مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 1147

(183)
جلسة 20 من مايو سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يحيى عبد الفتاح سليم البشرى، وعبد الفتاح محمد إبراهيم صقر، ومحمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي وصلاح الدين أبو المعاطي نصير - المستشارين.

الطعن رقم 1627 لسنة 28 القضائية

سلك دبلوماسي وقنصلي - القانون 166 لسنة 1954 بإصدار نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي - ترقية بالاختيار - ضوابط - وضع ضوابط مؤداها أن يرقى أولاً الحاصلون على مرتبة ممتاز في التقريرين السنويين الأخيرين ثم الحاصلون على مرتبة ممتاز وجيد جداً - المقصود بلفظ "أولاً" أن يرقى في البداية الحاصلون على مرتبة ممتاز في التقريرين السنويين الأخرين إن كانت الدرجات الشاغرة تستغرقهم وحدهم بوصفهم الذين تحققت في شأنهم مرتبة الكفاية التي عناها اللفظ - أما إذا كانت الدرجات الشاغرة تستغرق الحاصلين على تقرير بمرتبة ممتاز والحاصلين على تقرير بمرتبة ممتاز وآخر بمرتبة جيد جداً فإن كل هؤلاء يعتبرون مرقين ما دام يشملهم قرار ترقية واحد باعتبار أن درجة الصلاحية أو الكفاية اللازمة للترقية قد توفرت في حق الجميع وفقاً للمعايير التي وضعت - لا يجوز أن تكون مرتبة الكفاية سبباً لتعديل الأقدمية - أثر ذلك: لزوم الالتزام بترتيب أقدمياتهم في الوظيفة السابقة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 12 من أغسطس سنة 1982 أودع الأستاذ/ غبريان إبراهيم غبريال المحامي بصفته وكيلاً عن إسماعيل محمد عبد الخالق قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1627 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 28 من يونيه سنة 1982 في الدعوى رقم 1528 لسنة 31 القضائية المقامة من الطاعن ضد وزارة التجارة والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات. وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء له بطلباته التي أبداها أمام محكمة القضاء الإداري مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23 من يناير سنة 1984 وبجلسة 12 من مارس سنة 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حيث تحدد لنظره أمامها جلسة 8 من إبريل سنة 1984 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تحصل - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 15 من يونيه سنة 1977 أقام إسماعيل محمد عبد الخالق الدعوى رقم 1528 لسنة 13 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزارة التجارة طالباً الحكم بإعادة تسوية وضعه بحيث يكون ترتيبه في درجة مستشار تجاري بعد الزميل أحمد كامل صقر على أساس ترتيب الأقدمية في الدرجة السابقة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال المدعي شرحاً للدعوى أنه صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 786 في 4 من أغسطس سنة 1976 بإجراء حركة ترقيات بوكالة الوزارة لشئون التمثيل التجاري وكان ترتيبه الخامس في أقدمية وظيفة سكرتير أول تجاري إذ كان تالياً للزميل أحمد كامل صقر وقبل الزميل يسري صادق، إلا أنه بصدور القرار أصبح ترتيبه في وظيفة مستشار تجاري التاسع بعد الزميل محمد كامل الواصلي وقبل الزميل محمد محمود الشعراوي، وبذا يكون هذا القرار قد عدل في أقدميته دون سند من القانون وأشار المدعي إلى أنه حاصل على بكالوريوس التجارة سنة 1951 وعين في ذات العام وأنه أقدم في التخرج من جميع زملائه الذين رقوا معه في هذا القرار الذي بمقتضاه أصبح هؤلاء الزملاء يسبقونه في الأقدمية، فضلاً عن أن تقاريره بدرجة ممتاز في السنوات من 1963 حتى 1973 وبدرجة جيد جداً في سنة 1974.