مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 1152

(184)
جلسة 26 من مايو سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابتعويضة رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل بطرس فرج وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم ويحيى السيد الغطريفي - المستشارين.

الطعن رقم 854 لسنة 27 القضائية

قرار إداري - نهائية القرار الإداري.
المادة الثانية من القانون رقم 29 لسنة 1966 والمادة الثالثة من القانون رقم 135 لسنة 1981 في شأن الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام قانون تقسيم الأراضي المعدة للبناء - يلحق بالمنافع العامة دون مقابل الشوارع والطرق والميادين والمنتزهات التي تحددت على الطبيعة في التقاسيم أو أجزاء التقاسيم التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء - قيام أحد المواطنين بتقسيم الأرض المملوكة له وخط فيها شارع - قيام المشترين بالبناء دون أن يصدر باعتماد التقسيم قرار من السلطة المختصة - شراء المدعي من المالك قطعة أرض تتوسط الشارع المذكور - الشارع يعتبر بحكم القانون ملحقاً بالمنافع العامة بدون مقابل لا يجوز أن يرد عليه تصرف بالبيع ويعتبر أي تصرف من هذا القبيل باطلاً بطلاناً مطلقاً لوروده على مال عام - قرار مجلس المدينة بتحديد خط تنظيم بهذا الشارع والمطعون فيه لا يعتبر قراراً إدارياً نهائياً - عدم قبول طلب إلغائه - أساس ذلك: اعتباره مجرد توصية بتحديد خطوط التنظيم ولم تستكمل إجراءات اعتماده من المحافظ طبقاً لحكم المادة 12 من القانون رقم 45 لسنة 1962 بشأن تنظيم المباني - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 29/ 4/ 1981 أودع الأستاذ الدكتور محمود حلمي مصطفى المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن السيد إدريس عبد الكريم، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 854 لسنة 27 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 24/ 3/ 1981 في الدعوى رقم 1648 لسنة 33 ق المقامة من محمد محمد سعد أبو حلاوة ضد الطاعن والقاضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الحكومة بالمصاريف.
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً: بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد ولانتفاء مصلحة المدعي فيها واحتياطياً: برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده الأول بالمصاريف.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن بالمصاريف.
وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 1/ 11/ 1982، وبجلسة 6/ 12/ 1982 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 15/ 1/ 1983، وقد نظرت المحكمة الطعن وتدوول بجلساتها على الوجه المبين بالمحاضر، وحجز الطعن للحكم بجلسة 5/ 5/ 1984 ومد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر الحكم التالي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن السيد/ محمد محمد سعد أبو حلاوة كان قد أقام الدعوى رقم 194 لسنة 1972 أمام محكمة دسوق الجزئية بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة في 29/ 2/ 1972 وطلب في ختامها الحكم:
أولاً: ببطلان القرار رقم 4/ ب الصادر من مجلس مدينة دسوق في 21/ 2/ 1971 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً: بمنع تعرض المدعى عليهما الرابع والخامس للمدعي في حيازته وملكيته للعقار الموضح الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى مع حفظ كافة الحقوق الأخرى.
وقال شرحاً لدعواه أنه اشترى قطعة أرض فضاء معدة للبناء مساحتها 167.67 متراً كائنة ببندر دسوق حوض الطباخة رقم 36 قطعة 9 وذلك بموجب عقد بيع مؤرخ 15/ 11/ 1970 من مالكها محمد عبد الرازق الفار، وصدر عن هذا البيع حكم صحة ونفاذ في الدعوى رقم 74 لسنة 1972 مدني كلي كفر الشيخ، وقد حاز هذه الأرض حيازة قانونية مستوفية لعناصرها مدة تزيد عن سنة ومن قبله سلفة لمدة تزيد عن خمسين عاماً. وأضاف المدعي أن المدعى عليهما السيد إدريس عبد الكريم، ليلى محمود وفا يجاورانه من الجهة الشرقية وقد تعرضا له بأن قاما في حدهما الغربي في شهر يناير سنة 1972 بفتح أربعة أبواب بجدار ملكهما مطلاً على ملكه، وأقاماً فتحة "مجرور" بملكه، وطلب منهما إزالة هذا التعرض إلا أنهما لم يستجيبا، فقدم ضدهما الشكوى رقم 58 لسنة 1972 إداري دسوق حققت بمعرفة شرطة دسوق، وأن هذا التعرض لم يمض عليه سوى شهران قبل رفع هذه الدعوى ومن ثم يحق له رفع الدعوى عملاً بحكم المادة 69 من القانون المدني.
