أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 409

جلسة 18 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس.

(80)
الطعن رقم 209 لسنة 34 القضائية

مراهنات. نقض. "أحوال الطعن بالنقض". "الخطأ في تطبيق القانون".
القانون رقم 10 لسنة 1922 لم يكن يعاقب من يراهن على سباق الخيل ورمي الحمام وغيرها من أنواع الألعاب الأخرى مع أحد الأشخاص المنصوص عليهم في المادة الأولى منه. استحداث القانون 135 لسنة 1947 جريمة التراهن بإضافة فقرة ثانية إلى المادة الثانية من القانون الأول. مؤدى نص المادة الأولى من القانون 135 لسنة 1947 أن المشرع قصد بالعقوبة المغلظة الواردة بها معاقبة كل شخص يقبل الرهان من آخرين على سباق الخيل أو الألعاب الأخرى سواء كان هذا القبول لحسابه الخاص أو لحساب شخص آخر.
لم يرد بالقانون رقم 10 لسنة 1922 نص على معاقبة من يراهن على سباق الخيل ورمي الحمام وغيرها من أنواع الألعاب وأعمال الرياضة مع أحد الأشخاص المنصوص عليهم في المادة الأولى من ذلك القانون - فلما صدر القانون رقم 135 لسنة 1947 بتعديل المادة الأولى من القانون سالف الذكر في شأن أركان الجريمة ومقدار العقوبة المقررة لها عدل كذلك المادة الثانية منه بإضافة فقرة ثانية استحدث بها جريمة التراهن نفسه. وسياق المادة الأولى من القانون رقم 135 لسنة 1947 يفيد أن المشرع قصد بالعقوبة المغلظة الواردة بها معاقبة كل شخص يقبل الرهان من آخرين على سباق الخيل أو الألعاب الأخرى سواء كان هذا القبول لحسابه الخاص أو لحساب شخص آخر. ولما كان الثابت مما أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن الجريمة المسندة إلى الطاعنين الثاني والثالث تتمثل في ضبطهما يتراهنان لدى الطاعن الأول الأمر الذي تحكمه الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 135 لسنة 1947. فإن الحكم إذ قضى بمعاقبة كل منهما بالحبس لمدة سنة وبغرامة قدرها ثلاثمائة جنيه قولاً بأن جريمتهما تحكمها المادة الأولى من ذلك القانون يكون قد جانب التطبيق الصحيح للقانون مما يتعين معه نقضه بالنسبة لهما وتصحيحه بمعاقبة كل منهما بالحبس لمدة خمسة عشر يوماً. أما بالنسبة للطاعن الأول فإن الحكم إذ دانه بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة الأولى باعتباره متلقياً للرهان من الطاعنين الثاني والثالث يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 14/ 2/ 1962 بدائرة قسم العطارين محافظة الإسكندرية: المتهم الأول - تلقى رهاناً على سباق الخيل على الوجه المبين بالمحضر. والمتهمان الثاني والثالث - أعطيا رهاناً على سباق الخيل على الوجه المبين بالمحضر - وطلبت عقابهم بالمادة 1/ 1 من القانون رقم 10 لسنة 1922 المعدل بالقانون رقم 135 لسنة 1947. ومحكمة العطارين الجزئية قضت حضورياً في 21/ 1/ 1963 عملاً بمادة الاتهام بحبس كل من المتهمين سنة واحدة مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لإيقاف التنفيذ وبتغريم كل منهم 300 ج والمصادرة بلا مصاريف جنائية. فأستأنف المتهمون هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 11/ 11/ 1963 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه استند في قضائه برفض الدفع المبدى من الطاعنين ببطلان القبض والتفتيش على ما قاله من أن دخول الكنوستابل إلى المقهى كان في حدود واجبه العام بوصفه من رجال الضبط القضائي وأن مشاهدته للطاعن الأول يتلقى الرهان من باقي الطاعنين وسماعه مناقشتهم عن السباق والخيول وتدوينه ما يمليه عليه الطاعنان الآخران كل ذلك يوفر من الدلائل والأمارات على وقوع الجريمة مما يبيح له إجراء القبض والتفتيش - وقد اعتنقت محكمة ثاني درجة أسباب حكم محكمة أول درجة مع أنها كانت قد أمرت باستدعاء الكونستابل الذي ضبط الواقعة وحضر فعلاً أمامها وقرر أقوالاً تخالف أقواله الأولى التي أدلي بها في محضر الضبط. فقال إنه كانت لديه تحريات سابقة عن المقهى وعن تلقي الطاعن الأول الرهان على سباق الخيل خفية فلما رآه وزميليه خارج المقهى راقبهم وشاهد الأول يدون في ورقة ما يمليه عليه الآخران دون أن يتبينه أو يسمع حديثهم وإذ حاول القبض عليهم هرب الأول فلحق به وقبض عليه وفتشه وضبط الأوراق ثم قبض على زميله. وبالرغم من أن ما أدلى به الكونستابل بل أمام المحكمة الاستئنافية لا يوفر حالة التلبس المعتبرة قانوناً فإن الحكم لم يعن بالإشارة إلى هذه الأقوال التي تناقض أقواله في محضر الضبط وتقطع بكذبها.