أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 15 - صـ 747

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عزيز الدين سالم.

(148)
الطعن رقم 1151 لسنة 34 القضائية

( أ ) محكمة الجنايات. "تشكيلها. اختصاصها". مستشار فرد. دفوع. سلاح. ارتباط. اختصاص.
محكمة الجنايات. تشكيلها: من ثلاثة مستشارين. قد تؤلف من مستشار فرد لنظر أي جناية من الجنايات المنصوص عليها في المادتين 51، 340 عقوبات وفي القانون 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر. ما لم تكن هذه الجناية مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة بجناية أخرى غير ما ذكر. فتكون محكمة الجنايات المشكلة من ثلاثة مستشارين هي المختصة بنظر الدعوى برمتها. ارتباط الجناية بجنحة. انعقاد الاختصاص للمستشار الفرد. مثال.
(ب) مستشار الإحالة. أمر الإحالة. تحقيق. إجراءات المحاكمة.
الأصل هو تخصيص أمر الإحالة بكل جريمة على حدة. خروج الشارع على هذا الأصل بوضعه قاعدة عامة مؤداه أنه إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة تحال جميعها بأمر إحالة واحد إلى المحكمة المختصة مكاناً بإحداها. فإذا كانت الجرائم من اختصاص محاكم من درجات مختلفة. تحال إلى المحكمة الأعلى درجة. المادة 182 إجراءات.
(جـ) جريمة. "أركانها". سلاح.
جريمة إحراز سلاح ناري بغير ترخيص. تحققها: بمجرد الحيازة العرضية طالت أو قصرت. وأياً كان الباعث عليها. ولو كانت لأمر عارض أو طارئ. علة ذلك: قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد إحراز أو حيازة السلاح الناري بغير ترخيص عن علم وإدراك. مثال.
1 - استحدث القانون رقم 107 لسنة 1962 في المادة 366 من قانون الإجراءات الجنائية تنظيماً خاصاً بتشكيل محكمة الجنايات يقضي بأن تؤلف هذه المحكمة من ثلاثة من المستشارين، ومع ذلك تشكل محكمة الجنايات من مستشار فرد من بين رؤساء الدوائر عند النظر في جناية من الجنايات المنصوص عليها في المادتين 51 و240 من قانون العقوبات وفي القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له ما لم تكن هذه الجناية مرتبطة ارتباطاً غير قابل للتجزئة بجناية أخرى غير ما ذكر فتكون محكمة الجنايات المشكلة من ثلاثة مستشارين هي المختصة بنظر الدعوى برمتها. ونصت المادة الخامسة من هذا القانون في فقرتها الثانية على أن تحال بحالتها إلى المستشار الفرد الجنايات المعروضة على محاكم الجنايات في دور انعقادها الجاري وقت العمل بهذا القانون والتي أصبحت من اختصاصه ما لم تكن صالحة للفصل في ذات الدور. فإذا كانت جناية إحراز السلاح الناري بغير ترخيص وإحراز الذخائر المسندة إلى الطاعن غير مرتبطة بجناية أخرى غير ما ذكر بالمادة 366 سالفة البيان بل إنها أحيلت إلى المستشار الفرد بأمر إحالة واحد شملها وجنحة القتل الخطأ على اعتبار أنها مرتبطة بها، فإن الاختصاص ينعقد للمستشار الفرد لاقتصار الارتباط على جنحة ويتعين عليه تبعاً لذلك الفصل في الجريمتين ما لم يتبين له عدم وجود ارتباط.
2 - الأصل هو تخصص أمر الإحالة بكل جريمة على حده إلا أن الشارع قد خرج على هذا الأصل مراعاة لمصلحة العدالة بأن وضع قاعدة عامة تضمنتها المادة 182 من قانون الإجراءات الجنائية التي وردت في الفصل الثالث عشر من الباب الثالث من الكتاب الأول من القانون المذكور - تنص على أنه إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة تحال جميعاً بأمر إحالة واحد إلى المحكمة المختصة مكاناً بإحداها، فإذا كانت الجرائم من اختصاص محاكم من درجات مختلفة تحال إلى المحكمة الأعلى درجة. ومتى كانت دائرة المستشار الفرد المختصة قانوناً بنظر جناية إحراز السلاح والذخيرة التي أسندت إلى الطاعن هي المحكمة الأعلى درجة بالنسبة إلى جنحة القتل الخطأ التي أحيلت إليه بوصف أنها مرتبطة بالجناية المذكورة، فإن الدفع بعدم اختصاص محكمة الجنايات المشكلة من مستشار فرد بنظر الدعوى لا يكون له محل.
