مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 996

(159)
جلسة 14 من إبريل سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعبد الفتاح السيد بسيوني وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 2312 لسنة 27 القضائية

معاهد أزهرية ثانوية - شرط الالتحاق بها - الحصول على الإعدادية الأزهرية أو الإعدادية العامة مع امتحان معادلة - قرار إداري - المركز القانوني الذاتي - استقراره - عدم جواز المساس به.
نجاح طالبة في مواد الشهادة الإعدادية العامة ورسوبها في المجموع الكلي للدرجات في العام الدراسي 75/ 1976 - تقدمها للالتحاق بالمعهد الثانوي الأزهري واجتيازها لامتحان المعادلة بنجاح - قيدها بالصف الأول الثانوي - علم إدارة المعهد برسوبها في المجموع الكلي للدرجات في الإعدادية العامة ولم تحرك ساكناً حتى وصلت الطالبة إلى الصف الرابع الثانوي - القرار السلبي بمنعها من تحرير استمارة التقدم لامتحان الشهادة الثانوية الأزهرية لعدم حصولها على الشهادة الإعدادية وانعدام قرار قبولها بالمعهد - عدم سلامة هذا القرار - أساس ذلك: أن جهة الإدارة كانت على بينة قاطعة من أمر الطالبة من واقع الشهادة الرسمية التي قدمها والدها - مجازاة القائمين على المعهد تأديبياً للإهمال وعدم مراعاة الدقة في أداء الواجب الوظيفي لا يفيد على وجه اليقين أن ثمة تواطؤ - قرار قبول الطالبة بالمعهد وانتظامها بالدراسة وانتقالها إلى الصفوف الدراسية الأعلى ثم حصولها على الشهادة الإعدادية العامة 17/ 6/ 1980 يكون قد رتب لها مركزاً قانونياً ذاتياً استقر لها ومن ثم لا يجوز لجهة الإدارة وقد مضى على هذا القرار زهاء ثلاث سنوات ونصف أن تستأنف النظر في سلامة هذا القرار وأن تبني على ذلك حرمان الطالبة من دخول امتحان الشهادة الثانوية الأزهرية عن العام الدراسي 79/ 1980 - تطبيق.


إجراءا الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 14 من يوليو سنة 1981 أودع الأستاذ محمد عبد القوي عبد الجليل بصفته وكيلاً عن صاحب الفضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2312 لسنة 27 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 21/ 5/ 1981 في الدعوى رقم 562 لسنة 34 ق والقاضي بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وطلب الطاعن الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً وثانياً: بإلغاء الحكم المطعون فيه وثالثاً: بقبول الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الثاني. رابعاً: برفض طلبات المطعون ضدها وإلزامها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 18/ 4/ 1983، وتدوول بالجلسات على الوجه الثابت بالمحاضر، وبجلسة 7/ 11/ 1983 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 17/ 12/ 1983. ونظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، وتقرر إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم.
وفيها صدر الحكم التالي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن والد المطعون ضدها - الأستاذ حسن مدبولي علي حسن - كان قد أقام - بصفته ولياً طبيعياً على ابنته سمية - الدعوى رقم 562 لسنة 34 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 30/ 3/ 1980 طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن السماح لابنته سمية حسن مدبولي بتحرير استمارة التقدم لامتحان شهادة إتمام الدراسة الثانوية الأزهرية، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار واعتباره كأن لم يكن وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة بالمصروفات.
