أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 479

جلسة 8 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.

(95)
الطعن رقم 330 لسنة 34 القضائية

( أ ) وصف التهمة. إجراءات المحاكمة.
عدم جواز معاقبة المتهم عن واقعة أخرى غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور. تحديد التهمة الموجهة إلى المتهم - والتي تمت المرافعة في الدعوى على أساسها - للفعل الجنائي المنسوب إليه ارتكابه. عدم ثبوت ارتكابه هذا الفعل على المحكم القضاء ببراءته من التهمة التي أحيل إليها من أجلها. مثال.
(ب) اختصاص. "اختصاص محكمة الجنح والمخالفات المستعجلة". بطاقة شخصية. حالة مدنية.
جريمة عدم الحصول على بطاقة شخصية. من بين الجرائم التي نيط لمحكمة الجنح والمخالفات المستعجلة للفصل فيها بمقتضى قرار وزير العدل الصادر 19/ 12/ 1961.
1 - من المقرر قانوناً طبقاً للمادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعة أخرى غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور، فإذا كانت التهمة الموجهة إلى المتهم والتي تمت المرافعة في الدعوى على أساسها قد حددت الفعل الجنائي المنسوب إليه ارتكابه ولم يثبت للمحكمة ارتكاب المتهم هذا الفعل تعين عليها أن تقضي ببراءته من التهمة التي أحيل إليها من أجلها. فإذا كانت الدعوى الجنائية قد رفعت على المطعون ضده بوصف أنه لم يحصل من مكتب السجل المدني على بطاقة شخصية، وثبت للمحكمة أنه حصل فعلاً على تلك البطاقة في تاريخ سابق على اتهامه، فيكون الحكم سديداً إذ قضى ببراءة المطعون ضده من التهمة المسندة إليه، أما القول بأن المحكمة ما كان لها أن تقضي بالبراءة وأنه كان يتعين عليها أن تغير الوصف القانوني إلى أنه لم يقدم البطاقة الشخصية إلى السلطات المختصة عند طلبها منه، فإنه مردود بأن هذا الوصف ينطوي على تحوير لكيان الواقعة المادية التي أقيمت بها الدعوى ولبنيانها القانوني ويجاوز نطاق التكييف القانوني للواقعة - أي مجرد ردها إلى أصل من نصوص القانون الواجب التطبيق - وهو ما لا سبيل إلى إلزام المحكمة بإجرائه لانطوائه على مساس كامل بعناصر جريمة أخرى لم ترفع بها الدعوى ولم يتناولها التحقيق أو المرافعة. ومن ثم فما كان للمحكمة - من تلقاء نفسها - أن تقيم الدعوى بهذه التهمة الجديدة أو أن تحاكم المطعون ضده عنها.
2 - جريمة عدم الحصول على بطاقة شخصية من بين الجرائم المحددة بقرار وزير العدل الصادر في 19 من ديسمبر سنة 1961 والتي نيط لمحكمة الجنح والمخالفات المستعجلة الفصل فيها وفقاً للفقرة (ز) من المادة الثانية. فإذا كانت النيابة العامة قد اتهمت المطعون ضده بأنه لم يحصل على بطاقة شخصية وطلبت عقابه بالمادتين 44/ 1، 58/ 1 من القانون رقم 260 لسنة 1960. فإن الحكم المطعون فيه إذ صدر من محكمة الجنح والمخالفات المستعجلة يكون قد صدر من محكمة مختصة ويضحي النعي عليه بالبطلان في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 17/ 6/ 1961 بدائرة بولاق: لم يحصل من مكتب السجل المدني الذي يقيم بدائرته على بطاقة شخصية وطلبت إلى قاضي محكمة بولاق إصدار أمر جنائي بمعاقبة المتهم طبقاً للمادتين 44/ 1، 58/ 1 من القانون رقم 260 لسنة 1960 وقرار وزير الداخلية - فأصدر أمره بتاريخ 6 يناير سنة 1962 بتغريمه 200 قرش فعارض المتهم في هذا الأمر أمام محكمة بولاق الجزئية التي أحالتها إلى محكمة الجنح والمخالفات المستعجلة فقضت بتاريخ 3 فبراير سنة 1962 بسقوط الأمر الجنائي وبراءة المتهم من التهمة المسندة إليه. