أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 19 - صـ 120

جلسة 29 من يناير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

(22)
الطعن رقم 2014 سنة 37 القضائية

(أ، ب، ج) رشوة. "جريمة عرض الرشوة".جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إدارة محلية. منازعات الري.
( أ ) اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب إليه أداؤه. ركن في جريمة عرض الرشوة. وجوب إثباته بما ينحسم به أمره وخاصة عند المنازعة فيه.
(ب) الاختصاص بالفعل في منازعات الري إنما ينعقد للمحافظ وحده في الحدود المبينة بالمادة 6 من القانون 124 لسنة 1960 بإصدار قانون الإدارة المحلية.
(ج) وجوب بناء الأحكام على الجزم واليقين.
1 - إن اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب إليه أداؤه، أياً كان نصيبه فيه، ركن في جريمة عرض الرشوة المنصوص عليها في المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات. ومن ثم فإنه يتعين إثباته بما ينحسم به أمره وخاصة عند المنازعة فيه.
2 - الاختصاص بالفصل في منازعات الري إنما ينعقد للمحافظ وحده في الحدود المبينة بالمادة السادسة من القانون رقم 124 لسنة 1960 بإصدار قانون الإدارة المحلية، والتي أجازت للمحافظ في حالة وقوع غصب على عقار أو على حقوق عينية عقارية - مما قد يهدد الأمن - أن يصدر قراراً بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل الغصب، واعتبرت التعدي على حقوق الانتفاع بمياه الري الثابتة بمثابة الغصب البين، وليس في نصوص قانون الإدارة المحلية ما يسمح لرئيس مجلس المدنية بأن يتخذ من تلقاء نفسه إجراء من هذا القبيل، أو أن يرأس لجنة تشكل - دون ندب من المحافظ - تمهيداً لاتخاذ هذا الإجراء.
3 - الأحكام إنما تبنى على الجزم واليقين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 23 من أكتوبر سنة 1964 بدائرة قسم الداخلة محافظة الوادي الجديد: عرض رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدم.... رئيس مجلس مدينة الداخلة خروفاً على سبيل الرشوة لمعاونته بغير حق في تحقيق الشكاوى المقدمة ضده والتي كلف برئاسة لجنة فحصها ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادتين 104 و109 مكرر من قانون العقوبات، فقرر ذلك بتاريخ 24 مايو سنة 1965، ومحكمة جنايات أسيوط قضت في الدعوى حضورياً بتاريخ 3 من أبريل سنة 1967 عملاً بمادتي الاتهام بمعاقبة المتهم بالسجن ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة فطعن المحكوم عليه بطريق النقض... إلخ


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة عرض الرشوة قد شابه القصور في التسيب, ذلك بأن الطاعن أثار في دفاعه أمر الانحسار الكلى للاختصاص بالعمل الذي عرضت من أجله الرشوة على المجني عليه رئيس مجلس المدينة, إلا أن الحكم رد على هذا الدفاع بأن السيد المحافظ ندبه لرئاسة اللجنة التي شكلت للتحقيق معه, وهو ما قام في الأوراق الدليل على نقيضه من قول الشاهد نفسه, والذي لا يغني قوله غناء التثبت في أمر حصلت المنازعة فيه من قبل الطاعن, ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباًً بما يبطله ويوجب نقضه. وحيث إن الحكم فيه أورد دفاع الطاعن بشأن انحسار الاختصاص بالعمل عن رئيس مجلس المدينة الذي قيل بعرض الرشوة عليه ورد بقوله "وحيث إن دفاع المتهم - الطاعن - مردود بما ثبت من أقوال رئيس مجلس مدينة الداخلة وشهادته في الجلسة أن السيد المحافظ كلفه برئاسة اللجنة لبحث موضوع الشكاوى المقدمة ضد..... (الطاعن) بخصوص استيلائه على مياه بئر ري الصحارى وشهد بهذا محمد عبد الوهاب إسماعيل وإن كان الشاهد الأول شهد في تحقيق النيابة أن مدير الزراعة بمحافظة الوادي الجديد عهد إليه برئاسة اللجنة فعهد بدوره لمفتش زراعة الداخلة برئاستها، إلا أن الشاهد الأول قرر في ذات التحقيق أنه بحكم عمله كرئيس لمجلس المدينة يختص بمباشرة هذه اللجان، ويعتمد قراراتها، وغنى عن البيان أنه ليس من الضروري في هذا المقام أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة ضمن حدود وظيفته مباشرة بل يكفي أن تكون له علاقة بها فسواء أكان رئيس مجلس المدينة هو الذي أسندت إليه رئاسة اللجنة أم أسند ذلك إلى غيره فمما لا شك فيه أنه بحكم أعمال وظيفته يباشر هذه اللجان ويعتمد ما تصدره من قرارات كما أنه ليس بلازم في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو أو الذي عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفى أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض منها". ولما كان يبين من المساق المتقدم أن الحكم المطعون فيه لم يرد رداً حاسماً على ما دفع به الطاعن من جحد اختصاص رئيس مجلس المدينة بالعمل الذي تصدى له، وإنكاره أنه ندب من المحافظ لرئاسة اللجنة التي شكلت لبحث مشكلة الري التي قامت بين الطاعن وبين الأهلين، بل قال طوراً إن رئيس مجلس المدنية ندب من المحافظ لرئاسة اللجنة، وطوراً آخر أن مدير الزراعة عهد إليه برئاستها، مما يدل على اضطراب فكرة الحكم واختلالها في مسألة الاختصاص. وعدم استقرارها على النحو الذي يجعلها في حكم الوقائع المسلمة، والأحكام إنما تبنى على الجزم واليقين، وكان خليقاً بالمحكمة أن تتحقق من أن المحافظ ندب رئيس مجلس المدينة لرئاسة اللجنة، لأن الاختصاص بالفصل في منازعات الري إنما ينعقد للمحافظ وحده في الحدود المبينة بالمادة السادسة من القانون رقم 124 لسنة 1960 بإصدار قانون الإدارة المحلية، والتي أجازت للمحافظ في حالة وقوع غصب على عقار أو على حقوق عينية عقارية - مما قد يهدد الأمن - أن يصدر قراراً بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل الغصب، واعتبرت التعدي على حقوق الانتفاع بمياه الري الثابتة بمثابة الغصب البين، وليس في نصوص قانون الإدارة المحلية ما يسمح لرئيس مجلس المدينة بأن يتخذ من تلقاء نفسه إجراء من هذا القبيل، أو أن يرأس لجنة تشكل - دون ندب من المحافظ - تمهيداً لاتخاذ هذا الإجراء. لما كان ذلك، وكان اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب إليه أداؤه، أياً كان نصيبه فيه، ركناً في جريمة عرض الرشوة المنصوص عليها في المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات، فانه يتعين إثباته بما ينحسم به أمره وخاصة عند المنازعة فيه، ومن ثم فان الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه وذلك دون حاجة للتعرض لباقي أوجه الطعن.