مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 1110

(177)
جلسة 12 من مايو سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمود عبد العزيز الشربيني ونصحي بولس فارس وعادل عبد العزيز بسيوني وأبو بكر دمرداش أبو بكر - المستشارين.

الطعن رقم 996 لسنة 25 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - المحكمة التأديبية.
القرار الصادر بالإحالة إلى المحاكمة التأديبية - تكييفه - هو إجراء من إجراءات الدعوى التأديبية لا يرقى إلى مرتبة القرار الإداري النهائي الذي يختص القضاء الإداري بالفصل في طلب إلغائه مستقلاً عن الدعوى التأديبية - قرار الإحالة وإن كان يترتب عليه التأثير في المركز القانوني للموظف من ناحية اعتباره محالاً للمحاكمة التأديبية إلا أن هذه الإحالة ليست هدفاً نهائياً مقصوداً لذاته وأنه مجرد تمهيد للنظر في أمر الموظف والتحقق مما إذا كان هناك ما يستوجب مؤاخذته تأديبياً من عدمه - نتيجة ذلك: قرار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية لا ينطوي على تعديل نهائي في المركز القانوني للموقف ولا يعد بالتالي قراراً إدارياً نهائياً مما يجوز الطعن فيه على استقلال.
(ب) موظف - تأديب - قرار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية.
القرار الصادر بإحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية باعتباره إجراء من إجراءات هذه المحاكمة تعد المنازعة فيه من المنازعات المتفرعة عن الدعوى التأديبية - لا تقبل هذه المنازعة على استقلال وإنما يتعين أن يتم ذلك بمناسبة الطعن في الحكم الذي يصدر في تلك الدعوى - لا يجوز اعتباره من المنازعات الإدارية والتي تختص بها محاكم مجلس الدولة على استقلال - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 27 من يونيه سنة 1979 أودع السيد الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن قيد برقم 996 لسنة 25 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بجلسة 30 من إبريل سنة 1979 في الدعوى رقم 53 لسنة 12 القضائية المقامة من السيدة/ ........ ضد كل من وزير التعليم ورئيس جامعة حلوان، والقاضي بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص وأعلن تقرير الطعن إلى الجهة الإدارية في 4 يوليه سنة 1979. وقدم السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهى فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم إحالة الدعوى إلى مجلس التأديب المختص.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 11 من يناير سنة 1984، وتداول بالجلسات على النحو الثابت بالمحضر إلى أن قررت الدائرة بجلسة 14 من مارس سنة 1984 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظرة أمامها جلسة 24 من مارس سنة 1984، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن السيدة/ ........ المدرس بكلية الفنون التطبيقية قسم الطباعة والمنسوجات بجامعة حلوان أقامت الدعوى 53 لسنة 12 القضائية ضد كل من وزير التعليم ورئيس جامعة حلوان بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم وملحقاتها في 28 من فبراير سنة 1978 طلبت في ختامها الحكم بإلغاء القرار الصادر بإحالتها إلى مجلس التأديب واعتباره كأن لم يكن وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقالت شرحاً للدعوى أنها كانت قد تقدمت بطلب لمنحها إجازة خاصة لمرافقة زوجها - المعار لجامعة الرياض بالسعودية، ولما توجهت إلى مكتب الإجازات بمبنى جامعة حلوان للاستفسار عما تم في هذا الطلب، تصادف وجود السيدة رئيسة القسم وحرم السيد الدكتور رئيس الجامعة التي وجهت إليها ألفاظاً قاسية وطردتها من الحجرة، وهو الأمر الذي رفضته المدعية واعتبرته مخلاً بكرامتها. ولم تكتف رئيسة القسم بذلك وإنما قدمت في حقها شكوى أحيلت إلى التحقيق وانتهى الأمر بإحالة المدعية إلى مجلس التأديب. ونعت المدعية على هذا القرار مخالفته للقانون، ذلك لأن المحقق رفض إطلاعها على الشكوى المقدمة ضدها من السيدة رئيسة القسم وأن قرار إحالتها إلى مجلس التأديب صدر مجاملة للسيدة المذكورة دون أن يقع من المدعية ما يستوجب محاكمتها تأديبياً وهي التي أهينت وأمر بطردها من مكتب الإعارات والإجازات والعلاقات الثقافية وكانت في الحقيقة وواقع الأمر مجنياً عليها. وبجلسة 30 من إبريل سنة 