مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 1005

(160)
جلسة 14 من إبريل سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعبد الفتاح السيد بسيوني. وعادل بطرس فرج ويحيى السيد الغطريفي - المستشارين.

الطعنان رقما 138 و179 لسنة 28 القضائية

دعوى تهيئة الدليل - ارتباطها بدعوى موضوعية - اختصاص مجلس الدولة بنظرها.
اختصاص القضاء الإداري يمتد إلى دعوى تهيئة الدليل إذا رفعت مرتبطة بدعوى من دعاوى الإلغاء أو من دعاوى القضاء الكامل أو دعاوى التعويض أو دعاوى المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية - أساس ذلك: قاضي الأصل هو قاضي الفرع - تطبيق. طلب ندب خبير لإثبات ما لحق العقار المملوك للمدعي من تلف وهدم للسور الخارجي وإتلاف واقتلاع الأشجار والأعمدة الكهربائية مع طلب الحكم له بتعويض عما أصابه من أضرار من جراء اعتداء الإدارة على ملكه - دعوى تعويض (وتهيئة الدليل اللازم لذلك) عن عمل مادي اتخذته الجهة الإدارية يتبدى منه واضحاً وجه السلطة العامة ومظهرها - الدعوى الماثلة هي عين المنازعة الإدارية التي تختص بالفصل فيها محاكم مجلس الدولة طبقاً للمادة 172 من الدستور والمادة 10 فقرة رابع عشر من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة - القضاء بندب أحد الخبراء - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 30/ 12/ 1981 أودعت هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 138 لسنة 28 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 12/ 11/ 1981 في الدعوى رقم 903 لسنة 35 ق المقامة من الطاعن ضد: السيد محافظ الإسكندرية والسيد رئيس حي العامرية بالإسكندرية فيما قضى به من رفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات. وانتهى تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه. وبإعادة الدعوى إلى دائرة القضاء الإداري بالإسكندرية، للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى.
وفي يوم الاثنين الموافق 11/ 1/ 1982 أودع الوكيل عن السيد/ زينهم محمد أحمد الولي الطبيعي علي ابنه القاصر شريف، سكرتارية المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن قيد تحت رقم 179 لسنة 28 ق عليا. في ذات الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 12/ 11/ 1981 في الدعوى رقم 903 لسنة 35 ق المشار إليها سلفاً وذلك فيما قضى به من رفض الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات.
وقد انتهى تقرير الطعن - للأسباب الواردة فيه - إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء للطاعن بطلباته مع إلزام المطعون ضدها المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعنين معاً، انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى دائرة القضاء الإداري بالإسكندرية للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى، وإبقاء الفصل في المصروفات.
وتحدد لنظر الطعنين جلسة 5/ 12/ 1983 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وبها قررت ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد. وبجلسة 16/ 1/ 1984 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظرهما بجلسة 11/ 2/ 1984. وفي تلك الجلسة نظرت المحكمة الطعنين على الوجه الثابت بمحاضرها. وقررت إصدار الحكم في الطعنين بجلسة 17 من مارس سنة 1984، وفيها مد أجل الحكم لجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي بصفته أقام الدعوى رقم 263 لسنة 1981 مدني مستعجل الإسكندرية، وذلك بإيداع صحيفتها بتاريخ 3/ 2/ 1981 قلم كتاب محكمة الإسكندرية للأمور المستعجلة، طالباً الحكم بصفة مستعجلة بندب خبير هندسي للانتقال إلى الفيلا رقم 665 شارع الهانوفيل بالعجمي، لمعاينتها وإثبات حالة السور والمنشآت والنخيل والأشجار التي كانت خلفه وما أصابه من هدم وإتلاف، وتقدير قيمة الأضرار التي أصابت المدعي من ذلك، وقيمة المصاريف اللازمة لإعادة بناء السور، وإعادة المنشآت التي خلفه والتي أصابها الإتلاف مع تحمله بالمصاريف. وقال - في بيان دعواه - إنه فوجئ بكتاب مرسل إليه من مراقبة الإسكان بحي العامرية تطالبه فيه بإزالة السور ملكه بمقولة أنه يعترض توسيع شارع الهانوفيل، وإلا أزاله الحي على نفقته. ورغم اعتراضه على هذا الكتاب، وتحذيره الإدارة من تنفيذ ما جاء به إلا أنها عمدت إلى اقتحام السور وهدم المنشآت التي خلفه وإتلافها واقتلاع الأشجار والأعمدة الكهربائية، غير عابئة بحق الملكية. وأنه لما كان قد لحقه ضرر من جراء ما أقدمت عليه الإدارة، ويخشى ضياع معالم الإتلاف والهدم الذي أصاب السور والمنشآت التي كانت خلفه فمن ثم فقد أقام هذه الدعوى للحكم له بطلباته المتقدمة. وقدم المدعي تأييداً لدعواه كتاب مراقبة الإسكان والمرافق بحي العامرية المؤرخ في 20/ 8/ 1980 بإحاطته علماً بما تقرر من توسيع شارع الهانوفيل، واعتراض السور ملكه لهذا التوسيع وطلب إزالته.