وقد أحيلت الدعوى إلى محكمة كفر الشيخ الابتدائية باتفاق الطرفين، وقيدت بجدولها برقم 1105 لسنة 1973 مدني كلي، وبجلسة 30/ 12/ 1974 قررت المحكمة ندب مكتب خبراء وزارة العدل بالإسكندرية - بعد اعتذار مكتب الخبراء بكفر الشيخ - للاطلاع على الأوراق والمستندات والانتقال إلى العين التي يدعي أنه يحوزها بطريق الشراء من محمود عبد الرازق الفار وتقدير قيمتها وبيان ما إذا كان الشارع الذي يقع بتقسيم عبد الرازق الفار والذي يمتد حتى منشأة علي مرعى الوارد بقرار رئيس مجلس مدينة دسوق رقم 4/ ب ملك للدولة أصلاً (سواء كان ذلك بعدم ملكيته لأي فرد أو بقيام الدولة بتملكه عن طريق نزع الملكية للمنفعة العامة أم لا. وما إذا كان يدخل في نطاق عقد شراء المدعي المؤرخ 15/ 11/ 1970، وهل هو مملوك أصلاً للبائع وهل حدث تعرض له في الحيازة من المدعى عليهم.
وبتاريخ 29/ 6/ 1978 أودع الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن قطعة الأرض موضوع الدعوى تعتبر شارعاً يقع بتقسيم عبد الرازق الفار ويمتد حتى منشأة علي مرعي وهو الشارع الوارد بقرار رئيس مجلس مدينة دسوق وهو ليس ملكاً للدولة ولكنه شارع مستطرق من أرض عبد الرازق الفار عندما قام الأخير بتقسيم الأرض المملوكة له. وأن المدعي حاز قطعة الأرض موضوع الدعوى بموجب عقد شراء ابتدائي مؤرخ 15/ 11/ 1970، وأن البائع المدعي كان يحوز قطعة الأرض موضوع الدعوى ضمن مسطح أكبر قبل تقسيمها، وأن هناك تعرضاً من المدعى عليهم للمدعي في ملكيته لقطعة الأرض موضوع الدعوى وذلك بأن قاموا بفتح مطلات عليها ووضع أخشاب بها.
وبجلسة 21/ 11/ 1978 حكمت محكمة كفر الشيخ الابتدائية:
أولاً: بالنسبة للشق الأول من الطلبات بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بالقاهرة.
ثانياً: بوقف الدعوى بالنسبة لباقي الطلبات لحين الفصل في طلب المدعي بالشق الأول من هذا الحكم من محكمة القضاء الإداري وأبقت الفصل في المصاريف.
وقد أحيل الشق الأول من الدعوى الخاص بطلب بطلان القرار رقم 4/ ب الصادر من مجلس مدينة دسوق في 21/ 2/ 1971 وما يترتب عليه من آثار، إلى محكمة القضاء الإداري وقيد بجدولها برقم 1648 لسنة 33 ق، ونظرته المحكمة بجلسة 6/ 5/ 1980 والجلسات التالية على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وقد أودع المدعى عليه الثاني (السيد إدريس عبد الكريم) حافظة مستندات طويت على خريطة توضيحية توضح مكان العقار الخاص به من امتداد الشارع الصادر بشأنه القرار المطعون فيه، كما أودع مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً تأسيساً على أن القرار المطعون فيه صدر في 21/ 2/ 1971 وعلم به المدعي علماً يقينياً في 20/ 12/ 1971 وهو تاريخ الطلب الذي تقدم به لمجلس مدينة دسوق لاستخراج صورة رسمية من هذا القرار، وكان يتعين عليه إقامة دعواه خلال ستين يوماً من تاريخ علمه يقيناً بالقرار إلا أنه أقام دعواه بعد الميعاد. كما وأن هذا القرار لا يمكن اعتباره منعدماً لأنه لا يعدو أن يكون قراراً بتحديد وتعديل خط التنظيم لأحد شوارع المدينة وليس قراراً بنزع ملكيته وأضافت المذكرة أن البائع لطرفي الخصومة هو بائع واحد وهو الذي قام بإعداد تقسيم الأرض وتحديد الشوارع الملحقة بها وأنه يعلم علماً يقينياً أن قطعة الأرض التي قام ببيعها للمدعي هي امتداد طبيعي لأحد الشوارع الواقعة بالتقسيم والذي قام مجلس المدينة بمد شبكات المرافق إليه استناداً إلى هذا الواقع، كما قام أصحاب العقارات الواقعة على هذا الامتداد باستخراج تراخيص محال تجارية وصناعية تفتح على هذا الشارع مما أكسبهم مراكز قانونية لا يجوز المساس بها.
