أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 415

جلسة 18 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، وبطرس زغلول.

(81)
الطعن رقم 212 لسنة 34 القضائية

( أ ) دعوى مدنية. "إجراءات نظرها أمام المحاكم الجنائية". وقف تنفيذ. نقض.
الدعاوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية. أحكام قانون الإجراءات الجنائية هي الواجبة التطبيق عليها. طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى المدنية حتى يفصل في الطعن المرفوع بشأنه. غير جائز.
(ب) مرافق عامة. "عقود التزام المرافق العامة". "إسقاط الالتزام" "أثره". نقض. "أحوال الطعن بالنقض". "مخالفة القانون". دعوى مدنية. "قبولها". دفوع.
عقود التزام المرافق العامة: إدارة الملتزم المرفق لحسابه وعلى نفقته وتحت مسئوليته تحمله بجميع الالتزامات التي تترتب في ذمته أثناء إدارته. لا شأن لجهة الإدارة مانحة الالتزام بها. إنهاء هذه الجهة الالتزام بالإسقاط. أثره: عدم مسئوليتها عن شيء من هذه الأعباء. إلا إذا وجد نص في عقد الالتزام يلزمها به. مجانبة الحكم هذا النظر، مخالفة للقانون تستوجب نقضه، مثال في شأن إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة بموجب القانون 123 لسنة 1961.
1 - طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى المدنية مؤقتاً حتى يفصل في الطعن المرفوع بشأنه، لا سند له من أحكام قانون الإجراءات الجنائية الواجبة التطبيق على الدعاوى المدنية المرفوعة أمام المحاكم الجنائية [(1)].
2 - القاعدة في عقود التزام المرافق العامة هي أن الملتزم يدير المرفق لحسابه وعلى نفقته وتحت مسئوليته، وتبعاً لذلك فإن جميع الالتزامات التي تترتب في ذمته أثناء قيامه بإدارة المرفق يقع عبؤها عليه وحده ولا شأن لجهة الإدارة مانحة الالتزام بها. فإذا ما أنهت هذه الجهة الالتزام بالإسقاط فإنها لا تسأل عن شيء من هذه الأعباء إلا إذا وجد نص في عقد الالتزام يلزمها به. ولما كان يبين من القرار بقانون رقم 123 لسنة 1961 في شأن إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة والمعمول به اعتباراً من 20 يوليه سنة 1961 أنه لم يرد به نص على التزام مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة بالالتزامات التي علقت بذمه الشركة المذكورة إلا في حدود ما ورد بالمادة الثالثة في شأن عقود العمل التي كانت قائمة في تاريخ العمل بهذا القانون وكان ما ورد بالمادتين الخامسة والسادسة خاصاً بتشكيل لجنة لتقييم جميع الالتزامات والحقوق وخصم هذه الالتزامات إنما قصد به النص على المقاصة بين حقوق كل من الجهة الإدارية والشركة الملتزمة التي تقتضيها تصفية الحساب بينهما بعد إسقاط الالتزام وذلك قطعاً لكل نزاع عند التصفية. ولما كان عقد الالتزام المبرم بين جهة الإدارة وشركة ترام القاهرة في سنة 1894 جاء خلواً من نص يقضي بالتزام الحكومة في حالة إسقاط الالتزام عن هذه الشركة بشيء من الديون التي ترتبت في ذمة الشركة إبان قيامها بإدارة المرفق، فإن دعوى التعويض المقامة على مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة عن حادث وقع قبل إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة تكون غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة. ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها قد خالف القانون بما يستوجب نقضه وتصحيحه وفقاً للقانون والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها على غير ذى صفة [(2)].


