أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 19 - صـ 33

جلسة 8 من يناير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(6)
الطعن رقم 1934 لسنة 37 القضائية

(أ، ب) نقض. "الطعن بالنقض. ميعاده". "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام".
( أ ) صدور الحكم بعدم الاختصاص في غيبة المتهم. لا يعد أنه أضر به. بدء ميعاد الطعن فيه بالنقض من النيابة العامة من يوم صدوره.
(ب) جواز الطعن بالنقض في الحكم بعدم الاختصاص. إذا كان منهياً للخصومة على خلاف ظاهره.
(ج، د، هـ) حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "خبرة". ضرب. "عاهة مستديمة". نقض. "أحوال الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون".
(ج) البت في المسائل الفنية البحث. وجوب تحققه عن طريق المختص فنياً.
(د) وجوب الاستناد في تفنيد رأي الخبير إلى أسانيد فنية تحمله.
(هـ) فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه، أو فقد منفعته أو وظيفته كلها أو بعضها على الدوام. يعد عاهة مستديمة.
1 - إذا صدر الحكم في غيبة المتهم بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى - لكون الواقعة جنحة لا جناية، فإنه لا يعتبر أنه أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه، ولهذا فإن ميعاد الطعن فيه بطريق النقض من النيابة العامة يبدأ من تاريخ فوات ميعاد المعارضة بالنسبة إلى هذا المتهم.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة الجنايات بعدم اختصاصها يعد منهياً للخصومة على خلاف ظاهره، لأن محكمة الجنح سوف تقضي حتماً بعدم اختصاصها بنظر الدعوى لو رفعت إليها، فإن الطعن فيه بالنقض يكون جائزاً.
3 - إذا كان ما ذهب إليه الحكم في تعريف العاهة المستديمة يخالف تعريفها كما هو مستفاد من نص المادة 240/ 1 من قانون العقوبات. ولا سند له من إجماع، وهو يعد رأياً فنياً بحتاً مما لا تملك المحكمة البت فيه بنفسها، فقد كان عليها أن تحققه عن طريق المختص فنياً، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون واجب النقض.
4 - من المقرر أنه متى واجهت المحكمة مسألة فنية بحت، كان عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها، وأنه متى تعرضت لرأي الخبير الفني فإنه يتعين عليها أن تستند في تفنيده إلى أسباب فنية تحمله، وهي لا تستطيع أن تحل في ذلك محل الخبير فيها.
5 - العاهة المستديمة بحسب المستفاد من الأمثلة التي ضربتها المادة 240/ 1من قانون العقوبات، هي أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه، أو فقد منفعته أو وظيفته كلها أو بعضها بصفة مستديمة. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بصورة مجردة أن فقد بعض صيوان الأذن تشويه لا يؤدي إلى فقد وظيفتها كلاً أو بعضاً وبالتالي لا يعد عاهة مستديمة على خلاف ما أثبته الدليل الفني من واقع الأمر من أن هذا الفقد قد قلل من وظيفة الأذن في تجميع وتركيز التموجات الصوتية المنبعثة من مصادر صوتية في اتجاهات مختلفة، وفي حماية الأذن الخارجية وطلبتها من الأتربة مما يقدر بحوالي 5%، وكانت الأحكام الجنائية إنما تبنى على الواقع لا على الاعتبارات المجردة التي لا تصدق حتماً في كل حال، فإن الحكم يكون معيباً مما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم في يوم 8 مايو سنة 1964 بدائرة مركز نجع حمادي محافظة قنا: المتهم الأول: أحدث عمداً بحسين أحمد محمود الإصابة المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلفت لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء كبير من صيوان أذنه اليسرى مما يقلل من وظيفته الأساسية في تجميع وتركيز التموجات الصوتية المنبعثة من مصادر صوتية في اتجاهات مختلفة وفي حماية الأذن الخارجية وقناتها وطلبتها من الأتربة وتقدر بنحو 5%. المتهم الأول أيضاً: ضرب عمداً محمود أحمد علام فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. المتهمين الثاني والثالث: ضرباً عمداً المتهم الأول فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادتين 240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني وغيابياً بالنسبة إلى المتهم الثالث عملاً بالمادة 282/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة جنح نجع حمادي لنظرها.