وبجلسة 24/ 3/ 1981 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الحكومة بالمصاريف.
وأقامت قضاءها على أساس أن مؤدى القرار المطعون فيه هو تقرير المنفعة العامة ونزع ملكية الأرض محل النزاع والمملوكة للمدعي بمناسبة تحديد خطوط التنظيم لبعض شوارع مجلس مدينة دسوق وهو الشارع الذي يقع بتقسيم عبد الرازق الفار، وقد ترتب على ذلك نزع ملكية المدعي لقطعة الأرض التي اشترها من محمود عبد الرازق الفار. ولما كان القانون رقم 252 لسنة 1960 المعدل لبعض أحكام قانون نزع الملكية للمنفعة العامة قد أناط برئيس الجمهورية سلطة إصدار قرارات تقدير المنفعة العامة بالنسبة للعقارات المراد نزع ملكيتها، وكذا سلطة الاستيلاء على العقارات التي يتقرر لزومها للمنفعة العامة.
لذا فإن القرار الصادر من مجلس مدينة دسوق المطعون فيه يكون قد صدر معدوماً لاعتدائه على الملكية الخاصة للمدعي ولاغتصابه السلطة المخولة لرئيس الجمهورية في شأن تقرير المنفعة العامة والاستيلاء على العقارات التي يتقرر لزومها للمنفعة العامة، ذلك أن تقرير الأراضي اللازمة للطرق العامة يخضع للأحكام الواردة في القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة المعدل بالقانون رقم 252 لسنة 1960، وهذه الإجراءات لا تختلط بالإجراءات الخاصة بتحديد وتعديل خطوط التنظيم التي تفترض بداءة سابق تقرير المنفعة العامة والاستيلاء على العقارات اللازمة لذلك بالأداة القانونية التي رسمها قانون نزع الملكية ورتبت المحكمة على ذلك أن القرار المطعون فيه قد وقع مخالفاً للقانون مخالفة تنحدر به إلى درجة الانعدام ومن ثم لا تتقيد المطالبة بإلغائه بميعاد الستين يوماً المقررة لطلب إلغاء القرارات الإدارية المعيبة، وعليه فقد قضت برفض الدفع المبدى من المدعى عليه الثاني بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها، وبإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على الأسباب الآتية: -
أولاً: أن القرار المطعون فيه ليس فيه اعتداء على حق الملكية الخاصة لأن الملكية بين البائع والمشترى لا تنتقل إلا بالتسجيل، والحكم لدى استصدره المدعي وأسماه حكم صحة ونفاذ غير مسجل ولا يمكن تسجيله لأن الأرض التي قام البائع بتقسيمها وباعها قطعاً للبناء للمدعي وللمدعى عليهم لم يصدر باعتماد تقسيمها مرسوم أو قرار طبقاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940.
ثانياً: أن القرار المطعون فيه سليم، لأن الطريق الوارد بالقرار كان قد أصبح طريقاً مطروقاً منذ مدة طويلة، حيث إن المشترين لهذه القطع من الأرض بعقود عرفيه قاموا بالبناء عليها مراعين لحدود التقسيم العرفي بينهم والطريق والشوارع التي تفصل بين المباني، ومن ثم فقد أصبح الطريق المشار إليه مخصصاً للمنفعة العامة بالفعل وخرج عن دائرة التعامل ولم يكن ثمة داع لاتخاذ إجراءات نزع الملكية لإنشائه.