الوقائع

اتهمت النيابة العامة سليم ميخائيل بشارة بأنه في 4/ 5/ 1961 بدائرة قسم الأزبكية: تسبب من غير قصد ولا تعمد في إصابة طاهر إسماعيل عبد الرحمن بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي. وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن أطلق الصفارة لسائق الترام بالسير قبل انتهاء نزول الركاب فسار الترام وسقط المجني عليه تحت عجلات الترام وحدثت إصاباته. وطلبت عقابه بالمادة 244 من قانون العقوبات. وقد ادعى إسماعيل عبد الرحمن (والد المجني عليه) عن نفسه وبصفته بحق مدني قبل المتهم ومؤسسة النقل العام بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ أربعة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الأزبكية الجزئية دفع الحاضر مع المسئولة عن الحقوق المدنية بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها لرفعها على غير ذي صفة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 4 مارس 1962 عملاً بمواد الاتهام: أولاً - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها على غير ذى صفة: ثانياً - حبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ. ثالثاً - إلزام المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية "مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة" بأن يدفعا متضامنين للمدعي بالحق المدني عن نفسه وبصفته مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض ومصاريف الدعوى المدنية المناسبة. فاستأنف هذا الحكم كل من المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية والمدعي المدني ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 26 نوفمبر سنة 1963، بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها وبإلزامها بالتضامن مع المتهم بالتعويض المدني قد خالف القانون، ذلك أنه من المقرر فقهاً وقضاء أن الملتزم، وإن كان يعد نائباً عن الدولة في إدارة المرفق العام وخاضعاً لإشرافها إلا أنه يتمتع بذمة مالية مستقلة عن ميزانية الدولة ولا تعتبر الدولة خلفاً عاماً أو خاصاً له عند إسقاط الالتزام. وقد صدر القرار بقانون رقم 123 لسنة 1961 في 20 يوليه سنة 1961 بإسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة بعد أن ثبت إخلال الشركة بالتزاماتها على نحو يهدد المرفق بالتوقف ولم تعهد الحكومة بالمرفق إلى ملتزم آخر. وإنما عهدت بإدارته إلى مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة - المسئولة عن الحقوق المدنية - التي أنشئت بمقتضى القرار الجمهوري رقم 1360 لسنة 1959 ونصت المادة الثانية من القرار بقانون سالف الذكر على أن تؤول إلى مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة كافة منشآت المرفق المشار إليه والأموال المرتبطة والمملوكة له وتتولى مؤسسة النقل العام إدارته ومن ذلك يتضح أن مؤسسة النقل العام لم تتلق الالتزام عن شركة ترام القاهرة. وإنما تلقته من الدولة صاحبة المرفق وهي التي منحته حق استغلاله، أما الشركة السابقة فقد فقدت هذا الحق بإسقاط الالتزام الممنوح لها، ومن ثم فإن مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة لا تعتبر خلفاً عاماً أو خاصاً لشركة ترام القاهرة لانعدام سند هذه الخلافة، ومتى كان القرار بقانون رقم 123 لسنة 1961 قد خلا من نص يقضي بإلزام المؤسسة التي نيط بها إدارة المرفق بالالتزامات السابقة لشركة ترام القاهرة، وكانت الدولة حين منحت الالتزام للشركة لم تكفل ديونها في مواجهة دائنيها، فإن الدعوى المدنية المرفوعة قبل مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة بتعويض الضرر الناتج عن الحادث الذي وقع قبل إسقاط الالتزام عن شركة ترام القاهرة تكون غير مقبولة لرفعها على غير ذى صفة ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبولها معيباً بالخطأ في القانون بما يوجب نقضه، ولما كان تنفيذ الحكم يخشى معه وقوع ضرر جسيم تداركه، فإن الطاعنة طلبت وقف تنفيذ الحكم مؤقتاً حتى يفصل في الطعن.