وقال شرحاً لدعواه أن ابنته تقدمت للالتحاق بالقسم الثانوي بمعهد الفتيات الأزهري للعام الدراسي 76/ 1977 بعد اجتيازها امتحان الشهادة الإعدادية وامتحان مسابقة القبول بالمعهد بنجاح، وبعد أن قدمت بياناً بالدرجات الحاصلة عليها في امتحان الشهادة الإعدادية وقد قام المعهد بقيدها بالصف الأول الثانوي، وانتظمت في الدراسة دون اعتراض من إدارة الامتحانات بالأزهر على قيدها بالمعهد، وبعد أن اجتازت سنوات الدراسة بنجاح حتى وصلت إلى الصف الرابع الثانوي، فوجئت عند تحرير استمارة التقدم لامتحان شهادة إتمام الدراسة الثانوية الأزهرية بمنعها من تحرير تلك الاستمارة بحجة أن ملفها خال من الشهادة الإعدادية أو كشف الدرجات الحاصلة عليها في امتحان تلك الشهادة عام 75/ 76 خلافاً للواقع. وإذ لم تستجب الجهة الإدارية للتظلم الذي تقدم به المدعي في 20/ 3/ 1980 فقد بادر إلى إقامة دعواه.
وعقبت جهة الإدارة على الدعوى بمذكرة جاء فيها أن المادة 88 من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والمادة 63 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون تجيز قبول الطلاب الحاصلين على شهادة الإعدادية من مدارس وزارة التربية والتعليم بالمعاهد الثانوية الأزهرية بعد النجاح في امتحان يحقق التعادل بينهم وبين الحاصلين على الشهادة الإعدادية من المعاهد الأزهرية. كما أن النشرة العامة التي حددت شروط القبول بالمعاهد الأزهرية في العام الدراسي 75/ 1976 نصت على ضرورة الحصول على الشهادة الإعدادية العامة كشرط للتقدم إلى مسابقة القبول للصف الأول الثانوي الأزهري. وأضافت جهة الإدارة أن ابنة المدعي تقدمت في 17/ 7/ 1976 بطلب للالتحاق بالصف الأول من القسم الثانوي بالمعاهد الأزهرية (معهد فتيات سيدي بشر) وتعهدت فيه بالخضوع لجميع القوانين واللوائح والقرارات المعمول بها في المعاهد الأزهرية، كما تعهد ولي أمرها (المدعي) في 27/ 10/ 1976 بتقديم ما يثبت نجاحها في جميع مواد الشهادة الإعدادية عقب ظهور النتيجة وبتاريخ 1/ 10/ 1977 أخطر المعهد المدعي بعدم وجود شهادة النجاح الخاصة بابنته، ونبه عليه بتقديمها في بحر أسبوع وإلا سيضطر المعهد إلى فصلها. وعند تحرير استمارات الشهادة الثانوية الأزهرية لعام 79/ 1980 تبين عدم حصول الطالبة المذكورة على الشهادة الإعدادية العامة في العام الدراسي 75/ 1976 الذي تقدمت خلاله للالتحاق بالمعهد الأزهري وفق ما أفادت به الإدارة التعليمية (شرق) بمحافظة الإسكندرية. ومن ثم يكون قد تخلف في شأنها الشرط الأساسي الذي يؤهلها للالتحاق بالمعاهد الثانوية الأزهرية وهو شرط الحصول على الشهادة الإعدادية العامة ويكون وجودها بالمعهد باطلاً بطلاناً مطلقاً لا يمكن تصحيحه أو تحصنه بمضي المدة، الأمر الذي يحول دون الاستجابة لطلباتها في الدعوى.
وبجلسة 30/ 4/ 1980 حكمت المحكمة في الشق العاجل من الدعوى بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي بمصروفات هذا الطلب وأقامت قضاءها على أساس أن شرط الحصول على شهادة إتمام الدراسة الإعدادية من مدارس وزارة التربية والتعليم هو شرط أساسي يلزم توافره لقبول الطالب - غير الحاصل على الشهادة الإعدادية الأزهرية - في الصف الأول الثانوي بالمعاهد الأزهرية، إلى جانب الشروط الأخرى المقررة، ومن بينها شرط اجتياز امتحان المعادلة الذي يعده الأزهر لهذا الغرض.
