أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 15 - صـ 782

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين صفوت السركي، ومحمد صبري، وقطب فراج، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.

(154)
الطعن رقم 1163 لسنة 34 القضائية

إثبات. "إثبات بوجه عام". شهود.
تقيد القاضي الجنائي بقواعد الإثبات العامة كلما توقف قضاؤه في الواقعة الجنائية على الفصل في مسألة مدنية أو تجارية تكون عنصراً من عناصر الجريمة التي يفصل فيها.
اعتبار كل مقاولة أو عمل متعلق بالمصنوعات عملاً تجارياً. المادة 2 من قانون التجارة. عدم انضباط هذا الوصف ولا تحققه إلا في شأن الصانع رب العمل وحده وعدم تعديه إلى غيره ممن يتعاملون معه. اعتبار هذا العمل تجارياً من جانب واحد وعدم جريان الوصف نفسه عليه بالنسبة إلى الجانب الآخر. اختلاف الوضع فيه باختلاف ما إذا كان هذا الجانب تاجراً أو غير تاجر. كون العمل تجارياً بالنسبة إلى أحد الطرفين ومدنياً إلى الطرف الآخر. إتباع وسائل الإثبات التجارية مع من كان العمل تجارياً بالنسبة إليه.
إن المادة الثانية من قانون التجارة تعتبر كل مقاولة أو عمل متعلق بالمصنوعات عملاً تجارياً، وهذا الوصف لا ينضبط ولا يتحقق إلا في شأن الصانع رب العمل وحده ولا يتعداه إلى غيره ممن يتعاملون معه - ومن ثم فإن مثل هذا العمل يعتبر تجارياً من جانب واحد ولا يجرى عليه الوصف نفسه عليه بالنسبة إلى الجانب الآخر وإنما يختلف الوضع فيه باختلاف ما إذا كان هذا الجانب تاجراً أو غير تاجر. ومن المقرر أن القاضي الجنائي مقيد بقواعد الإثبات العامة كلما توقف قضاؤه في الواقعة الجنائية على الفصل في مسألة مدنية أو تجارية تكون عنصراً من عناصر الجريمة التي يفصل فيها. ومقتضى هذه القواعد أنه متى كان العمل تجارياً بالنسبة إلى أحد الطرفين ومدنياً إلى الطرف الآخر اتبعت في إثباته وسائل الإثبات التجارية - مع من كان العمل تجارياً بالنسبة إليه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بما له من سلطة تقديرية اشتغال الطاعن بالتجارة لما يقوم به من أعمال من بينها إصلاح النجف وهو صاحب (ورشة) بها عدد من العمال يضارب على عملهم الأمر الذي يندرج تحت نص المادة الثانية من قانون التجارة. فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى جواز إثبات التعامل بالنسبة إلى الطاعن بشهادة الشهود لا يكون قد خالف القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 15/ 4/ 1961 بدائرة قسم اللبان: "بدد النجفة المبينة الوصف والقيمة بالمحضر لروحية حسين صالح". وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وقد ادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهم وطلبت القضاء لها بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة اللبان الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 3 من مارس سنة 1962 عملاً بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعية بالحق المدني مصروفات دعواها. فاستأنفت هذا الحكم كل من النيابة العامة والمدعية بالحقوق المدنية. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 6 من فبراير سنة 1963 عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل مع وقف التنفيذ وألزمته بأن يدفع للمدعية بالحق المدني ثلاثين جنيهاً والمصاريف المدنية المناسبة عن الدرجتين. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم الابتدائي ودان الطاعن بجريمة خيانة الأمانة استناداً إلى أقوال الشهود، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه اعتبر واقعة استلام الطاعن للنجفة - موضوع الجريمة لتنظيفها وطلائها من قبيل الأعمال التجارية المختلطة وأجاز إثباتها بشهادة الشهود بالنسبة إليه بوصفه تاجراً في حين أن العبرة في قواعد الإثبات هي بالتكييف القانوني للواقعة في ذاتها بصرف النظر عن صفة الطرفين مما كان يتعين معه والتعامل مدني بطبيعة قبول دفع الطاعن بعدم جواز الإثبات بالبينة ما دامت قيمته تزيد على ألف قرش.