أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 460

جلسة أول يونيه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ.

(90)
الطعن رقم 421 لسنة 34 القضائية

حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". سرقة. شروع.
تحدث الحكم استقلالاً عن نية السرقة. ليس شرطاً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة إلا إذا كانت هذه النية محل شك في الواقعة المطروحة.
تحدث الحكم استقلالاً عن نية السرقة وإن كان ليس شرطاً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة، إلا أنه إذا كانت هذه النية محل شك في الواقعة المطروحة، فإنه يتعين على المحكمة أن تبين هذه النية صراحة في حكمها وأن تورد الدليل على توافرها. فإذا كان الدفاع قد نازع في قيام نية السرقة لدى الطاعنين، وكان ما أوردته المحكمة بصدد بيان واقعة الشروع في السرقة بإكراه التي دانت الطاعنين بها لا يبين منه قصد الطاعنين من انتزاع بندقية المجني عليه وهل انتويا اختلاسها وتملكها أو أنهما عمدا إلى مجرد منع المجني عليه من استعمالها في الاعتداء عليهما بها للخلاف القائم بينهما وبين مخدومه، مما كان يقتضي من المحكمة - في هذه الصورة التي تختلط بها نية السرقة بغيرها - أن تعني باستجلاء هذه النية بإيراد الدليل على قيامها كما هي معرفة به في القانون. أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في البيان الموجب لنقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في يوم 26/ 12/ 1957 بدائرة مركز كوم حمادة محافظة البحيرة: أولاً - شرعوا في سرقة البندقية المبينة الوصف بالمحضر والمملوكة لعبد العزيز أحمد خير الدين بطريق الإكراه الواقع عليه بأن أمسكوا به واعتدوا عليه بالضرب بعصي فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي بقصد تعطيل مقاومته وأوقفوا لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو تدخل آخرين والحيلولة بينهم وبين الفرار بالبندقية. وثانياً - المتهم الأول أيضاً: أحرز سلاحاً نارياً "بندقية خرطوش" بدون ترخيص. وطلبت محاكمتهم بالمواد 45، 46، 314/ 1 - 2 من قانون العقوبات و1، 26/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول 2 المرفق. ومحكمة جنايات دمنهور قضت بتاريخ 11 ديسمبر 1962غيابياً للأول وحضورياً للثاني والثالث عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول والمواد 45، 46، 314/ 1 - 2 منه بالنسبة إلى المتهمين الثاني والثالث بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجناية الشروع في سرقة بإكراه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في البيان، ذلك بأنه يبين من التحقيقات أن نية السرقة لم تكن قائمة في حق الطاعنين وأن انتزاع البندقية من المجني عليه - على فرض صحته - إنما كان بقصد منعه من استعمالها في الاعتداء عليهما بها، إلا أن المحكمة قضت بإدانتهما على الرغم من عدم توافر أركان هذه الجريمة ودون أن تعرض لبيان القصد الجنائي مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله. "إنه في يوم 26/ 12/ 1957 بدائرة مركز كوم حماده تعرض المتهمون عبد المجيد محمد عبد المجيد حرحش - المحكوم عليه غيابياً - ونبيه محمد عبد المجيد حرحش وفتحي عبد الفتاح محمد عبد المجيد حرحش - الطاعنان - في أرض مملوكه للأستاذ إبراهيم بسيوني وأنزلوا مواشيهم في زراعة البرسيم القائمة عليها كما حشوا جزءاً منها فأسرع الجالي خير الدين الخفير على هذه الأرض بإبلاغ الأمر إلى المالك وإلى أخيه عبد العزيز أحمد خير الدين شيخ خفراء الزراعة فكلف أولهما الثاني بسرعة الانتقال إلى مكان الحادث لمعاينته فصحب معه عبد