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة أوضحت فيها أنه وإن كان ترتيب المدعي الخامس في وظيفة سكرتير أول إلا أنه لما كانت المادة 15 من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي تقضي بأن تكون الترقية إلى وظيفة مستشار تجاري وما يعلوها بالاختيار كما تقضي المادة 16 بأن يجري مجلس شئون السلك ترقية أعضاء السلك حتى وظيفة مستشار، فقد قام المجلس بإجراء حركة ترقيات إلى وظائف المستشارين على أساس الصلاحية في التقارير السرية والتي بمقتضاها تمت ترقية المدعي بمقتضى القرار رقم 786 لسنة 1976، وأشارت إلى أن المدعي تظلم من هذا القرار ورفض تظلمه وأخطر بذلك بموجب الكتاب رقم 3802 في 18 من ديسمبر سنة 1976 وأنه لم يقم دعواه في المواعيد المقررة قانوناً ومن ثم فقد تحصن القرار المطعون فيه وطلبت الجهة الإدارية الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 28 من يونيه سنة 1982 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه ويقضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات - وشيدت قضاءها على أن القرار المطعون فيه صدر في 4 من أغسطس سنة 1976 وقد تظلم منه المدعي في 31 من أغسطس سنة 1976، ثم قدم طلباً مؤرخاً 27 من ديسمبر سنة 1976 لإعفائه من الرسوم القضائية قيد برقم 3094 لسنة 3 القضائية حيث تقرر رفضه بجلسة 18 من إبريل سنة 1977 فأقام الدعوى في 15 من يونيه سنة 1977 وبذا تكون الدعوى مقامة في الميعاد المقرر، وإذ استوفت باقي أركانها الشكلية فهي مقبولة شكلاً وفي الموضوع أشارت المحكمة إلى أن المادة 15 من القانون رقم 166 لسنة 1954 بإصدار قانون نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي تقضي بأنه بالنسبة للترقية بالاختيار تكون الترقية حسب ترتيب درجات الكفاية في العامين الأخيرين، وتكون الترقية إلى وظيفة مستشار من الدرجة الثانية أو قنصل عام من الدرجة الأولى وما يعلوها من وظائف بالاختيار للكفاية دون التقييد بالأقدمية - والثابت من الأوراق أن مجلس شئون السلك وضع المعايير والضوابط للترقية بالاختيار إلى وظيفة مستشار تجاري وذلك بأن يرقى أولاً الحاصلون على مرتبة ممتاز في التقريرين الأخيرين ثم الحاصلون على مرتبة ممتاز وجيد جداً. ومؤدى ذلك أن يسبق الحاصلون على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين زملاءهم الحاصلين على مرتبة ممتاز وجيد جداً - ولما كان المدعي لا يماري في حصول المرقين السابقين عليه على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين بينما هو حاصل على مرتبة ممتاز ومرتبة جيد جداً ومن ثم فإن سبق هؤلاء له في ترتيب الأقدمية يكون قد صادف صحيح حكم القانون ولا محل للطعن على قرار الترقية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أن الجهة الإدارية قد رقت الحاصلين على مرتبة ممتاز في التقريرين الأخيرين ورقت كذلك الحاصلين على مرتبة ممتاز وجيد جداً في هذين التقريرين ولكنها جعلت أفراد الطائفة الأولى يتقدمون على أفراد الطائفة الثانية أي أنها غيرت في ترتيب الأقدميات وذلك رغم ترقيتهم جميعاً في حركة واحدة مما يشكل مخالفة للقانون إذ المبدأ المقرر والمتواتر عليه في قوانين التوظف يقضي بأنه عند الترقية يحتفظ المرقى بأقدميته بين أقرانه المرقين معه في قرار واحد، فضلاً عن أن ضوابط الاختيار ليست لها علاقة بتحديد أقدمية المرقين.
