مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 1291

(205)
جلسة 23 يونيه سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم ويحيى السيد الغطريفي - المستشارين.

الطعن رقم 617 لسنة 29 القضائية

أملاك الدولة الخاصة - التصرف فيها - القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها وقانون الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 - الاختصاص بالتصرف في الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة أصبح موزعاً بين كل من وزارة الزراعة التي تتبعها الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ووزارة استصلاح الأراضي والمحافظات - تختص وزارة الزراعة وهيئة الإصلاح الزراعي كأصل عام بالإشراف على الأراضي الزراعية داخل الزمام وخارجه لمسافة كيلو مترين وعلى الأراضي البور الواقعة في هذا النطاق - تختص وزارة استصلاح الأراضي والجهات التابعة لها بالإشراف على الأراضي الصحراوية الواقعة خارج هذا النطاق - تختص المحافظات بالأراضي غير المزروعة الواقعة داخل الزمام أي الأراضي البور التي تقوم باستصلاحها - قرار محافظ الجيزة الصادر في 5/ 4/ 1982 بتخصيص أرض زراعية تابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي لإقامة مركز لشباب شبرامنت عليها - صدوره عن جهة غير مختصة قانوناً بالتصرف في هذه الأراضي - صدور القانون رقم 19 لسنة 1984 بعد ذلك ونصه في المادة الأولى على أن تعتبر الأراضي الواقعة في أملاك الدولة الخاصة التابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي أو الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التي تصرفت فيها المحافظات أو صندوق أراضي الاستصلاح حتى 29/ 10/ 1982 مملوكة لتلك المحافظات أو الصندوق في تاريخ التصرف فيها - اعتبار قطعة الأرض المتنازع عليها بحكم القانون مملوكة لمحافظة الجيرة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق الأول من فبراير سنة 1983 أودع الأستاذ سعد عبد الواحد حماد المحامي نائباً عن الأستاذ سعد أبو عوف المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/ سكينة السادات - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 617 لسنة 29 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 2672 لسنة 36 ق بجلسة 11/ 1/ 1983 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبقبول تدخل السيد/ إبراهيم حفناوي أبو عمر بصفته خصماً منضماً للجهة الإدارية، وفي الطلب المستعجل برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعية المصروفات، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتقديم تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وطلبت الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وأضافت الطاعنة في مذكرتها المودعة بتاريخ 21/ 5/ 1984 طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه:
أولاً: وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ثانياً: قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 2/ 1/ 1984 وبجلسة 19/ 3/ 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 14/ 4/ 1984 وفي هذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن وتدوول بالجلسات على الوجه الثابت بالمحضر، وحجز للحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعنة قد أقامت دعواها رقم 2672 لسنة 36 ق بعريضة أودعتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 11/ 4/ 1982 طلبت في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار محافظ الجيزة رقم 164 لسنة 1982 الصادر بتاريخ 5/ 4/ 1982 بتخصيص قطعة أرض مساحتها 5 س 7 ط 1 ف بناحية شبرا منت لمركز شباب شبرا منت وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وقالت المدعية شرحاً لدعواها أنها تستأجر من الجمعية التعاونية للإصلاح الزراعي بشبرا منت أرضاً زراعية مساحتها 5 س 7 ط 1 ف