مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 1170

(187)
جلسة 29 من مايو 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أنور محفوظ وعلي السيد علي وطارق عبد الفتاح البشرى والدكتور وليم سليمان قلادة - المستشارين.

الطعن رقم 426 لسنة 25 القضائية

هيئة الشرطة - تأديب - قرارات مجلس التأديب الاستئنافي.
قرارات مجلس التأديب قرارات تأديبية صادرة من جهات العمل - للعاملين الذين تصدر ضدهم هذه القرارات الطعن فيها أمام المحكمة التأديبية المختصة وليس أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة - مثال بالنسبة لقرار مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 29 / 3/ 1979 أودع الأستاذ محمد علوان المحامى بصفته وكيلاً عن السيد/ ....... بموجب التوكيل رقم 125 ب لسنة 1979 تقرير هذا الطعن في القرار الصادر من المجلس الاستئنافي لتأديب ضباط الشرطة في 22/ 5/ 1978 الذي قرر:
أولاً: قبول الاستئناف المقدم من........ شكلاً ورفضه موضوعاً.
ثانياً: قبول استئناف وزارة الداخلية شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المستأنف ومجازاة المقدم.... بخصم شهر من راتبه. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من مجلس التأديب الاستئنافي بمجازاته بخصم شهر من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده بصفته بالمصروفات والأتعاب. وقد أعلن المطعون ضده بتقرير الطعن بتاريخ 18/ 4/ 1979.
وتم تحضير الطعن وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعن التي قررت بجلسة 7/ 3/ 1984 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 3/ 4/ 1984. وفيها وفي الجلسة التالية استمعت المحكمة إلى ملاحظات الحاضرين من الطرفين ثم قررت النطق بالحكم بجلسة اليوم. وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على الأسباب ملف الطعن عند النطق بالحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطاعن يطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر من مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة بمجازاته بخصم شهر من راتبه مع ما يترتب على ذلك من أثار وإلزام المطعون ضده بصفته بالمصروفات والأتعاب.
ومن حيث إن المحكمة تقضي في اختصاصها النوعي من تلقاء نفسها طبقاً لنص المادة 109 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، ومن ثم فلها أن تتصدى لبيان مدى اختصاصها بنظر هذا الطعن قبل التعرض للموضوع. وقد ذهب قضاء هذه المحكمة أخيراً إلى أن الدستور الصادر في 11 من سبتمبر سنة 1971 قد استحدث نصاً بالمادة 173 يقضي بأن "مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى" ومفاده ذلك النص انعقاد الاختصاص دستورياً لمحاكم مجلس الدولة بنظر كل المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية وإفرادها بالقضاء في هذه المنازعات والدعاوى على سبيل التخصيص. وامتثالاً لهذا النص الدستوري خص المشرع في قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المحاكم التأديبية المنشأة بمقتضى المادة السابعة منه، خصها في المادة الخامسة عشر بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية التي تقع من العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة في وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الحكم المحلي والعاملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة وما يتبعها من وحدات، وبالشركات التي تضمن لها الحكومة حداً أدنى من الأرباح، كما خصها بنظر الطعون المنصوص عليها في البندين تاسعاً وثالث عشر من المادة العاشرة من القانون ذاته، وفي الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية، والطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانوناً". ثم نصت المادة الثانية والعشرون من القانون ذاته على أن أحكام المحاكم التأديبية نهائية ويكون الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحوال المبينة في هذا القانون، كما أجازت المادة الثالثة والعشرون الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو من المحاكم التأديبية في الأحوال التي بينتها. والمستفاد من النصوص المتقدمة أن المشرع أعاد تنظيم المساءلة التأديبية للعاملين في الحكومة والهيئات العامة وشركات القطاع العام على نسق جديد، جعل المحكمة التأديبية كلها من قضاة، وتختص بالمساءلة التأديبية للعاملين الذين يحالون إليها من النيابة الإدارية، وبنظر الطعون في الجزاءات التأديبية التي توقعها جهات العمل المشار إليها على العاملين بها سواء عن طريق السلطة الرئاسية مباشرة أو عن طريق مجلس التأديب حسب التنظيم القانوني للتأديب في كل جهة بحسبانها جميعاً جزاءات صادرة من سلطة تأديبية، وأن أحكام هذه المحاكم التأديبية التي تصدر في الدعاوى أو الطعون التأديبية، يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا من ذوي الشأن الذين حددهم القانون وفي الحالات المبينة به. وفي ضوء هذا التنظيم الجديد للتأديب، تعتبر قرارات مجلس التأديب قرارات تأديبية صادرة من جهات العمل، ويكون للعاملين الذين تصدر ضدهم هذه القرارات الطعن فيها أمام المحكمة التأديبية المختصة وليس أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة طبقاً للبندين التاسع والثالث عشر من المادة العاشرة من القانون رقم 47/ 1972 وطبقاً للفقرة الأخيرة من المادة الخامسة عشرة منه. وإذ كان القرار المطعون فيه صادراً من مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة فإنه يتعين لذلك الحكم بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعن الماثل والأمر بإحالته إلى المحكمة التأديبية المختصة عملاً بنص المادة 110 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الطعن وبإحالته إلى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الداخلية لاختصاصها بالفصل فيه.


[(1)] يراجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 في الطعن رقم 28 لسنة 29 القضائية الصادر بجلسة 15/ 12/ 1985.