أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 19 - صـ 115

جلسة 29 من يناير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفة.

(21)
الطعن رقم 2004 سنة 37 القضائية

(أ، ب، ج) عمل. تأمينات اجتماعية. قانون. "إصداره". "التفويض التشريعي". لوائح. قرارات وزارية.
( أ ) حق السلطة التنفيذية وفقاً للمبادئ الدستورية المعمول بها إصدار اللوائح التشريعية اللازمة لتنفيذ القوانين.
(ب) مؤدى نص المادة 126 من القانون رقم 63 لسنة 1964 في شأن التأمينات الاجتماعية، أن المشرع فوض وزير العمل إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه.
(ج) لا حرج أن ينص القانون على الفعل الإجرامي بصورة مجملة ثم يحدد العقوبة تاركاً للائحة أو قرار البيان التفصيلي لذلك الفعل.
(د) نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". تأمينات اجتماعية. قرارات وزارية.
وجوب إمساك صاحب العمل سجلاً لقيد أجور العاملين لديه. قرار وزير العمل رقم 181 لسنة 1964.
1 - من المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المعمول بها، أن من حق السلطة التنفيذية إصدار اللوائح التشريعية اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو إعفاء من تنفيذها.
2 - البين من نص المادة 126 من القانون 63 لسنة 1964 في شأن التأمينات الاجتماعية أنه فوض وزير العمل إصدار القرارات التي يتطلبها تنفيذه ومن بينها إلزام رب العمل أن يحتفظ لديه بالسجلات اللازمة لهذا التنفيذ وفقاً للشروط والأوضاع والمواعيد التي يحددها واضع القرار. ولا يعدو قرار وزير العمل رقم 181 لسنة 1964 أن يكون مبيناً لمضمون السجلات المطلوبة وفقاً لما أراده الشارع وبينه في صريح نصه، وهو واقع حتماً في نطاق التفويض التشريعي لقانون التأمينات الاجتماعية.
3 - الأصل كي يحقق النص التشريعي العلة من وضعه أن يكون كاملاً مبيناً الفعل الإجرامي والعقوبة الواجبة التطبيق، إلا أنه لا حرج إن نص القانون على الفعل بصورة مجملة ثم حدد العقوبة تاركاً للائحة أو قرار البيان التفصيلي لذلك الفعل.
4 - إذا كان قوام التهمة موضوع الطعن ليس إمساك سجل مخالف للنموذج المقرر، وإنما قوامها عدم إمساك المتهم سجلاً لقيد أجور العاملين لديه وهو ما أو جب قرار وزير العمل رقم 181 لسنة 1964 إمساكه مبيناً مضمونه في حدود التفويض التشريعي، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتبرئة المتهم من التهمة موضوع الاتهام المسند إليه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله مما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 10/ 4/ 1966 بدائرة مركز كفر الدوار: (أولاً) لم يقم بالاشتراك عن العامل الذي يستخدمه في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية (وثانياً) لم يعد في محل العمل سجل القيد والأجور. وطلبت عقابه بالمواد 2 و4 و126 و135/ 1 و138 من القانون رقم 63 لسنة 1964 بشأن التأمينات الاجتماعية. ومحكمة كفر الدوار الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم 100 قرش عن التهمة الأولى وبراءته من التهمة الثانية. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة عدم إعداد سجلات لقيد أجور العمال قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله, ذلك بأنه أسس قضاء البراءة على أن المادة 126/ 1 من القانون رقم 63 لسنة 1964 الذي وقعت الجريمة في ظله - والذي حل محل القانون رقم 92 لسنة 1959 في شأن التأمينات الاجتماعية - قد خلت من بيان الدفاتر والسجلات التي يتعين على أرباب العمل الاحتفاظ بها, ولم تفوض وزير العمل إلا في تحديد الشروط والأوضاع والمواعيد اللازمة لها, وأن الوزير إذ خرج على حدود هذا التفويض وأوجب على صاحب العمل في المادة 41 من القرار رقم 181 لسنة 1964 الإمساك بسجلات معينة لم ينص عليها القانون ثم ناط بالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية إعداد نموذج لهذه السجلات لما تعتمده, فلا أثر لذلك من الناحية القانونية, في حين أن مفهوم نص المادة 126/ 1 من القانون رقم 63 لسنة 1964 سالف