القانون رقم 123 لسنة 1961 في شأن إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة أنه لم يرد به نص على التزام مؤسسة النقل العامة لمدينة القاهرة بالالتزامات التي ترتبت بذمة الشركة المذكورة، إلا في حدود ما ورد بالمادة الثالثة في شأن عقود العمل التي كانت قائمة في تاريخ العمل بهذا القانون، وكان ما ورد بالمادتين الخامسة والسادسة خاصاً بتشكيل لجنة لتقييم جميع الالتزامات والحقوق وخصم هذه الالتزامات إنما قصد به النص على المقاصة بين حقوق كل من جهة الإدارة والشركة الملتزمة التي تقتضيها تصفية الحساب بينهما بعد إسقاط الالتزام وذلك قطعاً لكل نزاع عند التصفية، فإن دعوى التعويض المقامة على مؤسسة النقل العام عن حادث وقع قبل إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة تكون غير مقبولة لرفعها على غير ذى صفة ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها قد خالف القانون بما يستوجب نقضه والحكم بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها على غير ذى صفة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن الأول بأنه في يوم 23 ديسمبر سنة 1960 بدائرة قسم الأزبكية: تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل كمال بهجت زكي وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعد احتياطه بأن قاد الترام بحالة تنجم عنها الخطر على حياة الجمهور وبسرعة تزيد عن الحد المقرر ولم يتعمل آلة التنبيه ولم يتخذ الحيطة اللازمة فصد المجني عليه وأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وقد ادعى زكي ميخائيل (والد المجني عليه) بحق مدني قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد وبجلسة 16 أكتوبر سنة 1961 عدل المدعي طلباته، وطلب القضاء له قبل المتهم ومؤسسة النقل العام بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة الأزبكية الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 27 يونيه سنة 1962 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة حنيهات لوقف التنفيذ وإلزام المتهم ومدير مؤسسة النقل العام بأن يدفعا متضامنين للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً تعويضاً مؤقتاً مع المصاريف المدنية ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف هذا الحكم كل من المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية. ومحكمة القاهرة الابتدائبة - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 30 أكتوبر سنة 1962 بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الأول القصور ومخالفة القانون ذلك لأن الطاعن كان قد دفع أمام محكمة الموضوع بأن الحادث نشأ عن خطأ المجني عليه وحده حينما عبر الطريق فجأة دون حيطة مولياً ظهره للترام وعلى مسافة مترين منه مما كان لا يمكن معه تجنب الحادث وتنعدم بذلك رابطة السببية بين الخطأ المسند للطاعن وهو قيادة التزام بسرعة وعدم استعمال جهاز التنبيه وبين وقوع الحادث ولكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسباب الحكم المطعون فيه استظهر ركن الخطأ في حق الطاعن الأول أخذاً مما قرره الشاهدان عبده فرج عبد السيد والسيد حنفي السيد بالمحضر الذي حرره الضابط عبد الرحمن مطر وبمحضر تحقيق النيابة والتي قالا فيها إن الطاعن كان يقود الترام بسرعة زائدة عن الحد الذي يمكن معه إيقافه في الوقت المناسب ولم يستعمل جهاز التنبيه على الرغم من سيره بجوار السور الحديدي الموازي لخط سير المترو الذي اعتاد المارة اجتيازه من فتحات به وكان المجني عليه وقتذاك يعبر قضبان الترام وعلى مسافة خمسة أمتار عنه فلحق به وصدمه فأحدث به الإصابات التي أودت بحياته وقد أيد الحكم ما ورد بهذه الشهادة بأقوال مهندس مرفق الترام أحمد سعيد الجزار من أن أقصى سرعة للترام تكون في حالة السير على (السنة الثامنة) أما إذا سار على (السنة السابعة) وهي ما قرر الطاعن في التحقيقات بالسير عليها فإن السرعة تكون ما بين 25، 30 كيلو متراً في الساعة ولا تصل القاطرة إلى هذه السرعة إلا بعد قيامها من محطتها وبعد وصولها إلى منتصف المسافة بين المحطتين وهو ما ثبت للمحكمة من الرسم التخطيطي لمكان الحادث المقدم من الدفاع عن المدعي المدني والذي وافق عليه المتهم (الطاعن) والثابت منه أن المسافة بين المحطتين اللتين وقع بينهما الحادث تبلغ 244 متراً وأن الحادث وقع على مسافة 131 متراً من محطة القيام. واستند الحكم أيضاً إلى أن السير بمثل هذه السرعة التي شهد بها الشاهدان والتي تأيدت بشهادة منهدس مرفق الترام وبالرسم التخطيطي المقدم من المدعي بالحق المدني وكذلك عدم التنبيه باستعمال جهاز التنبيه مخالف لحكم المادتين 12، 14 من قرار ترام القاهرة الصادر في 18/ 4/ 1950 وتقضي المادة الأولى منهما بمسئولية قائد الترام عن السرعة القصوى وأمن السير وتوقيفه كلما اقتضى الحال ذلك ومنعاً للحوادث وعليه التنبيه بقرع جرس التنبيه وتنص المادة الثانية على أنه يجب على قائد الترام أن يحد السرعة بحسب الطريق المار عليه غير أنه لا يجوز أن تكون تلك السرعة في أي نقطة من النقط أكثر من