جلسة 28 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، وبطرس زغلول، ونصر الدين عزام.

(70)
الطعن رقم 1306 لسنة 35 القضائية

دعوى مدنية. "إجراءات نظرها أمام القضاء الجنائي". نقض. "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". استئناف.
خضوع الدعاوى المدنية أمام القضاء الجنائي للقواعد المقررة في قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها.
للمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية - فيما يختص بالتعويضات المدنية وحدها - إذا كانت التعويضات المطالب بها تزيد عن النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي. إذا لم يتجاوز التعويض هذا النصاب فليس لهما حق الاستئناف ولو شاب الحكم خطأ في تطبيق القانون أو تأويله. سريان هذه القاعدة ولو وصف التعويض المطالب به بأنه مؤقت. انغلاق باب الطعن بالنقض في وجههما في هذه الحالة. لا يغير من ذلك أن يكون الحكم الصادر برفض الدعوى المدنية قد صدر من محكمة الدرجة الثانية - بعد أن استأنف المتهم الحكم الابتدائي الذي قضى بالإدانة والتعويض.
تخضع الدعاوى المدنية أمام القضاء الجنائي للقواعد المقررة في قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها. ولما كنت المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت للمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية - فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها - إذا كانت التعويضات المطالب بها تزيد عن النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً، فلا يجوز للمدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر ضده من المحكمة الجزئية متى كان التعويض المطالب به لا يجاوز النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي ولو شاب الحكم خطأ في تطبيق القانون أو تأويله. وكانت هذه القاعدة تسرى ولو وصف التعويض المطالب به بأنه مؤقت وبالتالي لا يكون له الطعن في هذه الحالة بطريق النقض - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - لأنه حيث ينغلق باب الطعن بطريق الاستئناف لا يجوز من باب أولى الطعن بطريق النقض، إذ لا يعقل أن يكون الشارع قد أقفل باب الاستئناف في هذه الدعاوى لتفاهة قيمتها وفي الوقت ذاته يسمح بالطعن فيها بطريق النقض. ومؤدى ذلك أنه ما دام استئناف المدعي جائزاً كان الطعن بطريق النقض جائزاً متى كان الحكم صادراً من آخر درجة وفقاً للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959. ولما كان الطاعن قد ادعى مدنياً بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت فإنه لا يجوز له الطعن بالنقض في الحكم الصادر برفض دعواه المدنية. ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم الصادر برفض الدعوى المدنية قد صدر من محكمة الدرجة الثانية - بعد أن استأنف المتهم الحكم الابتدائي الذي قضى بالإدانة والتعويض - ذلك بأن قضاء المحكمة الاستئنافية ليس من شأنه أن ينشئ للمدعي حقاً في الطعن بالنقض في الحكم الصادر في الدعوى المدنية متى امتنع عليه حق الطعن فيه ابتداء بطريق الاستئناف. والقول بغير ذلك وبجواز الطعن بالنقض من المدعي في هذه الحالة يؤدى إلى التفرقة - في القضية الواحدة - بين المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها، إذ بينما لا يجوز للأخير - في حالة الحكم في الدعوى المدنية من المحكمة الجزئية بإلزامه بالتعويض المطالب به الذي لا يجاوز النصاب النهائي لتلك المحكمة - أن يطعن على الحكم بأي طريق من طرق الطعن بما في ذلك النقض، يكون للمدعي - إذا ما استأنف المتهم وقضى من محكمة ثاني درجة برفض الدعوى المدنية - أن يطعن على الحكم بطريق النقض وبذلك يباح للمدعي - ما حرم منه المسئول - من حق الطعن على الحكم الصادر في الدعوى المدنية بطريق النقض، في حين أن القانون سوى - في المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية - بين المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها في حق الطعن في الحكم الصادر في الدعوى المدنية فلم يجز لأيهما أن يستأنفه - ولو لخطأ في تطبيق نصوص القانون أو تأويله - إذا كانت التعويضات المطلوبة في حدود النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 28 فبراير سنة 1963 بدائرة قسم المنتزه: (أولاً) تسبب خطأ في إصابة عبد الحميد مصطفى بالإصابات المبينة بالتقرير الطبي وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد السيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر بأن انحرف بسيارته إلى الجهة اليسرى واليمنى دون أن يتنبه إلى السيارة قيادة عبد الحميد جاد موسى التي كانت تسير خلفه فاصطدمت السيارتان ببعضهما. وأصيب المجني عليه نتيجة ذلك (وثانياً) قاد سيارته بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمادة 244/ 1 من قانون العقوبات ومخالفة بالمواد 1 و2 و88 و90 من القانون رقم 449 لسنة 1955 وقرار وزير الداخلية. وادعى المجني عليه طالباً القضاء له قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومحكمة المنتزه الجزئية قضت حضورياً في 26 