منذ عام 1971 وتقوم باستزراعها وتشجيرها وخصصتها لخدمة مشروع للأمن الغذائي تملكه بقطعة أرض ملاصقة وفي 5/ 4/ 1982 فوجئت بأن مسئول الشباب ببلدة شبرا منت تقدم ضدها بشكوى إلى مركز شرطة الجيزة يدعي فيها أنها شونت بعض مواد البناء على الأرض الزراعية المشار إليها المخصصة لتكون مقراً لنادي شباب القرية، كما فوجئت في ذات اليوم بصدور قرار محافظ الجيزة بتخصيص هذه الأرض مقراً لنادي الشباب بشبرا منت مستنداً في ذلك إلى القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي وإلى قرار المجلس الشعبي المحلي لمركز الجيزة في 3/ 1/ 1980 وإلى قرار المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الجيزة في 26/ 1/ 1980 بالموافقة على هذا التخصيص واستطردت المدعية أنها تستأجر هذه الأرض من الجمعية التعاونية للإصلاح الزراعي منذ 1971 وتقوم بسداد الإيجار سنوياً. ونعت على قرار المحافظ المطعون فيه بالانعدام، لأنه ينطوي على إلغاء لعقد الإيجار وإهدار حقوق المدعية كحائزة ولأن قرار المجلس الشعبي لمحافظة الجيزة بالموافقة على تخصيص الأرض لنادي الشباب لم يبلغ للمحافظ خلال سبعة أيام من تاريخ صدوره كما تقضي المادة 13 من قانون الحكم المحلي بدليل أن قرار المحافظ لم يصدر إلا بتاريخ 5/ 4/ 1982 كما وأن المحافظ السابق قد سبق أن رفض قرار المجلس الشعبي المحلي ومن ثم لا يجوز تحريك الموضوع من جديد كذلك فإنه طبقاً لحكم المادة 28 من القانون رقم 43 لسنة 1979 فإن سلطة المحافظ في تقرير قواعد التصرف في الأراضي المعدة للبناء المملوكة للدولة ووحدات الحكم المحلي في نطاق المحافظة والأراضي القابلة للاستزراع المتاخمة للزمام، تقتصر في حالة التصرف فيها دون مقابل على أغراض التعمير والإسكان واستصلاح الأراضي وتهيئتها للزراعة، ومن ثم لا يدخل ضمن هذه الأغراض استعمال الأرض محل النزاع كمركز للشباب وقدمت المدعية أثناء نظر الدعوى صورة عقد بيع صادر لها من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتاريخ 29/ 10/ 1982 عن قطعة الأرض محل النزاع.
وبموجب إعلان على يد محضر طلب المدعو إبراهيم حفناوي أبو عمر بصفته رئيساً لمركز شباب شبرا منت قبول تدخله خصماً منضماً للحكومة في طلبها رفض الدعوى بشقيها.
وبجلسة 11/ 1/ 1983 قضت المحكمة في الشق المستعجل من الدعوى بقبول الدعوى شكلاً وبقبول تدخل الخصم المنضم للجهة الإدارية، برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعية المصروفات.
وأقامت قضاءها برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على أساس أن الأرض موضوع القرار المطعون فيه من أملاك الدولة الخاصة وأن تخصيصها للمنفعة العامة على النحو الذي تضمنه القرار ينقلها من الملك الخاص إلى الملك العام ويخرجها تبعاً لذلك من دائرة التعامل طبقاً لحكم المادة 87 من القانون المدني. وقد تم التخصيص للمنفعة العامة بقرار من المحافظ بما لديه من سلطات واختصاصات في المادتين 2، 27 من القانون رقم 43 لسنة 1979 وبما هو مقرر من أن اختيار موقع المشروعات والمرافق العامة من إطلاقات الإدارة خصوصاً إذا كان هذا الموقع من أملاك الدولة الخاصة. ومن ثم فإن القرار المطعون فيه بحسب الظاهر من الأوراق يكون موافقاً لصحيح حكم القانون ويحق للمحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية الأرض موضوع القرار وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري طبقاً للمادة 26 من القانون رقم 43 لسنة 1979 المشار إليه، ولا يغير من هذه النتيجة أن الأرض موضوع النزاع كانت في حيازة المدعية لأن هذه الحيازة مادية عارضة تستند إلى حصر الخفية من سنة 1974 حتى سنة 1982 وهو إجراء مادي يتخذ بقصد الحفاظ على حق الدولة في مقابل الانتفاع بالأرض دون سن قانوني ودون أن ينطوي على معنى الإقرار بالتعدي على أملاك الدولة الخاصة أو تصحيح مركز المدعية القائم على الغصب أو إنشاء علاقة تأجيرية عقدية تسوغ لها الاستمرار في التعدي على الأرض أو ترتيب حقوق لها عليها.