الذكر يتضمن تفويضاً من الشارع لوزير العمل في تحديد الدفاتر والسجلات التي يتطلبها تنفيذ القانون فضلاً عن الشروط والأوضاع والمواعيد الخاصة بها، ولا عبرة بتفويض الوزير لهيئة التأمينات الاجتماعية بإعداد نموذج هذه السجلات الذي لما يعتمد لأن قوام الاتهام هو عدم إمساك سجل الأجور الأمر المؤثم طبقاً لنص المادة 41 من القرار لا عدم مطابقة هذا السجل للنموذج، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن القانون رقم 63 لسنة 1964 الصادر في 22 من مارس سنة 1964 نص في الفقرة الأولى من المادة 126 منه على أنه "على كل صاحب عمل أن يقدم للهيئة الكشوف والبيانات والإخطارات والاستمارات وأن يحتفظ لديه بالدفاتر والسجلات التي يتطلبها تنفيذ هذا القانون، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع والمواعيد التي يحددها قرار من وزير العمل بناء على اقتراح مجلس الإدارة" وبناء على هذا التفويض التشريعي صدر في أول ديسمبر سنة 1964 قرار وزير العمل رقم 181 لسنة 1964 بقواعد تحصيل وأداء الاشتراكات المستحقة وفقاً لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية، ونص في المادة 41 منه على أنه "على صاحب العمل أن يمسك سجلاً لقيد أجور العاملين لديه يعد وفقاً للنموذج الذي تعتمده الهيئة متضمناً البيانات الأساسية التي تتطلبها عملية ربط الاشتراكات وتحصيلها وعلى الأخص البيانات الآتية: (1) اسم العامل ورقم تأمينه (2) تاريخ ميلاد العامل (3) التأشير شهرياً بما يفيد صرف الأجر للعامل وقيمة الأجر (4) قيمة قسط المدة السابقة وتاريخ بداية ونهاية فترة التقسيط (5) الملاحظات التي تتعلق بإيقاف تحصيل الأقساط وإعادة اقتطاعها". لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المعمول بها أن من حق السلطة التنفيذية إصدار اللوائح التشريعية اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، فإن قرار وزير العمل سالف الذكر يكون قد صدر مستنداً في الأصل إلى الإذن العام المستمد من الدستور فضلاً عن التفويض الخاص الوارد في نص المادة 126 من قانون التأمينات الاجتماعية. وكان البين من نص القانون أنه فوض وزير العمل في إصدار القرارات التي يتطلبها تنفيذه ومن بينها إلزام رب العمل بأن يحتفظ لديه بالسجلات اللازمة لهذا التنفيذ وفقاً للشروط والأوضاع والمواعيد التي يحددها واضع القرار. ولا يعدو قرار وزير العمل رقم 181 لسنة 1964 أن يكون مبيناً لمضمون السجلات المطلوبة وفقاً لما أراده الشارع وبينه في صريح نصه، وهو واقع حتماً في نطاق التفويض التشريعي لقانون التأمينات الاجتماعية. وإذ كان الأصل كي يحقق النص التشريعي العلة من وضعه أن يكون كاملاً مبيناً الفعل الإجرامي والعقوبة الواجبة التطبيق، إلا أنه لا حرج أن نص القانون على الفعل بصورة مجملة ثم حدد العقوبة تاركاً للائحة أو القرار البيان التفصيلي لذلك الفعل. وإذا كان القانون رقم 92 لسنة 1959 الملغى قد بين في المادة 45 منه الفعل الإجرامي كاملاً، فإن لجوء واضع قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 الذي حل محله والذي وقعت الجريمة في ظله إلى أسلوب تفويض السلطة التنفيذية في إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه بما في ذلك بيان مضامين السجلات التي عناها وأشار إليها، لا يخرج ما بينه القرار وفصله عن حدود التفويض الوارد في القانون، كما لا ينال من ذلك تفويض الوزير للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية اعتماد نموذج هذه السجلات أو أن تكون تلك الهيئة لما تعتمد هذا النموذج، طالما أن قوام التهمة موضوع الطعن ليس إمساك سجل مخالف للنموذج وإنما قوامها عدم إمساك المطعون ضده سجلاً لقيد أجور العاملين لديه وهو ما أوجب القرار إمساكه مبيناً مضمونه في حدود نطاق التفويض التشريعي. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بما يخالف هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله واجب النقض. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن النظر في موضوع الدعوى، فإنه يكون متعيناً مع النقض الإحالة.