وبجلسة 9/ 3/ 1981 حكمت محكمة الإسكندرية للأمور المستعجلة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للاختصاص. فورد ملف الدعوى إلى قلم كتاب هذه المحكمة الأخيرة حيث قيدت بجدولها برقم 903 لسنة 35 ق، وأودعت هيئة مفوضي الدولة أمامها تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم تمهيدياً بندب أحد الخبراء بمكتب خبراء وزارة العدل للانتقال إلى الفيلا رقم 665 هانوفيل العجمي، لمعاينتها وإثبات حالة السور والمنشآت والنخيل والشجار التي كانت خلفه وما أصابه من هدم وإتلاف وتقدير قيمة الأضرار التي أصابت المدعي من ذلك.
وبجلسة 17/ 6/ 1981 عند نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية قدم المدعي مذكرة عدل فيها طلباته بإضافة طلب الحكم له بتعويض قدره مائة وسبعون ألف جنيه عما أصابه من أضرار بسبب تعدي حي العامرية على ملكه بالاستيلاء والهدم والإتلاف. وبجلسة 1/ 10/ 1981 أمام ذات المحكمة قدم الحاضر عن الحكومة كتاباً من حي العامرية تضمن أن الحي لم يقم بإزالة أسوار المدعي، لأن قرار نزع ملكية الأراضي اللازمة لتوسيع شارع الهانوفيل لم يصدر بعد. ولا يتسنى إجراء هذه الإزالة إلا بعد صدور قرار نزع الملكية، وأن ما قام به الحي من توجيه إخطارات لأصحاب الشأن في هذا الخصوص كان لمجرد إحاطتهم علماً بما تزمع الإدارة إقامته من مشاريع.
وبجلسة 12/ 11/ 1981 حكمت المحكمة المذكورة (محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية) برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق وما أكدته الجهة الإدارية في ردها على الدعوى أنه لم يصدر ثمة قرار بنزع ملكية الأرض اللازمة لتوسيع شارع الهانوفيل ومن بينها أراضي المدعي - وبالتالي فإنها لم تقم بإزالة أسوار المدعي والتي لا يتسنى إجراؤها إلا بعد صدور القرار المذكور. وأضافت المحكمة أنه يشترط لقيام مسئولية الإدارة وجود قرار إداري خاطئ.
وإذا كان الثابت مما سلف أن جهة الإدارة المدعى عليها لم تصدر أي قرار إداري في شأن المنازعة موضوع الدعوى، فمن ثم فلا يمكن أن ينسب إليها ارتكاب أي خطأ وبالتالي فلا محل لمساءلتها بالتعويض - وعلى مقتضى ما تقدم، فإن دعوى المدعي تكون فاقدة السند عارية من الدليل مما يتعين معها رفضها وإلزام المدعي مصروفاتها. وانتهت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه متقدم الذكر.
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى هيئة مفوضي الدولة طعنت عليه بأحد الطعنين الماثلين وهو الطعن رقم 138 لسنة 28 ق. عليا نعت فيه على الحكم الطعين أنه انتهى إلى رفض الدعوى تأسيساً على أن مناط مسئولية الإدارة هو وجود قرار إداري خاطئ ومعنى ذلك أن الإدارة لا تسأل قط عن أعمالها المادية الخاطئة. هذا مع أن المادة 172 من الدستور (الدستور الدائم الصادر في 11 من سبتمبر سنة 1971) قد نصت على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة، ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية، وفي الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى. وترتيباً على ذلك وإعمالاً لمقتضاه نصت المادة 10 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على اختصاص محاكم مجلس الدولة - دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية:...... (رابع عشر) سائر المنازعات الإدارية. وبذلك صار مجلس الدولة هو قاضي القانون العام في هذا الشأن، ولم يعد اختصاصه مقصوراً على طائفة بذاتها من المنازعات الإدارية. ومن ثم فإن مجلس الدولة يختص بدعاوى التعويض عن الأعمال المادية الخاطئة للإدارة طالما صدر منها هذا الخطأ أو هذا العمل المادي الخاطئ بمناسبة تسييرها للمرافق العامة، وفقاً لأساليب القانون العام، وما دام يتبدى في مسلكها وجه السلطة العامة ومظهرها من الالتجاء إلى أساليب القانون العام في تسييرها للمرافق العامة. وأن المحكمة الإدارية العليا قد انتهت في حكمها الصادر في الطعن رقم 114 لسنة 24 ق عليا بجلسة 25/ 4/ 1981 (وهو حكم غير منشور). إلى اختصاص مجلس الدولة - بهيئة قضاء إداري - بنظر دعاوى التعويض عن الأعمال المادية الخاطئة للإدارة، طالما صدر منها هذا الخطأ بمناسبة تسييرها لمرفق عام، وفقاً لأساليب القانون العام، وما دام يتبدى فيه - في مسلك الإدارة - وجه السلطة العامة في تسييرها للمرفق العام الذي حدث الخطأ بمناسبة تسييره.
وإذ أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض الدعوى - في النزاع الماثل - على أساس أن مناط مسئولية الإدارة هو وجود قرار إداري خاطئ، بمعنى أنها لا تسأل عن أعمالها المادية الخاطئة، ومن ثم انتهى إلى رفض الدعوى في هذا النزاع الماثل دون أن يتعرض لبحث موضوعها وهو التحقق من وقوع الضرر المدعي به أو عدم وقوعه، وصحة وقوع الخطأ الذي سبب الضرر من الإدارة من عدمه - فإنه يكون قد تسلب من اختصاص المحكمة، وساق أسباباً تصلح للحكم بعدم الاختصاص لا برفض الدعوى دون التعرض لبحث موضوعها وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جانب الصواب وخالف صحيح حكم القانون وقضاء المحكمة الإدارية العليا بما يؤدي إلى بطلانه، ويستوجب إلغاءه إعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى بعد أن يتهيأ لها أسباب الفصل فيه..
وانتهت هيئة مفوضي الدولة في طعنها سالف الذكر إلى طلباتها المذكورة.
كما لم يلق الحكم الطعين أيضاً قبولاً لدى المدعي (المحكوم ضده في الدعوى سالفة الذكر السيد/ زينهم محمود أحمد بصفته) الذي طعن على الحكم بالطعن رقم 179 لسنة 28 ق. عليا، ضمنه أنه ينعى عليه المصادرة على المطلوب والخطأ في الإسناد والخطأ في تطبيق القانون وذلك للأسباب الآتية:
1 - أن المحكمة استندت في قضائها برفض الدعوى إلى قولها أن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية في ردها على الدعوى قررت أنه لم يصدر ثمة قرار بنزع ملكية الأراضي اللازمة لتوسيع الشارع، ومن بينها أراضي المدعي.
وبالتالي فإنها لم تقم بإزالة أسوار المدعي، والتي لا يتسنى إجراؤها إلا بعد صدور القرار المذكور. وأن هذا القول من المحكمة ينطوي على خطأ في تحصيل الواقعة، لأن المدعي أقام دعواه متضرراً من فعل مادي قارفته جهة الإدارة بقرار صادر منها، ورتب ضرراً بالطالب وبأمواله بهدم السور ملكه والمنشآت خلفه، وإتلاف واقتلاع الأشجار والأعمدة الكهربائية، وطلب ندب خبير لإثبات خطأ الإدارة والضرر الذي أصابه، فما كان يجوز للمحكمة أن تقرر أن جهة الإدارة لم تقم بهذا العمل المادي لعدم صدور قرار بنزع ملكية الأراضي. لأن ذلك لو صح، فإن قيام جهة الإدارة بارتكاب الخطأ المشار إليه يكون أكثر تحققاً، لزوال سندها في ذلك.
2 - إن ما جاء بأسباب الحكم المطعون فيه من أنه يشترط لقيام مسئولية جهة الإدارة وجود قرار إداري خاطئ، وأن جهة الإدارة لم تصدر قراراً إدارياً في شأن موضوع المنازعة ومن ثم فلا محل لمساءلتها بالتعويض - فإن هذا القول ينطوي على إهدار للواقع وللإنذار الذي أرسله الحي إلى الطاعن، ينذره فيه بهدم السور على نفقته. فهذا الخطاب يدل بذاته على وجود قرار بإزالة سور عقار الطاعن. فإذا كان الطاعن قد أقام دعواه بطلب إثبات ما لحقه من ضرر نتيجة عمل من الإدارة، وطلب ندب خبير لذلك، حتى تكون عناصر المسئولية تحت نظر المحكمة، وإذ أعرضت المحكمة عن ذلك رغم تقديم خطاب الحي إليها فإن حكمها يكون مشوباً بعيب القصور في التسبيب، حقيقاً بالإلغاء. وانتهى الطاعن لذلك إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء له بطلباته.