كما أنه بافتراض وجود علاقة تأجيرية عقدية بين المدعية وجهة الإدارة فإن هذه العلاقة لا تحول دون تخصيص الأرض للمنفعة العامة. وحينئذ ينتهي حق الإيجار ويتحول إلى التعويض إن كان له مقتضى كذلك فلا مغير في شراء المدعية الأرض محل النزاع من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي في تاريخ لاحق (9/ 10/ 1982) لأن الحكم على مشروعية القرار يتحدد بوقت صدوره. ولما كان يترتب قانوناً على القرار المطعون فيه الصادر 5/ 4/ 1982 خروج الأرض من دائرة التعامل بنص القانون لنقلها إلى الملك العام فإن عقد الشراء اللاحق يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً لوروده على مال غير جائز التعامل فيه فضلاً عن أن إقدام هيئة الإصلاح الزراعي على بيع الأرض للمدعية ينطوي على مخالفة صارخة للقانون لأنها غلبت مصلحة شخصية على مصلحة عامة مع أن المسلمات أن المصلحة العامة تعلو على المصالح الفردية وأن للجهات الإدارية أن تخصص من أملاك الدولة الخاصة ما تحتاجه مرافقها ومشروعاتها العامة طبقاً لما تقضي به المادة 10 مكرراً من القانون رقم 178 لسنة 1952، والمادة 51 من القانون رقم 100 لسنة 1964.
وأضافت المحكمة أنه فضلاً عن انتفاء ركن الجدية في الطلب المستعجل من الدعوى على النحو السابق فإن ركن الاستعجال منتفي بدوره نظراً لما تبين من الأوراق من تمام تنفيذ القرار المطعون فيه بتسليم الأرض لمديرية الشباب والرياضة بمحافظة الجيزة في 20/ 4/ 1982.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على الأسباب الآتية:
1 - أنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن للمحافظ إصدار القرار المطعون فيه استناداً إلى المادتين 2، 27 من القانون رقم 43 لسنة 1979 (المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981) وذلك أن البادي من حكم هاتين المادتين أن اختصاص المحافظ وسائر وحدات الحكم المحلي فيما يتعلق بإنشاء وإدارة المرافق لا يمتد إلى المرافق ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار رئيس الجمهورية وفقاً لأحكام اللائحة التنفيذية للقانون، ومن بين المرافق ذات الطبيعة الخاصة أملاك الدولة الخاصة التي تديرها وتشرف عليها وتتصرف فيها الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بموجب القانون رقم 100 لسنة 1964.
وقد تأيد هذا النظر بفتوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري بمجلس الدولة المؤرخ 21/ 9/ 1982 (ملف 18/ 2/ 26) والتي انتهت فيها إلى أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي هي الجهة المختصة طبقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 بالتصرف في الأرض الزراعية المملوكة للدولة ملكية خاصة الداخلة في الزمام ولمسافة كيلو مترين خارجة وأنه لا اختصاص للمحافظات في هذا الشأن إلا بالنسبة للتصرف في الأرض غير المزروعة - القابلة للاستزراع - داخل الزمام ولمسافة كيلو مترين خارجة التي تقوم المحافظات باستصلاحتها، وذلك طبقاً لحكم المادة 28 من القانون رقم 43 لسنة 1979 المشار إليه.