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن وهو صاحب ورشة كبيرة لطلاء المعادن وأعمال الخراطة وصناعة النجف قد استلم من المطعون ضدها نجفة كريستال لإصلاحها وإعادتها إلا أنه اختلس ما بها من قطع كريستال نادرة، وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة لديه أدلة مستفادة من شهادة الشهود من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وتتوافر بها كافة العناصر القانونية لجريمة خيانة الأمانة التي دين الطاعن بها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما دفع به الطاعن من عدم جواز إثبات التعامل بالبينة في قوله "إن المادة 400 من القانون المدني تستثنى المواد التجارية من وجوب الإثبات بالكتابة إذا زادت قيمة التصرف على عشرة جنيهات، والتصرف القانوني التجاري أياً كانت قيمته يجوز إثباته بالبينة وبالقرائن؛ والقانون التجاري هو الذي يبين متى يعتبر التصرف القانوني تجارياً وهو في ذلك ينظر إلى نوع التعامل وصفه الخصوم، فالتصرف القانوني قد يقع بين شخصين ويعتبر بالنسبة لكل منهما مدنياً فلا يجوز إثباته بالبينة والقرائن إلا فيما لا يجاوز النصاب، وقد يقع التصرف بين شخصين يعتبر بالنسبة لكل منهما تجارياً فيجوز إثباته بالبينة وبالقرائن أياً كانت قيمته، وقد يقع التصرف بين شخصين فيكون بالنسبة لأحدهما تصرفاً مدنياً وبالنسبة للآخر تصرفاً تجارياً كالمستهلك يشتري من تاجر التجزئة وكعقد النقل بين المسافر أو صاحب البضاعة وأمين النقل ففي هذه الحالة تسري القواعد المدنية في الإثبات على من كان التصرف مدنياً بالنسبة له وتسري القواعد التجارية في الإثبات على من كان التصرف تجارياً بالنسبة له فيمكن إثبات تسليم الثمن لتاجر التجزئة وتسليم البضاعة لأمين النقل بالبينة والقرائن أياً كانت قيمة الالتزام ومتى ثبت للتصرف الصفة التجارية جاز إثباته بالبينة وبالقرائن أياً كانت قيمته حتى ولو كان الأمر يتعلق بجريمة تنطوي على عقد مدني كجريمة التبديد، ولما كان المتهم كما هو واضح من أقوال شاهديه يقوم بواسطة عماله بطلاء المعادن والخراطة وصناعة النجف سواء للزينة أو لتوريدها للمحلات وقد سلمته المجني عليها النجفة بهذا الوصف فذلك التصرف يعتبر مختلطاً إذ هو مدني بالنسبة للمجني عليها وتجاري بالنسبة للمتهم وبالتالي فتسري القواعد التجارية في الإثبات عليه لكون التصرف تجارياً بالنسبة له ويجوز للمجني عليها إثباته بالبينة وبالقرائن أياً كانت قيمته ومن ثم فالدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة في غير محله ويتعين رفضه. وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم سائغ وصحيح في القانون ذلك بأن المادة الثانية من قانون التجارة تعتبر كل مقاولة أو عمل متعلق بالمصنوعات عملاً تجارياً وهذا الوصف لا ينضبط ولا يتحقق إلا في شأن الصانع رب العمل وحده ولا يتعداه إلى غيره ممن يتعاملون معه ومن ثم فإن مثل هذا العمل يعتبر تجارياً من جانب واحد ولا يجرى عليه الوصف نفسه عليه بالنسبة إلى الجانب الآخر وإنما يختلف الوضع فيه باختلاف ما إذا كان هذا الجانب تاجراً أو غير تاجر ولما كان من المقرر أن القاضي الجنائي مقيد بقواعد الإثبات العامة كلما توقف قضاؤه في الواقعة الجنائية على الفصل في مسألة مدنية أو تجارية تكون عنصراً من عناصر الجريمة التي يفصل فيها وكان من مقتضى هذه القواعد أنه متى كان العمل تجارياً بالنسبة إلى أحد الطرفين ومدنياً بالنسبة إلى الطرف الآخر اتبعت في إثباته وسائل الإثبات التجارية مع من كان العمل تجارياً بالنسبة إليه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بما له من سلطة تقديرية اشتغال الطاعن بالتجارة لما يقوم به من أعمال من بينها إصلاح النجف وهو صاحب (ورشة) بها عدد من العمال يضارب على عملهم الأمر الذي يندرج تحت نص المادة الثانية من قانون التجارة. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى جواز إثبات التعامل بالنسبة إلى الطاعن بشهادة الشهود لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.