وإذ كان الظاهر من الأوراق أن ابنة المدعي لم تحصل على الشهادة الإعدادية العامة في العام الدراسي 75/ 1976 فمن ثم تكون قد افتقدت الشرط الأساسي الذي يؤهلها للالتحاق بالمعاهد الثانوية الأزهرية، وعليه يكون امتناع الإدارة عن السماح لها بتحرير استمارة التقدم لهذا الامتحان قد صدر بحسب الظاهر - موافقاً لأحكام القانون، ويغدو طلب وقف تنفيذه بالتالي غير قائم على أسباب جدية.
وأثناء نظر طلب الإلغاء أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية قرر المدعي بجلسة 7/ 5/ 1981 أن ابنته المذكورة قد بلغت سن الرشد ومن ثم فإنها تباشر الدعوى بشخصها.
وبجلسة 21/ 5/ 1981 قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات. وشيدت قضاءها على أساس أن المعهد وقد قرر قبول المدعية بالصف الأول الثانوي بالمعاهد الأزهرية في العام الدراسي 76/ 1977. كانت جميع الأوراق تحت يد الإدارة وفي مقدورها الاطلاع عليها والتأكد من تمامها وما بها من بيانات ومن أن المدعية غير حاصلة على الشهادة الإعدادية لرسوبها في المجموع الكلي حسبما أفادت مديرية التربية والتعليم مدير المعهد الأزهري للفتيات بسيدي بشر بذلك بالكتاب المؤرخ 15/ 7/ 1976 قبل أن تقدم المدعية طلب الالتحاق بالصف الأول الثانوي بالمعاهد الأزهرية بتاريخ 17/ 7/ 1976، وقد تولد للمدعية حق في قرار قبولها بالصف المذكور. وهذا القرار رغم مخالفته للقانون لا تنحدر به المخالفة إلى درجة الانعدام كما أنه لم يكن ثمة غش من جانب المدعية أو والدها فقد ذكرت في طلب التحاقها أن آخر معهد كانت به هو مدرسة سيدي بشر الإعدادية، ولم تذكر تاريخ تخرجها منه وسببه كما لم تذكر أنها حصلت على شهادة إتمام الدراسة الإعدادية. وبعد أن أفادت مديرية التربية والتعليم بالإسكندرية مدير معهد الفتيات الأزهري بسيدي بشر في 15/ 7/ 1976 بتقدم المدعية لامتحان شهادة الإعدادية عام 1975 نظام السنة الواحدة ورسوبها في المجموع الكلي تعهد والدها بتاريخ 27/ 10/ 1976 بتقديم ما يثبت نجاحها في جميع مواد الشهادة الإعدادية ورسوبها في المجموع الكلي. وقد انقضى أكثر من ستين يوماً من تاريخ علم المدعية بقرار قبولها بالصف الأول الثانوي بالمعاهد الأزهرية في العام الدراسي 76/ 77، واجتازت بنجاح الصفوف الثلاثة الأولى وعلى ذلك فإنه لا يجوز سحب هذا القرار - رغم مخالفته للقانون - ويتعين العمل بمقتضاه بالسماح لها بتحرير استمارة التقدم لامتحان شهادة إتمام الدراسة الثانوية الأزهرية وما يترتب على ذلك من آثار. ولا يغير من هذه النتيجة تعهد المدعية ووالدها عند التحاقها بالمعهد الأزهري بالخضوع لجميع القوانين واللوائح والقرارات المعمول بها في المعاهد الأزهرية إذ أن خضوعها لهذه القوانين واللوائح التي خالفتها الإدارة بقبول المذكورة بالمعهد الأزهري رغم علم الإدارة برسوبها في الشهادة الإعدادية العامة ليس اختيارياً ولا يحتاج منها أو من والدها إلى تعهد حتى تخضع لها. وعلى ذلك يكون قرار الإمام الأكبر شيخ جامع الأزهر الصادر في 21/ 6/ 1980 بأداء المذكورة الامتحان الخاص بالثانوية الأزهرية متفقاً وأحكام القانون.