2 - أن القرار المطعون فيه معيب بعيب إساءة استعمال السلطة، لأن إن الأرض موضوع النزاع في حيازة الطاعنة منذ سنة 1970 وقد قامت باستصلاحها وزراعتها منذ ذلك التاريخ، ويقوم الإصلاح الزراعي بتحصيل الإيجار منها، ووافق أخيراً على بيع الأرض لها. وفي ذات الوقت فإن مركز شباب شبرا منت يملك داخل كردون القرية أرضاً مساحتها 12 ط 1 ف خصصت من قبل لإقامة مركز شباب عليها، وسبق للمركز أن طلب من مديرية الإسكان والمرافق بالجيزة صرف حديد تسليح لإقامة المركز على هذه المساحة وذلك بالكتاب الصادر من مراقب الإسكان إلى مدير الإسكان بتاريخ 31/ 8/ 1970 (ملف 3/ 1) ورغم صدور الإذن فإن المركز لم يقم حتى الآن بإنشاء المباني. ومؤدى ذلك أن تخصيص الأرض محل النزاع التي تحوزها الطاعنة لمركز الشباب رغم أن ثمة أرضاً غيرها سبق تخصيصها له وصرف عنها مواد بناء ينطوي على إساءة في استعمال السلطة، سيما وأن الأرض محل النزاع مخصصة للزراعة ومشاريع الأمن الغذائي وملاصقة لمزارع دواجن لملاك متعددين، مما يؤثر تأثيراً ضاراً على هذه المشروعات.
3 - إن إقامة منشأة على هذه الأرض الزراعية يخالف حكم المادة 107 وما بعدها من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966حيث إنها تقع خارج الكتلة السكنية للقرية، ولا تقع داخل كردون المدينة المعتمد حتى 1/ 12/ 1981 ومن ثم لا يجوز إقامة أية منشآت عليها لا تخدم الإنتاج الزراعي والحيواني.
وقد أودعت الطاعنة في المهلة المحددة لتبادل المذكرات بعد حجز الطعن للحكم - مذكرتين شارحتين لأسباب الطعن.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق - حافظة مستندات إدارة قضايا الحكومة - المقدمة في مرحلة الدعوى بجلسة 16/ 11/ 1982 أنه لا يوجد عقد إيجار بين الطاعنة والهيئة العامة للإصلاح الزراعي بخصوص قطعة الأرض محل النزاع، وإنما يتم حصرها خفية سنوياً حسب وضع اليد بالطبيعة باسم الطاعنة باعتبارها أرضاً زراعية وذلك من عام 1974 حتى 1982.
ومن حيث إنه بتاريخ 5/ 4/ 1982 صدر قرار محافظ الجيزة رقم 164 لسنة 1982 يشير في ديباجته إلى القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي، وإلى قرار المجلس الشعبي المحلي لمركز الجيزة الصادر بتاريخ 3/ 1/ 1980 بتخصيص قطعة أرض لمركز شباب شبرا منت، وإلى قرار المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الجيزة بجلسة 26/ 1/ 1980 بالموافقة على هذا التخصيص. وينص القرار في مادته الأولى على تعديل تخصيص قطعة الأرض المشار إليها من أملاك دولة خاصة إلى منافع عامة للشباب، وينص في مادته الثانية على تخصيص الأرض لمركز شباب شبرا منت لإقامة ما يلزمه من منشآت وملاعب لمزاولة الأنشطة الشبابية من رياضة وثقافة.
ومن حيث إن المادة 2 من قانون الحكم المحلي الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 (معدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1981) تنص على أن تتولى وحدات الحكم المحلي في حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها، كما تتولى هذه الوحدات كل في نطاق اختصاصها جميع الاختصاصات التي تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها - وذلك فيما عدا المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية.... إلخ.
وتنص المادة 27 من القانون المذكور على أن يتولى المحافظ بالنسبة إلى جميع المرافق العامة التي تدخل في اختصاص وحدات الحكم المحلي وفقاً لأحكام هذا القانون جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزارة بمقتضى القوانين واللوائح ويكون المحافظ في دائرة اختصاصه رئيساً لجميع الأجهزة والمرافق المحلية.
وتكون للمحافظ السلطة المقررة للوزير بالنسبة للقرارات الصادرة من مجالس إدارات الهيئات العامة التي تتولى مرافق عامة للخدمات في نطاق المحافظة.
ويتولى الإشراف على المرافق القومية بدائرة المحافظة وكذلك جميع فروع الوزارات التي لم تنقل اختصاصاتها إلى الوحدات المحلية وذلك فيما عدا الهيئات القضائية والجهات المعاونة لها وذلك بإبداء الملاحظات واقتراح الحلول اللازمة في شأن الإنتاج وحسن الأداء، كما يتولى بالنسبة لجميع المرافق اتخاذ التدابير الملائمة لحماية أمنها".
وتنص المادة 28 من القانون المذكور على أنه "يجوز للمحافظ بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة وفي حدود القواعد العامة التي يضعها مجلس الوزراء - أن يقرر قواعد التصرف في الأراضي المعدة للبناء المملوكة للدولة ووحدات الحكم المحلي في نطاق المحافظة وقواعد التصرف في الأراضي القابلة للاستزراع داخل الزمام والأراضي المتاخمة والممتدة لمسافة كيلو مترين التي تتولى المحافظة استصلاحها بعد أخذ رأي وزارة استصلاح الأراضي، على أن تعطي الأولوية في هذا التصرف لأبناء المحافظة المقيمين بها دون مقابل لأغراض التعمير والإسكان واستصلاح الأراضي وتهيئتها للزراعة.
وفيما يتعلق بالأراضي الواقعة خارج الزمام فيكون استصلاحها وفق خطة قومية تتولى تنفيذها وزارة استصلاح الأراضي والجهات التي تحددها بالتنسيق مع المحافظة المختصة ويكون التصرف في هذه الأراضي وتحديد نصيب المحافظة في قيمتها طبقاً للأحكام والقواعد والإجراءات المنصوص عليها في القوانين واللوائح المعمول بها في هذا الشأن.
وتنص المادة 8 من القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها على أن "تؤول إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الأراضي الزراعية الخاضعة لأحكام هذا القانون فيها.... إلخ.
ومن حيث إن مفاد النصوص القانونية المتقدمة أن المشرع وضع بمقتضى أحكام القانون 100 لسنة 1964 تنظيماً عاماً للتصرف في الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة، واختص الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالأراضي الزراعية المملوكة للدولة بملكية خاصة وخولها سلطة التصرف فيها طبقاً للأحكام والقواعد المنصوص عليها في هذا القانون. ثم صدر القانون رقم 43 لسنة 1979 (المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981) فأجاز للمحافظين بموافقة المجالس الشعبية المحلية وضع قواعد التصرف في الأراضي غير المزروعة داخل الزمام وخارجه لمسافة كيلو مترين (أي الأراضي البور وفقاً لتعريف القانون رقم 100 لسنة 1964) والتي تتولى المحافظات استصلاحها وذلك بعد أخذ رأي وزارة استصلاح الأراضي. كما أجاز للمحافظين وضع قواعد التصرف بالمجان في هذه الأراضي لأغراض محددة. ومن ثم فإن الاختصاص بالتصرف في الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة أصبح موزعاً بين كل من وزارة الزراعة التي تتبعها الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ووزارة استصلاح الأراضي والمحافظات. فتختص وزارة الزراعة وهيئة الإصلاح الزراعي كأصل عام بالإشراف على الأراضي الزراعية داخل الزمام وخارجه لمسافة كيلو مترين وعلى الأراضي البور الواقعة في هذا النطاق بينما تختص وزارة استصلاح الأراضي والجهات التابعة لها بالإشراف على الأراضي الصحراوية الواقعة خارج هذا النطاق، أما المحافظات فإن اختصاصها يقتصر على الأراضي غير المزروعة الواقعة داخل الزمام أي الأراضي البور التي تقوم باستصلاحها.
