أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 15 - صـ 679

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب.

(134)
الطعن رقم 1600 لسنة 34 القضائية

( أ ) زنا. إثبات. تلبس. جريمة.
التلبس بفعل الزنا دليل من أدلة الإثبات على المتهم بالزنا مع المرأة المتزوجة: المادة 276 عقوبات. مشاهدة المتهم حال ارتكابه الزنا بالفعل. غير لازم لقيام التلبس. يكفي مشاهدته في ظروف تنبئ بذاتها وبطريقة لا تدع مجالاً للشك في أن جريمة الزنا قد ارتكبت فعلاً.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن". "ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى. لها أن تأخذ بأقوال الشهود ولو سمعت على سبيل الاستدلال. متى اقتنعت بصحتها واطمأنت إلى قدرتهم على التمييز. مثال.
1 - نصت المادة 276 من قانون العقوبات على التلبس بفعل الزنا كدليل من أدلة الإثبات على المتهم بالزنا مع المرأة المتزوجة. ولا يشترط في التلبس بهذه الجريمة أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل بل يكفي أن يكون قد شوهد في ظروف تنبئ بذاتها وبطريقة لا تدع مجالاً للشك في أن جريمة الزنا قد ارتكبت فعلاً.
2 - لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى ولها أن تأخذ بأقوال الشهود ولو سمعت على سبيل الاستدلال متى اقتنعت بصحتها واطمأنت إلى قدرتهم على التمييز. ومتى كانت المحكمة قد ركنت إلى أقوال ابنتي المجني عليه اللتين سمعتهما على سبيل الاستدلال لبلوغ سن كل منهما ثماني سنوات وذلك في حضور الطاعن الذي لم يدفع أمامها بأنهما لا تستطيعان التمييز فليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى بأنهما في يوم 8/ 12/ 1961 بدائرة الساحل: الأول - زنى بالمتهمة الثانية مع علمه بأنها متزوجة. الثانية - زنت بالمتهم الأول حالة كونها متزوجة من عزيز إبراهيم يعقوب وما زالت على عصمته. وطلبت عقابهما بالمواد 273 و274 و277 من قانون العقوبات. وقد ادعى عزيز إبراهيم يعقوب بحق مدني قدره قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة الساحل الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 9/ 6/ 1962 عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين ستة شهور مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ مع إلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي المدني عزيز إبراهيم يعقوب مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض مع المصروفات المدنية و200 قرش أتعاباً للمحاماة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف المتهمان هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 20/ 4/ 1963 بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كلاً من المتهمين مصروفات استئنافه المدنية بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الزنا قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه استند في إدانة الطاعن إلى أقوال الشهود الذين سمعوا بجلسة المحاكمة وإلى ضبط لبوس الجماع ومنشفة، وضبط صورة للطاعن بدولاب ملابس الزوجة وإصابة المجني عليه وقت تماسكه مع الطاعن بمنزل الزوجة في حين أن هذه الأدلة ليست من الأدلة التي حددتها المادة 276 من قانون العقوبات بالنسبة إلى الشريك في جريمة الزنا إذ يبين من الرجوع إلى أقوال الشهود أنها لا تفيد قيام حالة التلبس ولا تنبئ بذاتها بأن جريمة الزنا قد ارتكبت فعلاً ولم يشهد أحد منهم بأنه رأى الطاعن يخرج من منزل الزوجية أما أقوال ابنتي المجني عليه فلا يعول عليها لعدم تمييزها ووقوعها تحت تأثير والدهما أما عن ضبط لبوس الجماع فإن ضابط الشرطة لم يجده عند معاينة مسكن المجني عليه ولم يتقدم به الزوج إلا بعد وقوع الحادث مما يفيد أنه اصطنع هذا الدليل كما أن المنشفة من أدوات المنزل ولم يثبت من التحقيق أن بها مواد منوية، وأما الصورة الفوتوغرافية التي قرر المجني عليه أنه وجدها بدولاب الملابس بعد وقوع الحادث بأكثر من عشرين يوماً فلا تعتبر من الأوراق والمكاتيب التي أشارت إليها المادة 276 من قانون العقوبات كما أن اصابة المجني عليه نتيجة تماسكه مع الطاعن بمنزل الزوجية لا يدل على ارتكاب جريمة الزنا.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما يخلص في أن المطعون ضده يعمل بالقوات الجوية بالعريش وعاد إلى مسكنه بقسم الساحل بالقاهرة في الساعة الثالثة والنصف من صباح يوم الحادث وطرق الباب فلم يجد أحداً وبعد مدة من طرق الباب سمع صوت زوجته تسأل عن الطارق فرد عليها. ولكنها تلكأت في فتح الباب وبعد أن أعاد الطرق على الباب فتحت له ولاحظ أنها في حالة ارتباك ولما دخل حجرة النوم وجد بجوار السرير بعضاً من قشر الموز والبرتقال وكيساً به موز وآخر به برتقال كما لاحظ أن السرير كان مبعثراً وخرجت زوجته متجهة ناحية المطبخ فخرج وراءها وعرج على حجرة الاستقبال فوجد على إحدى مناضدها بعضاً من قشر الموز وعلبة سجائر وأغطية للزجاجات ثم قام بفتح الحجرة التي ينام بها أولاده ففوجئ بالطاعن بجوار سرير الأولاد منهمكاً في لبس "بنطلونه" فهجم عليه واعتدى عليه بالضرب ثم تماسكا وانتهزت الزوجة هذه الفرصة وهربت من باب المسكن وتركته مفتوحاً وجرى الطاعن إلى السلم غير أن المطعون ضده لحق به وتماسكا مرة أخرى وأصيب الأخير في ركبته ثم تمكن الطاعن من الهرب، وقرر المطعون ضده أن الطاعن يجاوره في السكن وأن أولاده شاهدوه وهو يدخل حجرتهم، ولما أبلغ الواقعة إلى الشرطة انتقل أحد ضباطها إلى المنزل لمعاينته فوجد فرش سرير النوم مبعثراً ووجد على المنضدة آثار قشر الموز وبجوار السرير كيس به موز وآخر به برتقال وعثر الزوج في أثناء المعاينة على منشفة مخبأة باللحاف كما وجد بدورة المياة عقب عودته من القسم "كبودا" مما يستعمل في الجماع لمنع الحمل ووجه إلى زوجته وإلى الطاعن تهمة الزنا ثم تقدم إلى النيابة مبلغاً أنه في أثناء تفتيشه دولاب الملابس عثر على صورة فوتوغرافية للطاعن تحت ملابس زوجته وبسؤال ابنتي المجني عليه على سبيل الاستدلال وهما توأمتان قدرت المحكمة سن كل منهما بثماني سنوات قررتا أنهما سمعتا قرع والدهما للباب لمدة طويلة وأن والدتهما أحضرت إلى حجرتهما شخصاً يلبس بيجاما وكان ممسكاً بيده "قميصاً وبنطلوناً" وأدخلته تحت سريرهما ثم أغلقت عليهم الحجرة وبعد قليل خرج هذا الشخص من تحت السرير وأخذ يلبس القميص والبنطلون وعندئذ فتح والدهما باب الحجرة وأمسك بهذا الشخص وضربه. وقد انتقل ضابط الشرطة إلى منزل والد الزوجة فلم يجدها وأخبره والدها أنها حضرت له ليلة الواقعة وطرقت الباب ودخلت حجرة شقيقها وبعد ذلك طرق زوجها الباب فلم يفتح له أحد ثم هربت الزوجة من المنزل وظلت هاربة إلى أن قبض عليها بعد الواقعة بأكثر من أربعين يوماً وبسؤالها أنكرت ما نسب إليها وقررت أن زوجها حضر إلى المنزل ليلة الحادث ومعه أحد الاشخاص فاحتجت على حضور هذا الشخص وغضبت وتركت منزل الزوجية كما أن الطاعن ظل هارباً على الرغم من أنه يقطن بجوار منزل المجني عليه، وثبت من التقرير الطبي أن المجني عليه مصاب بتسلخات فوق الركبة اليمنى وبجرح قطعي بأعلا الجبهة. وبعد أن استعرض الحكم أقوال ابنتي المجني عليه وأقوال الشهود الذين شهدوا بواقعة التماسك بين المجني عليه والطاعن بمنزل الزوجية ثم في الشارع قال إن التهمة ثابتة قبل المتهمين - الطاعن وزوجة المجني عليه - من ضبط الطاعن بمنزل الزوجية في هذا الوقت من الليل في الظروف التي شهدت بها ابنتا المجني عليه ومن ضبط لبوس الجماع والمنشفة وهروب المتهمة الأولى من منزل الزوجية ساعة صبط الواقعة وكذلك هروب الطاعن على الرغم من صدور أمر النيابة بالقبض عليه مما ينبئ بأن جريمة الزنا قد ارتكبت فعلاً. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى ولها أن تأخذ بأقوال الشهود ولو سمعت على سبيل الاستدلال متى اقتنعت بصحتها واطمأنت إلى قدرتها في التمييز وكانت المحكمة قد ركنت إلى أقوال ابنتي المجني عليه اللتين سمعتهما على سبيل الاستدلال لبلوغ سن كل منهما ثماني سنوات وذلك في حضور الطاعن الذي لم يدفع أمامها بأنهما لا تستطيعان التمييز فليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المادة 276 من قانون العقوبات قد نصت على التلبس بفعل الزنا كدليل من أدلة الإثبات على المتهم بالزنا مع المرأة المتزوجة وكان لا يشترط في التلبس بهذه الجريمة أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل بل يكفي أن يكون قد شوهد في ظروف تنبئ بذاتها وبطريقة لا تدع مجالاً للشك في أن جريمة الزنا قد ارتكبت فعلاً. وكانت الوقائع التي استخلصت منها المحكمة وقوع فعل الزنا من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه إذ هو لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته لدى محكمة النقض.