أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 17 - صـ 203

جلسة 28 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم، ومحمد أبو الفضل حفني.

(37)
الطعن رقم 1953 لسنة 35 القضائية

جريمة. "جريمة وقتية". "جريمة مستمرة". عزب. محال عمومية.
الجريمة الوقتية: هي التي تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل.
الجريمة المستمرة: هي التي تستمر فيها الحالة الجنائية فترة من الزمن. العبرة في الاستمرار هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً. لا عبرة بالزمن الذي يسبق هذا الفعل في التهيؤ لارتكابه والأساس لمقارفته أو بالزمن الذي يليه والذي تستمر فيه آثاره الجنائية في أعقابه.
جريمة إقامة عزبة بدون ترخيص: جريمة وقتية.
جريمة إدارة محل عمومي بدون ترخيص: جريمة مستمرة.
الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون سواء كان هذا الفعل إيجاباً أو سلباً، ارتكاباً أو تركاً، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة، والعبرة في الاستمرار هنا هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً ولا عبرة بالزمن الذي يسبق هذا الفعل في التهيؤ لارتكابه والإسلاس لمقارفته أو بالزمن الذي يليه والذي تستمر فيه آثاره الجنائية في أعقابه - ولما كانت المادة الثانية من القانون رقم 118 لسنة 1950 - بفرض خدمات اجتماعية وصحية على بعض ملاك الأراضي الزراعية - قد نصت في فقرتها الأولى على أنه: "لا يجوز إنشاء عزبة من العزب إلا بعد الترخيص بذلك من مجلس المديرية الواقعة في دائرتها الأرض الزراعية الملحقة بها مباني العزبة". فإن مفاد ذلك أن الفعل المادي المؤثم هو إنشاء البناء قبل الترخيص به وهو فعل يتم وينتهي بمجرد إتمام البناء مما لا يتصور تدخل جديد لإرادة المتهم فيه بعد تمامه. ولا عبرة ببقاء البناء بعد إنشائه لأن ذلك أثر من آثار تشييده وليس امتداداً لإرادة الإنشاء، وأما عدم الترخيص فشرط لتحقق الجريمة وليس هو الفعل المادي المكون لها ولا مقايسه - طبقاً للمناط المتقدم بيانه - بين توقيت فعل البناء وبين استمرار صاحب المحل العمومي الذي لم يرخص به في إدارته لأن هذا الفعل المعاقب عليه وهو عدم إدارة المحل العمومي بغير ترخيص يكون جريمة مستمرة استمراراً متتابعاً متجدداً يتوقف استمرار الأمر المعاقب عليه فيها على تدخل جديد متتابع بناء على إرادة صاحب ذلك المحل العمومي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 10 سبتمبر سنة 1963 بدائرة مركز كفر صقر: أقام العزبة المبنية بالمحضر بدون ترخيص من مجلس المديرية. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و18 من القانون رقم 118 لسنة 1950. ومحكمة جنح كفر صقر الجزئية قضت غيابياً في 10 مارس سنة 1964 عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسة جنيهات والإزالة خلال سنة من تاريخ صدور هذا الحكم بلا مصاريف جنائية. عارض المتهم، وقضى في معارضته بتاريخ 5 مايو سنة 1964 باعتبارها كأن لم تكن بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 9 نوفمبر سنة 1964 بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه لم يقض بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي مدة تزيد على ثلاث سنوات من تاريخ وقوع جريمة إنشاء العزبة بدون ترخيص المنسوبة إلى المتهم بمقولة إنها جريمة مستمرة قائساً لها على جريمة إدارة محل بدون ترخيص وهو قياس مع الفارق لأن الإنشاء فعل مؤقت والإدارة فعل مستمر ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والقضاء للمطعون ضده بالبراءة.
وحيث إن هذا المأخذ صحيح لأن الحكم المطعون فيه حين تعرض للدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة أطرحه بمقولة إن المشرع إذ أوجب في المادة الثانية من القانون رقم 118 لسنة 1950 على مالك العزبة أو من يقوم مقامه طلب الترخيص على النموذج المعد لهذا الغرض فإنه يبدو أن الجريمة موضوع الدعوى مستمرة استمراراً متتابعاً متجدداً ما دام أنه لم يقم بتنفيذ ما ألزمته به المادة الثانية سالفة البيان ولما كان الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون سواء كان هذا الفعل إيجاباً أو سلباً ارتكاباً أو تركاً فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة والعبرة في الاستمرار هنا هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً ولا عبرة بالزمن الذي يسبق هذا الفعل في التهيؤ لارتكابه والإسلاس لمقارفته أو بالزمن الذي يليه والذي تستمر فيه آثاره الجنائية في أعقابه، ولما كانت المادة الثانية من القانون رقم 118 لسنة 1950 - بفرض خدمات اجتماعية وصحية على بعض ملاك الأراضي الزراعية قد نصت في فقرتها الأولى على أنه (لا يجوز إنشاء عزبة من العزب إلى بعد الترخيص بذلك من مجلس المديرية الواقعة في دائرتها الأرض الزراعية الملحقة بها مباني العزبة) فإن مفاد ذلك أن الفعل المادي المؤثم هو إنشاء البناء قبل الترخيص به وهو فعل يتم وينتهي بمجرد إتمام البناء مما لا يتصور تدخل جديد لإرادة المتهم فيه بعد تمامه ولا عبرة ببقاء البناء بعد إنشائه لأن ذلك أثر من آثار تشييده وليس امتداداً لإرادة الإنشاء وأما عدم الترخيص فشرط لتحقق الجريمة وليس هو الفعل المادي المكون لها ولا مقايسة - طبقاً للمناط المتقدم بيانه - بين توقيت فعل البناء وبين استمرار صاحب المحل العمومي الذي لم يرخص به في إدارته لأن هذا الفعل المعاقب عليه وهو عدم الحصول على ترخيص به في إدارة محل عمومي يكون جريمة مستمرة استمراراً متتابعاً متجدداً يتوقف استمرار الأمر المعاقب عليه فيها على تدخل جديد متتابع بناء على إرادة صاحب ذلك المحل العمومي. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن الثابت من تقرير الشرطة المرفق بمحضر جمع الاستدلالات أن إنشاء العزبة يرجع إلى سنة 1936 أي قبل صدور القانون رقم 118 لسنة 1950 الذين دين المطعون ضده على مقتضاه والذي أثم فعل إنشاء العزبة بغير ترخيص بعد أن لم يكن مؤثماً طبقاً للقانون رقم 69 لسنة 1933 الخاص بالعزب والذي يسري وحده على واقعة الدعوى، وكان لا يجوز لإعمال أثر رجعي لقانون جنائي عملاً بقاعدة شرعية الجريمة والعقاب وهي من كليات القانون وأصول الدستور، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ دان المتهم وقضى بتغريمه خمسة جنيهات والإزالة خلال سنة طبقاً للمواد 1 و2 و18 من القانون رقم 118 لسنة 1950 يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله مما يتعين معه نقضه والحكم ببراءة المتهم.