فبراير سنة 1964 عملاً بمواد الاتهام والمواد 55 و56 و32 من قانون العقوبات بتغريم المتهم خمسة جنيهات عن التهمتين وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائياً بلا مصاريف جنائية مع إلزامه أن يدفع للمدعي بالحق المدني قرشاً صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 11 مايو سنة 1964 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعي بالحق المدني مصروفات الدعوى المدنية عن الدرجتين ومبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية على المطعون ضده بوصف أنه تسبب خطأ في إصابة المجني عليه وأنه قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر وطلبت معاقبته بالمادة 244/ 1 من قانون العقوبات وبالمواد 1 و2 و88 و90 من القانون رقم 449 لسنة 1955 في شأن السيارات وقواعد المرور وقرار وزير الداخلية المنفذ له. وفي أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة الجزئية ادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة أول درجة قضت حضورياً - عملاً بمواد الاتهام - بتغريم المتهم خمسة جنيهات عن التهمتين وإيقاف التنفيذ وإلزامه أن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فاستأنف المتهم هذا الحكم، ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية وإلزام المدعي المصروفات المدنية عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة. فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.
وحيث إن المادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن يتبع في الفصل في الدعاوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة في قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن الدعاوى المدنية تخضع أمام القضاء الجنائي للقواعد المقررة في مجموعة الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها. ولما كانت المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت للمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية - فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها - إذا كانت التعويضات المطالب بها تزيد عن النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً، فلا يجوز للمدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر ضده من المحكمة الجزئية متى كان التعويض المطالب به لا يجاوز النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي ولو شاب الحكم خطأ في تطبيق القانون أو تأويله. وكانت هذه القاعدة تسرى ولو وصف التعويض المطالب به بأنه مؤقت، وبالتالي لا يكون له الطعن في هذه الحالة بطريق النقض - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لأنه حيث ينغلق باب الطعن بطريق الاستئناف لا يجوز من باب أولى الطعن بطريق النقض، إذ لا يعقل أن يكون الشارع قد أقفل باب الاستئناف في هذه الدعاوى لتفاهة قيمتها وفي الوقت ذاته يسمح بالطعن فيها بطريق النقض. ومؤدى ذلك أنه ما دام استئناف المدعي جائزاً كان الطعن بطريق النقض جائزاً متى كان الحكم صادراً من آخر درجة وفقاً للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959. ولما كان الطاعن قد ادعى مدنياً بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، فإنه لا يجوز له الطعن بالنقض في الحكم الصادر برفض دعواه المدنية. ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم الصادر برفض الدعوى المدنية قد صدر من محكمة الدرجة الثانية - بعد أن استأنف المتهم الحكم الابتدائي الذي قضى بالإدانة والتعويض - ذلك بأن قضاء المحكمة الاستئنافية ليس من شأنه أن ينشئ للمدعي حقاً في الطعن بالنقض في الحكم الصادر في الدعوى المدنية متى امتنع عليه حق الطعن فيه ابتداء بطريق الاستئناف. والقول بغير ذلك وبجواز الطعن بالنقض من المدعي في هذه الحالة يؤدي إلى التفرقة - في القضية الواحدة - بين المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها، إذ بينما لا يجوز للأخير - في حالة الحكم في الدعوى المدنية من المحكمة الجزئية بإلزامه التعويض المطالب به الذي لا يجاوز النصاب النهائي لتلك المحكمة - أن يطعن على الحكم بأي طريق من طرق الطعن بما في ذلك النقض، يكون للمدعي - إذا ما استأنف المتهم وقضى من محكمة ثاني درجة برفض الدعوى المدنية - أن يطعن على الحكم بطريق النقض وبذلك يباح للمدعي - ما حرم منه المسئول - من حق الطعن على الحكم الصادر في الدعوى المدنية بطريق النقض، في حين أن القانون قد سوى - في المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية - بين المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها في حق الطعن في الحكم الصادر في الدعوى المدنية فلم يجز لأيهما أن يستأنفه - ولو لخطأ في تطبيق نصوص القانون أو في تأويله - إذا كانت التعويضات المطلوبة في حدود النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي. لما كان ما تقدم، فإن الطعن المرفوع من الطاعن يكون غير جائز ويتعين لذلك القضاء بعدم جواز الطعن وإلزام الطاعن المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة.