أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 464

جلسة 2 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس.

(91)
الطعن رقم 438 لسنة 34 القضائية

رسوم إنتاج.
خلو القانونين 363 لسنة 1956 في شأن تنظيم وتحصيل رسم الإنتاج أو الاستهلاك و346 لسنة 1956 في شأن مشروب الطافيا - من النص على مسئولية مفترضة بالنسبة لمالك المحل أو المعمل. وجوب ثبوت مساهمته في الفعل المؤثم حتى يتعين عقابه.
يحظر القانون رقم 363 لسنة 1956 في شأن تنظيم وتحصيل رسم الإنتاج أو الاستهلاك في المادة 15 منه حيازة كحول أو سوائل كحولية لم تؤد عنها رسوم الإنتاج أو الاستهلاك كما تحظر المادة الثانية من القانون رقم 346 لسنة 1956 صناعة مشروب الطافيا أو ملكيته أو إحرازه أو شراء أو بيع الطافيا. وقد خلا القانون من النص على مسئولية مفترضة بالنسبة لمالك المحل أو المعمل مما مفاده أنه يتعين لعقاب المالك - بالتطبيق لأحكام هذين القانونين أن تثبت مساهمته في الفعل المؤثم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 25 نوفمبر سنة 1960 بدائرة قسم روض الفرج: أولاً - المتهم الأول: باع خموراً مجهولة المصدر وغير مسدد عنها الرسم القانوني - ثانياً: والمتهمان الثاني والثالث - حازا خموراً لم تؤد عنها الرسوم القانونية الواجبة. وثالثاً - المتهمون الثلاثة: حازوا مشروب الطافية المبين بالمحضر والمحظور حيازته قانوناً. ورابعاً - المتهمان الثاني والثالث ( أ ) وضعا بياناً تجارياً مخالفا للحقيقة على زجاجة الخمر المبينة بالمحضر بأن وضعا بياناً عليها "تقطير من البراندى بينما هي مشروب الطافية" (ب) شرعا في خدع المتعاقد معهما بأن عرضا للبيع زجاجات معبأة بخمور تختلف حقيقتها عما أعلن عنها - وطلبت معاقبتهم بالمواد 1، 2، 3، 15، 16، 18/ 1، 20، 21 من القانون رقم 363 لسنة 1956، 1 من القانون رقم 328 لسنة 1955 للأول، 2، 3 من القانون رقم 346 لسنة 1956 للثاني، 1 من القانون رقم 48 لسنة 1941 للثالث. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً طالبة القضاء لها قبل المتهمين بمبلغ 6240 جنيهاً. ومحكمة روض الفرج الجزئية قضت بتاريخ 12/ 6/ 1962 غيابياً للأول والثاني وحضورياً للثالث عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بحبس كل منهم شهراً واحداً وغلق المحل لمدة خمسة عشر يوماً والمصادرة وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لمصلحة الجمارك مبلغ 6240 ج قيمة الرسوم المستحقة والتعويض وكفالة مائتي قرش لإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس عن التهمة الأولى وبتغريم كل منهم مبلغ خمسة جنيهات وغلق المحل والمصادرة عن التهمة الثانية وبتغريم المتهمين الثاني والثالث مبلغ خمسة جنيهات والمصادرة عن التهمتين الثالثة والرابعة. فاستأنف الطاعن هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 25 نوفمبر سنة 1962 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو أنه - إذ دانه بجرائم حيازة خمور لم تؤد عنها رسوم، وحيازة مشروب طافية غير مصرح بحيازته، ووضع بيانات مخالفة للحقيقة، والشروع في الغش - قد أخطأ في القانون، ذلك بأن الطاعن على ما هو ثابت بالأوراق - لا يعدو أن يكون صاحب معمل يقوم المتهم الثاني على إدارته فهو المسئول عما ينتجه المعمل وعما ينتجه المعمل وعما يقع من مخالفات، وقد تبادل هذا الأخير والمتهم الأول الاتهام بشأن تغيير جرى على فواتير التعامل الحاصل بينهما في الخمور المضبوطة دون أن يثبت أن للطاعن صلة أو علماً بهذا التغيير. وإذ كان القانون محل التطبيق لا يفترض مسئولية صاحب المحل عما يقع فيه من مخالفات، فإنه لا تجوز مساءلته عن جرائم ارتكبها - المتهم الثاني مدير المعمل - لمجرد كونه أي الطاعن صاحب المحل، بل يتعين لإدانته أن يقوم في الدعوى دليل يقيني على صلته بتلك الجرائم.
