أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 17 - صـ 21

جلسة 3 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، وبطرس زغلول، ونصر الدين عزام.

(4)
الطعن رقم 1877 لسنة 35 القضائية

(أ، ب) عاهة مستديمة.
( أ ) استئصال إحدى كليتي المجني عليه بعد تمزقها من ضربة أحدثها به المتهم يكون جناية عاهة مستديمة.
(ب) بيان مدى العاهة. غير مؤثر في الحكم. متى تحقق ثبوتها.
(ج، د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ج) لمحكمة الموضوع تكوين عقيدتها من أقوال الشاهد في التحقيقات ولو جاءت مغايرة لشهادته في الجلسة. عدم التزامها بتبيان علة ذلك أو تحديد موضع الدليل من الأوراق. ما دام له أصل ثابت فيها.
(د) أوجه الدفاع الموضوعية. عدم استلزامها رداًً صريحاً. كفاية الرد الضمني.
1 - استقر قضاء محكمة النقض على أن استئصال إحدى كليتي المجني عليه بعد تمزقها من ضربة أحدثها به المتهم يكون جناية عاهة مستديمة.
2 - من المقرر أن بيان مدى العاهة غير مؤثر في الحكم متى تحقق ثبوتها.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها من أقوال الشاهد في التحقيقات ولو جاءت مغايرة لشهادته في الجلسة دون أن تبين العلة في ذلك أو تحدد موضوع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها.
4 - من المقرر أن ما يقدم من أوجه الدفاع الموضوعية لا يستلزم من الحكم رداً صريحاً بل يكفي فيه أن يكون الرد مستفاداً من الحكم بالإدانة استناداً إلى أقوال الشهود الذين وثق الحكم في أقوالهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 2/ 6/ 1964 بدائرة مركز أبو طشت محافظة قنا: ضرب محمد علي عثمان عمداً بقطعة من الحديد (عتلة) على جانبه الأيسر فأحدث به الإصابة المبينة بتقرير الطبيب الشرعي والتي نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد الكلية اليسرى وتقدر بنحو 30% وطلبت من مستشار الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. وادعى المجني عليه مدنياً طالبا الحكم له قبل المتهم بمبلغ 200 جنيه على سبيل التعويض والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً في 15 مايو سنة 1965 عملاً بمادة الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وإلزامه بأن يدفع إلى المدعي بالحق المدني مبلغ 200 (مائتي جنيه) على سبيل التعويض والمصاريف المدنية و500 قرشاً أتعاباً للمحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه - إذ دان الطاعن بجريمة إحداث عاهة مستديمة - جاء معيباً بالإخلال بحق الدفاع وشابه قصور في التسبيب وبطلان في الإجراءات وفساد في الاستدلال كما خالف الثابت في الأوراق ذلك بأن الطاعن كان قد طلب إحضار حرز الآلة الحديدية (العتلة) التي قيل باستعمالها في ارتكاب الجريمة حتى يتسنى معرفة كيفية الاعتداء بها خاصة وأنها لم تعرض على الطبيب الشرعي أو تحرز بطريقة سليمة كما طلب إجراء معاينة للتثبت مما إذا كان يمكن للشاهدين رؤية الحادث على حد ما صوراه من أنهما كانا على محراث يدور في نورج وكان بينهما وبين مكان الحادث كومة من التبن ارتفاعها أربعة أمتار. كذلك أشار الدفاع إلى لزوم مناقشة الطبيب الشرعي في أمور من أهمها أنه وصل إلى نتيجة في نهاية تقريره دون أن يحقق ما ورد في مقدمة التقرير من أنه لا يمكن تقدير مدي العاهة بنسبة مئوية معينة لعدم فحص الكلية المصابة بعد استئصالها ولعدم فحص حالة الكلية الأخرى وأفصح الطاعن عن جدوى هذا الدفاع بأن الطب الحديث يرى أن استئصال إحدى الكليتين لا يؤثر في وظيفة الكلية الأخرى وأنه يمكن للإنسان أن يعيش بكلية واحدة إلا أن الحكم لم يجب الدفاع إلى ما طلبه واكتفي في الرد على الطلب الأخير بأن الكلية عضو له منفعته وأن استئصالها يعوق هذه المنفعة وبأنه لا