مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 1357

(212)
جلسة 26 من يونيه سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أنور محفوظ وعبد الرؤوف محمد محيي الدين والدكتور وليم سليمان قلادة وعبد اللطيف أحمد أبو الخير - المستشارين.

الطعن رقم 180 لسنة 27 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - الحكم بعدم الاختصاص والإحالة - طلبات في الدعوى - الحكم بعدم الاختصاص والإحالة الصادر من المحكمة المدنية يترتب عليه نقل الدعوى بحالتها بما اشتملت عليه من طلبات الخصوم إلى المحكمة التأديبية المحالة إليها الدعوى - للمحكمة المحال إليها الدعوى أن تكيف هذه الطلبات دون التقيد بالتكييف الذي ارتأته المحكمة المدنية والذي أقامت عليه قضاءها بعدم الاختصاص والإحالة - إذا كانت طلبات المدعيين في الدعوى هي العودة إلى عملهما بالشركة بعد انتهاء مدة العزل من الوظيفة التي حددها الحكم الجنائي فإن الدعوى لا تتقيد بالميعاد المحدد قانوناً للطعن في الجزاءات التأديبية وإنما تتقيد بميعاد التقادم المحدد في المادة 698 من القانون المدني وهي سنة تحسب من تاريخ انتهاء مدة العزل الجنائي - تكييف المحكمة المدنية الدعوى بأنها طعن في قرار انتهاء الخدمة واعتناق المحكمة التأديبية للتكييف الذي رأته المحكمة المدنية غير صحيح - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق الثاني عشر من يناير سنة 1981 أودعت هيئة مفوضي الدولة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 180 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 16/ 11/ 1980 في الدعوى رقم 58 لسنة 6 قضائية المقامة من السيدين..... و..... ضد شركة مضارب الأرز بكفر الشيخ، والذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وطلبت الهيئة الطاعنة للأسباب التي تضمنها تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وإعادتها إلى المحكمة التأديبية للفصل فيها وتم إعلان تقرير الطعن إلى الشركة المذكورة في 22/ 3/ 1981، وقدم مفوض الدولة لدى المحكمة الإدارية العليا تقريراً برأيه في الطعن انتهى فيه للأسباب التي ارتآها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فه وبرفض الدعوى.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 15/ 2/ 1984 وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 13/ 3/ 1984 وقررت المحكمة تأجيل نظر الطعن لجلسة 17/ 4/ 1984 ثم لجلسة 15/ 5/ 1984 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما تبين من الأوراق، في أن السيدين..... و...... أقاما الدعوى رقم 20 لسنة 1977 أمام محكمة بندر كفر الشيخ الجزئية في 26/ 1/ 1977 طلبا فيها الحكم بعودتهما لعملهما بشركة مضارب الأرز بكفر الشيخ بنفس فئتهما المالية، وقالا شرحاً لدعواهما أنهما حكم عليهما في القضيتين 4181 لسنة 1966 جنايات بيلا و33 لسنة 1966 جنايات كلي كفر الشيخ بالحبس لمدة سنة وبالعزل لمدة سنتين، وأنه وقد حدد الحكم مدة العزل فإنه بانقضائها يحق لهما طلب العودة إلى عملهما، وبجلسة 19/ 12/ 1977 قضت المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً، بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة كفر الشيخ الابتدائية، وقيدت الدعوى بهذه المحكمة برقم 279 لسنة 1975 مدني كلي وأمامها قدمت الشركة دفاعها وحاصلة أن المدعيين فصلاً بالقرار رقم 12 لسنة 1967 بعد موافقة اللجنة الثلاثية لاتهامهما باختلاس أجولة أرز، وبجلسة 24/ 6/ 1978 قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة التأديبية بطنطا، وأقامت قضاءها على أن جزاء الفصل من الخدمة من الجزاءات التأديبية الواردة في القانون رقم 61 لسنة 1971 وطلب المدعيين إعادتهما لعملهما يكون طعناً منهما في ذلك الجزاء تختص بنظره المحكمة التأديبية وحدها، وقيدت الدعوى بالمحكمة التأديبية بطنطا برقم 58 لسنة 6 قضائية وبجلسة 16/ 11/ 1980 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وأسست قضاءها على أن الحكم بعدم الاختصاص والإحالة بني على أن طلب المدعيين هو الطعن في قرار الفصل وهذا السبب لا ينفصل عن منطوق الحكم ويحوز حجية الأمر المقضي، وأن قرار الجزاء أبلغ إلى المدعيين في 16/ 5/ 1967 والطعن فيه بالدعوى الحالية أقيم في 23/ 3/ 1977 أي بعد أكثر من عشر سنوات.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن المحكمة التأديبية خالفت القانون بأخذها بالتكييف الذي اعتنقته المحكمة المدنية في حكمها بعدم الاختصاص والإحالة، لأن الدعوى تعتبر مطروحة عليها بالطلبات الأصلية للمدعيين وهي من الوضوح بحيث لا تحتمل تأويلاً وهي العودة إلى العمل بعد انتهاء مدة العزل الجنائي من الوظيفة، وهو الطلب الذي ما كان يجوز للمدعيين التقدم به قبل انقضاء مدة العزل الجنائي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أساس صحيح من القانون، ذلك أن الحكم بعدم الاختصاص والإحالة الصادر من المحكمة المدنية (المحكمة الابتدائية بكفر الشيخ) يترتب عليه نقل الدعوى بحالتها أي بما اشتملت عليه من طلبات الخصوم إلى المحكمة التأديبية بطنطا، ويكون لهذه المحكمة أن تكيف هذه الطلبات دون تقيد بالتكييف الذي ارتأته المحكمة المدنية والذي أقامت عليه قضاءها بعدم الاختصاص والإحالة.
ومن حيث إن طلبات المدعيين في الدعوى هي العودة إلى عملهما بالشركة بعد انتهاء مدة العزل التي حددها الحكم الجنائي الصادر ضدهما، أي اعتبار علاقتهما العقدية بالشركة مستمرة بعد انتهاء مدة العزل المشار إليها، والدعوى بهذا الطلب لا تتقيد بالميعاد المحدد قانوناً للطعن في الجزاءات التأديبية، وإنما تتقيد بميعاد التقادم المحدد في المادة 698 من القانون المدني وهو سنة، باعتبار الدعوى منازعة متعلقة بعقد العمل، وتحسب هذه المدة من تاريخ انتهاء مدة العزل الجنائي، ولما كان الثابت من الأوراق أن مدة العزل الجنائي انتهت في 16/ 2/ 1976 وأن الدعوى أقيمت في 26/ 1/ 1977، فإن الدعوى تكون مقامة في الميعاد القانوني، وإذ استوفت الدعوى أوضاعها الشكلية الأخرى فإنها تكون مقبولة شكلاً. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك الحكم بإلغائه وبقبول الدعوى شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى، فالثابت من الأوراق أن المدعيين انتهت علاقتهما العقدية بالشركة بموجب قرار الجزاء بالفصل رقم 12 لسنة 1967 والصادر بعد موافقة اللجنة الثلاثية وأن الشركة أبلغت المدعيين بهذا القرار بخطاب مسجل مصحوب بعلم الوصول في 16/ 5/ 1967، ولم يدحض المدعيان ذلك مما يعتبر تسليماً منهما بصحته، وترتيباً على ذلك فإن انتهاء علاقتهما العقدية بالشركة سنة 1967 بصفة نهائية من شأنه أن يكون الحكم الجنائي بعزلهما والصادر سنة 1974 قد ورد على غير محل، ولا يحق للمدعيين التمسك بما تضمنه هذا الحكم من أحقيتهما في العودة إلى عملهما بالشركة بعد انتهاء مدة العزل الجنائي، لأن هذا الحق لا يقوم إلا إذا كانت العلاقة العقدية بالشركة قائمة وقت صدور الحكم الجنائي، ففي هذه الحالة وحدها يعتبر الحكم الجنائي متضمناً توقيع عقوبة تأديبية على المدعيين، مما لا يصح معه للشركة توقيع أي جزاء تأديبي آخر عليهما سواء بالفصل أو غيره، إعمالاً لمبدأ عدم جواز المساءلة عن المخالفة الواحدة مرتين، ولذا يكون من المتعين الحكم برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.