ومن ثم يكون القرار السلبي بالامتناع عن السماح لها بتحرير استمارة التقدم لامتحان شهادة إتمام الدراسة الثانوية الأزهرية مخالفاً للقانون، ويتعين الحكم بإلغائه وما يترتب عليه من آثار.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً: الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة إلى المدعى عليه الثاني "شيخ معهد فتيات سيدي بشر الأزهري". ذلك أن شيخ المعهد هو من العاملين التابعين لممثل القانوني للأزهر - شيخ الأزهر - ولا صفة له في الاختصاص في الدعاوى التي ترفع ضد الأزهر. وقد سبق أن دفع بذلك أمام محكمة القضاء الإداري ولكن الحكم المطعون فيه لم يتصد لهذا الدفع بالقبول أو بالرفض ولسلامة التطبيق القانوني في هذا المجال يتمسك الأزهر بهذا الدفع.
ثانياً: انعدام قبول المطعون ضدها بالمعهد، لتخلف الشرط الأساسي لقبولها المنصوص عليه في المادة 88 من قانون الأزهر رقم 103 لسنة 1961 والمادة 63 من لائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 250 لسنة 1975 والقرارات التنظيمية لشروط القبول بالمعاهد الأزهرية المودع نصها ملف الدعوى. ويرى الأزهر أن قبول المطعون ضدها رغم تخلف شرط المؤهل يصل إلى درجة الانعدام لتخلف شرط أساسي وجوهري ولأن التجاوز عن هذا الشرط يهدر التدرج في تسلسل مراحل التعليم بالمعاهد الأزهرية.
ثالثاً: انطواء قرار قبول المطعون ضدها على الغش وسوء النية. ذلك أن شيخ المعهد عبد الفتاح أحمد بيومي عطا الله سمح لها بدخول امتحان مسابقة القبول وسمح لها بالبقاء في الصف الأول الثانوي وامتحانها للنقل للصف الثاني، وأن شيخ المعهد التالي فتحي عبد الوهاب سالم سمح لها بالانتظام ودخول الامتحان من الصف الثاني للصف الثالث ومن الصف الثالث للصف الرابع متواطئين مع والدها لمجاملته لأنه يعمل سكرتيراً لجمعية سيدي بشر الخيرية التي بدأ المعهد نشاطه شاغلاً مبانيها وتحت إشرافها بدليل عدم اتخاذهما أي إجراء قانوني قبل المذكورة إلى أن نقل الشيح فتحي عبد الوهاب سالم وحل محله الشيخ عبد الله بكر في أوائل سنة 1980 فاكتشف هذه المخالفات. وقد ثبت من التحقيقات التي أجرتها الشئون القانونية بالأزهر أن الشيخين المذكورين رغم علمهما بعدم حصول المطعون ضدها على الشهادة الإعدادية العامة سمحا لها بالاستمرار في الدراسة وأداء امتحانات النقل ولم يبلغا المخالفة للمسئولين بالأزهر للتصرف في حينه مما يدل على أنهما أخفيا هذه الواقعة متواطئين مع والد الطالبة. ولقد أثبت التحقيق أن الشيخ أحمد بيومي عطا الله الذي قبل أوراق التحاق المذكورة بالمعهد وسمح لها بدخول امتحان مسابقة القبول سبق أن قام بتزوير أوراق إجابة كريمته بالمعهد وجوزي بخفض درجته كما وأن والد الطالبة وهو من كبار المثقفين لا يخفي عليه مخالفته للقانون في هذا الشأن وسيما وأن له ابنة أخرى في ذات المعهد حاصلة على شهادة الإعدادية.