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه من محكمة ثاني درجة بعد أن بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه أثناء مرور كونستابل مكتب الآداب على أحد المقاهي بمدينة الإسكندرية للملاحظة والتفتيش على الرخصة أبصر الطاعن الأول جالساً إلى منضدة وأمامه جريدة الرياضة وبعض الأوراق، يتلقى خفية من الطاعنين الثاني والثالث رهاناً على سباق الخيل الذي كان يجرى بالقاهرة في ذلك الوقت فقام بضبطهم وقد أقر الطاعنان الأول والثاني في محضر جمع الاستدلالات بما أسند إليهما. وبعد أن أورد الحكم الأدلة على ثبوت تلك الواقعة في حق الطاعنين مستمدة من أقوال الكونستابل ومعاون مكتب الآداب محرر المحضر وما دلت عليه الأوراق المضبوطة واعتراف الطاعنان الأول والثاني عرض للدفع المبدى من الطاعنين ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله "ومن حيث إنه بالنسبة للدفع المبدى ببطلان القبض والتفتيش فهو في غير محله ذلك لأن استقرار أقوال الكونستابل عبد المنعم عيسى تشير إلى أنه دخل المقهى للتفتيش على رخصتها وهذا الإجراء في حد ذاته سائغ ومقبول. ولا يرفع القانون حقه مع وجود طائفة أخرى من المختصين بالبلدية منوط بهم هذا الإجراء لأن الاختصاص الاستثنائي لهؤلاء الرجال لا يؤدي إلى إهدار حق مأموري الضبط في القيام به باعتباره داخلاً في اختصاصه العام فإذا ما شاهد الكونستابل المتهم الأول جالساً في المقهى على مرأى من الكافة وأمامه جريدة الرياضة التي تحوي كل المعلومات والشروط على سباق الخيل ومن أمامه نوتة وأوراق يدون فيها المراهنات ومن حوله المتهمين الثاني والثالث يراهنون ويناقشون فإن ذلك كله يشكل الدلائل الكافية والأمارات الظاهرة على وقوع جريمة واتهام الثلاثة فيها ويكون من حق الكونستابل أن يقبض على المتهمين ويفتشهم وذلك عملاً بالمادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية" لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي الذي استند في قضائه برفض الدفع المبدى من الطاعنين إلى أقوال الكونستابل بمحضر جمع الاستدلالات مما مفاده أنه أطرح في حدود سلطته ما يناقضها من أقوال أخرى، ذلك إلى أن أقوال الكونستابل أمام محكمة ثاني درجة تتفق في جوهرها مع ما حصله الحكم عن مؤدي شهادته في محضر جمع الاستدلالات وما استخلصه منها عن واقعة الدعوى وكان ما عول عليه الحكم من أقوال الكونستابل يتوافر فيها من الدلائل والأمارات على وقوع الجريمة ما يسوغ في صحيح القانون القبض على المتهمين وتفتيشهم وكان الطاعنان الأول والثاني فضلاً عما تقدم قد أقرا بما أسند إليهما إقراراً صريحاً أدليا به أمام ضابط آخر غير من أجرى القبض والتفتيش واطمأنت المحكمة إلى سلامة هذا الاعتراف ولا معقب عليها فيما اطمأنت إلى مطابقته للحقيقة. لما كان ذلك كله، فإن ما يعيبه الطاعنون على الحكم في هذا الوجه لا يكون سديداً.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو الفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بإدانة الطاعنين دون أن يعني بفحص الأوراق المضبوطة ومعرفة حقيقة ما تضمنته من بيانات مما لا يسوغ الاطمئنان إلى ما ورد بشأنها في محضر الضبط.