1979 قضت المحكمة التأديبية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه لا يعد من قبيل القرارات النهائية للسلطات التأديبية التي تختص المحاكم التأديبية بالفصل في طلبات إلغائها طبقاً لنص المادة (15) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة وفضلاً عن ذلك فإن هذا القرار لا يعد قراراً إدارياً بأي صورة من الصور ولا يعدو أن يكون خطوات تسبق صدور القرار التأديبي، وبهذه المثابة فإن الفصل في طلب إلغاء القرار المذكور يخرج عن اختصاص المحاكم التأديبية بل وعن اختصاص كافة الجهات القضائية، الأمر الذي ترى معه المحكمة أنه لا مجال لإعمال نص المادة 110 من قانون المرافعات التي تقضي بأن على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى أن تأمر بإحالتها بحالتها إلى المحكمة المختصة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون فيما ذهب إليه من أن قرار إحالة المدعية إلى مجلس التأديب لا يعتبر قراراً إدارياً في أي صورة من الصور، وإنما الصحيح أن هذا القرار صدر من رئيس الجامعة بما له من اختصاص منصوص عليه في المادة (105) من قانون تنظيم الجامعات وترتب عليه التأثير في المركز القانوني للمدعية يعتبر قراراً إدارياً يخضع لرقابة القضاء الإداري شأنه في ذلك شأن القرارات التي تصدر في حق الموظف بوقفه عن العمل وقفاً احتياطياً لمصلحة التحقيق. وأن هذا القرار وإن يكن من القرارات المرتبطة والمتفرعة عن الدعوى التأديبية والتي تخضع لقاعدة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع، إلا أن المحكمة التأديبية لا تعتبر قاضي الأصل بالنسبة له ولا ينعقد لها الاختصاص بالفصل في طلب إلغائه بالتالي طالما أنها ليست مختصة بنظر الدعوى التأديبية المقامة ضد المدعية وإنما يختص بذلك مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الذي يتم تشكيله طبقاً للمادة (109) من القانون رقم 49 لسنة 1972 الخاص بتنظيم الجامعات. ولما كانت محكمة القضاء الإداري هي المختصة بنظر الطلبات التي يقدمها الأفراد بإلغاء القرارات الإدارية النهائية وبنظر سائر المنازعات الإدارية طبقاً لأحكام الفقرتين 5، 14 من المادة (10) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 فمن ثم تكون المحكمة المذكورة هي المختصة بنظر هذه الدعوى، ويكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى خلاف ذلك قد أخطأ في تطبيق القانون متعيناً الحكم بإلغائه وبإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أصاب الحق في قضائه للأسباب التي قام عليها والتي تقرها هذه المحكمة.
ذلك أن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة التأديبية لا يعد في مرتبة القرار الإداري النهائي الذي يختص القضاء الإداري بالفصل في طلب إلغائه مستقلاً عن الدعوى التأديبية لأن الأثر الذي يستهدفه القرار الإداري بالمدلول الاصطلاحي لهذه العبارة هو الهدف النهائي الذي تتجه إليه نية الجهات الإدارية في مجال إنشاء أو تعديل المراكز القانونية لذوي الشأن، في حين أن القرار الصادر بإحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية وإن كان يترتب عليه التأثير في المركز القانوني للموظف من ناحية اعتباره محالاً إلى المحاكمة التأديبية، إلا أن هذه الإحالة ليست هدفاً نهائياً مقصوداً لذاته في هذا المجال وإنما مجرد تمهيد للنظر في أمر الموظف والتحقق مما إذا كان هناك ما يستوجب مؤاخذته تأديبياً من عدمه وبهذه المثابة فإن القرار المذكور لا ينطوي على تعديل نهائي في المركز القانوني للموظف ولا يعد بالتالي قراراً إدارياً نهائياً مما يجوز الطعن فيه على استقلال. وغني عن القول أنه لا وجه للتحدي في هذا الخصوص بما هو مقرر في قانون مجلس الدولة من اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل في كافة المنازعات الإدارية لأن القرار الصادر بإحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية، باعتباره إجراء من إجراءات هذه المحاكمة تعد المنازعة فيه من المنازعات المتفرعة عن الدعوى ومن ثم لا تقبل هذه المنازعة على استقلال وإنما يتعين أن يتم ذلك بمناسبة الطعن في الحكم الذي يصدر في تلك الدعوى.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم فقد تعين الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعية المصروفات