3 - يكفي لتحقق جريمة إحراز سلاح ناري بغير ترخيص مجرد الحيازة العرضية طالت أو قصرت وأياً ما كان الباعث عليها ولو كانت لأمر عارض أو طارئ لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد إحراز أو حيازة السلاح الناري بغير ترخيص عن علم وإدراك. وإذ ما كان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أن الطاعن حصل على البندقية موضوع التهمة من أحد الأشخاص وأطلق منها عياراً في حفل العرس دون أن يكون مرخصاً له بحيازتها فإن جريمة إحراز هذا السلاح الناري بغير ترخيص تكون قائمة قانوناً مستوجبة مساءلته عنها. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانة الطاعن عن هذه الجريمة يكون صحيحاً في القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 15/ 11/ 1959 مركز إمبابة محافظة الجيزة: المتهم الأول "الطاعن" (1) أحرز سلاحاً نارياً غير مششخن "بندقية" من غير ترخيص (2) أحرز ذخائر (طلقات) مما تستعمل في سلاح ناري غير مصرح له بإحرازه (3) تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل حسين عبد الفتاح محمد وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن أطلق عياراً نارياً في حفل عرس دون أن يتخذ الحيطة الكافية لعدم إصابة أحد فأصاب المجني عليه وأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهم الثاني (1) أحرز السلاح الناري سالف الذكر بغير ترخيص (2) أحرز الطلقات سالفة الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحمل السلاح. وطلبت إحالتهما إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمتهما بالمواد 1 و2 و26/ 1 - 4 و30 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانون 546 سنة 1954 والجدول رقم 2 المرافق. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات الجيزة دفع الحاضر مع المتهم الأول بسقوط دعوى الجنحة بالتقادم عملاً بالمادة 16 من قانون الإجراءات الجنائية. كما توفى المتهم الثاني. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً بتاريخ 27 فبراير سنة 1964 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المواد 16 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للتهمة الثالثة للمتهم الأول والمادة 14 بالنسبة للمتهم الثاني و32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وغرامة جنيهاً عن التهمتين الأولى والثانية وبانقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة بالنسبة للتهمة الثالثة وبمصادرة السلاح المضبوط - ثانياً - بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم الثاني لوفاته.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو القصور في التسبيب. ذلك بأن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على الدفع المقدم من الطاعن بعدم اختصاص محكمة الجنايات المشكلة من مستشار فرد بنظر الدعوى إعمالاً لنص المادة 366 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 إذ أن النيابة العامة أسندت إليه ارتكاب جناية من الجنايات المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 الخاص بالأسلحة والذخائر وجنحة قتل خطأ مما يخرج عن ولاية المستشار الفرد ويدخل في اختصاص محكمة الجنايات المشكلة من ثلاثة من المستشارين.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن في 2 من يناير سنة 1960 بطريق التكليف بالحضور مباشرة أمام محكمة الجنايات لأنه في 15 من نوفمبر سنة 1959 بدائرة مركز امبابه محافظة الجيزة (1) أحرز سلاحاً نارياً غير مششخن (بندقية) بغير ترخيص (2) أحرز ذخائر (طلقات) مما تستعمل في سلاح ناري غير مصرح له بإحرازه (3) تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل حسين عبد الفتاح محمد وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن أطلق عياراً نارياً في حفل عرس دون أن يتخذ الحيطة الكافية لعدم إصابة أحد فأصاب المجني عليه وأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد عرضت هذه الدعوى على محكمة جنايات الجيزة المشكلة من مستشار فرد في 20 من فبراير سنة 1964 فأصدرت حكمها المطعون فيه بمعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وغرامة جنيه عن التهمتين الأولى والثانية وبانقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة بالنسبة إلى التهمة الثالثة وبمصادرة السلاح المضبوط. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بعدم اختصاص محكمة الجنايات المشكلة من مستشار فرد بنظر الدعوى مما لا محل معه للنعي على الحكم بالقصور في الرد على هذا الدفع، ومع ذلك فإنه وإن كان من الدفوع التي يصح إثارتها في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض لتعلقه بولاية القاضي التي هي من النظام العام، إلا أنه مردود بأن النيابة العامة قد رفعت الدعوى مباشرة أمام محكمة الجنايات في حدود حقها المخول لها في المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 والتي كانت تنص في فقرتها الثالثة قبل تعديلها بالقانون رقم 107 لسنة 1962 على أنه "إذا كانت الجناية من الجنايات المنصوص عليها في....... والقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1945 رفعت النيابة العامة الدعوى عنها وعما يكون مرتبطاً بها من جرائم أخرى إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم بالحضور أمامها مباشرة....." ثم صدر القانون رقم 107 لسنة 1962 الذي استحدث في المادة 366 من قانون الإجراءات الجنائية تنظيماً خاصاً بتشكيل محكمة الجنايات يقضي بأن "تؤلف هذه المحكمة من ثلاثة من المستشارين ومع ذلك تشكل محكمة الجنايات من مستشار فرد من بين رؤساء الدوائر عند النظر في جناية من الجنايات المنصوص عليها في المادتين 51 و240 من قانون العقوبات وفي القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له ما لم تكن هذه الجناية مرتبطة ارتباطاً غير قابل للتجزئة بجناية أخرى غير ما ذكر فتكون محكمة الجنايات المشكلة من ثلاثة مستشارين هي المختصة بنظر الدعوى برمتها" ونصت المادة الخامسة من هذا القانون في فقرتها الثانية على أن "تحال بحالتها إلى المستشار الفرد الجنايات المعروضة على محاكم الجنايات في دور انعقادها الجاري وقت العمل بهذا القانون والتي أصبحت من اختصاصه ما لم تكن صالحة للفصل في ذات الدور". لما كان ذلك، وكانت جناية إحراز السلاح الناري بغير ترخيص وإحراز الذخائر المسندة إلى الطاعن غير مرتبطة بجناية أخرى غير ما ذكر بالمادة 366 سالفة البيان بل أنها أحيلت إلى المستشار الفرد بأمر إحالة واحد شملها وجنحة القتل الخطأ على اعتبار أنها مرتبطة بها، ومن ثم ينعقد الاختصاص للمستشار الفرد لاقتصار الارتباط على جنحة ويتعين عليه تبعاً لذلك الفصل في الجريمتين ما لم يتبين له عدم وجود ارتباط إذ الأصل هو تخصص أمر الإحالة بكل جريمة على حده إلا أن الشارع قد خرج على هذا الأصل مراعاة لمصلحة العدالة بأن وضع قاعدة عامة تضمنتها المادة 182 من قانون الإجراءات الجنائية التي وردت في الفصل الثالث عشر من الباب الثالث من الكتاب الأول من القانون المذكور - تنص على أنه إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة، تحال جميعها بأمر إحالة واحد إلى المحكمة المختصة مكاناً بإحداها. فإذا كانت الجرائم من اختصاص محاكم من درجات مختلفة، تحال إلى المحكمة الأعلى درجة. لما كان ذلك، وكانت دائرة المستشار الفرد المختصة قانوناً بنظر جناية إحراز السلاح والذخيرة التي أسندت إلى الطاعن هي المحكمة الأعلى درجة بالنسبة إلى جنحة القتل الخطأ التي أحيلت إليه بوصف أنها مرتبطة - بالجناية المذكورة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بجريمة إحراز السلاح الناري بغير ترخيص على الرغم من انعدام ركن الإحراز في حقه إذ أنه أخذ البندقية من آخر عندما تعذر عليه استعمالها ليفحصها ولم يمسك بها إلا لحظة وجيزة وهو ما لا يتوافر به ركن الإحراز الذي يتطلب نوعاً من السيطرة على السلاح.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله إنها "تتحصل في أنه أثناء قيام حفل عرس حصل محمد عبد السلام الحمري (الطاعن) على بندقية غير مششخنة من إبراهيم شعيب الحمري وأطلق منها عياراً للتفريح دون احتياط فأصاب حسين عبد الفتاح محمود بالإصابة الموضحة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته على الأثر". وأورد على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وأقوال المجني عليه في التحقيقات قبل وفاته ومن اعتراف المتهم الثاني في الدعوى ومن التقرير الطبي. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة مستقراً على أنه يكفي لتحقق جريمة إحراز سلاح ناري بغير ترخيص مجرد الحيازة العرضية طالت أو قصرت وأياً ما كان الباعث عليها ولو كانت لأمر عارض أو طارئ - لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد إحراز أو حيازة السلاح الناري بغير ترخيص عن علم وإدراك. وإذ ما كان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أن الطاعن حصل على البندقية موضوع التهمة من أحد الأشخاص وأطلق منها عياراً في حفل العرس دون أن يكون مرخصاً له بحيازتها، فإن جريمة إحراز هذا السلاح الناري بغير ترخيص تكون قائمة قانوناً مستوجبة مساءلته عنها. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانة الطاعن عن هذه الجريمة يكون صحيحاً في القانون ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الوجه بدوره غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعاً.