أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 356

جلسة 11 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.

(70)
الطعن رقم 160 لسنة 34 القضائية

( أ ) نيابة عامة. "اختصاص وكيل النيابة الكلية". اختصاص. تحقيق.
وكلاء النيابة الكلية: اختصاصهم بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التابعين لها. مجرد إحالة أعمال نيابة الأحوال الشخصية الكلية وعرض قضايا مراكز معينة على مصدر إذن التفتيش لا يسلبه اختصاصه بالتحقيق في نطاق دائرة المحكمة الكلية التي يعمل بها.
(ب) إثبات. "معاينة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "مالا يوفره". مواد مخدرة.
انتهاء المحكمة إلى أن طلب معاينة مسكن الطاعن لم يقصد به سوى إثاره الشبهة حول أدلة الثبوت التي اقتنعت بها وأنها لا تتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصوله. تبريرها رفض هذا الطلب بأسباب سائغة. إثبات الحكم في حق الطاعن أنه قد ضبط محرزاً لمخدر آخر بملابسه لم يثر بخصوصه أي منازعة. لا جدوى للطاعن مما يثيره خاصاً بطلب معاينة المسكن. النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع. غير مقبول.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". شهود.
وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات. موضوعي.
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها وذلك بناء على تفويض من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض ولا يستطاع نفيه إلا إذا كان هناك نهي صريح. ومجرد إحالة أعمال نيابة الأحوال الشخصية الكلية وعرض قضايا مراكز معينة على مصدر الإذن لا يسلبه اختصاصه بالتحقيق في نطاق دائرة المحكمة الكلية التي يعمل بها.
2 - للمحكمة أن ترفض طلب المعاينة إذا لم تر فيه إلا إثارة الشبهة حول أدلة الثبوت التي اقتنعت بها وأنها لا تتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصوله الواقعة على النحو الذي رواه شهود الإثبات. مادامت قد بررت رفض طلبها بأسباب سائغة. ولا جدوى مما يثيره الطاعن خاصاً بطلب المعاينة طالما أن الحكم أثبت في حقه أنه قد ضبط محرزاً لمخدر آخر بملابسه ولم يثر بخصوصه أي منازعة. ومن ثم فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولاً.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 19/ 7/ 1961 بدائرة مركز ديرب نجم الشرقية: الأول - حاز جواهر مخدرة (حشيشاً وأفيوناً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً بقصد الاتجار. الثانية - حازت جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً بقصد الاتجار. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1، 2، 7، 34/ 1، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والجدول 1 بند 1، 12 من القانون نفسه. فقررت الغرفة ذلك. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات الزقازيق دفع الحاضر مع المتهمين ببطلان الإذن الصادر بتفتيش المتهمين. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 3/ 11/ 1962 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المواد 17، 55، 56 من قانون العقوبات: أولاً - بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبغرامة ثلاثة آلاف جنيه. ثانياً - بمعاقبة المتهمة الثانية بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبغرامة خمسمائة جنيه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس عليها لمدة ثلاث سنوات من ذلك اليوم. ثالثاً - بمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

أولاً - تقرير الأسباب المقدم من الطاعن الأول:
من حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن المقدم من هذا الطاعن هو الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المدافع عنه تمسك ببطلان إذن التفتيش لصدوره ممن لا يملكه بمقولة إن وكيل النيابة الذي أذن به كان من وكلاء النيابة الكلية بالزقازيق وأحيلت عليه أعمال نيابة الأحوال الشخصية وعرض قضايا بندر الزقازيق وأبي كبير وديرب نجم إذ ان مناط اختصاص مصدر الإذن في صورة هذه الدعوى لا يعدو قيامه بالأعمال التي نيطت به المتعلقة بالأحوال الشخصية دون التحقيق في الحوادث التي تقع في دائرة النيابة الكلية التابع لها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لما يثيره الطاعن في هذا الوجه ورد عليه بقوله "وحيث إن الدفع ببطلان إذن النيابة الصادر بالتفتيش مردود بأن الثابت من الأوراق أن الرائد حمدي الشقنقيري تقدم بمحضره المؤرخ 18/ 7/ 1961 إلى نيابة الزقازيق الكلية برجاء الإذن بتفتيش المتهمين ومسكنيهما فأذن السيد/ أحمد فتحي طلبه وكيل النيابة الكلية بالتفتيش وقد ثبت من الاطلاع على كشف توزيع العمل بنيابة الزقازيق الكلية في الفترة من 11/ 7/ 1961 حتى 19/ 8/ 1961 أن السيد وكيل النيابة الذي أصدر الإذن كان من بين وكلاء النيابة الكلية وقد جاء بالكشف المذكور إحالة أعمال نيابة الأحوال الشخصية الكلية عليه وعرض قضايا بندر الزقازيق وأبى كبير وديرب نجم ومن الواضح أن إحالة هذه الأعمال عليه لا يسلبه اختصاصه بالتحقيق في الحوادث التي تقع في دائرة المحكمة الكلية التابع لها وذلك بناء على تفويض من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض بحيث لا يستطاع نفيه إلا بنص صريح ومن ثم يكون الإذن بالتفتيش قد صدر ممن يملكه". لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها وذلك بناء على تفويض من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض ولا يستطاع نفيه إلا إذا كان هناك نهي صريح. وكان مجرد إحالة أعمال نيابة الأحوال الشخصية الكلية وعرض قضايا مراكز معينة على مصدر الإذن لا يسلبه اختصاصه بالتحقيق في نطاق دائرة المحكمة الكلية التي يعمل بها، ومن ثم فإن إذن التفتيش الصادر في هذه الدعوى يكون صحيحاً وصادراً ممن يملكه. لما كان ذلك، فإن ما جاء بهذا الوجه لا يكون سديداً.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وشابه خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال ذلك بأن الطاعن طلب من المحكمة إجراء معاينة المنزل محل الحادث لتتبين أنه لا يقيم بالطابق العلوي الذي ضبط به المخدر وإنما يقيم في الطابق السفلي منه إلا أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب واكتفت بالمعاينة التي أجرتها على الرغم مما ثبت منها من وجود حجرات عديدة بالمنزل لم يحدد حائزها. هذا إلى أن الحكم قد أخطأ في الإسناد حين نسب إلى الطاعن أنه أقر بإقامته بالطابق العلوى من المنزل مع أن هذا الطابق يقيم به ابنه فوزي وزوجته. كما استدل استدلالاً فاسداً بما أورده من اضطراب الطاعن في تحديد شخص الحائز للحجرة التي ضبط فيها المخدر.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم أنه تناول دفاع الطاعن في هذا الوجه ورد عليه بقوله "وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم الأول (الطاعن الأول) ولا تقيم لدفاعه الموضوعي وزناً وتطمئن إلى أقوال شهود الإثبات سالفة البيان وتأخذ بها لاسيما أن هذا المتهم لم يجرحها بما ينال منها ولا ترى محلاً للطعن على المعاينة التي أجرتها النيابة لأنها قالت بهذا الإجراء في حضور المتهم ومن حضر من شهود الإثبات وأثبت حالة المسكن وتصوير الشاهدين الحاضرين للواقعة وملاحظاتهما عليه وما قرراه من حدوث تعديلات في السكن وأرفقت به رسماً كروكياً واضحاً. ومن ثم لا ترى المحكمة محلاً لطلب الدفاع إعادة إجراء المعاينة لتحديد مكان إقامة المتهم الأول أو حيازته بالمنزل وتطمئن إلى ما قرره شاهدا الإثبات الرائد حمدي صادق الشقنقيري والرائد وهيب صادق حنا بالجلسة من أن المتهم أخبرهما وقت التفتيش أن الحجرة التي وجد المخدر بها بالدولاب هي حجرة نومه وأن ملابسه كانت بها ولا تعول على دفاع المتهم من أن هذه الحجرة خاصة بابنه فوزي ولا تأخذ بأقوال شاهدي النفي اللذين شهدا بذلك. وبالتالي يكون القول من جانب الدفاع بشيوع تهمة إحراز المخدر الذي وجد بالحجرة بالدور العلوي على غير أساس وتكون حيازة المتهم لهذا المخدر الذي ضبط بملابسه ثابتة ثبوتاً قاطعاً من شهادة شهود الإثبات السابق تفصيلها ولا محل إذن لإجابة الدفاع إلى إجراء المعاينة أو سؤال وكيل النيابة المحقق.." لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تر في طلب المعاينة إلا إثارة الشبهة حول أدلة الثبوت التي اقتنعت بها وأنها لا تتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصوله الواقعة على النحو الذي رواه شهود الإثبات. وكانت المحكمة قد بررت رفض طلبها بأسباب سائغة. وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن خاصاً بطلب المعاينة طالما أن الحكم أثبت في حقه أنه قد ضبط محرزا لمخدر آخر بملابسه ولم يثر بخصوصه أي منازعة. وأما ما يثيره من خطأ الحكم في الإسناد إذ نسب إليه أنه يقيم بالدور العلوي من المنزل مع أن ابنه فوزي هو الذي يقيم به فمردود بأن ما أثبته الحكم في هذا الشأن إنما جاء تحصيلاً لما شهد به شاهدا الإثبات بالجلسة، تلك الشهادة التي عول عليها في الإدانة اطمئناناً منه إلى صدقها، لما كان ما تقدم كله، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون مقبولاً.
ثانياً - تقرير الأسباب المقدم من الطاعنة الثانية:
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعنة الثانية هو الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ذلك بأن الحكم دانها استناداً إلى ما حصله من أقوال الكونستابل محمد مصطفى شلتوت ومؤداها أنه شاهد الطاعنة تلقي لفافة أخرجتها من جيب جلبابها بينما كانت تسير معه في الطريق إلى حيث وجود السيارات وإذ التقط هذه اللفافة وتبين أنها تحوي مخدر فقد بادر إلى إبلاغ مفتش القسم بهذا الأمر وقدم اللفافة إليه. وعلى الرغم من تكذيب رجال القوة لهذه الرواية في جميع مراحل التحقيق فقد أخذ الحكم بشهادة الكونستابل مع ما شابها من التناقض. هذا إلى أن الحكم لم يعن ببيان الظروف الخاصة التي كانت تسمح للطاعنة - وقد انفردت بنفسها أكثر من مرة بإلقاء ما كانت تحمله بعيداً عن مراقبة رجال الشرطة. مما يعيب الحكم بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن ما تثيره الطاعنة في طعنها على غير أساس ذلك لأنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الرائد حمدي صادق الشقنقيري مفتش مكتب مكافحة المخدرات قد أيد الكونستابل محمد مصطفى شلتوت فيما رواه خاصاً بإبلاغه بواقعة إلقاء المتهمة للمخدر الذي أخرجته من جيب جلبابها حينما كانت تسير في الطريق إلى السيارات. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الكونستابل المذكور وعولت عليها في إدانة الطاعنة. وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها. وكان باقي ما تثيره الطاعنة في سبيل نفي التهمة عنهما مردوداً بأن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة بالرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد عليها مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم - لما كان ما تقدم، فإن ما تنعاه الطاعنة لا يكون سديداً.
وحيث إنه لما تقدم كله يكون الطعن المقدم من كل من الطاعنين على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.