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على المتهم لأنه في 4 من مايو سنة 1961 بدائرة قسم الأزبكية تسبب عن غير قصد ولا تعمد في إصابة طاهر إسماعيل عبد الرحمن بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي. وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن أطلق الصفارة لسائق الترام بالسير قبل انتهاء نزول الركاب فسار الترام وسقط المجني عليه تحت عجلات الترام وحدثت إصابته. وطلبت النيابة العامة معقابته بالمادة 244 من قانون العقوبات، وادعى والد المجني عليه بصفته ولياً طبيعياً على ولده بحق مدني قدره أربعة آلاف جينه قبل المتهم ومؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية، ومحكمة أول درجة قضت حضورياً برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها على غير ذي صفة وبحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وبإلزامه والمسئولة بالحقوق المدنية "مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة" بأن يدفعا متضامنين للمدعي بالحق المدني عن نفسه وبصفته مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المدنية المناسبة. فاستأنف المتهم والمدعي بالحق المدني والمسئولة بالحقوق المدنية هذا الحكم، ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً بقبول الاستئنافات شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، قد عرض إلى الدفع الذي أبدته الطاعنة بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها لرفعها على غير ذى صفة ورد عليه بما مؤداه أن إسقاط الالتزام عن شركة ترام القاهرة ترتب عليه أن آلت إلى مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة مرافق النقل للركاب بالسيارات وعربات الترام التي كانت تتولاها شركات النقل قبل إسقاط الالتزام عنها وترتب على ذلك أن آلت جميع مرافق شركة الترام إلى مؤسسة النقل العام ومنها عربات الترام بمستخدميها ومن بينهم المتهم الحالي الذي كان ولا زال عاملاً بالشركة المذكورة ولا تزال علاقته المباشرة ككمساري متعلقة ومتصلة بعربات الترام التي آلت إلى المؤسسة ومن ثم كان طبيعياً أن تكون مؤسسة النقل العام مسئولة عن فعل عاملها المتهم والقول بغير ذلك معناه وجود فترة بين وقوع حادث ما وبين تاريخ إسقاط الالتزام تضيع فيها حقوق العباد لا يستطيعون خلالها الحصول على حقوقهم إذ لو طالبوا بها شركة الترام السابقة لكان ردها أنها لا تملك ما تسدد به أن استولت المؤسسة على موجوداتها وإن طالبوا المؤسسة دفعت بأنهاغير مسئولة عن الالتزامات السابقة على إسقاط الالتزام متناسية نظرية الغرم بالغنم إذ بإسقاط الالتزام استفادت المؤسسة مادياً، ومن ثم عليها وللصالح العام تعويض من أصيبوا بضرر ورتب الحكم على ذلك قضاءه برفض الدفع. لما كان ذلك، وكان ما ذهب إليه الحكم غير صحيح في القانون، ذلك أن القاعدة في عقود التزام المرافق العامة هي أن المحكوم عليه يدير المرفق لحسابه وعلى نفقته وتحت مسئوليته، وتبعاً لذلك فإن جميع الالتزامات التي تترتب في ذمته أثناء قيامه بإدارة المرفق يقع عبؤها عليه وحده ولا شأن لجهة الإدارة مانحة الالتزام بها. فإذا أنهت هذه الجهة الالتزام بالإسقاط فإنها لا تسأل عن شيء من هذه الأعباء إلا إذا وجد نص في عقد الالتزام يلزمها به. ولما كان يبين من القرار بقانون رقم 123 لسنة 1961 في شأن إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة والمعمول به اعتباراً من 20/ 7/ 1961 أنه لم يرد به نص على التزام مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة بالالتزامات التي علقت بذمة الشركة المذكورة إلا في حدود ما ورد بالمادة الثالثة في شأن عقود العمل التي كانت قائمة في تاريخ العمل بهذا القانون، وكان ما ورد بالمادتين الخامسة والسادسة خاصاً بتشكيل لجنة لتقييم جميع الالتزامات والحقوق وخصم هذه الالتزامات إنما قصد به النص على المقاصة بين حقوق كل من الجهة الإدارية والشركة الملتزمة التي تقتضيها تصفية الحساب بينهما بعد إسقاط الالتزام وذلك قطعاً لكل نزاع عند التصفية. ولما كان عقد الالتزام المبرم بين جهة الإدارة وشركة ترام القاهرة في سنة 1894 جاء خلواً من نص يقضي بالتزام الحكومة في حالة إسقاط الالتزام عن هذه الشركة بشيء من الديون التي ترتبت في ذمة الشركة إبان قيامها بإدارة المرفق فإن دعوى التعويض المقامة على مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة عن حادث وقع في 4 مايو سنة 1961 قبل إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة تكون غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها قد خالف القانون بما يستوجب نقضه وتصحيحه وفقاً للقانون والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية قبل الطاعنة لرفعها على غير ذي صفة وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة. لما كان ما تقدم، وكان طلب وقف التنفيذ قد أضحى غير ذي موضوع بعد الفصل في الدعوى على أن هذا الطلب لا سند له من أحكام قانون الإجراءات الجنائية الواجبة التطبيق على الدعوى المدنية المرفوعة أمام المحكمة الجنائية.


[(1)] هذا المبدأ مقرر في الطعن 695 لسنة 33 قضائية جلسة 21/ 1/ 1964 س 15 ع ص 77.
[(2)] هذا المبدأ مقرر في الطعن رقم 814 لسنة 33 قضائية جلسة 11/ 11/ 1963 س 14 ع 3 ص 785 القاعدة 141. والطعن رقم 2374 لسنة 33 قضائية جلسة 13/ 4/ 1964.