ثالثاً: أن العيب الذي شاب القرار المطعون فيه بافتراضه لا يؤدي إلى انعدامه لأنه يمثل عيب عدم اختصاص بسيط، وعليه تكون الدعوى المقامة بإلغائه أمام محكمة دسوق الجزئية في 29/ 2/ 1977 قد أقيمت بعد الميعاد.
رابعاً: لا توجد مصلحة للمدعي في إقامة دعوى الإلغاء لأن المدعي غير مالك لأي أرض في المنطقة إذ لم تنتقل له الملكية بالتسجيل، ومن ثم لا صفة له ولا مصلحة في الطعن على القرار الصادر من مجلس مدينة دسوق.
ومن حيث إن المنازعة المطروحة أمام هذه المحكمة تتعلق فقط بالشق الأول من طلبات المدعي في دعواه التي أقامها ابتداء أمام محكمة دسوق الجزئية والتي أحيلت بعد ذلك إلى محكمة كفر الشيخ الابتدائية - والتي قضت المحكمة الأخيرة بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص وصدر فيها الحكم المطعون فيه، وهذا الشق خاص بطلب المدعي إلغاء القرار رقم 4/ ب الصادر من مجلس مدينة دسوق بتاريخ 21/ 2/ 1971 والذي ينص على أنه "قرر المجلس الموافقة على ما جاء بتقرير لجنة الإسكان والمرافق وتحديد خطوط التنظيم للشوارع الآتية بعرض عشرة أمتار:
1 - ...... 2 - ....... 3 - ..........
4 - الشارع الذي يقع بتقسيم عبد الرازق الفار يمتد حتى منشأة علي مرعي.
ومن حيث إن البادي من جماع الأوراق والرسومات والخرائط المرافقة أن مصلحة المدعي في طلب إلغاء القرار المشار إليه مبعثها أن قطعة الأرض التي اشتراها من محمود عبد الرازق الفار بالعقد الابتدائي المؤرخ 15/ 11/ 1970 تتوسط الشارع المذكور في ذلك القرار، وأن أصحاب المباني والأراضي المطلة على هذا الشارع يعتبرون تلك القطعة جزءاً من الشارع ومن ثم قاموا بفتح مطلات عليها واستطرقوها للمرور وشغلوها بتشوينات وإشغالات.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق - وهو ما يتفق وما ورد بتقرير الخبير المنتدب بالحكم التمهيدي الصادر من محكمة كفر الشيخ الابتدائية السابق الإشارة إليه - أن قطعة الأرض موضوع الدعوى هي جزء من الشارع الذي يقع بتقسيم عبد الرازق الفار ويمتد حتى منشأة علي مرعي، وأن المدعي عبد الرازق الفار، قد قام بتجزئة الأرض المملوكة له وتقسيمها وخط فيها الشارع المذكور واستطرق هذا الشارع للمرور وأنه قام ببيع قطع الأرض التي قسمها وقام المشترون بالبناء عليها دون أن يصدر باعتماد التقسيم قرار من السلطة المختصة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء.
وقد أثبت الخبير في تقريره أنه يوجد عمود إضاءة لإنارة الشارع على رأس قطعة الأرض التي اشتراها المدعي. كما وأن ثمة محاضر قد حررت لمن قام بالبناء فعلاً على قطع الأرض المذكورة لمخالفتهم أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 المشار إليه، ومن بينهم الطاعن السيد إدريس عبد الكريم، ويرجع تاريخ بعض هذه المحاضر إلى سنة 1965.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن الشارع المذكور في قرار مجلس مدينة دسوق رقم 4/ ب المطعون فيه موجود على الطبيعة في التقسيم الذي أجراه المدعو عبد الرازق الفار بمعرفته، ومن ثم فإن قرار مجلس المدينة لم يستحدث إنشاء هذا الشارع، وإنما كان المجلس بصدد الموافقة على تقرير لجنة الإسكان والمرافق بتحديد خط تنظيم لبعض الشوارع بعرض عشرة أمتار ومنها الشارع المذكور. وقد أفاد مدير الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة دسوق بكتابه المؤرخ 3/ 2/ 1981 والمودع بأوراق الدعوى - أن قرار مجلس المدينة المشار إليه اعتبر مجرد توصية ومن ثم لم يصدر قرار باعتماد خطوط التنظيم لهذه الشوارع، كما أكد ذلك في مذكرته المؤرخة 29/ 12/ 1983 - المودعة أوراق الطعن - وأضاف بأن الشارع المذكور يعتبر طبقاً لأحكام القوانين أرقام 32 لسنة 1958، 29 لسنة 1966، 135 لسنة 1981 ملحقاً بالمنافع العامة دون مقابل ومن ثم لم يستدع الأمر إصدار قرارات باعتماد خطوط تنظيم للشارع أو نزع أية ملكية له.
ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 29 لسنة 1966 في شأن الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام قوانين المباني وتقسيم الأراضي المعدة للبناء وتنظيم وتوجيه أعمال البناء والهدم قد نصت على أنه "يلحق بالمنافع العامة بدون مقابل الشوارع والطرق والميادين والمتنزهات المنشأة في التقاسيم أو أجزاء التقاسيم التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء في الفترة المبينة بالمادة الأولى (وهي الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1940 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 29 لسنة 1966 في 7/ 7/ 1966) والتي ترى السلطة القائمة على أعمال التنظيم أنها تحددت على الطبيعة بإقامة مبان عليها بكيفية يتعذر معها تطبيق القانون المشار إليه...".
ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 135 لسنة 1981 في شأن الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام قانون تقسيم الأراضي المعدة للبناء، ونصت المادة الثالثة على أن "يلحق بالمنافع العامة دون مقابل الشوارع والطرق والميادين والمتنزهات التي تحددت على الطبيعة في التقاسيم أو أجزاء التقاسيم التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء بالمادة الأولى". وهي الفترة من 6 من يوليو سنة 1966 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 135 لسنة 1981 في 31/ 7/ 1981.
ومن حيث إنه بالتطبيق لأحكام هذه النصوص فإن الشارع المذكور الذي تحدد في الطبيعة في تقسيم الأرض ملك عبد الرازق الفار يعتبر بحكم القانون ملحقاً بالمنافع العامة دون مقابل، ومتى كان ذلك فإنه لا يجوز أن يرد على جزء من هذا الشارع تصرف بالبيع، ويغدو أي تصرف من هذا القبيل باطلاً بطلاناً مطلقاً لوروده على مال عام.
ومن ثم لا يعتد بعقد شراء المدعي لقطعة الأرض محل النزاع والتي تتوسط الشارع المذكور كذلك فإن مجلس مدينة دسوق - حسبما ذهب إليه بحق مدير الإدارة الهندسية للمجلس في كتابه ومذكرته المشار إليهما - لم يكن بحاجة إلى استصدار قرار بإنشاء هذا الشارع أو نزع أية ملكية خاصة لإنشائه، الأمر الذي دعا إلى اعتبار قراره في هذا الشأن مجرد توصية بتحديد خطوط التنظيم، ولم تستكمل إجراءات اعتماده من المحافظ طبقاً لحكم المادة 12 من القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني التي نصت على أنه "يصدر باعتماد خطوط التنظيم للشوارع قرار من المحافظ بعد موافقة المجلس المختص". وكذا المادة 13 من القانون رقم 106 لسنة 1976 التي رددت ذات النص السابق.
ومن حيث إنه متى ثبت مما تقدم أن الشارع الوارد ذكره بقرار مجلس مدينة دسوق رقم 4/ ب المطعون فيه الحق بالمنافع العامة بحكم القانون، وأن قرار مجلس المدينة بتحديد خط تنظيم بهذا الشارع لا يعتبر قراراً إدارياً نهائياً لوجوب اعتماده من المحافظ المختص، وهو الأمر الذي لم يتم، ومن ثم لا يقبل طبقاً لأحكام قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 طلب إلغائه.
ومن حيث إنه وقد قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ما تقدم بيانه بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق صحيح أحكام القانون، ويتعين القضاء بإلغائه، وبعدم قبول الدعوى مع إلزام المدعي (المطعون ضده الثاني) بالمصاريف.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول طلب إلغاء قرار مجلس مدينة دسوق رقم 4/ ب الصادر في 21 من فبراير سنة 1971 وألزمت المدعي المصروفات