جدوى من معرفة مدى العاهة إلا عند تقدير العقوبة وهو ما لا يصلح للرد على دفاع الطاعن مما يعيب الحكم. كذلك فقد نسب الحكم إلى الشاهد سيد حسن عثمان أنه رأي الطاعن يضرب المجني عليه بالآلة الحديدية (العتلة) فأسرع لمنعه من مواصلة الاعتداء وأنه عندما وصل إلى مكان الحادث شاهده ممسكاً بهذه الآلة وأخبره المجني عليه أن الطاعن اعتدى عليه من أن هذا الشاهد شهد في الجلسة بأنه لم ير واقعة الاعتداء عند حصولها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة مستفادة من أقوال المجني عليه محمد علي عثمان والشهود سيد حسين عثمان ومحمد إبراهيم رشوان وعمدة البلدية شمس الدين إبراهيم رشوان وأحمد علي عثمان وما ورد بالتقرير الطبي الشرعي عن إصابة المجني عليه. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم ينف إمكان حدوث الإصابة بالآلة الحديدية (العتلة) وأن طلب إحضارها وكذلك طلبه المعاينة إنما قصد بهما إثارة الشبهات حول أدلة الإثبات المقدمة في الدعوى، وكان من المقرر أن ما يقدم من أوجه الدفاع الموضوعية لا يستلزم من الحكم رداً صريحاً بل يكفي فيه أن يكون الرد مستفاداً من الحكم بالإدانة استناداً إلى أقوال الشهود الذين وثق الحكم في أقوالهم فإن النعي على الحكم بعدم إجابة الطاعن إلى طلب إحضار الآلة المستعملة في الحادث أو المعاينة يكون على غير أساس. وما ينعاه الطاعن على الحكم من عدم إجابته إلى طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته مردود بأن الثابت من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته فيما إذا كان قد استكشف وهل قام بالعمليات بالنسبة لسلامة الكلية قبل الحادث وما هو كنه تقريره لمدى العاهة وكيفية تقدير العاهة ومداها وتقديرها بنسبة معينة ولم يثبت أن الطاعن قد نازع فيما ورد بتقرير الطبيب الشرعي ونقله عنه الحكم من لزوم استئصال الكلية اليسرى بعد إصابتها بالتمزق نتيجة الاعتداء الذي وقع على المجني عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على هذا الدفع في قوله "وأما عن منازعة الدفاع وقوله بأن استئصال الكلية لا يكون عاهة فهذا الأمر لا مجال له لأن الكلية هي عضو له منفعة وباستئصاله يعوق هذه المنفعة الخاصة بالعضو الذي يكون جريمة العاهة ولا أهمية بعدئذ في مدى العاهة إلا عند تقدير العقوبة" وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن استئصال إحدى كليتي المجني عليه بعد تمزقها من ضربة أحدثها به الطاعن يكون جناية عاهة مستديمة وكان من المقرر أن بيان مدى العاهة غير مؤثر في الحكم متى تحقق ثبوتها فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من عدم استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته يكون عديم الجدوى. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من استناده ضمن ما استند إليه من أدلة إلى شهادة الشاهد سيد حسن عثمان مع أنه شهد في الجلسة بأنه لم ير واقعة الاعتداء على المجني عليه فإنه يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن هذا الشاهد قرر في محضر ضبط الواقعة بمشاهدته الطاعن يضرب المجني عليه بآلة حديدية (عتلة) فسقط على الأرض وأن الشاهد توجه لمكان الحادث لمنع مواصلة الاعتداء وشاهد الآلة الحديدية (العتلة) بيد الطاعن. كما شهد الشاهد في جلسة المحاكمة أن المجني عليه أخبره أن الطاعن اعتدى عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها من أقوال الشاهد في التحقيقات ولو جاءت مغايرة لشهادته في الجلسة دون أن تبين العلة في ذلك أو تحدد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها فإن النعي على الحكم بمخالفة الثابت في الأوراق يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون في غير محله ويتعين رفضه.