مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 1054

(167)
جلسة 24 من إبريل سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محيي الدين ومحمد كمال سليمان أيوب وطارق عبد الفتاح البشري وعبد اللطيف أحمد أبو الخير - المستشارين.

الطعن رقم 531 لسنة 27 القضائية

إثبات - المادتان 15 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 و37 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 - يلزم لإجراء المضاهاة في حالة عدم اتفاق الخصوم أن يكون الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع الذي يجري المضاهاة عليه على محرر رسمي وإلا فلا يجوز قبوله - تطبيق للأوراق والمحررات الرسمية - لا يجوز اعتبار تاريخ وفاة كاتب العقد تاريخاً ثابتاً ما دام كاتب العقد لم يوقعه بصفته متعاقداً أو شاهداً أو ضامناً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 18 من مارس سنة 1981 أودع الأستاذ عبد الخالق عمر المحامي - بصفته وكيلاً عن السيد/ عمر عبد العزيز خطاب - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم/ 531 سنة 27 ق عليا - في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بجلسة 19 من يناير سنة 1981 في الاعتراض رقم/ 163 لسنة 1977 والذي قضى برفض الاعتراض.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والاعتداد بالعقد المؤرخ 19 من مارس سنة 1957 مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وتم تحضير الطعن وقدمت هيئة مفوضي الدولة - تقريراً برأيها القانوني انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب مصلحة الطب الشرعي بوزارة العدل للقيام بالمأمورية المشار إليها بالتقرير مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 21 من ديسمبر سنة 1983 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) - لنظره بجلسة 17 من يناير سنة 1984 - وفي هذه الجلسة وفي الجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن وقائع النزاع تخلص في أن السيد/ عمر عبد العزيز خطاب الطاعن سبق له أن أقام اعتراضاً أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي برقم 163 لسنة 1977 ذكر في عريضته أنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ في 19 من مارس سنة 1957 اشترى الطاعن من المطعون ضده الثاني أرضاً بوراً مساحتها 88 فداناً بحوض رقم 8 المستجد بزمام ناحية الحظارة الصغرى مركز فاقوس قطعة رقم 6180 حرف ب من تقسيم مديرية الشرقية وضمن القطع أرقام 6179، 6180، 6181 والبالغ مسطحها 282 فداناً. السابق رسوم مزاد بيعها على المطعون ضده المذكور بالمزاد العلني الذي أجري بمعرفة مديرية الشرقية في 30 من يوليه سنة 1950 ولاستيلاء الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على المساحة موضوع هذا العقد ضمن ما استولى عليه لدى البائع بالتطبيق لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 - ورغم صدور قرار بالاعتداد بعقد مماثل في ذات التاريخ صدر من البائع إلى ورثة عبد العزيز خطاب في الاعتراض رقم 808 لسنة 1969 - فقد اضطر الطاعن إلى رفع الاعتراض رقم 163 لسنة 1977، أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي طالباً إلغاء قرار الاستيلاء والاعتداد بعقد البيع الابتدائي المؤرخ 19 من مارس سنة 1957 - وقدم دليلاً على ذلك عدة حوافظ بالمستندات انطوت على أن أصل عقد البيع الابتدائي المؤرخ 19 من مارس سنة 1957 وهو محرر بين كل من صالح عبد العزيز خطاب (بائع) والطاعن (مشتري) - وموضوعه القطعة حرف ب رقم 6180 من تقسيم بيوع مديرية الشرقية بالحوض رقم 8 المستجد بزمام ناحية الحظارة الصغرى - مركز فاقوس. والبالغ مساحتها 88 فداناً حسبما هو وارد بمحضر مرسى المزاد العلني الذي تم بمعرفة المديرية بتاريخ 30/ 7/ 1950 - ضمن الثلاث قطع حرف ( أ )، (ب)، (جـ) والبالغ مساحتها 282 فداناً مبينة الحدود والمعالم بمحضر مرسى المزاد، والموضوع منها مبلغاً وقدره 750 جنيهاً بصفة تأمين عن الثلاث قطع - والتي صار اعتمادها برقم 7/ 9/ 50 نمرة 1558 خطاب المصلحة والذي دفع بمقتضاه مبلغ 1125 جنيه مجموع ثمن الثلاث قطع وبذلك يكون المبلغ المدفوع جميعه 1875 جنيهاً عن الثلاث قطع جميعها. وألزم البائع بدفع 107 جنيهاً كانت بذمة البائع للمشتري لمديرية الشرقية خصماً من مطلوباتها على القطعة أمام باقي المبالغ المستحقة على العين بهذا العقد فقد التزم المشتري بسدادها حسب الأقساط وفي المواعيد إلى المديرية مباشرة وأخذ الإيصالات اللازمة.