ومن حيث إن الأصل أن القرار الصادر بالترقية ينشئ المركز القانوني فيها بآثاره في نواح عدة سواء من ناحية تقديم العامل إلى الوظيفة أو الدرجة الأعلى المرقى إليها أو من ناحية التاريخ الذي تبدأ منه هذه الترقية، وكذلك من ناحية الموازنة في تاريخ الأقدمية في الترقية بين ذوي الشأن، وبهذه المثابة يتعين أن يكون القرار الصادر بالترقية موزوناً بميزان القانون في جميع النواحي والآثار وإلا عد مجانباً القانون.
ومن حيث إن المادة 15 من القانون رقم 166 لسنة 1954 بإصدار نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي تنص على أنه "....... أما النسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون الترقية إليها حسب ترتيب درجات الكفاية في العامين الأخيرين - وتكون الترقية إلى وظيفة مستشار من الدرجة الثانية أو قنصل عام من الدرجة الأولى وما يعلوها من وظائف بالاختيار للكفاية دون التقيد بالأقدمية....." ومفاد ذلك أن الترقية بالاختيار تتم على أساس درجات الكفاية في العامين الأخيرين، وقد جعل المشرع من الكفاية المعيار الذي تحدد على مقتضاه الصلاحية للترقية ولم يجعل هذه الكفاية معياراً لإعادة تحديد ترتيب الأقدمية بين المرقين من جديد.
ومن حيث إنه ولئن كان مجلس شئون السلك وقد وضع معايير وضوابط للترقية بالاختيار إلى وظيفة مستشار تجاري مؤداها أن يرقى أولاً الحاصلون على مرتبة ممتاز في التقريرين السنويين ثم الحاصلون على مرتبة ممتاز ومرتبة جيد جداً إلا أن المقصود بلفظ أولاً هو أن يرقى في البداية الحاصلون على مرتبة ممتاز في التقريرين السنويين الأخيرين إن كانت الدرجات الشاغرة التي ستتم الترقية إليها تستغرق هؤلاء وحدهم بوصفهم الذين قد تحققت في شأنهم مرتبة الكفاية التي عناها اللفظ - أما إذا كانت الدرجات الشاغرة تستغرق أولئك الحاصلين على تقريرين سنويين بمرتبة ممتاز وكذلك الحاصلين على تقرير بمرتبة ممتاز وآخر بمرتبة جيد جداً فإن كل هؤلاء يعتبرون مرقين ما دام يشملهم قرار ترقية واحد وذلك بحسبان أن درجة الصلاحية أو الكفاية اللازمة للترقية قد توفرت في حق الجميع وفقاً للمعايير التي وضعت، وفي هذه الحالة تتم الترقية وفقاً للأقدمية في الدرجة المرقى منها ولا يجوز أن تكون مرتبة الكفاية سبباً لتعديل الأقدمية بحيث يسبق الأعلى قرينه الحاصل على مرتبة أدنى طالما توافرت فيهما الشروط اللازمة للترقية التي شملتهما معاً.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن الترقية إلى وظيفة مستشار تجاري التي تمت بمقتضى القرار المطعون فيه رقم 786 لسنة 1976 لم تقتصر على الحاصلين على مرتبة ممتاز في التقريرين السنويين الأخيرين فحسب بل شملت هؤلاء وكذلك الحاصلين على مرتبة ممتاز وجيد جداً في هذين التقريرين باعتبار أنهم صالحين للترقية، وقد شملهم جميعاً قرار واحد ومن ثم لزم الالتزام بترتيب أقدمياتهم في الوظيفة السابقة، وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه إذ أغفل من ترتيب أقدمية المدعي بين زملائه المرقين إلى وظيفة مستشار تجاري على أساس مرتبة كفايتهم مخالفاً القانون متعيناً إلغاؤه في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 786 لسنة 1976 فيما تضمنه من تعديل ترتيب أقدمية المدعي بين زملائه المرقين إلى وظيفة مستشار تجاري وتحديدها على أساس الأقدمية في الوظيفة السابقة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 786 بتاريخ 4/ 8/ 1977 فيما تضمنه من تعديل أقدمية المدعي في وظيفة مستشار تجاري مع ما يترب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.