وحيث إن يبين من مراجعة الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن مراقبة الإنتاج علمت بوجود خمور مجهولة المصدر بمعمل شركة الدلتا المملوكة للطاعن مشتراه من محل مخالى فلتازيس - المتهم الأول في الدعوى - فانتقل مندوبون من المراقبة إلى ذلك المعمل وإذ التقوا بمديره ديمترى خريستو - المتهم الثاني - فقد طلبوا منه دفاتر العمليات غير أنه لم يقدم لهم سوى دفتر واحد ووعد بإحضار باقي الدفاتر ثم ادعى فقدها - وتبين من مراجعة الدفتر الذي قدمه أنه أثبت به عمليتي تخفيف وتعبئة "براندي" وارد من محل المتهم الأول بالفاتورتين 19905، 19909 في 21، 23/ 10/ 1959 وأن هذه الكمية بيعت إلى شركة ديبول التجارية، وقرر المتهم الثاني أنه يعمل وكيلاً لمعمل شركة الدلتا المملوك للطاعن وهو المسئول عنه، وأنه لم يشتر من محل المتهم الأول غير ما ورد بالفواتير 19901، 19905، 19906 بتاريخ 21/ 10/ 1959، وما ورد بالفاتورتين 19909، 19910 بتاريخ 23/ 10/ 1959، وأن الكميات المثبتة بالفاتورتين 19905، 19909 بيعت بعد تعبئتها مباشرة لشركة ديبول التي يملكها، ولم يقدم إلا الفاتورة رقم 19905 وترخيص نقل، وتبين أن بالفاتورة تغييراً بالزيادة في مقدار السائل الكحولي، كما اكتشفت تغيير في عدد اللترات المثبت بترخيص النقل، وقد ضبط بمقر شركة ديبول خمسة وثلاثون صندوقاً بها زجاجات من عبوات مختلفة دون على بطاقاتها عبارة "براندي فرنسي" وأنها معبأة في مصر وتحمل رقمي سجل وترخيص معمل الطاعن، وإذ أخذت ثلاث عينات من هذه الخمور فقد ثبت من تحليلها أنها "طافيا". وأورد الحكم في مدوناته أن المتهم الأول أقر ببيعه خموراً إلى شركة الدلتا بموجب الفواتير السالف الإشارة إليها دون أن يبين مصدر حصوله على هذه الخمور وادعى أنه أحرق فواتير شرائها. كما حصل الحكم أن الطاعن قرر في محضر جمع الاستدلالات أنه صاحب المعمل وأن المتهم الثاني وكيل عنه في إدارته. وخلص إلى إدانة الطاعن عن التهم المسندة إليه طبقاً للقوانين أرقام 356 لسنة 1956، 346 لسنة 1956، 48 لسنة 1941 مستنداً في قضائه هذا إلى كونه صاحب المعمل وإلى ما استخلصه من أقوال المتهم الأول ودفتر المعمل من أن معمله اشترى خموراً لم تؤد عنها رسوم، وإلى قول المتهم الثاني بأنه اشترى زجاجات الطافيا المضبوطة بشركته من هذا المعمل، كما استند إلى تقرير التحليل وما أثبت على زجاجات الطافيا من بيانات تخالف الحقيقة. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 363 لسنة 1956 في شأن تنظيم وتحصيل رسم الإنتاج أو الاستهلاك في المادة 15 منه حيازة كحول أو سوائل كحولية لم تؤد عنها رسوم الإنتاج أو الاستهلاك، وكانت المادة الثانية من القانون رقم 346 لسنة 1956 في شأن مشروب الطافيا تحظر صناعة أو ملكية أو إحراز أو شراء أو بيع الطافيا، وقد خلا القانون من النص على مسئولية مفترضة بالنسبة لمالك المحل أو المعمل مما مفاده أنه يتعين لعقاب المالك - بالتطبيق لأحكام هذين القانونين، أن تثبت مساهمته في الفعل المؤثم. لما كان ذلك، وكان الحكم - على ما سلف إيراده - قد عول في إدانة الطاعن على مجرد كونه مالكاً للمعمل، وإلى ما قرره المتهم الثاني من أنه اشترى زجاجات الطافيا من معمله، وهو ما لا يجزئ عن ضرورة بيان مدى مساهمة الطاعن في الأفعال المسندة إليه على أي صورة من صور المساهمة - مع ما أثبته الحكم من تسليم المتهم الثاني بمسئوليته عن إدارة المعمل - فإنه يكون مشوباً بقصور يعيبه ويستوجب نقضه. هذا إلى أن أنه مما تجدر الإشارة إليه - بمناسبة ما تمسكت به مصلحة الجمارك في مذكرتها المقدمة لهذه المحكمة - أنه وقد أقام الحكم المطعون فيه مسئولية الطاعن المدنية على ما رآه من ثبوت الفعل الجنائي المنسوب إليه، فإن مؤدى نقض الحكم الصادر في الدعوى الجنائية يستتبع حتماً نقضه بالنسبة إلى الدعوى المدنية.