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني، إلا أنه وإن صدر في غيبة المتهم الثالث بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى، فإنه لا يعتبر أنه أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه، ولهذا فإن ميعاد الطعن فيه بطريق النقض من النيابة العامة يبدأ من تاريخ صدوره لا من تاريخ فوات ميعاد المعارضة بالنسبة إلى هذا المتهم، ومن ثم فإن الطعن يكون قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى اعتباراً بأن الفعل المسند إلى المتهم الأول لا ينسبغ عليه وصف جناية العاهة المستديمة، بل هو جنحة ضرب، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أقام قضاءه على ما قال به من أن فقد بعض صيوان الأذن وإن أدى إلى شيء من التشويه في شكلها، إلا أنه لا يؤثر في بقاء العضو مؤدياً لوظيفته، وأن ما أثبته الطبيب الشرعي في تقريره من أن هذا الفقد يعتبر عاهة مستديمة ليس أصلاً ملزماً للمحكمة، لأن إجماع علماء الطب الشرعي على أن مثلى هذا الفقد لا يعتبر عاهة، إذ هو فقد جزئي وليس كاملاً وما ذهب إليه الحكم فيما تقدم يخالف تعريف العاهة المستديمة كما هو مستفاد من نص المادة 240/ 1 من قانون العقوبات، ولا سند له من إجماع، وهو يعد رأياً فنياً بحت مما لا تملك المحكمة البت فيه بنفسها ومن ثم فقد كان عليها أن تحققه عن طريق المختص فنياً أما وهي لم تفعل، فإن حكمها يكون واجب النقض.
وحيث إن العاهة بحسب المستفاد من الأمثلة التي ضربتها المادة 240/ 1 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه، أو فقد منفعته أو وظيفته كلها أو بعضها بصفة مستديمة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بصورة مجردة أن فقد بعض صوان الأذن تشويه لا يؤدي إلى فقد وظيفتها كلاً أو بعضاً وبالتالي لا يعد عاهة مستديمة على خلاف ما أثبت الدليل الفني في واقع الأمر من أن هذا الفقد قد قلل من وظيفة الأذن في تجميع وتركيز التموجات الصوتية المنبعثة من مصادر صوتية في اتجاهات مختلفة، وفي حماية الأذن الخارجية وطبلتها من الأتربة مما يقدر بحوالي 5%، وكانت الأحكام الجنائية إنما تبنى على الواقع لا على الاعتبارات المجردة التي لا تصدق حتماً في كل حال، فضلاً عن أن الحكم يتضمن مصادرة على مطلوب لا شأن له بالواقع الثابت بالدليل الفني، وكان من المقرر أنه متى واجهت المحكمة مسألة فنية بحت كان عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها، وأنه متى تعرضت المحكمة لتفنيد رأي الخبير الفني، فقد كان يتعين عليها أن تستند في تفنيده إلى أسباب فنية تحمله، وهي لا تستطيع أن تحل في ذلك محل الخبير فيها، وكان ما ساقه الحكم من أن إجماع علماء الطب الشرعي قد انعقد على خلاف رأي الطبيب الشرعي في الدعوى لا شاهد له ولا دليل عليه، ولم يشر الحكم إلى المصادر التي حصل منها هذا الإجماع وأسانيده الفنية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعدم الاختصاص يعد منيها للخصومة على خلاف ظاهره، وذلك لأن محكمة الجنح سوف تقضي حتماً بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فيما لو رفعت إليها، فإن الطعن في هذا الحكم يكون جائزاً، ويكون الحكم إذ قضى بعدم الاختصاص قد أخطأ في القانون بما يوجب نقضه. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن الفصل في موضوع الدعوى، فإنه يكون متعيناً مع النقض الإحالة.