كما نص في البند خامساً من العقد على:
1 - أن الأرض المباعة قد آلت إلى البائع بطريق المشترى بالمزاد العلني ضمن مسطح أكبر، والعقد الموقع عليه من البائع والمشتري وشاهدين.
2 - صورة رسمية طبق الأصل من القرار الصادر في الاعتراض رقم 818 لسنة 1969.
3 - صورة طبق الأصل (ضوئية) لعقد البيع محل النزاع.
4 - صورة طبق الأصل من الإعلام الشرعي بوفاة حسن علي حسين الذي وقع عليه كشاهد.
5 - صورة طبق الأصل من توكيل موقع عليه من حسن علي حسين كشاهد.
6 - صورة من العقد المسجل برقم 8646 في 15 من نوفمبر سنة 1951 توثيق القاهرة ثابت به أن محرر العقد حسن علي حسين مهر الذي وقع على العقد كشاهد.
وقدم المعترض مذكرة ذهب فيها إلى أن العقد ثابت التاريخ بوفاة محرره حسن علي حسين مهر في تاريخ سابق على العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 وأنه يمكن بالعين المجردة إجراء المضاهاة بين العقد محل الاعتراض والعقد الذي تم الاعتداد به في الاعتراض رقم 808 لسنة 1969 للتأكد من أن كاتبها شخص واحد - وأنه يمكن لأهل الخبرة التأكد من صحة هذا الدفاع.
وبجلسة 19 من يناير سنة 1981 قررت اللجنة القضائية قبول الاعتراض شكلاً ورفضه موضوعاً، وأقامت قضاءها على أن المعترض لم يقدم محرراً رسمياً بخط محرر العقد محل النزاع لإتمام المضاهاة وصولاً إلى أن كاتب المحررين واحد وفقاً لما تنص به المادة 37 من القانون رقم 25 لسنة 1968 وإنما أصر على التمسك بمضاهاة العقد محل النزاع والعقد العرفي محل الاعتراض رقم 808 لسنة 1969 الذي تم الاعتداد به وصولاً إلى أن كاتبهما واحد هو حسن علي حسين مهر - وبذلك يكون الاعتراض قد خلا من الدليل على ثبوت تاريخ العقد محل النزاع.
ومن حيث إنه لذلك فقد تقدم الطاعن بالطعن الماثل طالباً إلغاء القرار المطعون فيه والاعتداد بالعقد المؤرخ في 19 من مارس سنة 1957 - واستند في ذلك إلى أن القرار المطعون فيه قد خالف القانون لأسباب:
أولها: أن العقد محل النزاع ثابت التاريخ بوفاة كاتبه ومحرره في 11 من سبتمبر سنة 1958 أي قبل العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 في 25 من يوليو سنة 1961. وأنه لذلك يتعين الاعتداد به.
ثانيها: أن العقد محل النزاع وعقد أولاد أخيه محل الاعتراض رقم 808 لسنة 1969 مكتوبان بحبر واحد وبصيغة واحدة وكلاهما صورة طبق الأصل من الآخر وبخط شخص واحد هو المرحوم حسن علي حسين مهر الثابت وفاته في 11 من سبتمبر سنة 1958 وقد صدر قرر الاعتداد بالعقد محل الاعتراض رقم 808 لسنة 1969 وأصبح هذا القرار نهائياً.
ومن ثم يمكن إجراء المضاهاة بين العقدين المذكورين لأن الحكم الصادر بالاعتداد بالعقد محل الاعتراض المشار إليه قد أصبح ورقة رسمية لا مجال لإهدار صلاحيتها للمضاهاة.
ثالثها: أن الطاعن قدم الإعلام الشرعي بوفاة كاتب العقد محل النزاع في 11 من سبتمبر سنة 1958 كدليل على ثبوت تاريخ هذا العقد كما أن خط محرر العقد محل النزاع ثابت في المستندات المرفقة بالحافظة الرابعة المقدمة من الطاعن، وتلك المستندات صالحة للمضاهاة - وإذ أهدر القرار المطعون فيه هذه الأدلة فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب متعين الإلغاء.
