مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 1034

(163)
جلسة 17 من إبريل سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد كمال سليمان أيوب وطارق عبد الفتاح البشرى وعبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار - المستشارين.

الطعن رقم 11 لسنة 25 القضائية

( أ ) عاملون بالقطاع العام - انتهاء الخدمة - إعادة التعيين.
القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم - لا يترتب على تطبيق أحكامه صرف أية فروق مالية أو تعويضات عن الماضي - عودة المفصول هي من قبيل التنفيذ العيني والتعويض نوع من التنفيذ بمقابل - التنفيذ العيني حسب الأصول القانونية العامة أولى من التنفيذ بمقابل - المشرع قدم ما هو أولى واستعاض به كطريق لجبر الضرر عن أسلوب التنفيذ بمقابل الذي يتمثل في التعويض - تطبيق.
(ب) تقادم - طلب التعويض عن الإجازة المفتوحة وما يترتب عليها من حرمان العامل من بدل التمثيل في الفترة السابقة على إنهاء خدمته بغير الطريق التأديبي - سقوطه بمضي خمس سنوات - أساس ذلك: اعتباره من الحقوق الدورية المتجددة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 22 من أكتوبر سنة 1978 أودع الأستاذ الدكتور محمد عصفور المحامي والوكيل عن السيد/ ...... قلم كتاب هذه المحكمة، تقرير الطعن المثبت بسجلاتها برقم 11 لسنة 25 القضائية ضد رئيس الجمهورية ووزير الثقافة، طعنا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 867 لسنة 30 القضائية بجلسة 15 من يونيه سنة 1978، والذي قضى برفض دعوى المدعي. وطلب تقرير الطعن إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلزام الإدارة بأن تؤدي للطاعن تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه والمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدم مفوض الدولة تقريراً انتهى رأيه فيه إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الطاعن بالمصروفات وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية، نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 11 من نوفمبر سنة 1983، وبجلسة 18 من يناير سنة 1984 أحيل الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1984، وفيها حجز الطعن لجلسة اليوم حيث صدر الحكم به وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، بحسبان أن الحكم المطعون فيه صدر في 15 من يونيو سنة 1978 وقدم الطاعن طلباً لإعفائه من الرسوم في 30 من يوليه سنة 1978 قيد برقم 213 لسنة 24 القضائية، وتقرير رفض الطلب بجلسة 14 من أكتوبر سنة 1978 فأقيم الطعن الماثل في 22 من أكتوبر سنة 1978.
ومن حيث إن واقعة النزاع تتحصل حسبما بين من الأوراق، في أن الطاعن رفع دعواه أمام محكمة القضاء الإداري برقم 867 لسنة 30 القضائية طالباً الحكم بإلزام رئيس الجمهورية ووزير الثقافة بأن يؤديا له تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه جبراً لما أصابه من أضرار بسبب منحه إجازة مفتوحة من 31 من أغسطس سنة 1966، ثم إنهاء خدمته بغير الطريق التأديبي في 7 من مارس سنة 1968. وشرح دعواه أنه مع ما عرف عنه من إسهام كبير في نشر الثقافة العربية والتراث العالمي وإذ عين مديراً عاماً بالمؤسسة المصرية للتأليف والترجمة ثم رئيس مجلس إدارة شركة التجارة المصرية للتأليف والترجمة، فإن قرار الوزير بمنحه إجازة مفتوحة ثم قرار رئيس الجمهورية بإنهاء خدمته بغير الطريق التأديبي، كلاهما لم يقم على سبب يسنده أو يبرره.
واستند الحكم المطعون فيه في رفض دعوى المدعي، إلى أنه إذا كان الثابت أن وزير الثقافة أصدر القرار رقم 107 في 31 من أغسطس سنة 1966 بمنح المدعي إجازة مفتوحة، وهو نوع من الإجازات لم يرد بالقرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 بنظام العاملين بالقطاع العام الأمر الذي يجعل القرار مخالفاً للقانون، وإذا كان ترتب على هذا القرار حرمان المدعي من بدل التمثيل الذي كان يتقاضاه بواقع 700 جنيه سنوياً تختص بنسبة 25%، إلا أن حق المدعي في هذا البدل يسقط بمضي خمس سنوات باعتباره من الحقوق الدورية، ويسقط حقه في التعويض بمضي ذات المدة التي يسقط بها الحق الأصلي.
وبالنسبة لقرار رئيس الجمهورية الصادر برقم 341 لسنة 1968 بفصل المدعي من الخدمة بغير الطريق التأديبي، فقد جرى قضاء المحكمة على سريان القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم على العاملين المدنيين الذين لا تنظم شئونهم الوظيفية قوانين خاصة وانتهت خدمتهم في 11 من مارس سنة 1963 بغير الطريق التأديبي في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 في 8 من يونيو سنة 1972 وقد نصت المادة العاشرة من هذا القانون على ألا يترتب على تطبيق أحكامه صرف أية فروق مالية أو تعويضات عن الماضي.