رابعاً: عدم حصانة القرارات الإدارية الصادرة عن سلطة مقيدة إذا خالفت القانون. ذلك أن قبول الطلاب والسماح لهم بدخول الامتحانات تحكمه نصوص القانون واللوائح التي تقيد سلطات الإدارة في هذا الشأن، ومن ثم لا تتحصن القرارات الصادرة فيها إذا ما خالفت القانون. هذا وإن سماح شيخ الأزهر للطالبة المذكورة في دخول امتحان الثانوية الأزهرية في 21/ 6/ 1980 إنما كان إجراءً احتياطياً فقط لحين البت في موضوع الدعوى.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المدعى عليه الثاني "شيخ معهد فتيات سيدي بشر الأزهري" بمقولة أنه لا صفة له في تمثيل الأزهر وهيئاته لثبوت هذه الصفة لشيخ الأزهر بمقتضى حكم المادة الثانية من القانون رقم 103 لسنة 1961 فإنه لما كانت القاعدة الأصولية طبقاً لحكم المادة 3 من قانون المرافعات أنه لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون.
ولما كان شيخ الأزهر وهو صاحب الصفة في تمثيل الأزهر قد اختصم في الدعوى كخصم أصلي وما كان اختصام شيخ المعهد إلا من قبيل أن يصدر الحكم في مواجهته ومن ثم فلا مصلحة لشيخ الأزهر في التمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى شيخ المعهد. ويغدو هذا الدفع غير مقبول.
ومن حيث إن المادة 88 من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر تنص على أن للحاصلين على الشهادة الإعدادية من المعاهد الإعدادية للأزهر حق الدخول في المعاهد الثانوية للأزهر، ولهم إلى جانب ذلك فرص متكافئة مع نظرائهم للتقدم إلى المدارس الأخرى التي تجعل الشهادة الإعدادية شرط قبول......
كما يجوز للحاصلين على الشهادة الإعدادية من المدارس الإعدادية العامة أن يطلبوا الالتحاق بالمعاهد الثانوية للأزهر بعد النجاح في امتحان يحقق التعادل بينهم وبين الحاصلين على الشهادة الإعدادية من المعاهد الأزهرية" وقد رددت ذات الحكم المادة 63 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادر بالقرار الجمهوري رقم 250 لسنة 1975.
ومن حيث إنه ولئن كان مفاد ما تقدم أنه يشترط للالتحاق بالمعاهد الثانوية الأزهرية الحصول على الشهادة الإعدادية الأزهرية أو الشهادة الإعدادية العامة مع اجتياز امتحان معادلة - إلا أن الثابت من الأوراق في الحالة المعروضة أنه رغم علم إدارة المعهد الأزهري للفتيات بسيدي بشر برسوب المطعون ضدها في المجموع الكلي لمواد امتحان الشهادة الإعدادية العامة للعام الدراسي 57/ 1976 - وذلك من واقع ما أفادت به مديرية التربية والتعليم بمحافظة الإسكندرية - قسم الامتحانات - بكتابها رقم 632 المرسل إلى المعهد بتاريخ 15/ 7/ 1976 - فقد قبلت جهة الإدارة طلب التحاق المطعون ضدها وسمحت لها بأداء امتحان المعادلة الذي اجتازته بنجاح، ثم قبلت قيدها طالبة بالصف الأول بالمعهد الثانوي. كما وأنه بتاريخ 1/ 2/ 1977 أرسلت منطقة شرق الإسكندرية التعليمية إلى المعهد بكتابها رقم 1081 مرفقاً به بيان درجات المطعون ضدها في مواد امتحان الشهادة الإعدادية العامة للعام الدراسي 75/ 1976 ويبين منه رسوبها في المجموع الكلي للدرجات، ومع ذلك فإن إدارة المعهد لم تحرك ساكناً ولم تتخذ قراراً في شأن استمرار قيد المطعون ضدها بالمعهد، بل استمرت الطالبة المذكورة منتظمة في دراستها واجتازت امتحانات النقل للصفوف الدراسية الأعلى حتى وصلت إلى الصف الرابع الثانوي، كما ثبت من الأوراق أنها حصلت فعلاً على الشهادة الإعدادية العامة في 17/ 6/ 1980 فسمح لها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر بتاريخ 20/ 6/ 1980 بأداء امتحان الشهادة الثانوية الأزهرية المحدد له يوم 21/ 6/ 1980 وذلك على نحو ما ورد بكتاب سكرتير عام محافظة الإسكندرية رقم 1/ 343 الموجه إلى وكيل الوزارة للمعاهد الأزهرية بتاريخ 21/ 6/ 1980.