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بتاريخ 8 ديسمبر سنة 1962 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة عدم حصوله على بطاقة شخصية قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الثابت من الأوراق أنه أثناء تحقيق مذكرة أحوال بقسم بولاق تبين أن المطعون ضده لم يحصل على بطاقة شخصية فرفعت الدعوى الجنائية عليه بهذه التهمة فلما مثل أمام المحكمة وقدم بطاقته الشخصية الصادرة إليه قبل تحرير المحضر قضت المحكمة ببراءته، في حين أن عدم تقدمه بتلك البطاقة لمحرر الشرطة عندما سأله عنها يكون في حقه الجريمة المنصوص عليها في المادتين 52، 60 من القانون رقم 260 لسنة 1960 مما كان يقتضي من المحكمة أن تعرض لهذه الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تنزل عليها حكم القانون، ومن ناحية أخرى فإن الواقعة باعتبارها جريمة عدم تقديم بطاقة شخصية عند طلبها تخرج عن نطاق اختصاص محكمة الجنح والمخالفات المستعجلة إذ أن اختصاصها محدد بالجرائم الواردة في قرار إنشائها وليس من بينها تلك الجريمة مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها بنظرها وإحالتها إلى المحكمة العادية وهي محكمة بولاق الجزئية طالما أن قواعد الاختصاص في القانون الجنائي من النظام العام.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت المطعون ضده بأنه في يوم 17 من يونيه سنة 1961 بدائرة قسم بولاق لم يحصل من مكتب السجل المدني الذي يقيم بدائرته على بطاقة شخصية وطلبت عقابه بالمادتين 44/ 1، 58/ 1 من القانون رقم 260 لسنة 1960 واستصدرت أمراً جنائياً بتغريمه مائتي قرش. فعارض في هذا الأمر أمام محكمة بولاق الجزئية التي أحالتها إلى محكمة الجنح والمخالفات المستعجلة فقضت بسقوط الأمر الجنائي وببراءة المطعون ضده مما أسند إليه. فاستأنفت النيابة الحكم، ومحكمة ثاني درجة قضت غيابياً بتأييد الحكم المستأنف وقد بني الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قضاءه بالبراءة على أن المطعون ضده وقد تقدم ببطاقة شخصية رقم 32336 صدرت من قسم بولاق في 30/ 10/ 1960 قبل توجيه الاتهام إليه بمحضر ضبط الواقعة المحرر في 17/ 6/ 1961 فإن التهمة المسندة إليه تكون على غير أساس - لما كان ذلك، وكان من المقرر قانوناً طبقاً للمادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعة أخرى غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور فإذا كانت التهمة الموجهة إلى المتهم والتي تمت المرافعة في الدعوى على أساسها قد حددت الفعل الجنائي المنسوب إليه ارتكابه، ولم يثبت للمحكمة ارتكاب المتهم هذا الفعل تعين عليها أن تقضي ببراءته من التهمة التي أحيل إليها من أجلها، ولما كانت الدعوى الجنائية قد رفعت على المطعون ضده بوصف أنه لم يحصل من مكتب السجل المدني على بطاقة شخصية، وثبت للمحكمة أنه حصل فعلاً على تلك البطاقة في تاريخ سابق على اتهامه. وهو ما لا تنازع فيه الطاعنة. فيكون الحكم سديداً إذ قضى ببراءة المطعون ضده من التهمة المسندة إليه. أما القول بأن المحكمة ما كان لها أن تقضي بالبراءة وأنه كان يتعين عليها أن تغير الوصف القانوني إلى أنه لم يقدم البطاقة الشخصية إلى السلطات المختصة عند طلبها منه، فإنه مردود بأن هذا الوصف ينطوي على تحوير لكيان الواقعة المادية التي أقيمت بها الدعوى ولبنيانها القانوني ويجاوز نطاق التكييف القانوني للواقعة - أي مجرد ردها إلى أصل من نصوص القانون الواجب التطبيق - وهو ما لا سبيل إلى إلزام المحكمة بإجرائه لانطوائه على مساس كامل بعناصر جريمة أخرى لم ترفع بها الدعوى ولم يتناولها التحقيق أو المرافعة، ومن ثم فما كان للمحكمة - من تلقاء نفسها - أن تقيم الدعوى بهذه التهمة الجديدة أو أن تحاكم المطعون ضده عنها - لما كان ذلك، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يكون سديداً، أما ما تنعاه الطاعن من بطلان الحكم المطعون فيه لصدوره من محكمة غير مختصة فمردود بأن النيابة قد اتهمت المطعون ضده بأنه لم يحصل على بطاقة شخصية وطلبت عقابه بالمادتين 44/ 1 و58/ 1 من القانون رقم 260 لسنة 1960 وهي إحدى الجرائم المحددة بقرار وزير العدل الصادر في 19/ 12/ 1961 والتي نيط بمحكمة الجنح والمخالفات المستعجلة الفصل فيها وفقاً للفقرة (ز) من المادة الثانية وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة مختصة، ويكون النعي عليه بالبطلان في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.