واستند تقرير الطعن إلى أن فكرة التقادم الخمسي لا تستقيم مع أوضاع العاملين بالقطاع العام ولا تأتلف مع طبيعة بدل التمثيل الذي لا يعتبر من الحقوق الدورية المتجددة، وأنه بفضل الطاعن أدمجت حقوقه عن الإجازة المفتوحة في طلب التعويض فلا تسقط إلا بالتقادم الطويل.
وإن القانون رقم 28 لسنة 1972 لا يسري إلا على العاملين المدنيين وأن ما ورد بالمادة العاشرة منه من عدم استحقاق التعويض مشروط بعودة العامل إلى عمله.
ومن حيث إن القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم، قد قضت مادته الأولى بأن يعود إلى الخدمة العاملون المدنيون الذين كانت قد أنهيت خدمتهم بغير الطريق التأديبي، سواء كان إنهاء الخدمة بالإحالة إلى الاستيداع أو إلى المعاش أثناء الاستيداع أو بالفصل، وسواء كانوا يعملون بوظائف الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لأي منها، وذلك ما دام العامل ممن لا تنظم شئونهم الوظيفية قوانين خاصة، وما دامت قد أنهيت خدمته بغير الطريق التأديبي في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972. وشرطت المادة الثانية لإعادة العامل إلى الخدمة بألا يكون بلغ سن التقاعد وقت إعادته للخدمة، وأن يثبت قيام إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي على غير سبب صحيح ورسمت المواد التالية إجراءات تقديم طلب الإعادة والنظر فيه، ثم حددت المادة السابعة ما يتبع في تسوية معاشات أو مكافآت من توفى من العاملين المشار إليهم في المادة الأولى، ومن بلغ منهم سن التقاعد قبل العمل بالقانون أو عند الإعادة للخدمة، وموعد تقديم الطلب.
ومن حيث إنه من استقراء هذه الأحكام يتبين أنها حددت مجال سريان القانون 28 لسنة 1974 سالف الذكر، ورسمت المواد التالية إجراءات تنفيذ أحكامه على العاملين الخاضعين له سواء من حيث الإعادة للخدمة أو من حيث تسوية معاشات ومكافآت من توفى أو بلغ سن التقاعد قبل إعادته ثم نصت المادة العاشرة في فقرتها الثانية على أنه "لا يترتب على تطبيق أحكام هذا القانون صرف أية فروق مالية أو تعويضات عن الماضي..." ومفاد ذلك أن القانون إذ منع صرف تعويضات أو فروق مالية عن الماضي، إذ قرر ذلك في سياق نسق تشريعي أكد به للمفصول حق العودة أو تسوية المعاش بما يدرأ عن المضرور ما لحقه من جراء سابقة فصله بغير الطريق التأديبي فصلاً غير مستند إلى سبب صحيح. وعودة المفصول هي من قبيل التنفيذ العيني، والتعويض نوع من التنفيذ بمقابل، والأصل أن التنفيذ العيني أولى من التنفيذ بمقابل حسب الأصول القانونية العامة ومن ثم فلا تثريب على المشرع أن قدم ما هو أولى، واستعاض به كطريق لجبر الضرر عن أسلوب التنفيذ بمقابل الذي يتمثل في التعويض.
ومن حيث إنه من جهة أخرى، فإن مناط حكم الفقرة الثانية من المادة العاشرة، بحظر صرف التعويضات أو الفروق المالية، يتعلق وفقاً لصريح حكم هذه الفقرة، بمجال تطبيق أحكام هذا القانون الذي رسمته المادة الأولى منه، ويشمل كل من أنهيت خدمته بغير الطريق التأديبي من العاملين المدنيين بالدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها ممن لا تنظم شئونهم الوظيفية قوانين خاصة، متى كانت قد أنهيت خدمتهم في الفترة ما بين تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 وتاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972.
ومن حيث إن الطاعن يدخل في عداد العاملين الذين يشملهم حكم المادة الأولى من القانون رقم 28 لسنة 1974 سالف الذكر بحسبانه يعمل بواحدة من شركات القطاع العام، وأنهيت خدمته بغير الطريق التأديبي بقرار رئيس الجمهورية رقم 341 الصادر في 25 من مارس سنة 1968. الأمر الذي يصدق معه في شأنه الحظر الوارد في المادة العاشرة من هذا القانون من حيث عدم صرف أية فروق مالية أو تعويضات.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب التعويض عن مدة الإجازة المفتوحة، التي صدر بها قرار وزير الثقافة في 31 من أغسطس سنة 1966 واستمرت حتى إحالته إلى المعاش في 25 من مارس سنة 1968 فلا وجه لما يقول به الطاعن في تقرير الطعن من أن فصله عقب الإجازة قد أدمج ما يطلبه من حق في التعويض عن الإجازة فيما يطلبه من حق في التعويض عن الفصل. ما دام أن كلاً من الطلبين متميز بذاته يتصل بتصرف متميز عن التصرف الآخر، ومن ثم لا يقوم وجه للطعن على ما قضت به محكمة القضاء الإداري من تقادم حق الطاعن في بدل التمثيل وفي التعويض عنه، وفقاً لما يجري عليه قضاء هذه المحكمة في هذا الشأن، إذ رفعت الدعوى بعد مدة شارفت الثماني سنوات.
ومن حيث إنه من كل ذلك تبين أن الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح حكم القانون فيما قضى به من رفض دعوى الطاعن، وأن الطعن الماثل لا يستند إلى سبب قانوني سليم الأمر الذي يتعين معه رفض الطعن وإلزام الطاعن بمصروفاته طبقاً للمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.