ومن حيث إن المحكمة توافق هيئة مفوضي الدولة والطاعن فيما جاء بتقرير طعنهما ممن أسباب للطعن على الحكم المشار إليه، ذلك أن المدعي كان قد طلب إلى المحكمة ندب خبير لإثبات ما لحق العقار المملوك له من تلف، وهدم للسور الخارجي، وإتلاف واقتلاع الأشجار والأعمدة الكهربائية. وأضاف إلى طلبه طلب الحكم له بتعويض قدره "مائة وسبعون ألف جنيه" عما أصابه من أضرار من جراء اعتداء جهة الإدارة على ملكه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد اضطرد على أن اختصاص القضاء الإداري لا يمتد إلى دعوى تهيئة الدليل المرفوعة استقلالاً عن دعوى موضوعية مما يدخل في اختصاصه. ولكن على العكس من ذلك فإن اختصاص القضاء الإداري يمتد إلى دعوى تهيئة الدليل إذا رفعت مرتبطة بدعوى من دعاوى الإلغاء أو من دعاوى القضاء الكامل أو دعاوى التعويض (كما هو الحال بالنسبة للدعوى الماثلة) أو من دعاوى المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية. واختصاص القضاء الإداري بنظر دعوى تهيئة الدليل المرتبطة بدعوى موضوعية مما يدخل في اختصاصه يقوم على القاعدة التي تجعل قاضي الأصل هو قاضي الفرع. فيختص القضاء الإداري بنظر دعوى تهيئة الدليل باعتبارها منازعة متفرعة عن النزاع الموضوعي الأصلي الذي يدخل في ولايته القضائية. وبموجب أحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 صار مجلس الدولة قاضي القانون العام في المناعات الإدارية بالنص على اختصاصه بنظر سائر المنازعات الإدارية في البند الرابع عشر من المادة العاشرة. ومن ثم أصبحت محاكم مجلس الدولة في ظل هذا القانون تختص بنظر دعوى تهيئة الدليل حين يتوافر في المنازعة المرفوعة أمامها وصف المنازعة الإدارية، كما هو الحال بالنسبة للمنازعة الماثلة والتي لا شك تختص بنظرها محاكم مجلس الدولة باعتبارها طلب تعويض (وتهيئة الدليل اللازم لذلك) عن عمل مادي اتخذته الجهة الإدارية يبدو فيه واضحاً وجه السلطة العامة ومظهرها. فهي بهذه المثابة عين المنازعة الإدارية التي تختص بالفصل فيها محاكم مجلس الدولة طبقاً للمادة 172 من الدستور، والمادة 10 فقرة رابع عشر من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة (حكم هذه المحكمة في الطعن رقم 878 والطعن رقم 1521 لسنة 26 ق. عليا بجلسة 27 من نوفمبر سنة 1982 - وحكم هذه المحكمة في الطعن رقم 851 لسنة 26 ق. عليا بجلسة 20 من فبراير سنة 1982).
ومن حيث إن الحكم الطعين إذ قضى بغير ذلك وذهب غير هذا المذهب فإنه يكون حقيقاً بالإلغاء ويتعين القضاء للمدعي بما طلبه من ندب خبير لمعاينة الأضرار وتقدير التعويض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين المنضمين شكلاً وتمهيدياً وقبل الفصل في موضوعهما بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالإسكندرية ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين للاطلاع على أوراق الطعن وما يرى الاطلاع عليه من أوراق أخرى تقدمها له جهة الإدارة أو المدعي والانتقال إلى الفيلا موضوع الدعوى لمعاينتها وإثبات حالة السور والمنشآت والنخيل والأشجار وأعمدة الكهرباء التي كانت خلفه وما قد يكون قد أصابها من تلف - أياً كان - على يد رجال الإدارة في التاريخ الذي أشار إليه المدعي في صحيفة دعواه وتقدير قيمة الأضرار التي تكون قد أصابت المدعي من ذلك، وللخبير في سبيل أداء مهمته الانتقال إلى أية جهة لديها بيانات أو معلومات عن موضوع النزاع والاطلاع على ما يراه من أوراق وسجلات ومستندات وسماع من يرى لزوم سماعهم وقدرت المحكمة مبلغ مائتي جنيه على ذمة أتعاب ومصاريف مكتب الخبراء وعلى المدعي إيداع المبلغ المذكور خزانة المحكمة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطاره وللمكتب صرفه دون أية إجراءات على أن يودع المكتب تقريره خلال شهرين من تاريخ إخطاره من قلم الكتاب بهذه المأمورية بعد دفع الأمانة وحددت المحكمة جلسة 26/ 5/ 1984 لنظر الطعنين في حالة عدم دفع الأمانة وجلسة 23/ 6/ 1984 في حالة دفعها وعلى قلم الكتاب إخطار مكتب الخبراء وأطراف النزاع بمنطوق الحكم"