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه على غير أساس ذلك أن فيما أورده الحكم الابتدائي - الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه - عن هذه الأوراق ما يفيد أن المحكمة قد اطمأنت إلى ما أثبته محقق الشرطة بشأنها في محضر الضبط. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما اطمأنت إليه المحكمة من عناصر الدعوى المطروحة مما لا تجوز إثارته لدى محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون. ذلك أن الحكم قضى بمعاقبة كل من الطاعنين الثاني والثالث بالحبس لمدة سنة وغرامة ثلاثمائة جنيه في حين أن العقوبة المقررة للجريمة المسندة إليهما طبقاً لوصفها الحقيقي منصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 135 لسنة 1947 وهي الحبس مدة لا تتجاوز خمسة عشرة يوماً والغرامة التي لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على خمسين جنيهاً أو إحدى هاتين العقوبتين - وأما العقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة الأولى من ذلك القانون فهي عن جريمة عرض أو إعطاء أو تلقي الرهان بالذات أو بالواسطة وصورته أن يعرض ملقي الرهان على الغير أن يتراهن لديه أو لدى آخرين أو يجمع حصيلة المراهنات ليعطيها إلى من يقبل الرهان ولا تتحقق هذه الصورة إلا في حالة الوسيط - أو ملتقى الرهان من الغير. وأما التراهن نفسه فعقوبته واردة في الفقرة الثانية من المادة الثانية المشار إليها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك لأن القانون رقم 10 لسنة 1922 الصادر في 4 من أبريل سنة 1922لم يرد به نص على معاقبة من يراهن على سباق الخيل ورمي الحمام وغيرها من أنواع الألعاب وأعمال الرياضة مع أحد الأشخاص المنصوص عليهم في المادة الأولى من ذلك القانون - فلما صدر القانون رقم 135 لسنة 1947 في 22 من يوليه سنة 1947 بتعديل المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1922 في شأن أركان الجريمة ومقدار العقوبة المقررة لها عدل كذلك المادة الثانية منه بإضافة فقرة ثانية استحدثت بها جريمة التراهن نفسه. فقد جاء في المذكرة التفسيرية لهذا التعديل "... ومن الناحية القانونية يعد اللاعب الذي يقامر مع أحد هذه البيوت شريكاً في هذه المخالفة ويجب أن ينال عقابه حتى يكف عن الاستمرار في غيه فأضيفت المادة الثانية مكررة (التي أصبحت الفقرة الثانية من المادة الثانية في الصيغة النهائية لقانون التعديل) فنصت على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً وبغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تتجاوز خمسين جنيهاً أو بإحدى هاتين العقوبتين من راهن على نوع من الألعاب المذكورة مع أحد الأشخاص المنصوص عليهم في المادة الأولى من هذا القانون". ولما كان سياق المادة الأولى من القانون رقم 135 لسنة 1947 يفيد أن المشرع قصد بالعقوبة المغلظة الواردة بها معاقبة كل شخص يقبل الرهان من آخرين على سباق الخيل أو الألعاب الأخرى سواء كان هذا القبول لحسابه الخاص أو لحساب شخص آخر. وكان الثابت مما أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن الجريمة المسندة إلى الطاعنين الثاني والثالث تتمثل في ضبطهما يتراهنان لدى الطاعن الأول الأمر الذي تحكمه الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 135 لسنة 1947 فإن الحكم إذ قضى بمعاقبة كل منهما بالحبس لمدة سنة وبغرامة قدرها ثلاثمائة جنيه قولاً بأن جريمتهما تحكمها المادة الأولى من ذلك القانون يكون قد جانب التطبيق الصحيح للقانون مما يتعين معه نقضه بالنسبة لهما وتصحيحه بمعاقبة كل منهما بالحبس لمدة خمسة عشر يوماً. أما بالنسبة للطاعن الأول فإن الحكم إذ دانه بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة الأولى باعتباره متلقياً للرهان من الطاعنين الثاني والثالث يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً. ومن ثم يكون طعنه على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.