خمسة عشرة كيلو متر في الساعة وعليه تخفيض السرعة في حالة النقط المزدحمة بالمارة وهو ما كان عليه الأمر وقت الحادث إذ كان الوقت يوافق خروج الموظفين من مصالحهم وعودة العمال من أعمالهم لأنه يقع بالقرب من مكان الحادث مبنى مجمع المحاكم ومصلحة التليفونات وموقف المترو حيث يزدحم القاطنون المتوجهون إلى مصر الجديدة، مما كان يستلزم على قائد الترام اليقظة لما أمامه وأن يتخذ الحيطة ويسير بهدوء ولكنه خالف لائحة المرفق وسار مسرعاً في طريق مزدحم بالمارة ولم يستطع إيقاف القاطرة عندما كان المجني عليه يعبر قضبان الترام على بعد نحو خمسة أمتار منه كما لم يستعمل آلة التنبيه في الوقت المناسب لعل أن يكون ذلك مجنباً بوقوع الحادث وخلص الحكم إلى أن إصابة المجني عليه المبينة بالتقرير الطبي التي أدت إلى وفاته كانت نتيجة مباشرة لخطأ الطاعن - لما كان ذلك، وكانت السرعة التي تعتبر خطراً على حياة الجمهور وتصلح أساساً للمسئولية الجنائية عن جريمة القتل الخطأ إنما يختلف تقديرها بحسب الزمان والمكان والظروف المحيطة بالحادث وهو أمر موضوعي بحت، تقدره محكمة الموضوع في حدود سلطتها دون معقب وكان الحكم قد عرض لصلة السببية بين الخطأ والضرر واستظهر توافر هذه الصلة فيما أخذ به من شهادة الشاهدين عبده فرج عبد السيد والسيد حنفي السيد السابق الإشارة إليها من أن الطاعن لو لم يكن مسرعاً في السير أو كان قد استعمل جهاز التنبيه ونبه به المجني عليه لما وقع الحادث وهو استخلاص سائغ مقبول له أصل في الأوراق وحتى لو كان يصح في القانون أن يكون الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث مشتركاً بين المتهم والمجني عليه فلا ينفي أحدهما مسئولية الآخر، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن يكون على غير أساس مما يتعين معه رفض الطعن.
عن طعن المسئولة عن الدعوى المدنية:
وحيث إن مبنى طعن المسئولة عن الدعوى المدنية خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون فقد دفعت المؤسسة بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها لأن الحادث الذي وقع للمجني عليه وكان أساساً لطلب التعويض حصل أثناء قيام شركة الترام بإدارة مرفق الترام وأنه من المقرر في القانون أن الملتزم بإدارة مرفق عام له ذمة مالية مستقلة عن ذمة الدولة مانحة الالتزام ولا تعتبر خلفاً له عند إسقاطها الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة في إدارة مرفق الترام وعهدت الدولة بإدارته إلى مؤسسة النقل العام بمدينة القاهرة فلا تسأل مؤسسة النقل العام عن التعويض موضوع الدعوى ولكن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع وألزم الطاعنة بالتعويض مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية استناداً إلى قوله "وحيث إنه لما كان قرار رئيس الجمهورية الصادر بالقانون 123 سنة 1961 تنص مادته الأولى على إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة كما نص في المادة الخامسة منه على أن تقيم جميع الالتزامات والحقوق التي لا تؤول دون مقابل طبقاً للمادة الأولى من هذا القانون وتخصم هذه الالتزامات من الحقوق وكان مؤدى النصوص الصريحة أن مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة قد حلت محل شركة الترام في كافة شئونها والتزاماتها وبذلك فإن ما ينعاه الحاضر عنها من أن الدعوى رفعت على غير ذي صفة في غير محله ويتعين رفضه" ولما كان الثابت من أوراق الطعن أن الحادث أساس دعوى التعويض قد وقع بتاريخ 23/ 10/ 1960 قبل إسقاط التزام إدارة مرفق الترام عن شركة ترام القاهرة وكانت القاعدة في عقود التزام المرافق العامة هي أن الملتزم يدير المرفق لحسابه وعلى نفقته وتحت مسئوليته بما يترتب عليه أن جميع الالتزامات التي ثبتت في ذمته أثناء قيامه بإدارة المرفق يقع على عاتقه وحده ولا شأن للملتزم الجديد أو جهة الإدارة مانحة الالتزام بها ما لم يرد نص خاص في عقد الالتزام الجديد أو في القانون المسقط للالتزام يحمل الملتزم الجديد أو الدولة بهذه الالتزامات السابقة ولما كان يبين من القانون رقم 123 لسنة 1961 في شأن إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة أنه لم يرد به نص على التزام مؤسسة النقل العامة لمدينة القاهرة بالالتزامات التي ترتبت بذمة الشركة المذكورة، إلا في حدود ما ورد بالمادة الثالثة في شأن عقود العمل التي كانت قائمة في تاريخ العمل بهذا القانون وكان ما ورد بالمادتين الخامسة والسادسة خاصاً بتشكيل لجنة لتقييم جميع الالتزامات والحقوق وخصم هذه الالتزامات إنما قصد به النص على المقاصة بين حقوق كل من جهة الإدارة والشركة الملتزمة التي تقتضيها تصفية الحساب بينهما بعد إسقاط الالتزام وذلك قطعاً لكل نزاع عند التصفية فإن دعوى التعويض المقامة على مؤسسة النقل العام عن حادث وقع قبل إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة تكون غير مقبولة لرفعها على غير ذى صفة ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها قد خالف القانون بما يستوجب نقضه والحكم بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها على غير ذى صفة.