ومن حيث إنه لم يقم دليل من الأوراق على أن المطعون ضدها أو والدها قد أدخلا غشاً أو تدليساً على جهة الإدارة أدى إلى اعتقادها - خطأ - بحصول الطالبة على الشهادة الإعدادية العامة مما كان يسوغ معه القول بانعدام قرار قبولها بالمعهد وقيدها بالصف الأول بالعام الدراسي 76/ 1977، بل أن الثابت - حسبما تقدم - أن جهة الإدارة كانت على بينة قاطعة بأن المطعون ضدها لم تحصل على الشهادة الإعدادية العامة في العام الدراسي 75/ 1976 لرسوبها في المجموع الكلي لمواد الامتحان لهذه الشهادة. كما أن التعهد الذي حرره والد الطالبة بتاريخ 27/ 10/ 1976 إنما كان ينص على تعهده بتقديم ما يثبت نجاحها في جميع مواد هذه الشهادة، وقد قدم هذا البيان فعلاً وثابت به نجاحها في جميع مواد هذه الشهادة، وقد قدم هذا البيان فعلاً وثابت به نجاحها في جميع المواد، ولكنه لم يقرر في تعهده أن ابنته حصلت على الشهادة الإعدادية العامة، أو تعهده بتقديم هذه الشهادة، وما كان له أن يتعهد بذلك لأن المعلوم لدى جهة الإدارة أن الطالبة راسبة في المجموع الكلي للمواد.
ومن حيث إن ما نسب إلى شيخي المعهد اللذين تعاقبا ولاية مشيخة المعهد في الفترة التي قبلت فيها المطعون ضدها بالمعهد واستمرت مقيدة به - من إهمال وعدم مراعاة الدقة في أداء واجبات أعمالهما ومجازاتهما تأديبياً عن ذلك، لا يفيد على وجه اليقين أن ثمة تواطؤا أسراه مع والد المطعون ضدها لقبول ابنته بالمعهد بالمخالفة للقانون، الأمر الذي لو كان قد ثبت لاستقام رمي الوالد بالغش والتدليس.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم فإن قرار جهة الإدارة بقبول التحاق المطعون ضدها بالمعهد وقيدها بالصف الأول الثانوي، وما يترتب عليه من انتظامها بالدراسة وانتقالها إلى الصفوف الدراسية الأعلى - ثم حصولها فعلاً على الشهادة الإعدادية العامة في 17/ 6/ 1980 يكون قد رتب لها مركزاً قانونياً ذاتياً استقر لها ومن ثم لا يجوز لجهة الإدارة وقد مضت على هذا القرار زهاء ثلاث سنوات ونصف أن تستأنف النظر في سلامة هذا القرار وأن تبني على ذلك حرمان المطعون ضدها من دخول امتحان الشهادة الثانوية الأزهرية عن العام الدراسي 79/ 1980 بدعوى عدم حصولها على الشهادة الإعدادية العامة قبل التحاقها بالمعهد.
ومن حيث إنه وقد أخذ الحكم المطعون فه بهذا النظر، فقضى بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، يكون قد أصاب وجه الحق والقانون، ويغدو الطعن عليه غير قائم على سند صحيح حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إنه من خسر الطعن ألزم بمصاريفه عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن مصروفات طعنه.