القادر علي حرفوش وأحمد عبد الحميد أبو خطوة والجالي خير الدين وما أن تقدم عبد العزيز أحمد خير الدين ومعه الجالي خير الدين إلى الزراعة وبدأ في قياس ما أتلف منها وكان المتهمون الثلاثة جالسين في حقل آخر بالجهة البحرية من مكان الحادث حتى انطلق إليه المتهم الأول عبد المجيد محمد عبد المجيد حرحش وحاول منعه من الدخول في الأرض ثم أمسك بندقيته التي كان يضعها على كتفه وحاول انتزاعها منه ولكنه قاومه فأخذ يضربه بقبضة يده ويركله برجله وفي هذه الأثناء حضر المتهمان الثاني والثالث نبيه محمد عبد المجيد حرحش وفتحي عبد الفتاح حرحش وكان مع المتهم الثاني عصا لها طرف مثنى لفه حول رقبة المجني عليه وجذبه للخلف وأخذ يركله برجله حتى سقط على الأرض فجثم فوقه هو والمتهمان الثاني والثالث وأخذوا ينهالون عليه ضرباً بالأيدي والعصي وتمكن المتهم الأول عبد المجيد محمد عبد المجيد حرحش من انتزاع البندقية منه وحاول الفرار بها وما أن خطى بها بضعة أمتار حتى سارع إليه أحمد عبد الحميد أبو خطوة وتماسكا سوياً وأخذا يتجاذبان البندقية وتمكن أخيراً بعد مقاومة شديدة من انتزاعها من المتهم الأول وعاد بها إلى المجني عليه الذي كان قد تدخل عبد القادر علي حرفوش من أبعاد المتهمين الثاني والثالث عنه ومنعهما من استمرار الاعتداء عليه. فذهب المجني عليه عبد العزيز أحمد خير الدين إلى نقطة شرطة النجيلة وأبلغ الحادث فقام النقيب محمد لطفى حسن بضبط الواقعة وأثبت أنه لاحظ أن البندقية التي كان يحملها المجني عليه قد تلفت سكينتها نتيجة انتزاع المتهمين لها. وتبين من الكشف الطبي المتوقع على عبد العزيز خير الدين أنه وجد مصاباً بكدم رضي وورم بأسفل العين اليمنى وسحج بعظمة الأنف مع ورم خفيف وسحجات باليد اليسرى وكدم رضي بالإلية اليمنى ويحتاج لعلاج أقل من عشرين يوماً. كما ثبت من معاينة مكان الحادث أن مساحة الأرض التي كان المتهمون متعرضين فيها تبلغ خمسة أفدنة وهي منزرعة برسيماً يبلغ ارتفاعه 40 سم في المتوسط وأن هناك ثلاثة قراريط يظهر من حالتها أن البرسيم القائم عليها قد حش حديثاً بواسطة آلات حادة كالمنجل ويقدر ثمن البرسيم المذكور بمبلغ 180 قرشاً كما وجدت آثار حوافر لمواشي كانت ترعى وتحمل هذا البرسيم" وتبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع نازع في توافر نية السرقة بقوله "إن الجريمة ملفقة لوجود النزاع السابق بين المتهمين ومخدوم عبد العزيز ولا يمكن الاطمئنان إلى أن الواقعة سرقة البندقية حتى لو سلمنا بأقوال الشهود خاصة والحادثة كانت نهاراً وكان ممكن أخذ البندقية في وقت آخر". لما كان ذلك، وكان تحدث الحكم استقلالاً عن نية السرقة وإن كان ليس شرطاً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة، إلا أنه إذا كانت هذه النية محل شك في الواقعة المطروحة، فإنه يتعين على المحكمة أن تبين هذه النية صراحة في حكمها وأن تورد الدليل على توافرها. ولما كان الدفاع قد نازع في قيام نية السرقة لدى الطاعنين، وكان ما أوردته المحكمة بصدد بيان واقعة الشروع في السرقة بإكراه التي دانت الطاعنين بها لا يبين منه قصد الطاعنين من انتزاع بندقية المجني عليه وهل انتويا اختلاسها وتملكها أو أنهما عمدا إلى مجرد منع المجني عليه من استعمالها في الاعتداء عليهما بها للخلاف القائم بينهما وبين مخدومه، مما كان يقتضي من المحكمة - في هذه الصورة التي تختلط بها نية السرقة بغيرها - أن تعني باستجلاء هذه النية بإيراد الدليل على قيامها كما هي معرفة به في القانون. أما وهي لم تفعل، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في البيان الموجب لنقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في طعنه .