أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 17 - صـ 207

جلسة 28 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، وجمال المرصفاوي، وبطرس زغلول.

(38)
الطعن رقم 1957 لسنة 35 القضائية

جريمة. "جريمة وقتية. جريمة مستمرة". نقض. "حالات الطعن بالنقض". "الخطأ في تطبيق القانون". عزب.
الجريمة الوقتية. ماهيتها: التي تتم وتنتهي بمجرد ارتكاب الفعل.
الجريمة المستمرة: ماهيتها: التي تستمر فيها الحالة الجنائية فترة من الزمن. العبرة. في الاستمرار هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً.
جريمة إقامة عزبة بدون ترخيص. طبيعتها: جريمة وقتية. عقابها ينطبق على القانون رقم 118 لسنة 1950. القانون رقم 69 لسنة 1933 لم يكن يجرم فعل إنشاء العزبة بدون ترخيص أو يرتب له عقوبة خاصة. اكتفاؤه بأن جعل لمجلس المديرية حق إزالتها إدارياً على نفقة المخالف.
[(1)] الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو الفعل الذي يعاقب عليه القانون. فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد ارتكاب الفعل كانت الجريمة وقتية، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة. والعبرة في الاستمرار هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً. ولما كان الفعل المسند إلى المطعون ضده قد تم وانتهى من جهته بإقامة العزبة مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل جديد من جانبه في هذا الفعل ذاته فتكون الجريمة التي تكونها هذه الواقعة جريمة وقتية. ولما كان الثابت من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن المطعون ضده أنشأ العزبة في سنة 1948 - أي قبل صدور القانون رقم 118 لسنة 1950 الذي دانت المحكمة المطعون ضده على مقتضاه، وكان القانون الذي يحكم الواقعة هو القانون رقم 69 لسنة 1933 الخاص بالعزب ولم يجرم المشرع في القانون الأخير فعل إنشاء العزبة بدون ترخيص أو يرتب له عقوبة خاصة وإنما اكتفى بأن جعل "لمجلس المديرية" حق إزالتها إدارياً على نفقة المخالف. ومن ثم فإن الفعل الذي أتاه المطعون ضده في سنة 1948 كان غير مؤثم وقت اقترافه، ويكون الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضده وأنزل عليه العقوبة المقررة في القانون 118 لسنة 1950 قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه والحكم ببراءة المطعون ضده.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 18 ديسمبر سنة 1963 بدائرة مركز كفر صقر: أقام العزبة المبينة بالمحضر بدون ترخيص من مجلس المديرية. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و18 من القانون رقم 118 لسنة 1950. ومحكمة كفر صقر الجزئية قضت غيابياً في 10 مارس سنة 1964 عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسة جنيهات والإزالة خلال سنة من تاريخ صدور هذا الحكم. فعارض المتهم في هذا الحكم وقضى في معارضته بتاريخ 6 أكتوبر سنة 1964 باعتبارها كأنها لم تكن. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. وفي أثناء نظر الاستئناف أمام محكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - دفع الحاضر مع المتهم بسقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة. وقضت المحكمة المذكورة حضورياً في 9 نوفمبر سنة 1964 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. وقد ردت على الدفع قائله إنه في غير محله. فطعنت الطاعنة (النيابة العامة) في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده عن جريمة إنشاء عزبة قبل الحصول على ترخيص من الجهة المختصة قد شابه خطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أهدر الدفع المقدم من المطعون ضده بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وذهب إلى أن الجريمة المسندة إليه من الجرائم المستمرة مع أن الجريمة وقتية انتهت بإنشاء العزبة في سنة 1948 ولم تتدخل إرادة المطعون ضده في الفعل المؤثم - بعد ذلك - تدخلاً متتابعاً متجدداً ومن ثم تنقضي الدعوى الجنائية فيها بمضي ثلاث سنين من يوم وقوعها وقد مضت هذه المدة من تاريخ وقوع الفعل دون أن يتخذ أي إجراء قاطع لمدة التقادم منذ ذلك التاريخ حتى سؤال المطعون ضده في 18 فبراير سنة 1963 مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية على المطعون ضده بوصفه أنه في يوم 18 من ديسمبر سنة 1963 أقام العزبة المبينة بالمحضر بدون ترخيص من مجلس المديرية وطلبت عقابه عملاً بالمواد 1 و2 و18 من القانون رقم 118 لسنة 1950. ومحكمة أول درجة قضت على المطعون ضده بغرامة خمسة جنيهات والإزالة خلال سنة من صدور الحكم. فاستأنف هذا الحكم، وأمام المحكمة الاستئنافية دفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع بقوله إن الجريمة المنسوبة إليه جريمة مستمرة وقضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه.
وحيث إن الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو الفعل الذي يعاقب عليه القانون. فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد ارتكاب الفعل كانت الجريمة وقتية. أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة. والعبرة في الاستمرار هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً. ولما كان الفعل المسند إلى المطعون ضده قد تم وانتهى من جهته بإقامة هذه العزبة مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل جديد من جانبه في هذا الفعل ذاته فتكون الجريمة التي تكونها هذه الواقعة جريمة وقتية. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن المطعون ضده أنشأ العزبة في سنة 1948 - أي قبل صدور القانون رقم 118 لسنة 1950 الذي دانت المحكمة المطعون ضده على مقتضاه. وكان القانون الذي يحكم الواقعة هو القانون رقم 69 لسنة 1933 الخاص بالعزب وقد نصت المادة الثانية منه على أنه "لا تنشأ عزبة إلا بعد الترخيص بذلك من المديرية بعد موافقة مجلس المديرية ويكون الترخيص لازماً أيضاً لكل بناء يضاف إلى عزبة موجودة فعلاً على مسافة تزيد عن خمسين متراً من حدود تلك العزبة" - ونصت المادة السابعة في فقرتها الأولى على أنه "إذا أنشئت عزبة أو شرع في إنشائها بدون ترخيص أو كان مرخصاً بها ولم تستوف الشروط والإجراءات المبينة في المادتين 3 و4 جاز للمجلس أن يقرر هدمها". ونصت المادة الثانية عشرة في فقرتها الأولى على أنه "لا يصدر قرار الهدم إلا بعد تكليف مالك العزبة كتابة بإبداء أقواله للمجلس أو لمن يندبه المجلس لذلك من بين أعضائه". فلم يجرم المشرع في هذا القانون فعل إنشاء العزبة بدون ترخيص أو يرتب له عقوبة خاصة وإنما اكتفى بأن جعل "لمجلس المديرية" حق إزالتها إدارياً على نفقة المخالف، ومن ثم فإن الفعل الذي أتاه المطعون ضده في سنة 1948 كان غير مؤثم وقت اقترافه. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضده، وأنزل عليه العقوبة المقررة في القانون رقم 118 لسنة 1950، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه والحكم ببراءة المطعون ضده.


[(1)] هذا المبدأ مقرر أيضاً في الطعن رقم 1956 لسنة 35 قضائية جلسة 28/ 2/ 1966.