ومن حيث إن نص المادة الثالثة من القانون رقم 127 لسنة 1961 يقضي بأن تستولى الحكومة على ملكية ما يجاوز الحد الأقصى الذي يستبقيه المالك طبقاً للمواد السابقة ومع مراعاة أحكام المادتين السابقتين لا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات المالك ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل العمل به وتنص المادة 15 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه "لا يكون المحرر العرفي حجة على الغير في تاريخه إلا منذ أن يكون له تاريخ ثابت ويكون للمحرر تاريخ ثابت من يوم وفاة أحد ممن لهم على المحرر أثر معترف به من خط أو إمضاء أو بصمة، أو من يوم أن يصبح مستحيلاً على أحد من هؤلاء أن يكتب أو يبصم لعله في جسمه. وتنص المادة 37 من ذات القانون على أنه "لا يقبل للمضاهاة في حالة عدم اتفاق الخصوم إلا:
( أ ) الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع الموضوع على محررات رسمية م 10 المحررات الرسمية.
ومن حيث إنه يبين من جماع ما تقدم أن النزاع بين الطرفين يدور حول ما إذا كان يلزم الاكتفاء بالعقد العرفي محل الاعتراض رقم 808 لسنة 1969 باعتباره أصبح ورقة رسمية بالحكم بالاعتداد به من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي حسبما يدعي الطاعن لإجراء المضاهاة المطلوبة - أم يتعين على الطاعن تقديم ورقة رسمية عليها توقيع المتوفى حسن علي حسين مهر أو مكتوبة بخط يده.
ومن حيث إن نص المادة 37 من قانون المرافعات المدنية والتجارية صريح وواضح في أنه يلزم لإجراء المضاهاة في حالة عدم اتفاق الخصوم أن يكون الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع الذي يجري المضاهاة عليه على محرر رسمي وإلا فلا يجوز قبوله.
وإذا كانت الورقة أو المحرر الرسمي وفقاً لما تقضي به المادة 10 من ذات القانون هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه فإذا لم تكسب هذه المحررات صفة رسمية فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوو الشأن قد وقعوها بإمضاءاتهم أو أختامهم أو ببصمات أصابعهم فإن العقد الذي اعتدت به اللجنة القضائية في الاعتراض رقم 808 لسنة 1969 لا يعتبر ورقة رسمية بهذا المعنى بما يسوغ معه إجراء المضاهاة عليها ذلك أنه فضلاً على ما تقدم فإن العقد المذكور لم يتم الاعتداد به إلا لأن تاريخه قد ثبت بالتأشير عليه من موظف عام هو وكيل النيابة للأحوال الشخصية ولا علاقة في ذلك بخط كاتبه أو توقيعه عليه كشاهد - ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا الدليل كوسيلة للمضاهاة - وبالتالي عن هذا السبب من أسباب الطعن.
ومن حيث إنه من جهة أخرى فإن الاستناد إلى أن كاتب العقد قد توفى وأن العقد بذلك قد ثبت تاريخه بوفاة كاتبه - أن الاستناد إلى ذلك لا يقوم هو الآخر على سند من القانون ذلك أن الكتابة وحدها إذا كانت لشخص لم يوقع العقد لا تثبت التاريخ إذ من الجائز أن يكتب إنسان مشروع عقد يوقعه الطرفان والشهود بعد وفاته فلا يصح اعتبار تاريخ وفاة الكاتب للعقد تاريخاً ثابتاً لتمام التعاقد أي أنه ما دام كاتب العقد لم يوقعه بصفته متعاقداً أو شاهداً أو ضامناً فلا عبرة بوفاته أو حياته فيما يختص بإثبات التاريخ. وإذ كان الحال كذلك بالنسبة للعقد موضوع النزاع إذ توفى محرره دون أن يوقعه بأية صفة كانت - وبالتالي فلا تفيد وفاته في إثبات تاريخه - وبذلك ينهار السبب الثاني من أسباب الطعن - وبالتالي يكون الطعن لا أساس له من القانون متعيناً الحكم برفضه وإلزام الطاعن المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.