ومن حيث إنه ولئن كان مؤدى إعمال الأحكام المتقدمة على الحالة المعروضة أن قرار محافظ الجيزة رقم 164 لسنة 1982 المشار إليه وقد انصب على تخصيص أرض زراعية تابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي لإقامة مركز لشباب شبرا منت عليها - قد صدر عن جهة غير مختصة قانوناً بالتصرف في هذه الأرض الأمر الذي كان من المفروض أن يبطله سيما وأن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - حسبما يبين من الأوراق - ظلت حتى بعد صدور قرار المحافظ - متمسكة بالاعتراض عليه وبحقها في التصرف في هذه الأرض - ولئن كان ذلك إلا أنه وقد صدر بتاريخ 11/ 3/ 1984 القانون رقم 19 لسنة 1984 بنقل ملكية بعض الأراضي الواقعة في أملاك الدولة الخاصة إلى المحافظات وصندوق أراضي الاستصلاح، ونصت المادة الأولى من هذا القانون على أن "تعتبر الأراضي الواقعة في أملاك الدولة الخاصة التابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي أو الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التي تصرفت فيها المحافظات أو صندوق أراضي الاستصلاح حتى 29/ 10/ 1982 مملوكة لتلك المحافظات أو الصندوق في تاريخ التصرف فيها.
فإن مؤدى حكم هذا القانون أن قطعة الأرض محل النزاع تعتبر بحكم القانون مملوكة لمحافظة الجيرة في تاريخ صدور قرار المحافظ رقم 164 لسنة 1982 في 5/ 4/ 1982، الأمر الذي من شأنه تصحيح هذا القرار فيما سبق أن اعتوره من عيب عدم الاختصاص في التصرف في هذه الأرض. ومتى استبان ذلك فقد زال عن هذا القرار ما وجه إليه من مطاعن في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالنعي على القرار المشار إليه مخالفته لأحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 - والقوانين المعدلة له - لما ينطوي عليه من إقامة مبان ومنشآت لمركز شباب على أرض زراعية. فإنه باستعراض أحكام القانون في هذا الشأن يبين أن المادة 107 مكرراً من قانون الزراعة المشار إليه - والواردة بالكتاب التاسع من القانون المضاف بالقانون رقم 59 لسنة 1973 - كانت تنص على أنه "يحظر بغير ترخيص من وزارة الزراعة إقامة أية مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية عدا الأراضي التي تقع داخل كردون المدن، وتلك المخصصة لخدمتها أو مسكناً لمالكها.
ويصدر مجلس الوزراء بناء على عرض وزير الزراعة قراراً يحدد شروط وأوضاع منح الترخيص والمناطق الجائز منحه فيها".
ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني والذي عمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره في 26/ 2/ 1982 فنصت المادة 2 منه على أن "تحظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي. ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة ويستثنى من هذا الحظر:
( أ ) الأراضي الواقعة داخل كردون المدن المعتمد حتى 1/ 12/ 1981.
(ب) الأراضي الواقعة داخل الحيز العمراني للقرى....
(جـ) الأراضي التي تقيم عليها الحكومة مشروعات ذات نفع عام بقصد خدمة أغرض الزراعة أو الري أو النقل.
(د) الأراضي التي تقام عليها مشروعات تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني ضمن إطار الخطة التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على عرض وزير الزراعة.
(هـ) الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك مسكناً خاصاً به أو مبنى يخدم أرضه وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من الوزير المختص بالزراعة.
ويشترط في الحالات الاستثنائية المشار إليها في البنود جـ، د، هـ صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة أية مبان أو منشآت أو مشروعات وذلك في إطار التخطيط العام. ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص قرار من الوزير المختص بالزراعة بالاتفاق مع الوزير المختص بالتعمير.
وبتاريخ 1/ 8/ 1983 صدر القانون رقم 116 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 وعمل به اعتباراً من 12/ 8/ 1983 - ونصت المادة الأولى منه على أن يضاف إلى قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 كتاب ثالث عنوانه "عدم المساس بالرقعة الزراعية والحفاظ على خصوبتها" يشتمل على المواد التالية: -
مادة 152 يحظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم الأراضي لإقامة مبان عليها.
ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية. ويستثنى من هذا الحظر: -
( أ ) الأراضي الواقعة داخل كردون المدن المعتمدة حتى 1/ 12/ 1981 مع عدم الاعتداد بأية تعديلات على الكردون اعتباراً من هذا التاريخ إلا بقرار من مجلس الوزراء.
(ب) الأراضي الداخلة في نطاق الحيز العمراني للقرى والذي يصدر بتحديده قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير.
(جـ) الأراضي التي تقيم عليها الحكومة مشروعات ذات نفع عام بشرط موافقة وزير الزراعة.
(د) الأراضي التي تقام عليها مشروعات تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني......
(هـ) الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك مسكناً خاصاً به أو....
كما نصت المادة الثالثة من هذا القانون على أن "تلغى المادتان 71 مكرراً، 106 مكرراً والباب التاسع من الكتاب الأول من قانون الزراعة المشار إليه وكل حكم يتعارض مع أحكام هذا القانون.
ومن حيث إنه ولئن كان المستفاد مما تقدم أن المادة 2 من القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني - وهي التي كانت سارية في تاريخ صدور قرار محافظ الجيزة المطعون فيه - كان تقر الاستثناء المقرر للأراضي التي تقيم عليها الحكومة مشروعات ذات نفع عام من حظر إقامة مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية، على المشروعات التي تقام بقصد خدمة أغراض الزراعة أو الري أو النقل، مما كان ينأى بالغرض الذي من أجله صدر قرار المحافظ المشار إليه - وهو إقامة مركز للشباب - عن نطاق الاستثناء المنصوص عليه في البند (ج) من المادة 2 المشار إليها. وبالتالي يخضعه للحظر المنصوص عليه في القانون من عدم جواز البناء في الأراضي الزراعية ولئن كان ذلك إلا أنه وقد صدر القانون رقم 116 لسنة 1983 السالف الذكر فأضاف كتاباً ثالثاً إلى قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 مشتملاً على إضافة المادة 152 إلى هذا القانون والتي عدلت من حكم الاستثناء الخاص بالأراضي الزراعية التي تقيم عليها الحكومة مشروعات ذات نفع عام فأطلقت هذا الاستثناء بالنسبة لكافة المشروعات ذات النفع العام التي تقيمها الحكومة على الأراضي الزراعية - خلافاً لنص البند (ج) من المادة 2 من القانون رقم 3 لسنة 1982 سالف الذكر ولم تشترط لإعمال هذا الاستثناء إلا موافقة وزير الزراعة. ومن ثم فإن حكم المادة 152 من قانون الزراعة المضافة بالقانون رقم 116 لسنة 1983 - يلحق بقرار محافظ الجيزة المطعون فيه، فيصحح ما كان قد شابه من مخالفة لحكم المادة 2 من القانون رقم 3 لسنة 1982 على الوجه السابق بيانه.
ومن حيث إنه لما تقدم جميعه يبين بحسب الظاهر وبالقدر اللازم لبحث الطلب المستعجل من الدعوى - أن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يفتقد لركن المشروعية، لصدور قوانين من شأنها تصحيح ما اعتور القرار من عيوب. ومن ثم يتعين القضاء برفض هذا الطلب.
ومن حيث إنه ولئن لم تأخذ هذه المحكمة بالأسباب التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه برفض طلب وقف تنفيذ القرار المشار إليه - إلا أنه وقد انتهت هذه المحكمة إلى ذات النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه. فمن ثم يتعين والحالة هذه الحكم برفض الطعن.
ومن حيث إنه متى كان الأساس القانوني الصحيح لرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ورفض الطعن الماثل هو صدور قوانين لاحقة لرفع الدعوى والطعن كان من شأنها رفضهما لذا فإن الجهة الإدارية المطعون ضدها تكون هي الملزمة بالمصاريف.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات